الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الاستفتاء في ثالوث؛ الوطنية واسرائيل والبرزاني (٣)

سمير عادل

2017 / 10 / 5
مواضيع وابحاث سياسية


ملاحظة: ان المقال الذي أقدم هو من جزء واحد لكن قسمته الى ثلاثة اقسام للحيلولة دون اصابة القارئ بالملل والتعب.
اما الحجة الثانية في رفض الاستفتاء، هي ان كردستان ستتحول الى اسرائيل ثانية بعد الانفصال عن العراق. ولكن قبل الدخول بهذه المحاكمة التي هي اكثر المحاكمات سخفا وتهرءا منذ بزوغ فجر الحركة القومية العربية، نسأل هل يطالبون اصحاب وحدة التراب والسيادة، من ان تتحول كردستان الى جمهورية اسلامية ثانية، ام الى الرقة او الموصل قبل هزيمة داعش فيها ام الى ادلب التي ما زالت تحت سيطرة جبهة النصرة وهي فرع القاعدة في بلاد الشام؟ ام تبقى كردستان جزء من العراق الذي هو منطقة نفوذ الجمهورية الاسلامية في ايران بامتياز، كي تستوفي الشروط وبعد ذلك يتفضل الجميع بالسماح للاعتراف بالاستفتاء ثم اجرائه؟ ان منطق تلك المحاكمة، بأن كردستان ستتحول الى دولة اسرائيلية والامبريالية العالمية والصهيونية هي اسطوانة مشروخة، وتحت عناوينها شيدت الانظمة القومية العربية سلطانها على جماجم الاحرار والشيوعيين والشرفاء والعمال على طول وعرض العالم العربي. فمنذ صعود نجم القومية العربية بعد انقلاب الجيش في يوليو ١٩٥٢ في مصر، دشنت العروبة في مصربسحقها اضرابات عمال مصانع كفر الدوار، وكذلك اجريت محاكمات عسكرية بحق العمال كما يفعل اليوم السيسي رئيس قلعة العروبة في مصر والصديق الحميم لاسرائيل، واعدم اثنين من القادة العمال وهما محمد عبد الرحمن البقري ومحمد مصطفى خميس الى جانب الحكم على عشرات العمال بالسجن، وشن الجيش اكبر عمليات تنكيل بحق العمال الذين طالبوا بزيادة الاجور وتحسين السكن وتوفير النقل للعمال، وكان حينها يشغل بطل العروبة جمال عبد الناصر منصب وزير الداخلية، وبنفس السياق سار حزب البعث في العراق وبعد اقل من اربع اشهر من انقلابه العسكري، فتح النار على اضرابات عمال الزيوت النباتية في ٥ تشرين الثاني من عام ١٩٦٨. اي بمعنى اخر، ان اي حديث عن الحرية والخبز والرفاه والكرامة الانسانية فأن العدو الاسرائيلي الصهيوني امامكم والمقاصل والتعذيب والمعتقلات خلفكم. واليوم تقوم الاقلام المأجورة والشوفينيين القوميين من كل حدب وصوب، بشحذ نفس الاسلحة الصدئة، لطمس ماهية الاستفتاء وحق جماهير كردستان بتقرير مصيرها تحت العنوان المذكور. اما بالنسبة لذلك الطيف من اليسار، فسؤال يطرح نفسه هل ان العراق هو قلعة للحركة الثورية بحيث تعارض بهذه الحماسة المنقطعة النظير، قيام دولة كردستان بحجة تحولها الى اسرائيل ثانية خوفا من ضرب الحركة الثورية؟ ما هو الفرق بأن عراق اليوم وهو منطقة نفوذ للجمهورية الاسلامية او كردستان منطقة نفوذ اسرائيل؟! طبعا سنعارض ان تتحول كردستان الى قلعة رجعية تضاف الى بقية القلاع، كما فعلنا ضد الاحتلال الامريكي وناضلنا ونناضل ضد المؤسسات المالية الدولية مثل صندوق النقد الدولي والبنك الدولي الذي اتفقت مع حكومة الاسلام السياسي الشيعي في بغداد العدو اللدود للشيطان الاصغر اسرائيل (لان الشيطان الاكبر امريكا فلا مشكلة لديها معها)، لزيادة انتفاخ جيوب الاغنياء عن طريق افقار المجتمع. ولكن تحويل كل مسالة الاستفتاء وحق جماهير كردستان وحصرها وتشويهها بإسرائيل هو تجني فاضح يصب في خانة الانظمة القمعية في المنطقة واجندتها المعادية حتى النخاع لتطلعات البشر من اجل الحرية. ان هذا التصور هو تصور اليسار القومي-الاسلامي، اليسار ذي النزعة ضد الامبريالية الخالية من المحتوى الطبقي. انه يسار برجوازي لكن بقشور ماركسية. ليس هناك ادنى شك بأن اسرائيل دولة ابارتياد عنصرية بامتياز، وهي اكثر الدول البرجوازية سفالة بالسلوك؛ فعن طريق الاستحواذ على الاراضي الفلسطينيين وادامة الظلم القومي والاغتيالات والالة العسكرية الرهيبة، تحاول ان تحافظ على وجودها كدولة اقليمية في المنطقة. ولكن المحتوى الطبقي لهذه الدولة اي اسرائيل لا يختلف عن المحتوى الطبقي لدولة الجمهورية الاسلامية، فكلاهما تحاولان الاكل من نفس الكتف.
لكن السخرية الوحيدة لا تكمن بتصور هذا النوع من اليسار والشوفينيين القوميين في حصر مسالة الاستفتاء في كردستان في بوتقة اسرائيل، بل ان الدجل السياسي يبلغ ذروته عندما يتحدث رجب طيب اردوغان الرئيس التركي قبل يومين ويقول: لقد اكتشفنا ان هناك علاقة بين كردستان واسرائيل وسنعاقب على ذلك. ان هذا التصريح بالقدر الذي يعبر عن النفاق، بنفس القدر ينم عن غباء سياسي. فهو يعتقد، بأن البشرية ما زالت تعيش بين جدران مقفلة ولا تصل اليها معلومات واخبار الا عبر صحافتها المأجورة. فأردوغان الذي فشل في سوق المزايدة على القضية الفلسطينية كي تتحول تركيا الى قوة اقليمية في المنطقة، زاد من تبادله التجاري مع اسرائيل بشكل تصاعدي منذ حادثة اسطول الحرية او سفينة مرمرة عام ٢٠١٠ لتصل حتى عام ٢٠١٥ الى ما يقارب خمسة مليارات ونصف المليار دولار، لتزيد بعد ذلك حجم تبادلها التجاري بشكل مضطرد، وتعتبر اسرائيل الدولة الثانية لتصديرالتقنية العلمية والعسكرية الى تركيا بعد امريكا، كما يؤكد احمد داود اوغلو رئيس الوزراء التركي السابق والساعد الايمن لاردوغان في كتابه "العمق الاستراتيجي"، بأن تركيا تحتاج الى اسرائيل والاخيرة تحتاج الى تركيا ويجب توثيق التعاون بينهما، كما تنازل اردوغان عن شرطه في فك الحصار عن غزة مقابل اعتذار رسمي من نتانياهو و٢٠ مليون دولار لذوي الضحايا الذي قتلهم الجيش الاسرائيلي على متن سفينة مرمرة التي حملت المساعدات الانسانية الى غزة، ولم يكتف اردوغان بهذا، بل قال ان السفينة المذكورة ابحرت دون علمه واذنه، في الوقت الذي اقام الدنيا حول ضحايا السفينة وذرف بحار من الدموع على سكان غزة. لكن لماذا يلوح اردوغان اليوم بأنه اكتشف بأن هناك علاقة بين كردستان واسرائيل؟ كي يضرب عصفورين بحجر، الاول كي يؤلب المشاعر الشوفينية في المنطقة العربية ضد جماهير كردستان، فهي اكبر سوق رائجة لتصدير تلك المشاعر والروح العنصرية، وثانيا كي تكون كردستان منطقة نفوذ لها في اطار التنافس الاقليمية وتغلق الباب امام اسرائيل اذا ما فكرت ان تحرز موطئ قدم فيها.
الا ان الاكثر صدقا كان، وهذا يسجل له، هو المالكي الذي افشى بسر معاداته للاستفتاء، فالمسألة لم تكن لا سيادة العراق ولا ترابه، بل قال وبصريح العبارة ان كردستان لو اصبحت دولة فأنها تتحول الى اسرائيل ثانية، وستؤدي الى اسقاط الجمهورية الاسلامية في ايران، وهذا يؤدي الى اضعاف "التشييع". اي بصريح العبارة يقول انه يريد كردستان كمنطقة نفوذ للجمهورية الاسلامية، فالتراب العراقي والسيادة العراقية لا معنى لهما في إطار طموحه السياسي الذي يتعداهما كي يصل الى تشيع المنطقة. اي ما نريد ان نقوله ونكرره ان كل هذه الضجة والزعيق والتهديدات بالتدخل العسكري وخلق اجواء من الرعب والخوف بالمجتمع وخاصة من قبل ايران وتركيا وادواتهم الشوفينين العرب على "تراب العراق" و"سيادة العراق" و"وحدة العراق"، هو الغاية منه سحق ارادة جماهير كردستان، التنصل من حقوقهم في ابداء الرأي وبطريقة سلمية، ومن جهة اخرى قمع اي تعاطف مع جماهير كردستان في مناطق الناطقين باللغة العربية، والحيلولة دون نشوء حركة تضامنية تدعم الاستفتاء والحق بتقرير المصير.
واخيرا الحجة التي تقول بأن الموافقة على الاستفتاء وانفصال كردستان يعني التسليم للبرجوازية القومية الكردية. لنستخدم نفس المنطق واليات هذه المحاكمة في دحض هذا التصور المناقض للنقد الماركسي. وهنا نطرحه على شكل سؤال، هل هذه الحمية من اجل بقاء كردستان ضمن العراق، يعني البرجوازية القومية والاسلامية الحاكمة في بغداد هي افضل مما هو موجود في كردستان؟ هل الحكم في بغداد مدني وديمقراطي وعلماني كي نقول انفصال كردستان عن العراق، ستخسر جماهير كردستان على الاقل الحريات الشخصية والمدنية؟ لقد اجبنا في بداية هذا المقال وفي قسمه الاول عى هذه الاسئلة، ونكمل ما اوردناه، حيث قلنا لاحد الرفاق لو خيرنا كانسان عادي ان نعيش بين بغداد او في احدى مدن كردستان، فأننا لن نختار العيش في بغداد، لسبب بسيط، لان في كردستان على الاقل بعض الحريات النسبية. ماذا في العراق الذي قدم برلمانه مشروع قرار العطل الرسمية من ١٥٢ يوم، واكثر من ثلاثة ارباعها مناسبات دينية! ان السواد يلف العراق من طوله وعرضه بسبب عاشوراء ولمدة اربعين يوم، وبعد ذلك مناسبات دينية اخرى وعلى عدد الأئمة بميلادهم وموتهم والبعض منهم ينظم له الاربعينية ويوم البيعة ويوم الضربة..الخ. هذا اذا اضفنا اليه الحالة الامنية التي لا تقارن بكردستان. ان الالاف من العراقيين يعيشون اليوم في الدول الغربية، وحتى قسم ليس قليل يدافعون عن قيمها لسبب بسيط لانهم يشعرون بآدمتهم، ويتمتعون بالحريات الموجودة في تلك المجتمعات. ان الخيار بين العيش في ظل سلطة تحكمها برجوازية ولكنها ملتزمة بالقوانين وبين ان تعيش في ظل سلطة حثالة البرجوازية في العراق وحتى كردستانه، ليس هو الخيار بين اي من البرجوازيات هي الافضل بل الخيار هو عن اي حياة يختارها الانسان الذي بطبيعته يريد الامان والحرية والعيش الكريم. للأسف لو كان هناك في بغداد كما قلنا في اكثر من مناسبة حكومة علمانية وغير قومية وتعرف البشر بالهوية الانسانية، وهذه الحكومة ايضا برجوازية، لقلنا دون تردد الى جماهير كردستان ادلوا بأصواتكم في الاستفتاء وقولوا "لا" للانفصال عن العراق.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تحياتي
قاسم علي فنجان ( 2017 / 10 / 5 - 13:21 )
لماذ يقال عن استفتاء كوردستان بأنه مؤامرة اسرائيلية؟ وماذا عن استفتاء كاتالونيا ؟او خروج جنوب السودان بدولة لماذا لم يشر احد ولو ضمنا الى وجود مؤامرة تهدف الى تمزيق الامة او الوطن؟ولماذ لم يقل احد كلمة واحدة عندما اعلنوا عن الفدرالية في بداية دستورهم البغيض والذي هو تصريح بالتقسيم؟لماذ لم نسمع هذه الاصوات-الوطنية-؟ ما الذي منعها من قول ولو كلمة واحدة؟ الا نرى ان هناك منطق يحكم هذا المنطق.


2 - انتهازية حزب!
كاوة بغدادي ( 2017 / 10 / 5 - 14:59 )
سمير عادل، تهنئة من الاعماق لك ولحزبك الذي طوى آخر صفحة تربطه بالعراق عبر هذه المواقف التي لايمكن وصفها سوى مواقف انتهازية. لقد فشلتم في التحول الى حزب جدي، ومررتم بكل التحولات التي كشفت عن انتهازية وقومية القيادة الكردستانية للحزب وحتى اعضاء القيادة من العراقيين، فانهم ليس اقل سوءا من رفاقهم، وها انتم تحرقون آخر أوراقكم، سقوط مريع للحزب، واللعب بالماركسية وبالشيوعية لن يجي نفعا، لقد قدمتم النموذج المتعالي من الشيوعية، النموذج الذي يقطع أي ارتباط له بالمجتمع وبحركته واثبتم فشلكم الذريع في فهم مكيانزمات هذا المجتمع. نعم تتمسكون بالصراع الطبقي لكنه لن يجي نفعا، فالقضية، انفصال كردستان ليست سوى لعب بحياة وارواح الناس او الجاهير، كما تسمونها، ان حدثت الحرب فانتم طرف من الاطراف التي اشتعلتها ودفعت الناس لان تتحول الى ضحايا لها. عندها ستعرفون ضيق الزاوية التي حشرتم بها. من انت حتى تسخر من الناس؟ الناس تعرف كل الحكايات والممارسات الدنيئة والسقوط السياسي...


3 - التسائل الساذج والافلاس الماركسي العمالي
علاء الصفار ( 2017 / 10 / 7 - 10:09 )
عراب الصعيو نية للربيع زار الاستخفاف فوقف العمالي خلف برناند ليفي من اجل تحقيق افكار المصير!من قال لك سيد فنجان ان امريكا والصعا ينة ليس لهم رغبة في تدمير السودان وجنوبه,كما رأينا رغبة امريكا في تدمير يوغسلافيا وافغانستان وتدمير سوريا عبر النصرة والقاعدة والحر, من ثم الاكراد تم خداعهم من قبل الغرب وامريكا عشرات المرات, لكن يتناسى القومجية خديعة امريكا ولا ينفك عنهم في العمالة لكن انتم كما توجهات امريكا في تمزيق العراق وجنوب السودان وافغانستان وباسم حق المصير,ملايين من الاحرار اعلنوا ان الظرف ليس مناسب ومن الاكراد ذاتهمو لكن انضممتم انتم لامريكا والقومجية ومشروعها واعطيتم الحق في الاستهتا ر للبرجوازية القومجية ودون ان يكون لكم قيادة للنضال,أي ذ يلية ما بعدها ذ يلية ربما مدفوعة الاجر!لقد كانت الجبهة لجماعة اللجنة المركزية اقل يميمية من موقفكم هذا الذي يتشدق بالمظلومية القومية ونسيتم ان الظلم على العمال هو ظلم طبقي, بانانية تتبجحون عن تطور الاقليم وتدهور المركز بعد قصف العولمة.الذي هو من نتائج هربكم من سوح النضال وتسليمكم امريكا مفاتيح حق المصير.الم يسهم شيوعيوا العرب بتطوير نضال الكرد!ن

اخر الافلام

.. غزة- إسرائيل: هل بات اجتياح رفح قريباً؟ • فرانس 24 / FRANCE


.. عاصفة رملية شديدة تحول سماء مدينة ليبية إلى اللون الأصفر




.. -يجب عليكم أن تخجلوا من أنفسكم- #حماس تنشر فيديو لرهينة ينتق


.. أنصار الله: نفذنا 3 عمليات إحداها ضد مدمرة أمريكية




.. ??حديث إسرائيلي عن قرب تنفيذ عملية في رفح