الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل الدواعش ظاهرة جديدة؟ درس الجزائرنموذجا

طلعت رضوان

2017 / 10 / 8
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني



كتب د.محمد عمارة أن فرنسا أثناء إحتلالها للجزائرحوّلت المساجد إلى كنائس ومجّدت المسيحية واستخدمت أموال المسلمين لتنصيرهم. وهكذا أحيتْ الروح الصليبية عندما رفعتْ علم المسيحية ضد الإسلام فى الوقت الذى ظلّت تسخر فيه من المسيحية والإسلام فى آن واحد (صحيفة القاهرة– 25/ 12/ 2007 ) تُحرّك د.عمارة مرجعية دينية ترى أن الدين هوالذى يُميّزشعب عن شعب، وليست الثقافة القومية. أوقعته هذه المرجعية فى تناقض صارخ، إذْ اختتم مقاله قائلا أنّ ((العلمانية الأوروبية تطارد المسيحية فى بلادها وتحل الدين الطبيعى، دين الحداثة محل الدين الإلهى وتجعل العقل والعلم والفلسفة ثالوثًــًـا علمانيًا أحلّته محل أقانيم المسيحية))
إنّ لغة العلم تُـقرأنّ أوروبا- ومنذ عدة قرون- أرستْ قواعد العلوم الطبيعية والإنسانية وآليات الديموقراطية. فإذا كانت أوروبا حقّقت كل هذا، وإذا كانت العلمانية (بنص كلمات د.عمارة) طاردتْ المسيحية فى بلادها، وأصبح الثالوث المقدس هوالعقل والعلم والفلسفة، فمعنى كلامه أنّ تقدم أوروبا ما كان له أنْ يتحقق إلاّبعد مطاردة المسيحية للحداثة. أى أن تمسك أوروبا بالدين هوسبب تخلفها وسباتها الطويل فى عصورالظلمات. فإذا كانت هذه هى الحقيقة التى تنبض بها كلمات د.عمارة رغمًا عنه، فلماذا يحرص الاستعمارالفرنسى على العكس، ويعمل على كسرشوكة الإسلام، بدلامن أنْ يُشجّع الجزائريين على التمسك بالإسلام؟ وبماذا نفسّرمشورة المستشرق ماسينون الذى طلب من بلده فرنسا مساعدة المسلمين فى الدفاع عن ثقافتهم التقليدية وعن الإرث الذى وصل إليهم من أسلافهم؟ وإذا كانت أوروبا تــُـعادى الإسلام، فلماذا توافق بريطانيا على أن يشغل د. زغلول النجارمنصب رئيس معهد (مارك فيلد) فى لندن للدراسات الإسلامية؟ ولماذا تــُـعرب واشنطن عن أسفها لقرارالمحكمة الدستورية التركية حظرحزب الفضيلة الإسلامى؟ ولماذا يكتب برنارد لويس فى كتابه (أزمة الإسلام: حرب مقدسة وإرهاب غيرمقدس) أنّ أصول البعثية والصدّامية هى النازية والستالينية، وليس الإسلام؟ ولماذا دمّرحلف الأطلنتى بقيادة أمريكا (المسيحية) البنية الأساسية لشعب الصرب (المسيحى)؟ هل فعلا من أجل سواد عيون شعب البوسنة (المسلم)؟ أم لغرض استعمارى وهوإنشاء قاعدة جوية أمريكية فى البوسنة؟ (أهرام 14/ 7/ 2004 ص 4) ولماذا تمّول بريطانيا ا(لمسيحية) نشاط عمروخالد (المسلم)؟ كما نشرت جريدة الفجر 27/3/2006. ولماذا تساعد السويد (العلمانية) فى ترميم المساجد والمعالم الإسلامية فى البوسنة، كما صرّح مفتى جمهورية البوسنة د.مصطفى سيريتش (القاهرة 25/10/2005 ص4)؟ أسئلة يتغافل عنها الأصوليون ليستمروا فى عزف ضجيجهم أنّ أوروبا العلمانية تعادى الإسلام.
وعن كفاح الشعب الجزائرى ضد الاحتلال الفرنسى، أُذكّرالقارىء المتخلّص من فيروس التعصب الدينى، أنّ هذه المرحلة بدأتْ عام 1953عندما جمع عدد من الشباب الجزائرى الأموال والسلاح بواسطة المنظمات السرية فى فرنسا وأوروبا. وأنّ الأحزاب الشيوعية فى أوروبا ساعدتْ الثوارالجزائريين لتحريروطنهم من المستعمرالفرنسى. هذه هى أوروبا العلمانية المدانة والمستباحة من المنغلقين أصحاب الفكرالأحادى.
وبعد الاستقلال، شهدت الجزائرإقصاء كل مختلف مع جبهة التحريرالتى استولتْ على الحكم (لم تسمع الأجيال الشابة عن محمد خيضر، حسين آية أحمد، مصطفى الأشرف ومحمد بوضياف) ووصل عدد القتلى على يد الإسلاميين حتى أكتوبر 97 مابين ستين ألفــًـا وثمانين ألفــًـا وأنّ (الجماعة الإسلامية المسلحة) كـفــّـرت الأصولى عباس مدنى وزعيم السلفيين المتشددين على بلحاج (أنظردراسة أ.نبيل زكى المهمة– مجلة اليسارأكتوبر97 والمعلومات التالية اعتمادُا على هذه الدراسة) وأعلنتْ هذه الجماعة أنها ستــُـعاقب كل فئة تلبى نداء الشيخ مدنى الذى ((وضع نفسه فى خدمة الديموقراطية الملحدة)) وطالبته بأنْ يعلن توبته. وهدف (الجماعة الإسلامية المسلحة) هوإقامة دولة الخلافة، وفى سبيل ذلك كما صرّح أحد قادتها أنها ((لن تتورّع عن ذبح أعداء الإسلام من أصغرطفل حتى المسنين)) وصرّح قيادى آخرأنّ المطلوب هو((الحكم بتغليب تقليد السلف الصالح على العقل والمنطق)) ووصل الفكرالأحادى المنغلق إلى درجة التصفية الجسدية بين المتعصبين دينيًا، مثل قيام (الجماعة الإسلامية المسلحة) بإعدام الشيخيْن محمد السعيد وعبدالرازق رجام و 140 عنصرًا من أنصارهما فى أواخرعام 95. فى هذا المناخ الدموى، نفضتْ المناضلة الشهيرة جميلة بوحريد صمتها وأعلنت أنّ ((الجماعة الإسلامية المسلحة هى المسئولة عن المذابح. وأنّ الجبهة الإسلامية للإنقاذ انتهتْ كحزب سياسى)) وفى هذه الفترة تم اغتيال أكثرمن 62 صحفيًا. وقسّم الإسلاميون الجزائرإلى عشرين إمارة. وكانت أخطرالجماعات الإسلامية (جماعة الغاضبون من الله) الذين ((يستهدفون النساء الحوامل لمنع ولادة المزيد من الكافرين)) وأنهم يُفضلون استخدام الفؤوس والخناجروالسواطيروهم يذبحون ضحاياهم.
ورصد أ.نبيل زكى ظاهرة تواكب المذابح ضد الشعب الجزائرى ((فى وقت قرّرت فيه الولايات المتحدة الدخول إلى الجزائرلتؤسس وجودًا لها فى قلب منطقة الثروات الهائلة من البترول والغاز. ومع ملاحظة أنه لم يحدث أنْ تعرّض أمريكيون للاعتداء فى الجزائر رغم وجود الكثيرمن الشركات الأمريكية هناك، بينما كان الفرنسيون هم الذين يتعرضون للاعتداءات. وأن أمريكا منحتْ الرئيس زروال شهادة حسن سيروسلوك)) ولاحظ أ.نبيل أيضًا أنّ جبهة التحريرالوطنى الجزائرية انشغلتْ بإدارة صراعاتها الداخلية، الأمرالذى أدى إلى تضخم المؤسسة العسكرية وأجهزتها القمعية. واقتصر إهتمام الحزب الحاكم على تشديد قبضته على هياكل الدولة من أجل منافع معينة، مما كان له تأثير سلبى فى مشروعية الدولة الوطنية)) وأنّ الشاذلى بن جديد ((أطلق سراح الذين أدانتهم المحاكم بتهمة التخريب وصنع منهم مستشارين للرئاسة الجزائرية. ودعا قادة التيارالدينى المتطرف للاستيلاء على الشارع )) ونتج عن ذلك أنْ ((تآكلت الشرعية الوطنية لتستبدلها الفئات الشابة بشرعية دينية شديدة التسييس)) وأنّ ((نجاح الجبهة الإسلامية للإنقاذ فى انتخابات يناير92 يعد إمتدادًا لأطروحات الشق الإسلامى فى جبهة التحريرالجزائرية. وقد ذهبتْ معظم عائدات النفط والغازللجيش والمؤسسات التى أنشأتها جبهة التحريربدلامن توجيهها إلى فرص العمل وإنعاش القطاع الزراعى ودعم النشاط الاقتصادى. وأصبحتْ امتيازات مسئولى السلطة بلا حدود))
هذه هى الجزائربعد خروج فرنسا: استباحة أرواح الجزائريين، سلطة قمعية تنهب ثروات الشعب، سيطرة أمريكية على هذه الثروات، يؤكد ذلك تصريح السيدة لويزة حنون رئيسة حزب العمال الجزائرى، التى قالت فى مؤتمرصحفى أنّ ديك تشينى، نائب الرئيس الأمريكى بوش الابن يمتلك 60 % من رأسمال شركة الأنابيب الجزائرية (أهرام 30/ 3/ 2003 ص 8)
الهجوم الأصولى على العلمانية، يرتبط بحلم الأصوليين بعودة الخلافة. والهجوم على الشيخ على عبدالرازق وطه حسين، كما عبّرعن ذلك د.عمارة (القاهرة 26/ 9/ 2006 ص 23) فهل يأتى يوم على الثقافة المصرية السائدة، تــُـدرك فيه أنّ العلمانية هى سرتقدم أوروبا كما كتب د.عمارة دون قصد منه ؟ منذ 400 سنة، حيث كتب جاليليوخطابـًـا إلى العالم (كبلر) يشكوالحال الذى وصل إليه العلم والعلماء وقال له ((ماذا تقول ياعزيزى عما يجرى لنا. لم يُـكلّفوا خاطرهم حتى مجرد النظرمن خلال التلسكوب)) وفى القرن السادس ق.م قال تاليس ((لوشعرالإنسان يومًا أنّ مايعرفه هوالحقيقة فلن يكون هناك أى دافع للمعرفة)) ( نقلا عن د.مرفت عبدالناصر– موسوعة تاريخ الأفكار ج1– الناشرنهضة مصر 2007 ) فمتى تنظرالثقافة السائدة فى التسكوب لترى التنوع والحرية بدلامن النظرفى معتقدات البشر؟
***








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الخلافة غير الازاحة والانقلاب
ابراهيم الثلجي ( 2017 / 10 / 7 - 23:10 )
يا طلعت واضح انك مثقف ومهتم بتاريخ الاديان وعليه يجب ان نتقن لغة الاديان ومفرداتها ان كنت مؤمنا او منكرا كله واحد لان مفرداتها مكتوبة بدقة عالية جدا ما امكن تقليدها والا لسارع البشر للتقليد وخاصة في عصر التقليد وسرقة حقوق التاليف هذا
لو اردت مثلا بحث في تاريخ مصر القديم وجب علي دراسة ومعرفة عالية للغة حجر رشيد
ومنها انتقل بسرعة للموضوع فالعلماني لا يهتم بالدين فمن العجب ان تراه يسارع ويركز في بحوثه ولو السطحية منها على قضايا الدين
عاملة لكم مغص واسهال مزمن كلمة خليفة لاتسائل هل عاوزينهم خليقتين معا مثلا ام عاوزين رئيس مغفر معين من لندن او باريس لادارة شؤون الاحتلال والاستعمار حين انشغالهما بقضايا اخرى
متناسين معنى كلمة خليفة ولطف مفهومها السياسي وهو الذي يخلف من كان قبله بسلاسة دون انقلاب او خلع او اهانة والا كان سميناه الزائح والمزاح حسب قانون ارخميدس لترسل للفكر الناضج بان الخليفة نتاج مجتمع سليم راض عن قيادته التي تتسم بالانسجام في انتقالها عبر الاشخاص ليقال خليفته وليس المنقلب عليه او المشعتلوه؟

اخر الافلام

.. المسلمون في بنغلاديش يصلون صلاة الاستسقاء طلبا للمطر


.. بينهم طلاب يهود.. احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين تهز جامعات أمري




.. رحيل الأب الروحي لأسامة بن لادن وزعيم إخوان اليمن عبد المجيد


.. هل تتواصل الحركة الوطنية الشعبية الليبية مع سيف الإسلام القذ




.. المشهديّة | المقاومة الإسلامية في لبنان تضرب قوات الاحتلال ف