الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حوار مع ابنتى الصغيرة حول عبارة شهيد

بشير صقر

2017 / 10 / 10
اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم


حوار مع ابنتى الصغيرة حول عبارة شهيد


فاجأتنى ابنتى الصغيرة من ست سنوات – وكانت قد التحقت لتوها بالمدرسة الإعدادية - بسؤال مفاده هل يمكن إطلاق عبارة شهيد على المسيحى..؟

وبصراحة انزعجت بشدة من السؤال لأن الثقافة فى منزلنا بعيدة تماما عن قيم الطائفية والدعاية السودء السائدة فى مصر فى العقود الأخيرة بل ومعادية لهما .. ومن ثم فهذا السؤال وافد على ا لأسرة .. وقد عرفت أن مصدره هو مدرستها. فقلت لها : أولا من هو الشهيد ..؟ فلم ترد .. ، فقلت : الشهيد هو من تنتهى حياته وهو يدافع عن أسرته وأهله وشعبه ووطنه أو مصدر رزقه .. أليس كذلك..؟ ، واستكملْت : فإذا كان وطننا يضم المسلمين والمسيحيين منذ أكثر من ألف سنة ، وجيشنا يضم مجندين وضباطا من كليهما ، وفى الحرب كان كلاهما يقاتل جنبا إلى

جنب ضد عدوّنا الذى هو إسرائيل التى اغتصبت وطن أشقائنا الفلسطينيين الذين هم أيضا من المسلمين والمسيحيين . فلو قَتل عدوُنا جنديين من جيشنا أحدهما مسلم والآخر مسيحى .. فهل نسمى المسلم شهيدا والمسيحى قتيلا ..؟ أم أنهما كانا يدافعان عن شئ واحد هو الوطن .. واستبسلا فى هذا الدفاع حتى ماتا وبالتلى يستحقان نفس المسمى..؟

ابتسمت ابنتى وقالت : فهمت.

•لم أتركها مكتفيا بذلك الحديث القصير والإجابة المحدودة على سؤالها وطلبتُ منها فتح الكمبيوتر ، والدخول على محرك البحث جوجل وأمليتُ عليها اسم فتاة فكتبتْه ونقرَتْ على الجهاز فظهرت صورة الفتاة ..فطلبت منها القراءة .. وكانت كالتالى :


الإسم: راشيل كورى – تاريخ الميلاد 1969 - السن: 24 عاما- الجنسية: أمريكية – الديانة : يهودية - محل الإقامة : الولايات المتحدة الأمريكية - مكان الوفاة : فلسطين - تاريخ الوفاة : 2003 – سبب الوفاة : تصديها للجرافات الإسرائيلية وهى تهدم منازل الفلسطينيين .. ورفضها نداءات الإسرائيليين بالابتعاد عن المكان وإلا تعرضتْ حياتُها للخطر.

هذ اوعرضت عليها بعض تفاصيل تلك القصة ثم سألت ابنتى : هل تجرؤ فتاة أو سيدة ممن تعرفينهم أو أمك على اتخاذ هذا الموقف رغم خطورته..؟ فردّتْ : لأ طبعا. فسألتها : هل دافعت هذه الفتاة الأمريكية عن منازل وأرض أفراد ليسوا من شعبها ولا من ديانتها ولهم الحق فى ذلك ؟ . فقالت : نعم . سألت : هل كان الإسرائيليون – الذين هم من دينها- على حق فى هدم واغتصاب وطن وأرض ومنازل الفلسطينيين ..؟ . قالت : لا ليس لهم حق. فقلت لابنتى باختصار : هل دافعت هذه الفتاة عن الحق . فأجابت : أيوه . سألت: هل لهذه الفتاة مصلحة مباشرة فى ذلك ؟. فردت : لا ليس لها أى مصلحة . سألت : هل سمعتِ عن فتاة تشبهها أو اتخذت موقفا مماثلا أو مشابها لموقفها. فردت : لا .. لم أسمع.

إذن : هل تستحق هذه الفتاة الأمريكية اليهودية لقب شهيدة ..؟ فأجابت مبتسمة: تستحق.

•أعدت مطالبة ابنتى باستخدام محرك البحث على الكمبيوتر وكتابة اسم آخرلرجل فكتبتْه . فطلبتُ منها القراءة.. وكانت كالتالى :

الإسم : نادر صدفة – الجنسية : فلسطينى – الديانة : يهودى - المهنة : مقاتل فى صفوف الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين- . محل الإقامةالحالى : السجون الإسرائيلية .. حيث يقضى عقوبة قدرها 6 أحكام بالمؤبد لاشتراكه فى عمليات عسكرية ضد السلطات الإسرائيلية بفلسطين المحتلة.. أسقطتْ كثيرا من جنوده.

أوضحت لابنتى أن حكم المؤبد مدته تقريبا 25 سنة وهذا يعنى أن مدة العقوبة التى سيقضيها فى السجن =25 سنة × 6 = 150 سنة ، وسألتها : هل سيخرج من السجن حيا إذا أكمل مدة العقوبة ..؟ فأجابت : لأ. ولما قرأنا معا عن العمليات المسلحة التى حاكمته المحكمة الإسرائيلية بسببها وجدنا أنها لاتقل عن 10 عمليات كبرى . فقلت لابنتى : ما رأيك ..هل يستحق هذا الفتى الفلسطينى اليهودى أن نطلق عليه فيما بعد لقب شهيد : قالت أيوه .. يستحق .

•وما أوضحته فى السطور السابقة يمثل نموذجين من القيم أوالمفاهيم ؛ أحدهما: يُفرّق بين البشر على أساس أديانهم ويُهمِل أفعالهم ومواقفهم ومبادئهم.. بينما الأفعال والمواقف هى من تعطى صاحبها قيمته ووزنه فى المجتمع الذى يعيش فيه وتمثل الأساس الذى يعرفه الناس به.

والثانى: هو تقييم البشر على أساس ما يفعلونه ويقدمونه لأوطانهم وللبشرية فى أى مكان بالعالم من أعمال تساهم فى نيلهم لحقوقهم وحل مشاكلهم وتيسير الحياة عليهم وتخفيف آلامهم ومساعدتهم على التقدم والعيش دون تمييز فى أمان واستقرار وعدالة ووفرة.

وللأسف فالنموذج الأول هو النموذج ا لعنصرى الذى تتبناه الجماعات والتنظيمات والدول التى تتستر بالدين وتخفى أهدافها السياسية الدنيئة به وعلى رأسها جماعة الإخوان المسلمين. أما النموذج الثانى فهو الذى تتبناه القوى المستنيرة الرافضة للتمييز بين البشر إلا على أساس العمل المنتج الذى يصب فى مصلحة الأغلبية الساحقة من البشر ويعيد الحقوق لأصحابها فى كل مجتمع على ظهر هذه الأرض .


الإثنين 9 أكتوبر 2017 بشير صقر








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مهاجمة وزير الأمن القومي الإسرائيلي بن غفير وانقاذه بأعجوبة


.. باريس سان جيرمان على بعد خطوة من إحرازه لقب الدوري الفرنسي ل




.. الدوري الإنكليزي: آمال ليفربول باللقب تصاب بنكسة بعد خسارته


.. شاهد رد مايك جونسون رئيس مجلس النواب الأمريكي عن مقتل أطفال




.. مظاهرة أمام شركة أسلحة في السويد تصدر معدات لإسرائيل