الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قراصنة الفساد انهكت ونهبت ميزانية البللاد

عبد الحسين العطواني

2017 / 9 / 28
مواضيع وابحاث سياسية



قراصنة الفساد أنهكت ونهبت ميزانية البلاد
د. عبد الحسين العطواني
إن من بين الأسس المهمة في السياسة الداخلية للبلاد وأحد أهم آليات المساهمة في النظام الحاكم هي المسؤولية والواجب الذي يقع على عاتقها تجاه أفراد المجتمع , ومن أهم تلك الواجبات حفظ حقوق المواطنة لكل مواطن وحشد موارد المجتمع وإمكاناته ومواجهة التحديات التي تعترض رفاهية الشعب .
وأولى هذه التحديات معضلة الفساد التي تعد ظاهرة عالمية لا تقتصر على مجتمعات أو نظم اقتصادية وسياسية دون أخرى , بل تعانيه معظم المجتمعات وبدرجات متفاوتة , لكنه في العراق بلغ أعلى مستوياته , بخطوات متسارعة نحو مفاصل الدولة التي تسود فيها الفساد الإداري والمالي نتيجة لتظافر عدد من العوامل المواتية هيأت بيئة مناسبة للفساد ولعل من أهمها : طبيعة النظام السياسي في العراق بعد 2003 الذي يرتكز إلى مجموعة من القوى والشخصيات والكتل والأحزاب ذات النفوذ السياسي التي تعنى بتحقيق المصالح الآنية والشخصية من دون الاهتمام بالمصالح العامة , ارتفاع التخصيصات واللجوء إلى اعتمادات إضافية على الموازنة العامة , حصول فائض من إيرادات النفط لبعض السنوات الماضية سمي بالميزانيات الانفجارية الذي شجع المسؤولون على استغلال المال العام , ضعف الانتماء إلى مؤسسات الدولة , ضعف البنية المؤسسية والكفاءة الإدارية , افتقار النظام التعليمي .
وعلى الرغم من هذه المسببات نجد أن الجامع المشترك بين شتى إشكال الخطاب السياسي وألوانه تجتمع على مكافحة جرائم الفساد , ويحسب كل من رفع هذا الشعار قد أدى قسطه وواجبه , ولكن على كل من اتخذ هذا الموقف إن يترجم موقفه إلى أفعال وإلا فان موقفه سيتحول إلى لا موقف والسبب في ذلك يعود إلى أن معالجة الفساد لاينتهي بالمطالبة فحسب , بل يجب وضع الحلول والأفكار والمساهمات الفكرية التي تساعد على تصحيح الأفكار والتفوق على الكبوات والعثرات التي تساعد على اختراق خنادق الفاسدين واقتحام تحصيناتهم وأسوارهم , لان الفساد حالة بنيوية هيكلية وليست أزمة , آو أخطار عابرة فلا يمكن معالجتها بالخطابات الرنانة آو بالترقيع والحلول الجزئية هنا وهناك , وهو ما يعطي للحكومة شرعية سياسية اجتماعية ووطنية مضاعفة , ويضعنا أمام سياسة وطنية تاريخية , وهنا لابد من النظر إلى هذه الإشكالية من منظار المنطق الصوري والواقعي فنقول نحن نرفض الفساد لأنه فعل سلبي لأكثر من سبب ولا يجوز النظر إليه من زاوية واحدة والمشهد متعدد الزوايا , لان الصورة ستكون ناقصة لا محالة , والأحكام عليها ستكون ناقصة أيضا ومجتزأة , وبالتالي ليس للحكم على ذلك المشهد أهمية إذا كان لا يستند إلى رؤية المشهد من جميع زواياه .
وإننا على أساس النظر إلى الفساد من زوايا متعددة نأخذ خصوصياته بعين الاعتبار ,سواء أكان بمكانه أم كان بوسائطه وتشخيصه , لذلك ألا ينبغي إطلاق الكتل السياسية من دون حسيب أو رقيب في قيادة الأنظمة لان واقعها السائد هو يمنحها استملاكما للسلطة والثروة وفق مرجعيات جهوية مخالفة لمنطق الدولة وآلياتها المؤسسية والقانونية , وبالتالي استنزاف الثروات الطبيعية وإنهاك الخزينة بالديون الخارجية , بالاعتماد على اقتصاد غير إنتاجي وغير قادر على خلق فرص عمل جديدة أو دفع مستويات الأجور العاطلة , وتسوده مع ذلك عقلية استهلاكية تعاني من صدام التضخم وتباطؤ النمو الاقتصادي , مع تضليل للرأي العام وتهريج مفضوح لهذه الكتل المنتفخة بالنفوذ والترف والرفاهية التي تستأثر بها هي ومحسوبيتها, وفي المقابل يرزح اغلب المواطنين في أسوء درجات التعليم بكل مستوياته , وتعاني من أردأ أنواع الخدمات الصحية , ومن افشل أنظمة الضمان الاجتماعي , ومن أدنى هوامش العدالة والرفاه الاجتماعي .
والأخطر من ذلك هيمنة المتنفذين وإفساح المجال لهم بارتكاب المفاسد من خلال توكيل المشاريع المهمة والخدمية لهم دون إتقان مواصفاتها لتنعكس على انهيار سقف المجتمع وبنيته التحتية . لذلك يجب على الجهات المسؤولة أن يقوموا بمسؤوليتهم في استئصال هذا النوع من السلوكيات في المجتمع ووضعها في سلم الأولويات , لان إنسانية الإنسان تكمن في إيمانه بالله , وفي إيمانه بقيمة الآخرين واحترامه لإنسانيتهم ومقدراتهم . على قاعدة تخليص المجتمع من هذه الممارسات كونها مسؤولية شرعية وواجب وطني عظيم , كما إنها مسؤولية إنسانية تشمل كافة مجالات الحياة الإنسانية من خلال استقلالية السلطات القضائية ونزاهتها , وتفعيل سيادة القانون والرقابة الادارية , ودعم الكفاءات والمهارات البشرية المرتكزة على الأداء والانجاز , وتعزيز مبدأ السلطات , ودعم البناء المؤسسي , وتعزيز مبدأ الكفاءة في الأداء , والعمل على الإصلاح السياسي والقضائي من خلال وقفة جادة وشجاعة تجاه ما يجري الآن للوقوف بوجه القراصنة الذين أنهكوا ونهبوا ميزانية العراق .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. استمرار الاحتجاجات الطلابية الأميركية المؤيدة لفلسطين


.. حديث السوشال | مطالب بإلغاء عيد الأضحى بالمغرب يثير جدلا




.. نشرة الرابعة | أمطار متفاوتة على عمان.. ووصول أول رحلة مباشر


.. نشرة الخامسة | قطر تراجع موقفها من الوساطة.. وقانون رواندا ي




.. أغرب بلاغ.. متعاطي مخدرات يشتكي غش التاجر..والشرطة الكويتية