الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


- ترامب - وتصعيد التوتر الدولي

بدر الدين شنن

2017 / 10 / 10
مواضيع وابحاث سياسية


التخبط السياسي الأميركي الدولي ، ليس متأتياً كله ، عن غباء وعبثية " ترامب " في السياسة . وإنما هو ناتج موضوعياً ، عن البنية الرأسمالية الاحتكارية الأميركية ، التي اصطدمت في السنوات القليلة الماضية ، بنمو دول " بريكس " الاقتصادي ، ونمو قوى روسيا والصين العسكرية ، بما فيها السلاح النووي ، ونشوء وتقدم قوى محور المقاومة في الشرق الأوسط ، ضد خطط وحروب الإرهاب الدولي ، على سوريا ، والعراق ،واليمن ، وليبيا . والتهديد بحرب إرهاب على مصر والجزائر، وانتشار سياسة المصالحة ، وأخيراً تخفيف التصعيد ، في مناطق عدة في سوريا ..

ولذا كان على الإدارة الأميركية ، أن تعالج الأوضاع الدولية ، حسب مصالحها الاحتكارية أولاً ، التي لا تستقر ولا تنمو أرباحها ، إلاّ بالتصعيد والتوتر ، لتحجيم ، أو سحق الذين تجرؤوا على منافستها بهذا الشكل المتصاعد . وقد استغلت عبثية وغباء " ترامب " السياسية للمضي في التصعيد ، قبل أن تبلغ القوى الأخرى الراغبة في التهدئة والاستقرار غايتها .
وقد حقق " ترامب " كناشط في مركز الرأسمال المالي الأميركي .. بامتلاكه " 564 " مليار دولار ، حقق اندماج المغامرة العبثية مع المسوغات الاقتصادية الاحتكارية ، لتأمين المصالح الاحتكارية والسياسية الأميركية العليا . بادئاً بالعبث بالاتفاق النووي الإيراني الدولي ، لما له من الارتدادات الدولية الأهم ، وخاصة لصلته بأهم مصادر الطاقة العالمية ، وبالدولة الروسية المتشبثة بوجودها .. شرق المتوسط .


لقد لعب التوصل إلى الاتفاق النووي ، بين إيران والدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي .. زائد ألمانيا .. دوراً هاماً جدا ، في تهدئة التوتر الدولي .. سيما في الدول التي تسودها الأزمات ، وتهدد النزاعات فيها حولها دولاً أخرى بجوارها في الإقليم ، بأوضاع مماثلة .
وذلك بغية حسم مآ لات التنافس حول القطبية الدولية ، وتقاسم الجغرافيا السياسية ـ والطاقة بأنواعها المتعددة .

غير ان احتكارات صناعة الأسلحة والطاقة والاتصالات ، المهيمنة على الاقتصاد الأميركي والدولي ، لم توافق على التهدئة الدولية . وذلك انطلاقاً من الخليج . وعملت مع القطاعات الأخرى ، على الإتيان بالملياردير المغامر " ترمب " إلى منصب الرئاسة الأميركية ، ليشارك وينفذ قرارات مركز القرار الأميركي الشامل، العسكري ، والسياسي ، والاقتصادي ، المحكوم بمفاهيم ، وعقلية ، ومصالح الاحتكارات العدوانية .. في زمن بات محكوماً أن يكون القرار الاحتكاري الدولي .. هو سيد العالم .

ولذلك ، وحسب ممارسات " ترامب " في الأشهر الماضية ، ليس بغريب أن يعتمد " ترامب " الاستفزازات ، والعدوانية في السياسة . ولا يتورع عن تخريب اتفاقية بين مجلس الأمن الدولي وإيران . لتخريب أعمدة الاستقرار والتهدئة ، التي تعمل قوى لها قوى دولية أخرى .
وهذه الاستفزازية والعدوانية في السياسة عند " ترامب " لا تحتاج للإعلان مسبقاً عنها . ففي الوقت الذي هدد بانسحاب أميركا من الاتفاق النووي الدولي مع إيران ، كان يقدم الدعم النوعي المطلوب لتمر قوات " داعش " الإرهابية ، من القاعدة الأميركية في " التنف " ، لتسهيل ودعم تقدم عدوانها على المواقع السورية العسكرية السورية في السخنة ، محاولة تكرار عدوانها المماثل الذي قامت به في تدمر .

ومثل هذه السياسة الأميركية ، تعيق القضاء على " داعش " في سوريا والعراق . وهي تمتلك قاعدة عسكرية في التنف في المثلث على حدود سوريا والأردن والمملكة السعودية . كما تمتلك قواعد عسكرية أميركية ومطارات حربية ، شمال شرق سوريا بالتعاون مع " قوات سوريا الديمقراطية " . سوف تستخدمها على نطاق واسع في التحولات المقبلة في الحرب على سوريا . وتستخدم أيضاً قوات التحالف الدولي ، سيما الطيران ، لتنفيذ مهام مفاجئة ، متعلقة بمخططاتها في مناطق المواقع المستهدفة .

إن تخريب الاتفاق النووي الإيراني الدولي ، الذي يطاول الاستقرار في الخليج ، ويتحكم بمصادر الطاقة الرئيسية في العالم ، يلتقي مع تخريب سياسة محور المقاومة ، التي تشتغل على تحقيق " معادلة ، تخفيف التصعيد في الحرب على سوريا جرياً وراء الحل السياسي " ، ويفتح النار على العلاقات الأميركية الروسية . من طرف آخر ، سوف يجري نقال الفاقدين لأدوارهم القتالية من داعش ، نتيجة ضربات الجيشين السوري والعراقي ، إلى شرق جنوب آسيا . وقد صرح مسؤول عراقي أن هؤلاء سينقلون إلى " وزير استان " في باكستان. ما يهدد الأمن والاستقرار في باكستان والهند والصين وروسيا .
إن اللعبة " الترامبية " الأميركية الدولية ، لن تمر . وقد بدأت تعابير الاحتجاج ، والغضب .. تتزايد ضد السياسة الأميركية .

يتضح من الطروحات المتوترة للسياسة الأميركية الخارجية ، أن " ترامب " قد حدد المساحة الآسيوية الواسعة ، من الشرق الأدنى إلى الشرق الأقصى ، مسرحاً لعملياته وحروبه الطائشة ، إن بقوى الإرهاب الدولي ، أو بقوى الاتحاد الدولي بقيادة أميركا ، أو بقوات الناتو ، أو بقوات أميركية مباشرة .

وعليه تبقى سوريا تحت مظلة قيادتها وحلفائها ، هي الساحة المقررة لمصير ألعاب " ترامب " . إلى أن يتمكن هذا المغامر من السيطرة عليها ، وإنجاز المشروع الشرق لأوسطي الصهيوني الأميركي .. أو تتمكن سوريا وحلفاؤها .. وهذا مرجح أكثر ومستحق ، من القضاء على " داعش " وكل داعميه ومفرخاته ، وأولهم أميركا من سوريا ، وإعادة بناء الإقليم بصيغة جديدة ، ما يفتح المجال لعالم أكثر استقراراً وأمناً .

إن القوى المتعارضة مع أميركا في الشرق الكبير .. هي قادرة في الظروف الراهنة .. عسكرياً .. وسياسياً .. واقتصادياً .. على مواجهة القوى الأميركية بمختلف الأسلحة .. وأولها سلاح الردع النووي ، والردع السياسي ، والمقاطعة الاقتصادية .
إن ظاهرة الطيش الأميركي .. سوف تنحسر من أول مواجهة جدية ، " لترامب " مع الشرق . ونعني بالشرق .. محور المقاومة أولاً .. وقوى دولية شرقية كبرى ستدفعها ، مصالحها ، وكرامتها الوطنية ، لأن تكون في خندق المقاومة ضد الطيش الأميركي .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. آثار القصف الإسرائيلي على بلدة عيترون جنوبي لبنان


.. ما طبيعة القاعدة العسكرية التي استهدفت في محافظة بابل العراق




.. اللحظات الأولى بعد قصف الاحتلال الإسرائيلي منزلا في حي السلط


.. مصادر أمنية عراقية: 3 جرحى في قصف استهدف مواقع للحشد الشعبي




.. شهداء ومفقودون في قصف إسرائيلي دمر منزلا شمال غربي غزة