الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الفقيه محمد الفيزازي والجن اليهودي

الهيموت عبد السلام

2017 / 10 / 7
دراسات وابحاث قانونية


1) يبدو أن الشيطان لا يختبئ فقط في التفاصيل ، ولا يعشش فقط في أدمغة تُجيد امتهان النفير والوعظ والتحريم والشعوذة والكراهية والدم والقتل ، بل إن السلفي "محمد الفيزازي" عثُر هذه المرة على جني أو شيطان يهودي متلبِّسا في جسم فتاة غضة تنضح أنوثة وجمالا فأبى إلا أن يُخرجه من جسدها عن طريق الرقية الشرعية سيرا على شريعة جهاد النكاح و حرث تضاريس جسد المرأة الطافح الجمال ساقا ساقا ،صدرا صدرا ،ردفا ردفا... ،وربما حماية لأعراض المسلمات المحصنات من اليهود سلالة القردة والخنازير المستوطنين لأجساد نسائنا ...إنه ليس بالسلاح وحده يَحقُّ الجهاد بلغة صاحبنا أو كما قالها "الطيب صالح" بصيغة أخرى في رواية "موسم الهجرة إلى الشمال" (أعتمد في فهم نوع السلاح المقصود على خيال القارئ)

2) لماذا تتخذ الجن والشياطين النساء مساكنا لها ؟ هل ضاقت الأرض ذرعا بالجن ذوي القدرات الخارقة ليسكنوا في قنوات الواد "الحار" والأماكن الخرِبة والأجسام العليلة التي نهشتها أمراض الصرع والوسواس القهري والهذيان... ؟ هل الرقية الشرعية فرع من علوم الطب تعتمده وزارة الصحة العالمية ؟ هل صحيح أن الجن يحبون ويكرهون ويمشون في الأسواق ويشترون البصل ويأكلون ويشربون وينامون ؟ إن الذي يتلبَّس بجسد ويأكل ويشرب هو إذن جسم مادي ، الجسم المادي هو إذن جسم مركب ، الأجسام المركبة قابلة للزوال والاندثار مثل الإنسان ،الجسم المادي حيا أو ميتا ،جنا أو إنسا يفترض حيزا مكانيا، أين يوجد هذا الحيز المكاني الذي تسكنه الجن ؟ أم أن الحكاية كلها تكريسا للعزاء كما يقول "فولتير" "خلق الله ُ النساء فقط لترويض الرجال " الرجال الذين لا يفترون عن خطاب العفة والاستقامة والطهرانية ،إن الطهارة لا توجد فقط في علوم الكيمياء وفي الجبال والغابات والأنهار ، بل وإن الحكاية في أصلها وفصلها استغلال للدين الذي يسارع في الاستجابة لكل الأهواء والغرائز لتجار الدين .

3) للمرة الألف ودون شعور بالملل من ضرورة الترديد أن المجتمع الإنساني الحضاري ،المجتمع الذي يضمن الحد الأدنى من الرفاه ومن الكرامة ومن العدل ومن الحرية ومن سيادة القانون هو المجتمع الذي فصل الدين عن السياسة دون مواربة ودون دوران ، وهو المجتمع الذي يتكرس فيه كذلك الفصل بين الدين والأخلاق ، السلوك الأخلاقي المدني هو أن يجرم القانونُ السرقة والكراهية والتزوير والتمييز والعنف والعنصرية وجميع الممارسات التي يفترض فيها أن تحصل المخافة للقانون أوالإساءة والإيذاء لأبناء وبنات الوطن الواحد ،الدين ليس ضامنا للأخلاق القويمة بدليل أن العديد من المجتمعات التي تبنى أسسها على المواطنة والقانون أكثر مدنية وأكثر استقرار وأفضل تعايشا وأقل عنفا وكراهية وتحرشا وفسادا ،وبدليل أن العديد من اللادينيين يقدمون خدمات جليلة للإنسانية دون طمع في جزاء ودون خوف من عقاب فقط إرضاء لضمائرهم وللوازع الأخلاقي الذي يحفزهم على فعل إنساني نبيل.

4) الانسجام هو إحدى المواصفات الكبرى للمجتمعات العصرية المتحضرة ،الانسجام هو السعادة ،السعادة كما يقول "المهاتما غاندي" هي أن تنسجم أقوالُنا وأفكارنا مع أفعالنا ،وأن تكون سعيدا هي أن تنسجم مع ذاتك دون شعور بالتمزق والفصام بين ما تحسه وترغب فيه وما تعيشه كقناع إرضاء للمجتمع أو للدين أو للمعتقدات ، بدون الانسجام داخل الذات الواحدة نعيش التوتر والاضطراب الذي يضطرنا لأن نلبس أكثر من قناع في اليوم الواحد ،إن الانسجام هو أم الفضائل وأساس كل النجاحات المجتمعية والفردية والانسجام معيار يقاس به صحة المجتمع وتقدمه وازدهاره ،عدم الانسجام والفصام هو ما يجعل أكثر المتكلمين عن العفة والطهارة أكثر "تهتكا" و"فجورا" ،وأكبر لص للمال العام ولسرقة الأراضي هو نفسه أكثر حديثا عن محاربة الفساد ،وأن الشعوب الأكثر ترديدا لخطاب النزاهة أكثر الشعوب التي تغرق في الفساد والرشوة ... ببساطة إن المجتمعات المتصالحة مع شعوبها ومع أقلياتها ومع مرجعياتها الفكرية والسياسية والثقافية ومع كل حساسياتها وتعبيراتها الفنية ومع حتى ما نعتبرها نحن أمراضا وعاهات هي مجتمعات صحية وحيوية وآمنة ومستقرة لأنها تعالج وتناقش كل شيء على الهواء دون خوف ودون حرج .

5) هدفي من هذه المساهمة المتواضعة ليس التشفّي لِما حصل لِ"لفيزازي" ولا نكْأ الجرح التي خلفته قضيته مع فتاة تزوجها بدون عقد وأجبرها على الإجهاض وكل تداعياتها ،ولسخرية الأقدار أن القضايا التي حارب "الفيزازي" وبأسلوب شائن ووضيع الداعينَ لها كالإجهاض والعلاقات الجنسية الرضائية هي نفس القضايا التي سقط فيها ومارسها بشكل مُلتو ،ولربما في هذا النوع من القضايا الشائكة والتي يصعب أن يسلم منها الكائن البشري فإن الواقع كفيل بكشفها دونما تدخل لجهة ما ،هي إذن قضايا وأمور مختلف عليها مجتمعيا مما يتطلب مناقشتها في إطار الصراع الفكري المدعوم بالحجج والبراهين وبالتجارب ذات الصلة بعيدا عن التشهير والتخوين والمس بالأعراض وتأليب السلطة كما فعل "الفيزازي" مع جميع من يختلف معه.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. برنامج الأغذية العالمي: معايير المجاعة الثلاثة ستتحقق خلال 6


.. اعتقال طلاب مؤيدين لفلسطين تظاهروا في جامعة جنوب كاليفورنيا




.. -الأونروا- بالتعاون مع -اليونسيف- تعلن إيصال مساعدات إلى مخي


.. عنف خلال اعتقال الشرطة الأميركية لطلاب الجامعة في تكساس




.. تأييدًا لغزة.. طلاب وأساتذة يتظاهرون في جامعة سيدني