الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
المعلم برسالته يخترق جدران كل الأزمنة .
يوسف حمك
2017 / 10 / 4الادب والفن
هذا هو اليوم الثاني من العام الدراسي الجديد .
ضجيج التلاميذ يطرق باب ذاكرتي الملبدة بالمواجع ، و قسوة الألم ، ليطرد صوراً فوتوغرافياً من مخدعها
حينما كنا صغاراً .
ربما كان ضجيجنا أخف ، و أقل عربدةً . لأننا في العدد كنا متواضعين جداً ، ذكوراً يتامى لا إناث بيننا البتة .
،
قرانا يومذاك كانت مرميةً في قاع جهلٍ سحيقٍ ، غارقةً في مستنقع الأمية و التخلف .
الكثير من زملائنا كانوا يتوافدون علينا من القرى المجاورة مشياً على الأقدام .
رغم أن الطريق في الأيام الماطرة كان موحلاً ، و في الأيام المشمسة مغبراً .
بناءٌ مدرسيٌ من الطين مشيدٌ . مؤلفٌ من غرفتين لا ثالثة لهما .
الأولى كبيرة تتسع كل الصفوف للمرحلة الابتدائية . و الأخرى صغيرةٌ للمعلم الوحيد
من خارج المنطقة غالباً ، أو خارج المحافظة نادراً .
لا إنارة فيها غير مصباح الكاز .
و الكهرباء كنا نجهلها ، و مثلها التلفاز .
فما بالك بوسائل الاتصال و التواصل الحديثة و الانترنت ......... و غيرها
المعلم وحيدٌ للصفوف الستة الأولى ، و لا سواه .
علاوةً على مهنته يحتل مركزاً مرموقاً في النسق الأمامي للقرية .
نجمه ساطعٌ في سمائها ، و إليه تتجه الأنظار .
كل الأعمال موكلةٌ إليه وحده ، فهو المدير لشؤون المدرسة ، و الأمين لسر السجلات و الأضابير ،
و الموجه لتزويد التلاميذ بمبادئ الصحة و النظافة ، و إعدادهم تربوياً ، و الرفعة بأخلاقهم ،
و ترسيخ القيم النبيلة و حميد الخصال . إلى جانب عمله في التعليم .
ربما كان يعتمد على أسلوبٍ تقليديٍ إلقائيٍ ، و التلاميذ يرددون خلفه جماعياً بنغمةٍ موسيقيةٍ يحبذونها ،
يحضهم على الإطالة ، و تحفيزهم للحفظ عن ظهر قلبٍ ، يقتفون كلماته نشجاً بلا استبصارٍ و رويةٍ أو فهمٍ .
بعد مرور نصف قرنٍ تطورت أمورٌ كثيرةٌ ، و استحدثت طرق التعليم ، و تنوعت وسائل الإيضاح ،
و تبدلت المناهج الدراسية – مع تحفظنا على أدلجتها التي لسنا بصددها – فكل ذلك غدا سلاحاً فعالاً يتقوى به المعلم
ليغدو حاذقاً خبيراً ببذل الجهد ، للشرح الوافي و القادر على إدخال المفاهيم لذهن الطالب ،
و تنمية فكره ، و الاهتمام باستذكار المعلومات ، و التسميع و مشاهدة الوظائف بتمعنٍ للتأكد
من أنها حصيلة جهد الطالب ذاته لا الاقتباس من غيره .
و بذل الجهود لتمكين الطالب من الوصول إلى المعلومة و التهامها بالمشاركة و النقاش من خلال التعليم
بالنشاط الحركي و التمثيل لجذب الانتباه ، و لا بأس لنظام المجموعات .
مع مراعاة الفروق الفردية بين الطلبة . كأن تضع كل الفئات المتعادلة في الذكاء في قاعةٍ واحدةٍ بخلاف المعتاد .
و عدم الجمع بين الموهوبين و متوسطي الذكاء و المعتوهين المعدومين في ذات القاعة .
لأن الاهتمام ينصب على الفئة الأولى بدرجةٍ كبيرةٍ ، و على الثانية أقل بكثير ، و إهمالٌ تامٌ للفئة الثالثة .
و التنافس يستحيل بين فئةٍ أدنى و أخرى تتجاوزها في الرفعة و العلو .
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. فودكاست الميادين | مع الشاعر التونسي أنيس شوشان
.. حلقت شعرها عالهوا وشبيهة خالتها الفنانة #إلهام شاهين تفاصي
.. لما أم كلثوم من زمن الفن الجميل احنا نتصنف ايه؟! تصريحات م
.. الموسيقى التصويرية لتتر نهاية مسلسل #جودر بطولة النجم #ياسر_
.. علمونا يا أهل غزة... الشاعر التونسي -أنيس شوشان-