الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الشبكة المغاربية للعلوم الاجتماعية ومعايير الجودة البحثية

حسين سالم مرجين
(Hussein Salem Mrgin)

2017 / 9 / 28
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


عقد خلال الأيام الماضية اللقاء الإقليمي الثاني حول : جودة واتجاهات بحوث "الدكتوراه" في العلوم الاجتماعية الذي نظّمه منتدى العلوم الاجتماعية التطبيقية بتونس يومي 15 و16 سبتمبر 2017م، حيث شارك في اللقاء عدد من مسؤولي مراكز البحوث، وكبار الباحثين، وأساتذة الجامعات، وطلاب الدكتوراه في العلوم الاجتماعية من بعض الجامعات العربية.
وكان محور اللقاء يدور حول الإجابة على التساؤل التالي :
 كيف يتم تطوير السياسات البحثية من أجل الحصول على جودة بحثية لأطاريح الدكتوراه في العلوم الاجتماعية؟
حيث رصدت جل المداخلات التي وصلت إلى حدود (32 مداخلة) حشدا كبيرا من التحديات والصعوبات، حيث لم يكتفي بعض المشاركين بالتلميح إليها فقط، إنما كانت بشيء من التفصيل والتطويل، منها على سبيل المثال:
 ضعف البعد التطبيقي للبحث الجامعي في العلوم الاجتماعية.
 هناك أزمة حشد رسائلي كمي، وتراجع النوعية، بمعني أن ذلك الحشد غير قادر على تقديم القيمة المضافة، من خلال طرح المقترحات والحلول.
 ازدواجية اللغة في التعليم والتعلم، حيث تم طرح تساؤل مهم عن: هل التعريب فرصة أم عائق أمام تحقيق جودة الرسائل؟
 وجود صعوبات التوثيق والتعامل مع المعطى الرقمي.
 هناك عوائق منهجية، منها السلوك الغيابي للطالب، وغياب أو قلة الأنشطة الثقافية الموازية في الوسط الجامعي، إضافة إلى عوائق متعلقة بالتكوين المعرفي، منها الحاجة إلى توظيف التكنولوجيا الحديثة في طرائق التدريس، والميل إلى تأكيد فرضيات البحث، والصياغة الفضفاضة للفرضيات، والإكثار من الفرضيات، وغياب خطط التأطير المنظم وغلبة الارتجال
 هناك مشكلات التأطير، والعلاقة بين المشرف والطالب، حتى أن أحد المداخلات تناولت قضية يتجنب البعض الحديث عنها، وهي قضية التحرش الجنسي الذي يمارسه بعض الأساتذة على بعض الطالبات.
 بعض القضايا والإشكالات التي يتم البحث فيها هي في حالة اغتراب عن الواقع المجتمعي المعاش، بالتالي يتم الهروب إلى الموضوعات السهلة، والمتكررة.
 هناك فوضي في المصطلحات والمعاني.
 تحاشي العمل تحت إشراف الأساتذة الصعاب.
 هناك سرقات علمية خاصة فيما يتعلق بالبحوث باللغة العربية.
 هناك حاجة إلى تبصير الطلبة بطرائق البحث العلمي.
 هناك حاجة إلى تأهيل الأساتذة المشرفين.
 غياب الحرية الأكاديمية.
 وجود عوائق متعلقة بالإدارة الجامعية.
 الحاجة إلى تأسيس قواعد أخلاقية التي يتوجب على الباحث والمشرف احترامها.
وبشكل عام يمكن القول إن كل تلك التحديات والصعوبات المتداخلة وغير المنفصلة عن بعضها البعض، ومعها تحديات أخرى كثيرة لا يمكن حصرها في هذه المقالة؛ هي من أسباب عدم تحقيق الجودة البحثية في أطاريح الدكتوراه في العلوم الاجتماعية.
ويلاحظ على هذا السيل من التحديات والصعوبات أن ثمة تشاؤما واضحًا يطغى على مداخلات بعض المشاركين، إلا أنه هناك حقيقة ربما تنبه إليها بعض المشاركين، وهي أن الإجابة على تساؤل اللقاء المطروح آنفا لم ينل النصيب الكافي من حيث النقاش والحوار من قبل المشاركين في هذا اللقاء، وهو:
 كيف يتم تطوير السياسات البحثية من أجل الحصول على جودة بحثية لأطاريح الدكتوراه في العلوم الاجتماعية؟
وهنا أعتقد بأن عملية التقييم والتقويم للأطاريح في العلوم الاجتماعية التي قدمها وكشف عنها البُحاث والأساتذة المشاركون في هذا اللقاء الإقليمي كانت تفتقد - حسب وجهة نظري- إلى جانب مهم، حيث تم التركيز في جل المداخلات على مواطن الضعف، أو التحديات فقط، بيد إننا إذا أمعنا النظر في ملامح الصورة الراهنة لبعض تلك الأطاريح فسوف تتكشف لنا سريعًا وجود بعض الممارسات الجيدة في المنظومة البحثية، سواء ما يتعلق منها بممارسات بعض الأساتذة، أو ممارسات بعض الطلاب، أو من تناول وطرح بعض الموضوعات البحثية، أو من اتباع بعض المنهجيات البحثية...إلخ، وهذه الأرضية هي التي يتم في طياتها نمو البحوث المتميزة، بالتالي كانت هناك حاجة إلى إبراز تلك الممارسات الجيدة ليتم تأصيلها في المنظومة البحثية لتحل محل الممارسات غير الجيدة سالفة الذكر، لتكون أيضًا نقطة انطلاق لمشروع بناء معايير خاصة للجودة البحثية، ونقصد هنا بالمعايير هي المواصفات اللازمة للبحوث رغبة في الحصول على جودة بحثية، وتؤدي بالتالي إلى زيادة فعاليتها وقدرتها على المنافسة، كما أن الهدف من بناء المعايير هو تأصيل الممارسات الجيدة، إضافة إلى السعي إلى تصفير مواطن الضعف التي تتسم بها البعض البحوث في العلوم الاجتماعية، وصولا إلى تحقيق الجودة والتميز البحثي، كما أن المعايير البحثية تأتي أيضًا في سياق "ضبط الأخلاقيات البحثية" سواء أكان ذلك على مستوى الموضوع البحثي، أم على مستوى الطالب، أم على مستوى المشرف، أم على مستوى المصادر والمراجع إلخ، كذلك تأتي في سياق اطمئنان المجتمع ومؤسساته إلى وجود الحد الأدنى من الجودة البحثية.
وبالإجمال يمكن تحديد عدد من المبررات لوجود المعايير البحثية في العلوم الاجتماعية في التالي:
1. وضع مؤشرات محددة وواضحة تهدف إلى تقييم البحوث.
2. أصبحت عملية تقييم وتقويم المنظومة البحثية مرتبطة بوجود عدد من المعايير، وهو الجزء المكمل الذي يتوج تطوير منظومة جودة البحوث بالجامعات
3. هناك حاجة مجتمعية إلى مخرجات بحثية ذات بمواصفات خاصة.
4. بوابة الانطلاق نحو تحقيق التنافسية.
5. تحسين وتطوير السياسات البحثية لتحقيق المواصفات المطلوبة.
6. جعل البحوث أكثر كفاية وفعالية، وكما تجعل المؤسسات البحثية بيئة تهدف إلى التميز والابداع والابتكار.
 كما أن هذه المبررات تقودنا إلى طرح تساؤل مهم وهو : من سيقوم ببناء المعايير البحثية ؟
في الحقيقة خلال فعاليات اللقاء الإقليمي الثاني حول: (جودة واتجاهات بحوث "الدكتوراه" في العلوم الاجتماعية)، طرح بعض الأساتذة المشاركين في هذا اللقاء مبادرة شراكة مغاربية للعلوم الاجتماعية، بهدف توحيد، وتنسيق جهود الأفراد والمؤسسات في مجال البحوث والدراسات في العلوم الاجتماعية بدول المغرب العربي، إضافة إلى تطـوير جودة منظومة البحوث في العلوم الاجتماعية، وذلك في ظل ما تشهده المنطقة من تغييرات وتحولات كبري، فتلك التغييرات والتحولات وضعت البُحاث والأساتذة في العلوم الاجتماعية في الجامعات العربية أمام محك لتقييم إمكاناتهم، وقدراتهم على التشخيص، والفهم، وتفسير تلك التحولات.
بالتالي أعتقد بأن وجود مثل هذه الشبكة الإقليمية المغاربية هي التي سيناط بها بناء مثل تلك المعايير على مستوى المغرب العربي، حيث نأمل أن تقوم هذه الشبكة بتصميم وتطوير وتطبيق المعايير البحثية في العلوم الاجتماعية لضمان الجودة والكفاية والتميز، ومن ثم سيتم تطوير السياسات البحثية للحصول على جودة بحثية للبحوث في العلوم
الاجتماعية، كما يمكن الاستفادة هنا من التجربة الليبية في عملية بناء معايير، حيث توجد معايير خاصة لبرامج الدراسات العليا بناء على السمات العامة للأنشطة والعمليات والوظائف التي يتكون منها برنامج الدراسات العليا.
وحاصل القول إن هناك حاجة ماسة إلى تأسيس كيان بحثي للعلوم الاجتماعية يهتم بقضايا المنطقة، بغية توحيد وتنسيق الجهود في مجال البحوث والدراسات في العلوم الاجتماعية، والأخذ بمعايير البحث العلمي لضمان الجـودة والكفاية والتميز البحثيين والاستجابة والتفاعل مع التحديات الإقليمية والدولية التي تمر بها دول المنطقة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ملف الهجرة وأمن الحدود .. بين اهتمام الناخبين وفشل السياسيين


.. قائد كتيبة في لواء -ناحل- يعلن انتهاء العملية في أطرف مخيم ا




.. وسائل إعلام إسرائيلية تناقش تداعيات الرد الإيراني والهجوم ال


.. إيران وروسيا والصين.. ما حجم التقارب؟ ولماذا يزعجون الغرب؟




.. مخلفا شهداء ومفقودين.. الاحتلال يدمر منزلا غربي النصيرات على