الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مشكلة الحكم فى الاسلام

خالد محمد جوشن
محامى= سياسى = كاتب

(Khalid Goshan)

2017 / 10 / 8
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


من المستقر عليه ان الرسول صلى الله عليه وسلم كان رسولا وملكا فى ان واحد ، وانه كان يسوس دولته الوليدة بحنكة وذكاء شديدين وانه لم تعرض له مشكلة من مشكلات الحكم الا واستطاع ان يحلها ويخرج منها منتصرا
فهو قائد عظيم بكل المقاييس ومؤهل تماما لرسالته ولهذا اختاره الله ، وربما كان الكتاب القيم الذى اصدره على عبد الرازق فى اوائل القرن عن الاسلام واصول الحكم قد اوضح هذه الرؤية بشكل مستفيض وعلى المستزيد العودة لهذا الكتاب
ولكن عندما انتهى على عبد الرازق فى كتابه الى نفى ان تكون الخلافة ضرورية لبقاء الاسلام ، لم يحل لنا لغز وكيف تبقى الدولة الاسلامية ويستمر نظامها ، وهذا مأذق حقيقى لانه ليس من الواضح لنا كيف كانت ستسير الامور فى الدولة الاسلامية اذا استبعدنا الخلافة
لان الشورى الواردة فى القران لاترسخ نظاما محددا له قواعد فى الحكم يمكن الارتكان لها ، وهكذا انتهى الحكم نهايتة الطبيعية بعد الخلفاء الراشدين ليكون ملكا عضوضا قائما على القوة
ايضا الفكرة العظيمة الاخرى الواردة فى القران انه اذا تنازع المسلمون فيجب اصلاح ذات البين بينهما ومعاقبة التى تبغى ، نفتقر الى امكانية التنفيذ لانه اين هى الهيئة الحكم المنوط بها الاصلاح ، واذا افترضنا وجودها فكيف تصل الى تحديد الفئة الباغية وما هى وسائلها للاجبار وتنفيذها حكمها فى الفئة الباغية حتى تعود الى امر الله
وهكذا حدثت فتنة التنازع على الحكم وسفكت فيها ملايين الارواح على مدار التاريخ الاسلامى وحتى الان و مازالت العديد من الاقطار تدعى الحكم بما انزل الله وبالاسلام وحكمها يفتقر الى العدالة والانسانية ، على اختلاف فهمها وتاويلها للاسلام الذى تحكم به
نعود الى الفترة الباكرة من عمر الاسلام ونقول ان تصور سفك المسلمين لدماء بعضهم البعض لم تكن غائبة عن الرسول صلى الله عليه وسلم والعهدة هما على رواة الاحاديث
ومنها
سألت ربي عزَّ وجلَّ ثلاث خصال، فأعطاني اثنتين ومنعني واحدة، سألت ربي أن لا يهلكنا بما أهلك به الأمم فأعطانيها
، فسألت ربي عزَّ وجلَّ أن لا يظهر علينا عدواً من غيرنا فأعطانيها، فسألت ربي أن لا يلبسنا شيعاً فمنعنيها"؟ ا
: الحديث رواه الترمذي وقال: حديث حسن صحيح، والنسائي واللفظ له، ورواه مسلم من حديث ثوبان رضي الله عنه، ومعنى الحديث: أن النبي صلى الله عليه وسلم سأل ربه عزَّ وجلَّ ثلاث: الأولى: ألا يهلكهم بما أهلك به الأمم من الغرق والريح والرجفة وإلقاء الحجارة من السماء وغير ذلك من أنواع العذاب العظيم العام. والثانية: عدم ظهور عدو عليهم من غيرهم فيستبيح بيضتهم. والثالثة: عدم لبسهم شيعاً، واللبس الاختلاط والاختلاف بالأهواء، والشيع: جمع شيعة. وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن ربه عزَّ وجلَّ تفضل عليه واستجاب له في الاولى الأولي والثانية ومنعه الثالثة

والسؤال هنا كيف لم يرتب الرسول صلى الله عليه وسلم امور الحكم من بعده ، وهو يعلم ان فتنة عظيمة ستحدث بعده ، خاصة وقد رتبت امور كثيرة اقل واهون وحرمت وحللت امور كثيرة ايضا ، فكيف لا تعصم دماء المسلمين وهى اجل واعظم
قد يقول قائل ان الرسول صلى الله عليه وسلم خشى لو رتب امر الحكم لاانفلت من بعده وتنازع الصحابة فيه رغم امره لهم ،
ولكننا نقول ان الرسول صلى الله عليه وسلم اتخذ على مدار رسالته قرارات من الصعب بمكان القبول بها على قومه ولعل اخرها امارته لاسامة بن زيد الذى لم يتجاوز العشرين لجيش المسلمين الذى من بين جنوده ابو بكر وعمروخالد بن الوليد وغيرهم
قد يقول اخر لقد رتب الرسول للامر من بعده حيث اولاه لعلى رضى الله عنه قبل مماته ولم يوثقه لان عمر رضى الله عنه منعه ، وهذا مردود عليه ان الرسول لم يكن ليحتاج فى قراراته الهامة والصادمة ان ياخذها فى الغرف الجانبية لانه لم يكن يخشى فى الحق لومة لائم ولو اراد لنصب من يريد على رؤس الاشهاد
اذا لما لم يرتب الرسول صلى الله عليه وسلم لنظام الحكم لستة اجيال على الاقل حتى يستقر الحكم ولا تسفك دما المسلمين
ستظل الاجابة غامضة وربما يكون الاقرب للمنطق ان هذا الحديث وغيره مثل حديث عمار الذى تقتله الفئة الباغية ليس صحيحا
ترى هل نظل نحن المسلمون نبكى ابد الدهر على دماء المسلمين الاوائل ونسكب غيرها منذ اربعة عشر قرنا وان الاسلام دين وحكم ام نفيق من هذه الصدمة دون ان نخرج من ديننا ونتهم بالكفر والذندقة
لقد افاقت اوربا بعد صراع مرير بين الطوائف المسيحية كلفتها الملايين من الارواح الى ضرورة عدم الزج بالدين فى السياسة وانتهت الى النظام الديمقراطى احد اعظم المنتجات البشرية على الاطلاق
فهل نفيق نحن ؟
ربما لن نفيق لان رجال الكهنوت الاسلامى المرفوض اسما والواقع حقيقة يرفضون كل فهم صحيح او تجديد للدين يمكن ان يقود الى اصلاح مسار الامة وحلحلة هذا الوضع المزرى الذى ترزح فيه
لان الملايين التى تدخل الى كروشهم لاتكلفهم سوى التفسير والتاويل لمن غلب
ان هذه المقالة تفتح بابا للنقاش وتثير الشهية لمعرفة كنه الصراع المزمن بين الاسلام باعتباره دينا سماويا والحكم باعتباره امرا دنيويا يخضع للواقع ومتغيراته
المصادر
كتاب الاسلام واصول الحكم - على عبد الرازق
الخلافات السياسية بين الصحابة - محمد بن مختار الشنقيطى
الديمقراطية طبيعتها وماهيتها -هانس كلسن ترجمة على الحمامصى
الحوار المتمدن - مجموعة مقالات








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بينهم طلاب يهود.. احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين تهز جامعات أمري


.. رحيل الأب الروحي لأسامة بن لادن وزعيم إخوان اليمن عبد المجيد




.. هل تتواصل الحركة الوطنية الشعبية الليبية مع سيف الإسلام القذ


.. المشهديّة | المقاومة الإسلامية في لبنان تضرب قوات الاحتلال ف




.. حكاية -المسجد الأم- الذي بناه مسلمون ومسيحيون عرب