الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحياة بين الحقيقة المادية و اللامادية

جلال مجاهدي

2017 / 10 / 8
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


ارتباط الحياة بوجود الروح و عملية النفخ الروحي , هي أمور أصبحت متجاوزة علميا , فالانسان المعاصر هو الآن أمام حقائق علمية مثبتة تجريبيا و ليس أمام مجرد فرضيات أو مترابطات منطقية قابلة للجدل .

سنة 2014 كانت سنة كوبيرنيكية حيث استطاع علماء بيولوجيا بكاليفورنيا , خلق أول كائن حي عبارة عن بكتيريا جديدة ذات حمض نووي لم توجد من قبل و استطاعوا تغيير حمضها النووي أيضا هذه البكتيريا التي أطلقوا عليها اسم ايشيرشيا إيكو أعطت ولادة لأجيال من البكتيريا تلتها و هي تحمل نفس صفات الأصلية و لا زالت البحوث قائمة لتطوير هذه الحياة الاصطناعية و بذلك فإن الحياة لم تعد بحاجة إلى عملية نفخ روحي , بل فقط إلى ظروف مواتية لتتشكل .
http://www.lexpress.fr/actualite/sciences/creee-sur-ordinateur-la-bacterie-prend-vie_893964.html

و في تجارب علمية سابقة , استطاع علماء روس خلال الفترة السوفياتية القيام بإعادة الحياة الى حيوانات ميتة كما تثبث ذلك تجربتهم على كلب بعد ربطه بقلب كلب اخر و بأعضاء اخرى فسرت فيه الحياة .
https://youtu.be/I_tl4oRbqbk
https://en.wikipedia.org/wiki/Experiments_in_the_Revival_of_Organisms

الأمور واضحة , فالحياة و سريانها لا علاقة لها بالروح و الروح ليست مسؤولة عن سريان الحياة في ذات الكائن الحي الذي تتوقف حياته على اشتغال خلاياه و اعضائه ونبض قلبه بشكل منتظم و قد يعوض قلب الانسان بقلب اصطناعي مصنوع من مواد بلاستيكية و معدنية و قد تعوض عدة اعضاء فيه بأعضاء اصطناعية فيحتفظ الانسان بالحياة و بذكائه و بأحاسيسه , لذلك فالحياة هي أمر متوقف على أداء الاعضاء و على استمرار نبض القلب سواء أكانت هذه الأعضاء اصطناعية أو طبيعية , لكون العبرة في ذلك في الوظيفة المنوطة بها و في استطاعتها القيام بها .

إذن الحياة تستمر متى كانت ظروف استمراريتها متأتية و هذا ما أثبتته تجارب الدكتور الأمريكي روبير وايت المختص في جراحة الأعصاب و خاصة تجربته الشهيرة عندما استبدل رأسي قردين بأن جعل أحدهما مكان الآخر و استمرا على قيد الحياة .

نعم , الإنسان و علميا يموت بسبب توقف التفاعلات الكيميائية و طاقة الكهرباء المسؤولة عن النبض و ليس لسبب خروج الروح و قد يعاد الإنسان إلى الحياة بفعل الإنعاش بالصدمات الكهربائية أو غير ذلك؛ لذلك فماديا موت الجسد يشبه انطفاء الآلات و المعدات الكهربائية .

و كخلاصة نقول أنه كان لابد من البرهنة على نشأة الحياة و على كيفية استمرارها و توقفها بشكل علمي مادي و كشف حقيقتها المادية وفق قوانين الكون , بعيدا عن افتراض أي تدخل لأيد غيبية في ذلك ليتم القطع النهائي مع التفسيرات الميتافيزيقية للعديد من الظواهر الكونية بما فيها الحياة و الموت .

لذلك فربط الحياة بالروح و اقامة علاقة سببية بينهما هو أمر ثبت خطأه علميا , و حتى منهجيا كان من الخطأ المنطقي الاستدلالي , التدليل على وجود شيء غيبي غير مؤلف من العناصر المادية خارج عن دائرة الأشياء انطلاقا من أشياء و أمور حسية كونية .

إذن هل يمكن القول بأن الروح غير موجودة و هي من وحي خيال الانسان ؟

كما سبق الذكر , فلا يمكن البرهنة على وجود الغيبيات بالمشهودات و كذلك لا يمكن نفي وجودها لذات العلة , فالله و الروح وما هو خارج عن دائرة الشيئية كما نعرفها , هي أمور لا يمكن الاستدلال على وجودها أو على عدم وجودها من خلال ما هو علمي مادي و من الخطأ المنهجي تحكيم العقل في أمور لا تقع ضمن دائرة الإدراك المادي و ضمن مجال التعقيل انطلاقا من مقاييس مادية حسية .

و هنا يأتي علم الباراسيكولوجيا الذي هو علم يهتم بالوجود غير المادي , ليدلي بدلوه في الموضوع لكن من خلال منظور آخر و يؤكد هو أيضا على وجود ظواهر غير مادية , تم إثبات حدوثها و تم توثيق ذلك و منها ما يتعلق بالتخاطر عن بعد و منها ما يتعلق باستحضار ذوات غير مادية عاقلة و واعية و منها ما يتعلق بالجلاء البصري و التحريك دون وسائط و ما إلى ذلك و العديد من هذه الظواهر اللامادية تم عرضها على شاشات التلفزة مباشرة و توقف عندها العقل و العقلاء و العلم و العلماء, لذلك لا يمكننا القول بأن الانسان وفقط هو مخلوق آلي عبارة عن جسد يشتغل بنبض القلب فقط و هي الحقيقة المادية العلمية , بل إن هذه الحقيقة تنضاف إليها حقيقة أخرى لامادية تقول بأن للإنسان قدرات و طاقات لامادية خارجة عن دائرة الزمان و المكان و المادة كما يحدث عند التخاطر عن بعد حيث تنمحي المسافات و الزمان و الوسائط المادية و هنا نستحضر تجربة الدكتور راين حيث وضع شخصا داخل صندوق معدني عازل للموجات و تم التخاطر رغما عن ذلك و في نفس اللحظة و هو ما يعني أن الامر يتعدى الناقلات المادية الخاضعة للزمان و المكان , لذلك يبقى التساؤل عن مصدر هذه القوى اللامادية و التي بطبيعتها لن تكون سوى مصادر لامادية تساؤلا مشروعا, لذلك فإن الحقائق العلمية و كيفما كانت فليس من شأنها نفي وجود العوالم اللامادية .

وجود الانسان في عالم المادة يقتضي أن تتم البرهنة على جميع الظواهر العلمية بشكل مادي و علمي و وجوده في عالم اللامادة يقتضي منه التوقف عن التعقيل و المبالغة في العلمنة طالما أن هناك إثبات لوجود لامادي و مهما كانت معارف الانسان سامية و رفيعة فإن لم يتعامل معها بانفتاح و يقبل ما يقع خارج نطاق دائرتها فإن إدراكاته ستبقى إدراكات مادية تسجنه في سجن المادة الجافة و في حدود ما تتيحه من أجوبة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. التجسس.. هل يقوض العلاقات الألمانية الصينية؟ | المسائية


.. دارمانان يؤكد من الرباط تعزيز تعاون فرنسا والمغرب في مكافحة




.. الجيش الأمريكي يُجري أول قتال جوي مباشر بين ذكاء اصطناعي وطي


.. تايلاند -تغرق- بالنفايات البلاستيكية الأجنبية.. هل ستبقى -سل




.. -أزمة الجوع- مستمرة في غزة.. مساعدات شحيحة ولا أمل في الأفق