الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ظاهرة الماك (MAK) في الجزائر ليست إرهابا إنما تعبير صارخ ودليل قاطع على فشل الدولة الوطنية الموروثة عن الاستعمار الفرنسي.

مصطفى صامت

2017 / 10 / 6
حقوق الانسان


إذا كان فرحات مهني "إرهابي" وهو صاحب ردة فعل ،فماذا سنسمي النظام الذي هو صاحب الفعل ؟ وماذا سنسمي أنصار القومية العربية والنزعة العروبية والتيار الإسلامي في الجزائر الذين هم شركاء في الفعل برفضهم الاعتراف بالمكون الامازيغي الأصيل للجزائر والجزائريين, بل ومحاربته بشتى الوسائل طيلة نصف قرن أو يزيد ؟ .
من منا يتجرأ على إنكار نضال فرحات مهني وهو صاحب سجل حافل بمسيرة 30 سنة من نضال في حقوق الإنسان وعضو بارز في الحركة البربرية التي هي حركة ديمقراطية بامتياز و كان ضمن المؤسسين لأول رابطة حقوق الانسان في الجزائر سنة 1985 ,وسجن على اثرها وقبلها وبعدها فقط لأنه طالب بجزائر الحريات والديمقراطية ودولة المواطنة لكل الجزائريين ، وليس لأنصار الحزب الحاكم فقط ، وهي المطالب التي استشهد من أجلها والده المجاهد الشهيد إبان الحرب التحريرية ايضا .

يظن البعض أن فرحات مهني - خريج جامعة بشهادة ماجستير في العلوم السياسية - مجرد مغني ويقيسون غنائه السياسي الملتزم الذي لا يفهمون لغته على غرار بقية المطربين والمغنيين الجزائريين ، بما فيهم أصحاب الأغاني الهابطة ويجهلون دور الأغنية الأمازيغية شعرا ونثرا في الحفاظ على الثقافة والهوية الوطنية والتمرد على الاستبداد حتى داخل صفوف مناضلي الحركة الوطنية في حزب الشعب الجزائري بنشيد "قم يا ابن مازيع " باللسان الامازيغي الذي وضعه المناضل محند إدير آيت عمران سنة 1945 .

حادثة المروحة ليست سبب في احتلال فرنسا للجزائر ،ولم تكن أحداث 8 ماي 1945 سببا في بلورة فكرة العمل المسلح سنة 1947 ،كذلك لم تكن أحداث 2001 في منطقة القبايل سببا في ظهور حركة الماك الانفصالية ،بل جاء كل هذا جراء تراكم أفكار وأحداث كثيرة أهمها بخصوص حركة الماك ،القمع والإقصاء والتهميش ،الذي مورس على مطالب الحراك الثقافي والديمقراطي منذ الاستقلال وتعنت السلطة وعدم استجابتها للمطالب المشروعة خلق تطرف مضاد على سنة لكل فعل ردة فعل طبيعية تساويه في القوة والشدة وتمثلت هنا في فكرة الانفصال كحل اضطراري لإنقاذ ما تبقى من روح وجوهر أمتنا بعد يأس من بلوغ دولة الحريات ، المواطنة ،العدالة والديمقراطية .

إن ظاهرة الماك (MAK) في الجزائر هي تعبير صارخ ودليل قاطع على فشل الدولة الوطنية التي ورثناها عن الاستعمار الفرنسي بفكرها اليعقوبي ،وهي فرصة لأولي الالباب في جزائرنا لإطلاق صفارة الإنذار ،وإعادة التركيز على العُطل و الإعاقة الحقيقية التي ولدت بها هذه الدولة على إثر انقلاب صائفة 1962 لجيش الحدود على الشرعية ،وإقصاء ثوار الداخل من مراكز القرار ومؤسسات الدولة ،رغم أنهم نواة الحرب التحريرية ، وهو ما فتح علينا باب الصراع السياسي و الاديولوجي إلى يومنا هذا، فما بني على باطل فهو باطل ،ولا يمكن للدولة أن تستمر على ذلك المنوال ، وقد آن الأوان لفتح النقاش لفكرة الانتقال إلى نموذج دولة المواطنة أو نموذج الفيدراليات أو حتى جمهورية ثانية بتصحيح أخطاء الجمهورية السابقة ، ولابد للنضال النخبة أن يستمر حتى يتحطم الجدار و يكتسب الشعب ثقافة تقبل الأخر المختلف ، فظاهرة الماك (MAK) كذلك هي مجرد ردة فعل طبيعية للقمع والتهميش الممارس على الأفكار والرغبة الجامحة للشباب في غد أفضل ولا يمكن قمع وإخماد أفكار حرة بالحديد والاضطهاد ، بل تزداد حركة الماك قوة وانتشارا كلما مورس القمع والاضطهاد عليها من طرف النظام الذي يستثمر في الجهوية والفُرقة أو من بقية الجزائريين الذين يرفضون احتضان الأمازيغية كثقافة ، تاريخ ،هوية ولغة أصيلة لهم ، فالأفكار الحرة تواجه بأفكار مماثلة فقط ، وعدم مواجهة ظاهرة الماك بالحوار محليا سيجعلها في يد جهات خارجية لاستثمارها في مصالحها السياسية ، ومهما اختلفنا مع أنصار حركة الماك فسيبقون إخوتنا وأبنائنا ،ما دام خطابهم ديمقراطي خالي من لغة العنف والإقصاء ، ولا سبيل لمحاربة ظاهرة الماك إلا بمعالجة المشاكل الجوهرية التي تتخبط فيها البلاد منذ الاستقلال ، ففي الأخير إذا اقتنع معظم سكان منطقة القبايل بأفكار حركة الماك فلن يمنعهم أحد من حقهم في تقرير مصيرهم ،إلا إذا قمعوا بالسلاح وهو ما سينتج عنه ردة فعل مماثلة وتدخل البلاد في حرب أهلية لن يسلم منها أحد ،ولا أظن أن هناك جزائري غيور على وطنه يتمنى الخراب لأمانة الشهداء التي شارك جميع الجزائريين على اختلاف أفكارهم في تحريرها من المستعمر .

ونشير الى أن الشعوب المتخلفة على ملة حكامها فبعد القرار الرئاسي لترسيم تمازيغت لغة وطنية ورسمية في جانفي 2016، شهدنا الأمين العام السابق لحزب الافلان سليل الحزب الواحد ومؤسس الازمة، عمار سعيداني يقول أن حزبه هو من طالب بترسم تمازيغت ،وشهدنا أويحي الذي أجزم لممثلي تنسيقية العروش خلال المفاوضات على استحالة ترسم تمازيغت، يفتخر بقرار الترسيم لاحقا ،كما تصالح أغلبية الجزائريين مع تاريخهم وهويتهم الامازيغية نسبيا بعد أن كانوا يعتبون تمازيغت مؤامرة خارجية لضرب العروبة والإسلام ، من هذا المنطلق لابد من النضال أن يستمر ولابد من ممارسة الضغط على النظام أكثر للحصول على المزيد من التنازلات والحقوق ،ويكفي دسترتها وترسيمها عبر مؤسسات الدولة حتى يحتضنها الشعب ، فالجزائر دولة فتية والشعوب لا تبني ديمقراطيتها في 50 سنة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ماذا ستجني روندا من صفقة استقبال المهاجرين غير الشرعيين في ب


.. سوري ينشئ منصة عربية لخدمة اللاجئين العرب




.. غارتان إسرائيليتان تستهدفان خيام النازحين في حي زعرب برفح


.. اعتقال مؤيدين لفلسطين في جامعة ييل




.. الأونروا: ما الذي سيتغير بعد تقرير الأمم المتحدة؟ • فرانس 24