الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


شعب الماسة

حنان محمد السعيد
كاتبة ومترجمة وأخصائية مختبرات وراثية

(Hanan Hikal)

2017 / 10 / 9
الثورات والانتفاضات الجماهيرية


عندما قامت الثورة المصرية كان أهم شعار رفعته هو العدالة الاجتماعية، فخلال أخر عشرة سنوات من عصر مبارك اتسع الفارق بين الأغنياء والفقراء بصورة جلية لا تخفى على أحد، وانقسمت مصر الى شعبين، شعب يعيش في مصر المحظوظة وشعب يعيش في مصر المنحوسة.

ولو كان ذلك لاجتهاد فئة من فئات المجتمع وتمكنها بالعمل والمثابرة من تحقيق ثروة لهان الأمر، ولكن كان بسبب قرب مجموعة من المنتفعين من السلطة حتى تم توظيف القوانين وموارد البلاد ومرافقها لخدمتهم وصنع ثرواتهم ولو توفر لأبناء الشعب الموهوبين والمؤهلين معشار ما توفر لهؤلاء من دعم لكانوا أكثر ثراءا وفائدة لأنفسهم وللمجتمع من حولهم.

وكما تبددت أحلام التغيير بسيطرة العسكر على كل كبيرة وصغيرة في البلاد في أعقاب 30 يونيو تبدد الأمل في تحقيق العدالة الاجتماعية المنشودة بل أن الأمر سار في الإتجاه العكسي على طول الخط بإصرار وعزم غير مسبوق، حيث تعمل الدولة بكل مؤسساتها على نقل الثروة من الأفقر الى الأكثر غنى وحيث تصب كل القرارات والقوانين باتجاه انتزاع كل قرش وكل نقطة دماء من أبناء الطبقة المتوسط والفقيرة لتغذية هذه الطبقة الطفيلية المنتفعة التي تطفو على تريليونات الدولارات وتستحوز على موارد البلاد بلا محاسبة وفوق ذلك تغرق البلاد في الديون بصورة غير مسبوقة وتبدد كل ما له قيمة وما يمكن أن تنهض عليه البلاد في يوم من الأيام.

وبدلا من انشاء المدارس على سبيل المثال والاهتمام بتطوير التعليم الذي خرج على يد العسكر من التصنيف العالمي أو بناء المصانع أو دعم الرعاية الصحية، يتم انشاء عاصمة جديدة بمليارات الدولارات ويتم احاطتها بالأسوار لتفصل السادة عن العبيد ويبدو كل شئ في داخلها فاخر ينفق عليه ببذخ بينما يبقى الخارج على ما هو عليه من فقر وعوز.

فهؤلاء الذين انفصلوا عن أبناء الشعب بقوة السلاح وجدوا أن من حقهم مصادرة الأراضي لصالحهم والاستيلاء على الموارد والخامات وفعل ما شاء لهم بينما علينا تسديد فاتورة بذخهم وترفهم بإثقالنا بالضرائب والغلاء واغراقنا في الدين.

شعب الماسة - وهو بالمناسبة أحد فنادق العاصمة الادارية الجديدة - إذا مرض يسافر على حساب الدولة للعلاج في ألمانيا ويعلم أبناءه في أفضل المدارس مخلّفا لنا المرض والجهل.
شعب الماسة لا يأكل الخضر والفواكه المسرطنة ولا يأكل من الخبز الملوث بالأرجوت وبذور الخشخاش.

شعب الماسة لا يبحث عن سكن وينفق أفضل سنوات عمره في العمل الدؤوب من أجل الحصول على سكن لائق فكل شئ سهل ويسير بالنسبة له لديه أفضل نوادي وأفضل مصايف وأفضل سيارات وأفضل مساكن وليت كل هذه المزايا كانت مستحقة فهو لم يصون الأرض ولا حافظ على مياه النيل.

شعب الماسة يعيش في عالم لا نعرفه ويتحدث عن تطور وانجازات لا نراها ولا يعاني معاناتنا، بل أنه لا يخجل من أن يتحدث عن ضرورة تقليل أعدادنا لأنها أصبحت تمثل عبئ عليه، ويجرؤ على التصريح بتخفيض خصوبة أبناء الصعيد وكأنه يعتبرنا مجرد آفات أو حيوانات ضالة.

انتم شعب واحنا شعب.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الشرطة الأميركية تعتقل عدة متظاهرين في جامعة تكساس


.. ماهر الأحدب: عمليات التجميل لم تكن معروفة وكانت حكرا على الم




.. ما هي غايات الدولة في تعديل مدونة الاسرة بالمغرب؟


.. شرطة نيويورك تعتقل متظاهرين يطالبون بوقف إطلاق النار في غزة




.. الشرطة الأرمينية تطرد المتظاهرين وسياراتهم من الطريق بعد حصا