الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أين هو الفكر السياسي العراقي؟

علي المدن

2017 / 10 / 4
مواضيع وابحاث سياسية


هل العراق دولة مختلقة ليس لها في التاريخ أثر ولا عين؟
وهل شرعية الدول تقام على أساس الحق بتقرير المصير؟
وما علاقة الإيديولوجيات السياسية في خراب الدول وتمزيق شعوبها؟
هذه في رأيي ثلاثة أسئلة يجب أن تقع في صلب النقاش الفكري بين النخب العراقية المثقفة. حتى الآن جرى تداول هذه الأسئلة في أجواء سياسية متوترة ومتقاطعة ولم يفرز هذا التداول أو يشجع على النقاش الفكري، بل خلق اصطفافات سياسية قائمة على تعصبات قومية أو دينية أو مناطقية. لقد حان الوقت لينشغل الباحث العراقي بموضوع أكثر جدية من تلك المغالبات السياسية المشغولة بصراعات السلطة والثروة والقوة، وإنتاج خطاب فكري حول هوية الدولة العراقية وحقيقتها التاريخية والأسس التي تقوم عليها.
وفِي صدد الأسئلة التأسيسية الثلاثة أرى من الضروري الانتباه للنقاط الآتية:
النقطة الأولى: العراق تاريخيا هو هوية مكانية ومجتمعية في هذه البقعة من الأرض التي تأسست عليها الدولة العراقية الحالية، وهذا الأرض قد تزيد أو تنقص عبر التاريخ، تبعا لقوة الدول التي توالت على حكم العراق، ولكن الشيء الوحيد الذي بقي صامدا عبر التاريخ هو وجود العراق كأرض، والعراقيين كمجتمع، دون تغييرات كبيرة تنال من حقيقة وجودهما.
النقطة الثانية: إن الحقوق القومية في تشكيل الدول هي حقوق حديثة أفرزتها الفلسفات السياسية الداعية إلى تأسيس الدول القومية، وهي نوع من العصبيات السياسية المنفصلة عن الحقوق الطبيعية للإنسان كإنسان، والاعتراف بالحقوق الطبيعية للإنسان لا يلزم عنه اعتراف آخر بالحقوق السياسية التي تتصادم مع الحقوق التاريخية لسيادة الدول على أراضيها، كما لا يحق لأحد ما، سواء أكان حزبا سياسيا أو طائفة دينية، أن يتنازل، وتحت أي ظرف، عن هذا الحق! إذ إن هذا الحق لا يتعلق بفئة معينة ولا جيل خاص ولا فترة زمنية محددة، بل هو حق للأمة بأكملها، من كان منها وجودا الآن أو سيوجدا في المستقبل.
النقطة الثالثة: الأزمات السياسية المتعلقة بطبيعة الدول في الشرق الأوسط لا تُحل بمزيد من تفتيت هذه الدول وشرذمتها إلى دول قومية صغيرة ومتنافسة، بل في إرساء الحقوق السياسية الصحيحة في إدارة تلك الدول كالمشاركة السياسية والتداول السلمي للسلطة والتساوي في حقوق المواطنة والاعتراف بالحقوق الثقافية لجميع المواطنين، أفرادا كانوا أو جماعات.
إن التركيز على فكرة الحقوق القومية السياسية كمقدمة للمطالبة بتأسيس دول جديدة يزيد من تعقيد المشهد السياسي في منطقتنا ويضاعف من صراعاتها وحروبها، ولذا فإن الواجب هو مناهضة جميع الأفكار الداعية للتفريق بين المواطنين على أسس قومية أو دينية أو مناطقية، ونبذ الدعاية الفكرية لكل أشكال الفكر السياسي التي لا تركز على حقوق المواطن كمواطن والتي تميز بين المواطنين على أساس العرق أو اللغة أو الدين أو المنطقة أو الثقافة.
النقطة الرابعة: كل فكرة سياسية تعرقل الاندماج بالدولة تشكل عاملا سياسيا ابتزازيا تضعف البناء القوي لتلك الدولة؛ لذا يكون من الواجب على جميع من يشارك في العملية السياسية أن يمتنع عن البراغماتية التفتيتية للدولة، ويكون من مهمة المثقف والباحث أن يكشف عن تلك الأفكار والتوجهات عبر تكوين قاموس سياسي محدد يحول دون حالات التفاوض العبثي الذي استنزف أعمار أجيال من شعبنا دون طائل.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الجناح العسكري لحركة حماس يواصل التصعيد ضد الأردن


.. وزير الدفاع الروسي يتوعد بضرب إمدادات الأسلحة الغربية في أوك




.. انتشال جثث 35 شهيدا من المقبرة الجماعية بمستشفى ناصر في خان


.. أثناء زيارته لـ-غازي عنتاب-.. استقبال رئيس ألمانيا بأعلام فل




.. تفاصيل مبادرة بالجنوب السوري لتطبيق القرار رقم 2254