الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بين الاستقلال والانفصال والمطالب الاجتماعية البحثة

خالد الصلعي

2017 / 10 / 3
مواضيع وابحاث سياسية


بين الانفصال والاستقلال والمطالب الاجتماعية البحثة
***************************************
كثيرون يرتكبون خطأ فظيعا بمقارنتهم بين طبيعة الحراك الريفي ، وبين مطلب انفصال كاتالونيا واستقلال كردستان العارق . وهناك من يفعل ذلك عمدا لارتباطه باجندات مخزنية ، او بمرض عنصري أو انتقاما من منطقة وعرق مغربي أصيل ، وغيرهم يصنع ذلك لقصر فهمه وجهله المركب .
الانفصال غير الاستقلال الذاتي ، كما أن الحراك الاجتماعي من أجل مطالب اجتماعية وسياسية وثقافية ، غيرهما تماما . وعلينا الانتباه أن حمى الانفصال بدأت تقلق الكثير من السياسيين والوطنيين والمتابعين في الغرب .
ان مفهوم الاستقلال سياسيا له دلالة واضحة ، ويفيد انعتاق منطقة جغرافية من احتلال ما بقوة السلاح أو بموجب معاهدات واتفاقيات ثنائية ، أما الانفصال فان دلالته اللغوية تكفي للاشارة أنه يعني ببساطة فصل منطقة ما عن جسدها الطبيعي بقوة السلاح أو بمساندة دولية ، كما حصل لجنوب السودان . انها بتر لجزء من كل واحداث عاهة جغرافية وسياسية وثقافية مستديمة .لكننا في المغرب أمام حالة مغايرة كليا ومختلفة تماما . فالريفيون لم يطالبوا بالانفصال أو بالاستقلال ، الضيق أو الموسع ، وان كان الدستور المغربي يقر بجهوية موسعة ، وان كانت السلطات المغربية قد عرضت هي نفسها على مناطق الجنوب استقلالا ذاتيا . غير أن الريفيين ، لم يطالبوا لا بالجهوية الموسعة ، ولا بالاستقلال الذاتي ولا بالانفصال ، وتركزت نضالاتهم ومطالبهم على قضايا اجتماعية وسياسية وثقافية ، أقر الجميع بمشروعيتها ، بما في ذلك الرئيس الفرنسي "ماكرون " نقلا عن ملك المغرب .
واذا عدنا الى تمحيص القرائن والمعطيات ، وتتبع أحداث الريف وطرق تحريفها نحو أهداف مشبوهة ومدانة بكل المقاييس والمعايير السياسية ، فاننا سنصل الى خلاصة هامة ، وتتجلى في أن ما تعرض له أبناء الريف من عسكرة واعتقال ومحاكمات ومحن واهانات ، مست كل اطيافه وشرائحه ، كان شأنا قبيحا ومدانا وضد الأعراف السياسية والقانونية والوطنية . ان تحريف أهداف حراك الريف من مطالب اجتماعية وسياسية وثقافية الى تهم رخيصة كالعمالة والانفصال ، انما هي تثبت بما لا يدع مجالا للشك أن شيطنة حراك انطلق سلميا واستمر على سلميته ، كانت وراءه أهداف أخرى . تتجلى في قمع منطقة بكاملها ، وترهيب باقي المناطق ، واخضاع الجميع لقانون القوة .
قرارات مثل الانفصال أو الاستقلال الكلي هي قرارات ضخمة ومعقدة ، يدخل فيها القانون والتاريخ والجغرافيا والأنثروبولوجيا والسياسة ....الخ . والرأي العام بطبيعته انفعالي عاطفي ، سرعان ما ينقاد وراء الشعارات الكبرى التي تدغدغ مشاعره وتلعب بأحلامه التي يصنعها مروجو الاستقلال التام والانفصال ويصورونهما كجنة ما بعدها جنة . بل هناك أيادي خفية تلعب وراء ذلك ، مثل ما حصل في تيمور الشرقية التي تعيش اليوم وضعا اسوأ مما كانت عليه وهي تحت راية أندونيسا ، نفس الأمر حدث مع جنوب السودان التي تعيش مجاعات مستمرة وقلاقل يومية وحروب أهلية . عكس ما عرفته دول اوروبا الشرقية ، بعد استقلالها عن الاتحاد السوفياتي او تفكيك الأقاليم والمناطق التي تم ضمها بالقوة كما حدث في يوغسلافيا او تشيكسلوفاكيا .
الأمر مختلف شكلا ومضمونا ، وجوهرا وعرضا . ومعلوم ان انفصال تيمور الشرقية وجنوب السودان كان بدعم من المنتظم الدولي ،الأمم المتحدة ، التي باتت اليوم أرواقها مكشوفة ، وفضحها كثير ممن ترأسوها او اشتغلوا بها او تابعوا وظائفها .وغير بعيد عنا قضية الصحراء المغربية التي تعتبر اليوم أقرب الى الحل ، بعد تحولات جيوستراتيجة كونية أخلت بكثير من التوازنات . واذا ما رفعت الجزائر يدها عن الصحراء المغربية فان مشكلتها ستحل في غضون شهور قليلة .
ان الوعي بالحس التاريخي والجغرافي والروابط والعلاقات الاجتماعية يمكنه وحده فض الكثير من مثل هذه النزاعات والاشكالات .كما أن العودة الى الحس السليم ، والى الأعارف الدولية والمصالح العليا ، يمكن ان تجلي كثيرا من الغوامض ، ففي مثل هذه القضايا تصبح التفاصيل مأوى الآلهة ، وجحيم الشيطان .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تونس.. زراعة الحبوب القديمة للتكيف مع الجفاف والتغير المناخي


.. احتجاجات متزايدة مؤيدة للفلسطينيين في الجامعات الأمريكية




.. المسافرون يتنقسون الصعداء.. عدول المراقبين الجويين في فرنسا


.. اجتياح رفح يقترب.. والعمليات العسكرية تعود إلى شمالي قطاع غز




.. الأردن يتعهد بالتصدي لأي محاولات تسعى إلى النيل من أمنه واست