الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


فارق التوقيت سبب عدم التوافق وكراهية الآخر

عادل صوما

2017 / 10 / 1
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


حسب دراسة تستند إلى الوقائع أعدها باحثون في جامعة واشنطن، بلغ عدد ضحايا عمليات الانتحار وجرائم القتل والاعتداءات الجنسية والحروب في منطقة الشرق الأوسط 208.179 حالة عام 2015. وتخطى تزايد عمليات الانتحار وأعمال العنف بين الأشخاص في شرقي البحر المتوسط بفارق كبير باقي أنحاء العالم في الخمس والعشرين سنة الماضية. كما رُصدت زيادة كبيرة في حالات الإصابة بالأمراض النفسية والعقلية. ولاحظت الدراسة أنه "في عام 2015 بلغ عدد من انتحروا نحو 30 ألف شخص، كما لقي 35 ألفا حتفهم بسبب العنف بين الأشخاص، وهي زيادة بنسبة مائة في المائة و152 في المائة على التوالي خلال السنوات الخمس والعشرين سنة الماضية، ، ناهيك عن الوفيات الناتجة عن الحروب المباشرة التي أودت بحياة 144 ألف شخص.
كما أفادت الدراسة نفسها، بأنّ حالات الانتحار والقتل والاعتداء الجنسي تزداد بوتيرة كبرى في منطقة شرقي المتوسط، مقارنة مع المناطق الأخرى بالعالم. وحسب البروفسورعلي مقداد، المشرف على الدراسة، "العنف المستعصي يؤدي إلى نشوء جيل ضائع من الأطفال والبالغين. وسيكون مستقبل شرق المتوسط قاتما ما لم نجد السبل الكفيلة بإرساء الاستقرار في المنطقة".
مربط الفرس
بدون أي إفتئات على الوقائع أو تعميمها بشكل مجحف، ما تتحدث الدراسة عنه لم يكن موجودا في منطقة الشرق الاوسط قبل ظهور مدّ المتربحين من الاسلام سياسيا المؤيدين ممن يعتقدون انهم يخدمون مصالحهم. كانت الاهوال اليومية التي تنشرها وكالات الانباء عما يجري في الشرق الاوسط اليوم غير موجودة، وكانت الهجرة غير معروفة سوى للمُطاردين من النظم العسكرية.
كل ما تحدثت عنه الدراسة سببه زيادة حجم الورم الطقوسي غير الحميد في أدمغة سكان دول الشرق الاوسط، وعدم مواجهة استفحال ازمته بنشر التنوير بدلا من يافطة "تجديد الخطاب الديني".
تجديد الخطاب الديني سيقوم به "علماء" لا يفقهون شيئا في العلم ويرفضون نظريات نشوء الكون ويسخرون من عمر ظهور الانسان على الكوكب، ويرمون "العلماء" الذين يقولون باستحالة خلق الانسان دفعة واحدة كما تقول الاساطير، بتهمة العيب في الذات الإلهية. "العلماء" يقولون عن عمليات تغيير صمامات القلب التي تمد عمر الانسان أكثر من عشر سنوات انها تحدث بمشيئة الله وبأذنه، وكهنة المسيحية الشرقية ليسوا أفضل من "علماء" المسلمين، لأن هذه العمليات تنجح حسب رأي معظمهم بشفاعة مار جرجس والانبا مينا والست دميانة والقديسة تيريز ومار إلياس وغيرهم، وما الطبيب سوى وسيلة.
خطورة "علماء" المسلمين أكثر بكثير من كهنة المسيحية الملتزمين بالتبشير بملكوت السموات، لأن "العلماء" بشكل صريح أو خبيث يؤيدون ضمنا أفعال الجهاديين أينما كانوا في دار الاسلام أو دار الحرب، لأنهم ينشرون بها الاسلام وينفذون رغم بعض تجاوزاتهم الفقهية الطفيفة "ظهور الاسلام على الدين كله ولو كره المشركون"، لكنهم يذهبون إلى مؤتمرات حوارات الاديان لينادوا بالسلام والمحبة وإحترام معتقدات الآخرين، رغم سكوتهم المريب على تهجير مسيحيي الشرق الاوسط وتفجير كنائسهم.
البابا فرنسيس لم يعترض على عدم جدوى هذه البلاغات اللفظية، أو على سكوت "العلماء" على تهجير سكان الشرق الاوسط الاصليين، فصور الابتسامات والعناق والعلاقات العامة أهم بكثير.
ليس غريبا أن تزداد جرائم القتل والاعتداءات الجنسية والحروب والانتحار وخلق جيلا من الاطفال المجرمين وتدجين نساء أميات جاهلات على إستعداد لتفجير أنفسهن مع أطفالهن على نقاط تفتيش جيوش الدول لدخول الجنة، رغم المصير المجهول لهن فيها عكس حاملي الاحزمة الناسفة الذكور.
لا شيء خطيرا مثل زيادة الامراض السلوكية والاعتداءات الجنسية والاحساس بالضياع والسيارات المفخخة شبه اليومية، ما زال الهدف أسمى بكثير من هذه المآسي والاشلاء وهتك الاعراض وبيع النساء في سوق النخاسة وإهدائهن جوائز ترضية.
لا مشكلة من ثمة في ما يحدث، لأن المشكلة عند من يرفضون اليقين! لو قبلوا اليقين لكانت آلامهم أقل.
العامل المشترك
يقين "علماء" المسلمين الذين يتنظرون عودة الخلافة، و"المعلمون" الذين ينتظرون عودة مجلس السنهدرين ليحكم واحد. يقين يتجاهل فارق التوقيت بين نصوص مفترض انها يجب أن تكون دواء الروح من لامعقوليات الحياة، لكنها تحولت لسبب متشابه بين العلماء والمعلمين إلى نصوص سياسية وعلمية وقانونية، لا تكترث كثيرا بالعلم وبالقوانين الدولية والنظريات كونية، ويستحيل مناقشتها ايضا. حرام.
رغم انني إنسان علماني يؤمن ان الحياة بأشكالها كافة هبة من الكون ولا حياة ثانية لأي كائن بعد زوال هذه الهبة، أرى ان المسيح فهم اللعبة اليهودية تماما، وجعل كل ما يقوله في إطار الايمان ورفض تماما أن يكون زعيما. خرج عن نصوص الادبيات الابراهيمية قبله ولم يجيّش أتباعه سياسيا وظل برتبة "مُعلِّم" كما كان يناديه المخلصون له، ثم جاء بعده من فهمت قريش تماما لعبته السياسية وتبنيه سيناريو دينيا لتحقيقها، مع وعد لأمرائه وقادته بتملك "ارض الميعاد"، على ما كان معروفا من الارض "اتبعوني أجعلكم انسابا. والذي نفسي بيده لتملكن كنوز كسرى وقيصرا".
الخطة يُراد لها ان تُطبق في عالم اليوم الذي لم يكن معروفا وقت الحديث المذكور، ويشمل الاميركتين وروسيا واوروبا واستراليا والصين، وهي مستحيلة التطبيق، لوجود أكثر من قيصر وأعظم من كسرى، ناهيك عن امتلاك احفاد بنو النضير وقريظة وقينقاع قنابل نووية، ونتائجها دماء كثيرة واحقاد ولا حل لها سوى الاعتراف بفارق التوقيت، فما حدث منذ 1439 سنة يستحيل أن يتحقق اليوم. تم الامر بقوانين وأعراف ذلك العهد التي لم تعد موجودة، وظروف تغيرت كثيرا.
مدن وألعاب
هل يمكن أن يتجاهل يشوع بن نون أو خالد بن الوليد الانترنت لو بُعثا من الرميم؟
المؤكد أن الجواب "لا"، وقد أدرك ذلك تماما احفاد بن الوليد وفهموا قواعد لعبة الامم اليوم وقوة "العالم الافتراضي"، فاشتروا ذمما تتحدث بكل اللغات لخلق مناكفات ومماحكات يومية لمن يكشفهم في أي دولة، إضافة إلى الاعمال التي أطلقت عليها الدول "إرهاب"، ليدفعوا السياسيين إلى الاعتراف بأمر واقع، وجندوا ضمن من جندوا ليندسي لوهان وهي أربعينية باهتة مدمنة في "العالم الافتراضي" لا وظيفة حقيقية لها في الحياة، ويحاولون تجنيد غيرها، ودفعوا مبالغ طائلة لظهورعارضة أزياء محجبة على غلاف مجلة "فوغ"، للتأثير غير المباشر على العامة.
لماذا لم يدفع البوذيون المبلغ نفسه لظهورعارضة بالثياب التقليدية لثقافتهم؟ ببساطة أدركوا فارق التوقيت، وتوقفوا عن استقبال المرضى وطالبي العلم في معابدهم كما كانوا في السابق، وجعلوا يقولون لهم منذ أكثر من خمسين سنة: إذهبوا إلى الجامعات والمستشفيات.
ذهبوا لكن بدون مرشد يدلهم على الطريق إلى الجنة بحزام ناسف وكراهية الآخر وتقويض الدول والحض على الاعتداء على هيبتها ومؤسساتها خصوصا الامنية والقضائية والعسكرية، وهذه هي الفوارق الاخرى بين "العلماء" و"المعلمين". لا يهودي مؤمناً بعودة مجلس السنهدرين ليحكم يجرؤ أن يعتدي على هيبة الدولة العبرية.
محاولة إقناع فاقدي الاحساس بمرور الزمن غير مجدية. مواجهة الارهاب بأجهزة المخابرات فقط عقيمة. تغيير الخطاب الديني كذبة مستحيلة. نشر التنوير والمعلومات التاريخية والعلمية عن الادبيات الابراهيمية، ووضع الناس امام الحقائق مهما أحدثت من زلازل فكرية، سيستأصل الارهاب إذا كان السياسيون فعلا يبحثون عن حل، فالمشكلة في الصين وروسيا وفيينا وبريطانيا واميركا والدول العربية واحدة، وهي عدم قدرة المتربحين من الاسلام سياسيا واتباعهم من التوافق مع الآخر. فارق التوقيت وشحذ النفوس بعدم التوافق ليحكموا








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هل تتواصل الحركة الوطنية الشعبية الليبية مع سيف الإسلام القذ


.. المشهديّة | المقاومة الإسلامية في لبنان تضرب قوات الاحتلال ف




.. حكاية -المسجد الأم- الذي بناه مسلمون ومسيحيون عرب


.. مأزق العقل العربي الراهن




.. #shorts - 80- Al-baqarah