الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الثورة المضادة في سوريا

محيي الدين محروس

2017 / 10 / 6
مواضيع وابحاث سياسية


بدايةً من المفيد التذكير، بأنه في آذار 2011 انطلق حراك جماهيري واسع، و امتد إلى كافة المناطق السورية وصولاً إلى دمشق و حلب، مُطالباً بالإصلاحات السياسية و الاقتصادية. فقام النظام بالرد بالسلاح الحي و بحملات اعتقال واسعة .. ! هذا الرد كان يعني جواب النظام: بأنه يرفض الإصلاحات، و يرفض أي مسيرة نحو الديمقراطية. عندها تحول الحراك الجماهيري إلى ثورة شعبية، تريد التغيير الجذري للسلطة السياسية، و إقامة نظام ديمقراطي يؤمن الحرية و الكرامة و العدالة الاجتماعية.
كان رد النظام متابعة قمعه بالسلاح، بما فيه استخدام السلاح الجوي، و القصف بالصواريخ و البراميل على الأحياء السكنية، و حملات الاعتقال و عمليات الخطف و المحاصرة للأحياء و المناطق التي رفضت الخضوع لسلطته.
و لكنه قام أيضاً بعمل سياسي لعين: و هو إثارة الفتنة الطائفية، و تسعير روح العداء بين الطوائف و خاصةً: السنية و الشيعية. و ادعى زوراً حمايته " للأقليات الدينية و القومية " مِن الإرهاب، و هو الذي يمارس إرهاب الدولة بأبشع صوره!
و هنا جاءت الفرصة الذهبية لبعض الدول العربية و الإقليمية لوقف زحف الربيع العربي إليها، و ذلك من خلال تحويل الثورة السياسية ضد النظام المستبد، إلى حروب طائفية – دينية! فقدمت السلاح و الأموال و " المجاهدين " ، و بنفس الوقت ضيقت المعونات للجيش الحر.
و هكذا انتشرت الفصائل الإسلاموية المسلحة تحت مسمياتها الدينية العديدة، و تحت شعاراتها الدينية التي تتناقض و أهداف الثورة السورية. و دخلت الأراضي السورية منظمة داعش الإرهابية، لتبسط سيطرتها مع بقية المنظمات الإسلاموية المتطرفة و الإرهابية كالنصرة و غيرها .. و لتقيم مؤسساتها الدينية الحاكمة … و تنفيذ الأحكام في الساحات العامة من قطع رؤوس و أيدٍ و جلد ٍ و رجمٍ ..إلخ.
هذه الثورة المضادة، المتمثلة في هذه التنظيمات الإسلاموية المسلحة، رافقتها ثورة مضادة على المستوى السياسي. حيث قامت بعض تنظيمات المعارضة السياسية، و تحديداً المجلس الوطني و الائتلاف بتأييد تلك المنظمات، و بضوءٍ أخضر من السعودية وقطر و الإمارات و تركيا. و من جهة أخرى قامت برفع شعارات الثورة ، لتسير بها عبر توافقات لإعادة إنتاج النظام!
هدف الثورة المضادة هو ضرب الثورة من داخلها عبر التسلل لصفوفها. و هذا ما حدث ليس فقط في الثورة السورية و إنما أيضاً في ثورات الربيع العربي، و غيرها من الثورات عبر التاريخ ( بما فيها الثورة الفرنسية و البلشفية ) ! قد تنجح و قد تفشل.
الثورة المضادة، قامت بخدمات عديدة ، أهمها:
أطالت من عمر النظام. حيث أكدت مقولته: في سوريا لا توجد ثورة ، إنما تنظيمات إرهابية … و تقوم بمجازر طائفية … و هو يُحاربها و يدافع عن " الأقليات"!
أعطت الأرضية للتدخل العسكري من قبل الدولة الروسية و الإيرانية، بحجة محاربة الإرهاب و داعش، و هو في الواقع لحماية النظام الأسدي!
أعطت الأرضية للتدخل العسكري لدول التحالف ، بحجة الإرهاب ، و هو في الواقع لإقامة قواعد عسكرية و مناطق نفوذ لهم.
أعطت الأرضية للتدخل العسكري التركي، بحجة تارةً " الأمن القومي " و تارةً " لإقامة مناطق أمنة " ، و هي في الواقع تريد فرض سيطرتها على كامل الحدود السورية – التركية ، و استخدام اللاجئين السوريين ك " حزام عربي " بين الكُرد في سوريا و الكُرد في تركيا" . مع العلم بأن مشروع الحزام العربي - السيء الصيت -ليس بالجديد على السوريين!
أبعدت الكثيرين من السوريين عن المشاركة و الدعم للثورة، لمشاهدة الثورة المضادة التي طفت على السطح!
أبعدت الكثيرين من أصدقاء الشعب الثوري، لعدم وجود مَن تؤيده.

كيفية التصدي للثورة المضادة؟
لا بد من التصدي للثورة المضادة من خلال تعرية كل قواها العسكرية و السياسية و الداعمين لها. دون خجل ٍ و دبلوماسية فهي العدو رقم ٢ بعد النظام الاستبدادي.
لا بد من تشكيل أوسع تحالف وطني ديمقراطي، و التوافق على رؤية سياسية وطنية، مصدرها أهداف الثورة السياسية: في الحرية و دولة المواطنة، و الدولة الديمقراطية – التعددية. على ضوء هذه الرؤية انتخاب قيادة للثورة، و الدخول في مفاوضات عسيرة مع النظام، تحت إشراف الأمم المتحدة، لإقامة هيئة حكم انتقالية بصلاحيات تنفيذية كاملة، تقود البلاد إلى وضعٍ يخدم مصالح كل الشعب السوري في بناء دولته الحديثة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. التصعيد بين إيران وإسرائيل .. ما هي الارتدادات في غزة؟ |#غرف


.. وزراء خارجية دول مجموعة الـ7 يدعون إلى خفض التصعيد في الشرق




.. كاميرا مراقبة توثق لحظة استشهاد طفل برصاص الاحتلال في طولكرم


.. شهداء بينهم قائد بسرايا القدس إثر اقتحام قوات الاحتلال شرق ط




.. دكتور أردني يبكي خلال حديثه عن واقع المصابين في قطاع غزة