الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


فريق الحرية وطريق الشعب السرية..

صباح كنجي

2017 / 9 / 29
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


بعد نشري لفصل.. ليالي الجوع.. طلب مني عدد من الاصدقاء كتابة وتوثيق المزيد الاحداث عن أيام العمل السري والكفاح المسلح .. سأختار في هذا المقال تجربتين مهمتين لم يجري التطرق اليهما مسبقاً تستحقان التسجيل والتوثيق.. الأولى تشكيل فريق الحرية لكرة القدم في العهد الدكتاتوري المقبور .. الثانية عن طريق الشعب السرية ونقلها الى بغداد..
بعد انتفاضة عام 1990 واستمرار تواجدنا العلني في مناطق كردستان تمكنا من فتح عدد من المقرات.. كان اهمها بالنسبة لمجموعة نينوى.. التي تشكلت منها لجنة محلية لقيادة المحافظة وتوابعها.. مقر محلية نينوى في مدينة دهوك.. ومقر باعذرة في سهل نينوى بحماية عدد من الانصار المتطوعين .. وقد سهل تواجدنا وتحركنا العلني مهمة الاتصال بمنظمات الداخل.. في المقدمة منها منظمة بحزاني.. التي افرزت مجموعة جيدة من الكوادر والمناضلين الشباب.. من الذين تواصلوا مع الحزب في فترة الحرب العراقية الايرانية.. ولعبوا دوراً مشهوداً في مقارعة الدكتاتورية ومواجهة البعثيين والتصدي لهم في عقر دارهم.. رغم قسوة وجبروت نظامهم القمعي .. وتمكنوا من تشكل عدة مجاميع من الرافضين للحرب في المدينة تجاوز عددهم الـ 500 شاب تم تنظيمهم في فصائل مسلحة للحراسة والمتابعة كي لا يقع الرافضون للحرب في قبضة مفارز الموت اثناء تواجدهم في الجبل والبساتين والاحياء القديمة من محلة البرافية التي لا تساعد ازقتها الضيقة لدخول وحركة اية سيارة فيها ..
ولعب دوراً متميزاً في الاشراف على هذا النشاط وقيادته بشجاعة الشاب النشط والمعلم المطارد من قبل السلطة وأجهزتها القمعية زهير سالم عمر.. الذي كنت اعتمد عليه بجدارة في هذا المجال واستشهد ببطولة لاحقاً في مواجهة مع الامن اثناء تطويقه ليلة5-6 نيسان 1990..
أما في المجال التنظيمي والجماهيري فقد ابدع المناضل الشاب خديدا الراعي ـ ابو أرفيد في تنفيذ المهام الموكلة اليه وتحمل المزيد من اعباء العمل بعد استشهاد زهير .. وكان ممن يعتمد عليهم .. لهذا بدأنا بعد الانتفاضة بالتفكير بخلق نواتات جديدة للعمل تتجاوز اطر العمل التنظيمي الحزبي .. واستثمار الامكانيات الجماهيرية لجمع اكبر عدد ممكن من الشباب والشابات في اطار نشاط اجتماعي "بعيد عن السياسة" يحفز على كسب المزيد منهم وتوعيتهم في مواجهة الدكتاتورية .. وكانت فكرة تشكيل فريق رياضي لكرة القدم قد اختمرت في ذهني.. لكن كيف يمكن تذليل مشكلتين :
الأولى .. حماية الفريق من الملاحقة الأمنية واحتمال اتهامهم بالعمل المنظم لصالح الحزب الشيوعي .. والخطوة الاولى في هذا المجال تعتمد على اختيار وانتقاء اعضاء للفريق غير منظمين في حلقات وخلايا المنظمة الحزبية..
تفاهمت مع ابو أرفيد على التفاصيل ووضعنا خطة عمل كي لا يكون احداً من اللاعبين منتسباً في صفوف الحزب باستثنائه هو المشرف على الفريق .. وأن لا يجري الحديث نهائياً مع اية جهة كانت في المنظمة بوجود هذه الصلة معي .. اما الحزب وهيأته القيادية محلية نينوى فقد ضمنت عدم كشف السر لهم بحكم عملي في قيادة المحلية وساعدني على تنفيذ هذه المهمة وتوفير احتياجاتها المالية دون الرجوع للمسؤول المالي ابو واثق. قرار اتخذه عمر علي الشيخ ـ ابو فاروق واضنه القرار الوحيد الصائب في حياته الحزبية التي تجاوزت السبعة عقود من العمل جلها اخطاء قاتلة ..
حينما خاطب الفقيد ملا حسن مسؤول مالية لجنة الاقليم في كردستان بصيغة توجيه غير خاضع للنقاش والاعتراض بصرف مبلغ 1500 دينار لي لمهام العمل الحزبي في الداخل بعيداً عن حسابات محلية نينوى.. التي لم تكن تتجاوز الـ 15 الف دينار في الشهر مجتمعة بما فيها اجور البيوت المخصصة للكوادر المتفرغة للعمل الحزبي والمقرات ومساعدات الانصار وتكاليف النقل..
ساعدني هذا القرار في تجاوز المشكلة الثانية المتعلقة بالتغطية المالية وضمان شراء مستلزمات الفريق الرياضي من ملابس وحاجيات ضرورية.. في المقدمة منها كرة القدم التي لم يكن لدي اية خبرة بأنواعها المعروضة للبيع في محلات دهوك .. ناهيك عن جودتها واسعارها .. اعتقد ان ثمن الملابس حينها كان 460 ديناراً.. ولا اتذكر ثمن شراء الكرة بالضبط لكنه لم يتجاوز الستين ديناراً تم صرفه من المبلغ الذي وهبني اياه بقراره الصائب حينها ابو فاروق ..
هكذا تم تسليم ابو أرفيد مستلزمات الفريق الذي تقرر تشكيله في اجواء القمع وقد اخترنا تسمية له عكست بشكل من الاشكال معضلة لم نتمكن من تجاوزها في تلك المرحلة المعقدة وحاجتنا الضرورية للحرية .. اسميناه فريق الحرية..
هذا الفريق الذي تشكل نهاية عام 1991 .. وفقاً لما رفدني به المشرف عليه في تلك المرحلة الصديق الوفي ابو أرفيد.. (من دمج فريقين في محلة البرافية و الخفيغ .. كان اغلب شباب الفريقين من عوائل ذات خلفية شيوعية.. وبعد متابعتي للفريق الذي كان من بينه اصدقاء قريبين من التنظيم.. استطعنا ان نجعل منه واجهة للحزب الشيوعي دون الحاجة لارتباط احد من لاعبيه بالعمل الحزبي.. وباشرت مهمة تدريب الفريق .. فريق الحرية.. الحرية التي كنا نحلم بها في مرحلة الاستبداد البعثي.. بعد اشهر من تشكيله حصلنا على اول بطولة عام 1992.. حينما فاز الفريق بالمركز الأول..
وكان التشجيع للفريق من قبل الشباب ملفت للنظر واكتسب شعبية كبيرة .. وجاء دعم الحزب للفريق بالملابس والكرة في وقت كان الفريق بأمس الحاجة.. أما اعضاء الفريق وأهم لاعبيه حينها فهم كل من:
1ـ سعد توفيق 2ـ ابراهيم سلمان 3ـ فلاح غانم 4ـ موفق غانم 5ـ مروان جمعة 6ـ رافد جمعة 7ـ سعد حسين خلف 8ـ فرحان سلمان 9ـ جميل حجي 10ـ فرج خلات 11ـ فلاح حسن 12ـ صادق سليمان 13ـ حميد صفر 14ـ اركان دخيل 15ـ ساجد شكري 16ـ سمير خلو17ـ الفقيد نائل سليمان الذي لعب فترة قصيرة في الفريق 18ـ مسعود اسحق بولص 19ـ فكتور حنا 20ـ بناء خدر روشي 21ـ صفاء خليل 22ـ علي حسو كنجي)..
وقد تعرض الفريق لمضايقات كبيرة من قبل البعثيين واجهزة القمع.. كما اكد اللاعب السابق والمدرب الحالي ابراهيم سلمان خلف.. واستمر في اللعب وحقق انجازات مهمة وحاز على المركز الاول في الميدان.. و المركز الثاني لمرتين عام 92.. و المركز الاول ربيع 93 .. والمركز 3 عام 94 .. و المركز الأول عام 96 .. والثاني عام97.. حيث تم حظر الفريق من ممارسة النشاط الرياضي ومنعه بشكل رسمي بأمر من جهاز الأمن.. وبدأنا من جديد عام 99 حيث تمكنتُ من جمع اللاعبين وقيادة الفريق ولعبنا بأسماء مستعارة حتى عام 2003..
بعدها عاد الأستاذ خديدة وسعد توفيق لقيادة الفريق حتى نهاية عام 2004 .. حيث استلمت مهمة قيادة وتدريب الفريق من جديد .. وتم تطعيمه بدفعة من اللاعبين ابرزهم .. ضرغام الياس كنجي وسامان ماجد البيطار و دليهان جمعة خلف وغيرهم.. وحققنا نتائج رفيعة بدأت بالمركز الثاني 2000 والمركز الاول في عامي 2001 و2002 كأفضل فريق في الميدان.. والمركز الثاني عام 2003 والثالث في بعشيقة 2004 والثاني عامي 2006 و2007.. ومن عام 2008 حتى 2014 حصل الناشئة على المركز الاول والشباب الثاني في عامي 2010 و2012 ..
علما اننا بدأنا من آذار عام 2006 بتشكيل فريق الحرية النسوي للقدم والطائرة .. وقد وصل عدد اللاعبات الى 80 لاعبة عام 2008 .. وكانت اول دورة لهن بدعم من منظمة فين.. قسمت اللاعبات إلى 8 فرق وكانت مصورة فاز فريق الحرية على العين 4 ـ1 وبعد الدورة شكلت فريق ساحة وميدان للبنات.. وفي عام 2009 فريق تايكواندو ايضاً.. اول بطولة شاركنا بها في 9/9 /2010 وحصلنا على المركز الثالث على مستوى العراق
بطولة العراق للتايكواندو شهر 11 عام2010 ايضا شاركنا في بطولة التربية العراق وحصلنا على المركز الـ 4 في كركوك.. في الساحة والميدان وبطولة التايكوندو في نيسان2011 في ملعب صلاح الدين اربيل.. في مهرجان اندية العراق حصلنا على المركز ال3 وتم اختار اللاعبة الينا اركان دخيل لمنتخب التايكوندو الوطني في العراق..

ومن افضل انجازات فريق الحرية كرة قدم للبنات ..
ـ الثاني على مستوى محافظة نينوى 2012
ـ الرابع مستوى التربية في العراق في النجف 2012 ..
ـ المركز الثالث على مستوى الاقليم آذار 2014
ـ الاول من مجموع 5 فرق للنازحين اب 2017 في سميل
بعد النزوح.. بسبب احتلال داعش لبحزاني وبعشيقة.. رغم المعاناة وتشتت اللاعبين و الاوضاع القاسية التي مررنا بها.. تمكنا من الحصول على المركز الاول في سرسنك 2015 .. والاول في دوغات 2016.. والثاني في القوش في بطولة توما توماس.. بعد تحيز الحكم لصالح فريق القوش الشقيق ..
في عام 2008 حدث التطور المهم في المسيرة الرياضية لفريق الحرية وتحول الى مدرسة كروية متكاملة تضم فرق للأشبال والناشئة والشباب.. وحاز فريق ناشئة الحرية على جميع البطولات التي شاركنا بها في بعشيقة وبحزاني..
فريق الحرية حقق انجازات كبيرة بجدارة لليوم .. بعد ان اصبح احد اهم اللاعبين المؤسسين له في تلك المرحلة القاسية.. اللاعب المبدع ابراهيم سلمان مدرباً له بعد سقوط النظام.. وتمكن من تطويره واستكماله بفريق للبنات فزن في مسابقات دورية وحققن نجاحات كبيرة .. ووصلت ثلاثة لاعباته بجدارة الى المنتخب الوطني ..
ان فريق الحرية الذي تشكل في تلك الحقبة الزمنية القاهرة ما زال يواصل عطائه رغم ما لحق بأهل بحزاني من تهجير وتخريب على يد الدواعش.. وعاد ليمارس نشاطه بقوة رغم الاوضاع الشاذة التي يمر بها البلد وشيوع الفساد واهمال لصوص وحرامية السياسة للرياضة والرياضيين ..
وجدير بنا ان نفكر بتقديم المزيد من الرعاية والدعم المعنوي والمادي لفريق الحرية وتطويره وتحوليه الى معهد رياضي يقدم خدماته لشريحة اكبر من الشباب واليافعين.. لنتعاضد ونتكاتف معاً لإنجاز مشروع معهد الحرية الرياضي في بحزاني وبعشيقة.. لأهمية العلاقة بين الرياضة .. الصحة .. الحرية.. في تحقيق حياة افضل للناس في هذا العصر ..
طريق الشعب السرية

أمّا عن طريق الشعب السرية.. التي يجمعها اكثر من صلة بفريق الحرية بدء من كاتب هذه الاسطر وانتهاء بقرار ابو فاروق وتوفير التغطية المالية لهذا الجهد من بقية المبلغ الذي تم صرفه لتوزيع وايصال المطبوعات السرية الى الداخل وضمان وصولها الى اكبر شريحة ممكنة من الناس في مختلف المدن العراقية بما فيها العاصمة بغداد ..
حيث تم صرف المبلغ المتبقي لشراء عدد من علب مسحوق الغسيل للاستفادة منها بعد فتحها واغلاقها من جديد في ايصال المطبوعات السرية عبر الباعة بعد عرضها للبيع بشكل طبيعي من خلال التجار في وجبات تشحن لعدة محافظات ..
هكذا بدأت بشروع شراء كميات من مسحوق الغسيل واتممت المهمة بمساعدة ازاد الذي كان لديه خبرة جيدة في التزوير وتمكن من فتح علب المسحوق واعادتها بعد شحنها بأعداد مصغرة من طريق الشعب.. التي تم اعدادها مع جريدة المؤتمر لهذا الغرض وبدأنا بتوزيعها وبيعها من خلال التجار والمهربين.. بين مدن الاقليم والموصل بالإضافة الى طرق الارسال المباشرة من خلال المنظمات لتوزيعها بنفس الطريقة كي تصل اكبر شريحة ممكنة من الناس ..
ومن الطرائف التي حدثت في هذا المجال اثناء نقل عدد من علب المسحوق الى بحزاني عبر سيطرة الشيخان ـ الموصل تشبث ضابط السيطرة بالسائق والحاحه على اخذ علبة للمدام لأنها اوصته اليوم بشراء علبة مسحوق غسيل.. وقد استجاب السائق لطلبه ومنحه علبة هدية للمدام ..
أما نواف بديل الذي كان يأتي الى مناطق كردستان ويمر على المقرات ويصر على اخذ المنشورات السرية.. فاذكر انه في احدى المرات اصرّ على اخذ نسخة من طريق الشعب المصغرة ووضعها في صندوق سيارته الامامي .. وعند وصوله الى سيطرة الشيخان طلب منه العسكري المتواجد في السيطرة فتح الصندوق .. وحينما وقعت عينه على طريق الشعب تفاجأ "المسكين".. وحينها احس نواف بوخزة في القلب واعتقد انه قد انتهى .. لكن الجندي المصعوق .. توقف وجلا بعد ان اغلق الصندوق واخذ تحية لنواف قائلا تفضل اخي..
نعود لطريق الشعب السرية و توزيعها .. لا اعرف المناسبة ولا ادري كيف فاتحت بالضبط الصديق أحمد زرو صاحب مكتبة دهوك بأمر تصغير البيانات والمنشورات التي كنا نشحنها للداخل بذات الطريقة من خلال علب مسحوق الغسيل ..
لكن اتذكر انه عرض عليّ طريقة لم تخطر على بال احد في ايصال المزيد من المنشورات .. الى بغداد بالذات.. دون ان تلفت الانتباه من خلال قنوات السلطة نفسها التي لا تتعرض للتدقيق والتفتيش نهائياً .. وهناك في بغداد نترك امر توزيعها لمن يستلمها ..
هكذا بدأنا بشحن أول وجبة من طريق الشعب وجريدة المؤتمر الى العاصمة بغداد من خلال المرجع من صحف النظام بين طيات القادسية والثورة التي كانت تصل دهوك بشكل يومي دون ان تنكشف لعدة سنوات.. واعتقد انها نفس الفكرة بذات الاسلوب التي نجحت لاحقاً في اصدار نسخة من جريدة بابل اليومية التي كان يصدرها المقبور عدي.. بعد ان جعلت صفحاتها الداخلية معبأة بالمواد التي اعددناها وتم توزيعها في عدة محافظات بدلاً من جريدة بابل ..
ــــــــــــــــــــ
صباح كنجي
29/9/2017








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مهاجمة وزير الأمن القومي الإسرائيلي بن غفير وانقاذه بأعجوبة


.. باريس سان جيرمان على بعد خطوة من إحرازه لقب الدوري الفرنسي ل




.. الدوري الإنكليزي: آمال ليفربول باللقب تصاب بنكسة بعد خسارته


.. شاهد رد مايك جونسون رئيس مجلس النواب الأمريكي عن مقتل أطفال




.. مظاهرة أمام شركة أسلحة في السويد تصدر معدات لإسرائيل