الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


براز الشيطان

جعفر المظفر

2017 / 10 / 3
مواضيع وابحاث سياسية



أنت إختلفت مع صدام حسين حول قمعية نظامه المفرطة التي تناولت الجميع ضمن سياق لم يفرق ابدا بين الفئات التي كانت تعادي سلطته, لكن ذلك الإختلاف كان ينبغي ان لا يُصَرَّف بطريقة تتقاطع مع مصلحة الوطن العراقي. بمعنى أن لا تقف مثلا مع أمريكا أو مع إسرائيل أو إيران لأنهما معاديان لصدام حسين فالنظام شيء والدولة شيء آخر, أما الوطن فقيمة عليا أعظم من أن تبلغها القيمتان.
القول أن السياسي مضطر للتعامل مع الشيطان حينما يضطره خصمه السياسي إلى ذلك يحمل مغالطة كبرى لأن الشيطان سيتغلب بعد ذلك على الجميع. النظام السياسي الطائفي العراقي الحالي هو نتيجة لقاعدة أباحة التعامل مع الشيطان ضد الخصم, والنتيجة أن الشيطان قد ربح في النهاية.
الأزمة مع سياسي الكرد العراقيين بما وصلت إليه, من حيث الأسباب والنتائج ومأزق المعالجات, ليست بمعزل عن حقيقة أن النظام السياسي الطائفي المكوناتي العراقي يتحرك في ذات المستنقع الذي خلقه (براز الشيطان) وسيكون عاجزا عن تقديم حل إستراتيجي للمأزق الحالي بما يتناسب مع مفهوم الوطنية العراقية التي من شأن المحافظة عليها التخطيط لإلغاء كل مقومات (الكونفدرالية) الكردية التي سوف تبقي المشروع الإنفصالي قائما ومهيأ للتفعيل, ثم الشروع فورا ببناء وطن يتساوى فيه الجميع ولا يفرق به أحد عن أحد إلا بمستوى الإيمان به والعمل على تقدمه ونصرته.
ليس عيبا أن تستثمر الدولة علاقتها الإقليمية مع دول الجوار لمساعدتها في حل أزمة مستعصية على أن لا يكون النظام نفسه مأزوما. ذلك يجعلنا بحاجة إلى توفير عوامل المنعة الذاتية التي تجعل الدولة قادرة على الدخول كطرف قوي في لعبة (الهات وخذ) الإقليمية.
على الصعيد العربي هناك إشارات تتكاثر عن وجود أيادي سعودية وإماراتية تتعاطف مع المشروع الإنفصالي الكردي. هذا التعاطف بطبيعة الحال لا يتأسس على إيمان بحقوق الأكراد وإنما هو جزء من عملية المواجهة مع المشروع الإيراني الإقليمي ومع موضوعة النفوذ التركي في المنطقة.
ولقد أدى التقاطع وخارطة الطريق السعودية إلى تطوير صيغ المهادنة وحتى التعاطف, وربما إلى بعض صيغ التنسيق المرشحة للتصاعد, مع الدولة الصهيونية, وصار من ضمن المتوقع له أن يتصاعد بإتجاهات مربكة من ضمنها الإنسياق لتاييد قيام دولة كردية يكون لها شأن التاثير الضاغط على كل من تركيا وإيران, لما يجره قيامها على صعيد إثارة الداخل الكردي الإيراني والتركي.
دخول السعودية في مستنقع براز الشيطان يجعلها عاجزة عن إدراك أن تجزئة العراق سيكون من ضمن تداعياتها السريعة والمباشرة إندماج ما تبقى من العراق في المشروع الإيراني مع توقع إمتداد التأثير للداخل السعودي بالإتجاه الذي يهدد وحدة أراضيها وأمنها بعد أن تتكرس بشكل قوي مشاريع الكيانات الطائفية ويكون لها الغلبة على المشاريع الوطنية.
على السعودية والإمارات أن تضع خطط المواجهة مع النفوذ التركي والإيراني بعيدا عن الوقوع في مستنقع براز الشيطان, فكما مع تركيا وإيران فإن الإنفصال الكردي ستكون له تداعيات المباشرة المدمرة على صعيد الداخل السعودي, فالشيعة هناك ليسوا بمعزل عن تأثير المد الطائفي المتصاعد في المنطقة.
وأحسب أن السعودية يجب أن تسبق تركيا وإيران في الموقف المضاد لإنفصال الشمال العراقي لآنها ستكون الدولة الأكثر ضررا من هذا الأنفصال نتيجة لتداعياته التي ستقود حتما إلى تكريس ولاء الشيعة السياسيين لإيران, وحتى مشاريع إلتحاقهم إستراتيجيا بالمخطط الإيراني الذي يسعى بدوره إلى تنشيط فكرة الدولة الإسلامية الواحدة التي ستشمل المناطق السعودية ذات الغالبية الشيعية التي تتركز فيها حقول النفط.
وإن من بين أبرز تداعيات الإنفصال هو بقاء السنة السياسيين العراقيين لوحدهم في مواجهة الأغلبية السياسية الشيعية حيث سيجعلهم ذلك في مواجهة أمرين كلاهما مُر, الأول هو إلتحاق البعض منهم في ما يسمى بدولة كردستان ذات الشعارات القومية الطاغية التي ستجعل مشاركتهم في الحياة السياسية للدولة القومية الكردية مجرد مكيجة وتزويق لصورة هذه الدولة .
أما باقي السنة السياسيين فلن يكون أمامهم سوى أن يتحولوا إلى أقلية ثانوية خافتة الصوت والصورة ومتراجعة التاثير أمام الأغلبية السياسية لطائفي الشيعة.
نصيحتنا للسعودية والإمارات, إبحثوا عن مواقع مواجهاتكم لإيران وتركيا خارج مستنقع براز الشيطان, ففي هذا المستنقع ليس من رابح سوى الشيطان نفسه.





التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي


التعليقات

1 - عذرا للصراحة!
ملحد ( 2017 / 10 / 3 - 22:53 )
عذرا للصراحة
هل انت ضد حق الاخوة الاكراد في تقرير المصير من حيث المبدأ?
انتظر اجابة!
تحياتي

2 - وماذا عن اقليم سني؟
سيلوس العراقي ( 2017 / 10 / 4 - 15:13 )
عرض متزن سيد طعفر
لكن لم يتطرق الى احتمال أمر ثالث وهو
ان يختار السنة ايضا انشاء اقليم لهم بدلا من مكيجة حكومة كوردستان
تحياتي

3 - شيعة وسنةعرب!لكن ماذا عن السنة والشيعة الكرد
علاء الصفار ( 2017 / 10 / 4 - 15:55 )
تحيتي
يجري مخطط امبريالي صعيو ني!لاجل تدمير الشعب وفق نصائح بن كورين عبر الحرب القومية والطائفية!العراق في الحقيقة ليس طائفي ولا عنصر ي سواء بقدر جنوب افريقيا ام اسرا ئيل!ان التاريخ الحديث جداً ارانا كيف المسيحي والشيعي متفاهمين مع سنة الموصل كشعب خلافاً لعزت الدوري ابو الثلج ورفاقه اثيل وطارق ومعجان وخلف وسكبان وسبعاوي! فلنفسر كيف يعيش مليون كردي في بغداد؟وكيف ابن الانبار هرب للنجف وكربلاء واربيل؟ان الطائفية موجودة في عقل السلطة والحكام من عهد قال وبلا! ثم ان السنة هم عرب وينحازون لصدام وعزت اكثر من انحيازهم للاكراد وكما السنة الاكراد ينحاز لقوميتهم وطموحاتهم اي وكيف ينظر للفيلي!ان مشروع تدمير العرب في العراق على اساس سنة وشيعة سيكون ايضا مشروع لاحق لضرب الاكراد والتركمان بفكرة الشيعة والسنة اذ هي موجودة في الاكراد والتركمان!اي ان اللعبة في العراق عنوانها بلقنة الحرب في العراق!ما على الشعب وقواه وشخصياته الا زوع الفكر المضاد لافكار الصعاينة وليس الانجرار وراء صراع ايران و السعودية فهي صراع دولة وليس صراع شعوب!الدليل حرب عراقية_ايرانية لم تخلق جدار دم. بل تزوج الاسير العراقي ايرانية!ن

4 - يا صديقي الملحد
جعفر المظفر ( 2017 / 10 / 4 - 16:24 )
يا صديقي الملحد
هذا ليس تقرير مصير وإنما تشتيت مصير لكل العراقيين
حينما يتوفر الظرف الديمقراطي العادل لا أحسن من تقرير المصير حيث يذهب كل في سبيله كحل لمشكلة, غير ان ما لدينا ليس حلا لمشكلة وإنما حلا لخلق مشاكل من القوة والعنف بحيث تؤذي منطقة بكاملها وسيكون الأكراد في مقدمة الخاسرين.
تفضل بقبول محبتي

5 - نعم هناك حتمال
جعفر المظفر ( 2017 / 10 / 4 - 16:32 )
نعم هناك إحتمال بهذا السياق ولكن ما سيتبقى من الأراضي هل سيساعدهم بتشكيل فدرالية على وزن الفدرالية الكردية أم سيبقيهم هذه المرة في جيب الأحزاب الشيعية الطائفية وضحية منقادة للأحزاب السنية التي أثبتت أنها بنت فساد وطائفية أيضا. تابع معي رجاء مقومات الفدرالية السنية وقدرتها على الصمود.
تحياتي

6 - الاخ الكاتب
ملحد ( 2017 / 10 / 7 - 14:16 )
الاخ الكاتب
اود ان اشكرك جدا لجوابك الواضح والصريح على تسائلي لك (تعليق 1 ):
( هل انت ضد حق الاخوة الاكراد في تقرير المصير من حيث المبدأ?)
وكان جوابك: ( هذا ليس تقرير مصير وإنما تشتيت مصير لكل العراقيين)???!!!!!
شكرا لك مرة اخرى على وضوحك وصراحتك
تحياتي

7 - مرة أخرى عن بر ا ز الشيا طين الكبار!
علاء الصفار ( 2017 / 10 / 11 - 13:05 )
نحن نعتني بمفردات المعارضة السياسية وما عليها ان تقول وتفعل ضد السلطة والدكتاتوريات سواء في السلطة ام في احزاب المعارضة,التي خذلت الشعب بمواقفها واعتمدت اسلوب السلطة.وكما يقال احيانا الضحية تكتسب اخلاقية الجلاد!فكرت ملياً في امر الصفقات والتعاون بين الدول والاحزاب والشخصيات(زيباري_مالكي) العراق! فكان تفكيري ينساق نحو السلط سواء في العراق ام مصر ام السعودية! فهذه الدول هي من شق طريق بر ا ز الشيطا ن!معلوم ان لورنس العرب هو من اسس السعودية الوهابية واخيراً جاء ترامب اليها فحمل في ليلة واحدة ما قيمته 600 مليار اي ما يكفي لتعمير كل دول المنطقة ومعالجة جرحى الحروب الذين يقعون في العراق وسوريا وجنوب السودان, الذي تقوم به اسر ائيل من اجل الظهور بالانسانية والتفوق في المنطقة. فطريق الخيانة سمعناه من علي صالح السعدي حين قال لقد جئنا بالقطار الامريكي, فهكذا أن الحكام العرب هم أول من خان,عدا الزعيم العراقي الراحل عبد الكريم قاسم, الذي تحالف عليه القومجية العراقيين بمختلف قومياتهم مع مصر والسعودية والاردن ووفق نظرية بر از الشيطا ن! ان ما يحدث أمتداد له تاريخ وعليه يجب مهاجمة المؤسسين لهذا الطريق!ن

اخر الافلام

.. ماكرون يستعرض رؤية فرنسا لأوروبا -القوة- قبيل الانتخابات الأ

.. تصعيد غير مسبوق على الحدود اللبنانية ـ الإسرائيلية مع تزايد




.. ذا غارديان.. حشد القوات الإسرائيلية ونصب خيام الإيواء يشير إ

.. الأردن.. حقوقيون يطالبون بالإفراج عن موقوفين شاركوا في احتجا



.. القناة 12 الإسرائيلية: الاتفاق على صفقة جديدة مع حماس قد يؤد