الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


القضية السورية والاستفتاء الكردستاني

محمود عباس

2017 / 10 / 10
القضية الكردية


رغم جهود الكرد على تقليص هيمنة الإرهاب الداعشي، وتضحياتهم، يتهمون بأنهم يتقصدون تعكير الصفوة التي بدأت بوادرها تظهر على الساحة السورية، وبأنهم ألهبوا الفوضى المنظمة في العراق من جديد، والجميع يعلم أن الصراع الشيعي –السني لا يزال في ذروته، وشعوب المنطقة لاتزال تعيش على مخلفات تاريخ الصراع الأموي-العباسي، أو الصفوي –العثماني. وبأنهم يخلقون صراع حديث مبني على الخلافات القومية، وكأن العروبة والأحزاب العروبية القومية والإسلامية والطورانية والمرجعيات الفارسية وليدة اللحظة!
على خلفية هذه التهم المخططة بدأت السلطات الإقليمية وخاصة المحتلة لكردستان، تعيد النظر في جدول علاقاتها السياسية – الاقتصادية بعكس الطرق المفروضة من قبل أمريكا وروسيا، وبالمقابل ولامتصاص موجة التحريض هذه، تتالت كلمات الاعتراض على الاستفتاء من قبل بعض الإدارات الأمريكية الأوروبية المتضررة بعكس روسيا، وبما أن جيوسياسية كردستان كانت حاضرة في جدول مخططاتهم الاستراتيجية حول الشرق الأوسط، لم تظهر تصريحات على سوية البيت الأبيض أو الكرملين، ولا من مراكز القرار الأوروبية العليا، والصادرة منها لم تتجاوز جغرافية التحذير، والعتاب، وكل ما تم نشره كانت من هيئات الدرجة الثانية وأدنى، جلها لامتصاص حقد السلطات المتضررة من عملية استقلال جنوب كردستان وتوجه جنوب غربه نحو الفيدرالية.
إثارة هاتين القضيتين من قبل رؤساء السلطات المحتلة لكردستان ومرجعياتهم الدينية، الشيعية والسنية، كالأزهر، والسيستاني وغيرهما، على الساحة الإعلامية، أكثر من حجمها الطبيعي، لسببين:
الأول، بعيد المدى، وهي الرهبة بما ستؤول إليه جغرافية الدول الإقليمية، وفي مقدمتها المحتلة لكردستان مستقبلاً.
والثانية، قريبة، وكان في معظمه مخطط للتغطية بشكل غير مباشر على النفاق الجاري ضمن مؤتمرات أستانة، فتحت غطاء هذه الضجة الإعلامية حول القضيتين الكردستانيتين، يحاولون التعتيم على نتائج مؤتمراتهم الحقيقية بعد إبراز الوهمية منها ببيانات خلبيه، تختفي خلفها المؤامرة المتفقة عليها تركيا وإيران والسعودية تحت الخيمة الروسية.
بعد الخروج من قاعات المؤتمرين الأخيرين في أستانة مباشرة فضحت غاية تركيا، وذلك بسبب إصرارها على أن تكون طرف رئيس في مراقبة منطقة خفض التصعيد (إدلب) تحديداً، الموقع الجغرافي الأهم بالنسبة لطموحات أردوغان، والمطلب ليست سوى خطة عسكرية-سياسية استباقية لمنع بلوغ قوات سوريا الديمقراطية أو التي ستشكل فيدرالية شمال سوريا، إلى البحر الأبيض المتوسط، وبما أن العملية ستجري تحت قبول ومراقبة القوات الروسية، تستمر الدبلوماسية التركية بالتنازلات المتتالي لروسيا، إلى أن بلغت بها عقد أكبر صفقة أسلحة، ولا يخفى بأن لروسيا طموحات في هذه العملية لذلك فضلتها على إيران، ومدتها بصواريخ س 400 في الوقت التي حصلت إيران على س 300، على أمل عزلها عن حلف الناتو. ومن جهة أخرى، وماذا ستحصل عليه إيران وسلطة بشار الأسد بالمقابل، يؤكد معظم المراقبون السياسيون بأن أردوغان أتفق مع إيران، وساهم على تجميع المنظمات الإرهابية والوطنية ضمن منطقة إدلب، ومن ضمنها عشرة آلاف من عناصر هيئة تحرير الشام الذين تم نقلهم من الحدود اللبنانية، وستقطع عنهم وبالتدرج كل أنواع الدعم، كما وأسندت الخطة بإعادة المهاجرين وبأعداد غفيرة إلى المنطقة ذاتها(إدلب)، وهذه العملية الأخيرة تفرض علينا طرح السؤال التالي على البشرية عامة وعلى المعارضة العروبية السورية التكفيرية، والدول العربية الإسلامية:
1- ماذا سيكون رد فعل العالمين العربي والإسلامي، لو قامت حكومة إقليم كردستان بإعادة المهاجرين والمهجرين العرب إلى مناطقهم مثلما تفعلها تركيا اليوم مع المهاجرين السوريين وهي ترحلهم إلى منطقة إدلب، أو منطقة عدم التصعيد؟
2- ماذا سيكون رد فعلهم لو قامت القوات الكردية في سوريا بإعادة الغمريين إلى مناطقهم في محافظة الرقة والتي تم تحريرها من قبل قوات سوريا الديمقراطية، أو قاموا بإعادة المهاجرين من مدن الداخل السوري؟!
3- أو قامت قوات سوريا الديمقراطية بتسليم المدنيين السوريين إلى هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقاً)، المنظمة المدرجة ضمن قائمة الإرهابيين، والتي تحاربها روسيا وأمريكا؟
4- أو تقوم بإرسالهم إلى أتون القتل والدمار، مثلما تفعلها تركيا، لتقصفهم قوات سلطة بشار الأسد والطائرات الروسية؟ عمليا تقوم تركيا الأردوغانية بإرسال الهاجرين السوريين إلى التهلكة، وبتأييد من المعارضة العروبية التكفيرية السورية، وأمام صمت العالم وخاصة العربي والإسلامي، في الوقت الذي هي ومنظماتها ومرجعياتها المذهبية تندد بمطالب الكرد في حق تقرير المصير، ويحاربون الاستفتاء الذي حصل على أغلبية شعبية ساحقة، وبالمقابل يسكتون على المؤامرة التركية -الإيرانية وسلطة بشار الأسد وحكومة العراق الشيعية، بحق الشعب السوري.
ويوجد سببين رئيسيين لهذا التهجير العكسي للمهاجرين السوريين إلى منطقة تعيش المعاناة حتى الموت، فلا سكن ولا غذاء ولا حماية من الصراع بين المنظمات العسكرية المتقاتلة، وهما:
أولا، لتزيد من عبئ المنظمات العسكرية المعارضة، ومنها النصرة، وحينها ستضطر إلى طلب المساعدة، والدولة الأقرب، والمجهزة ذاتها للتدخل هي تركيا، خاصة وأن أمريكا خارج المنطقة وهي ليست مركز ثقة بالنسبة للمنظمات المسلحة السورية السنية، وروسيا مندرجة في خانة الأعداء، وعلينا أن لا ننسى هنا أن تركيا ستكون أمام خيارين: إما القتال إلى جانب روسيا وسلطة بشار الأسد ضد المعارضة السورية المسلحة تحت اسم محاربة هيئة تحرير الشام(النصرة) أو أنها ستعيد تجربة الباب مع داعش، وتأمر النصرة بالتخلي عن سلاحها، والانضمام إلى القوات المسماة بالجيش الحر، وتكون تحت خدمة القوات التركية، وستساهم بشكل مباشر في ضم منطقة إدلب إلى ولاية هاتاي التركية(اسكندرونه) وستحاول مثلها مع عفرين، وهذه ستقودهم إلى الحالة الثانية، وهي الغاية.
ثانياً، ملئ جغرافية إدلب بالعسكريين والمدنيين وتحت حماية الجيش التركي لقطع الطريق على الكرد والأمريكيين لبلوغ البحر الأبيض المتوسط، عن طريق جبل الأكراد، وهي الخطة المتوقعة أن تتفق عليها أمريكا وروسيا بعد الانتهاء من الرقة ودير الزور، وعليه تقوم تركيا، بعد إرسال قوات استطلاع إلى داخل المنطقة، بتحشيد قواتها على أطراف باب الهوى ضمن جغرافية لواء اسكندرونه، المنطقة المتاخمة جغرافيا مع منطقة خفض التصعيد في إدلب، وهذه الخطة، مأمولة منها أن تكون داعمة ومتممة للتدخل التركي في منطقة الباب وجرابلس، لتوصل بين محوري الاجتياح من حيث الوجهة العسكرية. أما من حيث البعد السياسي فلهم منها عدة غايات:
أولا، تحاول عزل منطقة عفرين الكردستانية عن الجزيرة، وبالتالي تضم هذه المنطقة أيضا مع إدلب إلى جغرافية تركيا، حتى ولو كانت سياسية عسكرية حالياً، وتحت إشراف دولي.
ثانياً، وضع حاجز عسكري مكون من الجيش التركي وبعض المنظمات العروبية التكفيرية تحت أسم الجيش الحر، ومدني من المهاجرين، بين منطقة فيدرالية شمال سوريا والبحر الأبيض المتوسط، وحيث امتدادها الجيوسياسي هي جبل الأكراد، وهذه تؤدي إلى الغاية الأبعد، وهي:
الثالثة، تضييق الحصار على إقليم جنوب كردستان، والتي وفي حال زاد الحصار عليها، لن يبقى لها منفذ سوى طريق جنوب غربي كردستان إلى البحر الأبيض المتوسط، ومن خلال خطة التحكم بمنطقة إدلب، وربطها بالباب وجرابلس، سيكون حاجز بينها وبين المنفذ البحري، وستبقى جنوب كردستان، بل وفي حيز ما فيدرالية جنوب غربي كردستان أيضا تحت رحمة تركيا، وعليه من المتوقع أن توافق عليها إيران، لكن تبقى روسيا المعضلة، والتي على الأغلب ستكون موافقتها جزئية، لأنها تخطط على تطبيق النظام الفيدرالي في سوريا على النموذج الروسي، والفيدرالية الكردية، أو كما سميت مؤخرا بفيدرالية شمال سوريا، ستكون في المقدمة، خاصة هذه ستسهل علاقات روسيا التجارية مع جنوب كردستان، ومنها تسهيل مرور الغاز المتفق عليه من جنوب كردستان دون الشروط وإملاءات القوى الإقليمية، وعلى الأغلب سيتم اتفاق ما بين روسيا وأمريكا، على هذا الممر الجغرافي حتى البحر. ولا شك أن الثقل الأمريكي في كل هذه العملية ستظهر بعد الانتهاء من الرقة وعملية ديرالزور والميادين، والتحديد المبدئي لجغرافية (الفيدرالية الكردستانية في سوريا، فيدرالية شمال سوريا) ورغم عدم بدء أو ظهور الاتفاقات الأولية بينها وبين روسيا حول نوعية الفيدرالية أو شكل سوريا القادمة، إلا أن معظم الاحتمالات ترجح فتح المنفذ البحري على منطقتي كردستان، لأنها تتعلق وبشكل مباشر بمصالح الدولتين أمريكا وروسيا ومثلهما مصالح أوروبا.
كما وهمشت عملية الاستفتاء، والفيدرالية المأمولة تشكيلها بموافقة روسية أمريكية في جنوب غربي كردستان، مؤتمرات جنيف المنسية، أو لنقل النفاق السياسي، الذي تم بها خداع الشعوب السورية، وعتمت على العديد من المخططات التي تتفق عليها تركيا وإيران، وورائهما أدواتهما من المنظمات السياسية والعسكرية السورية، وبإملاءات روسية.
وللتغطية على هذه المؤامرة، وإعطاء صفة رسمية لدخول تركيا إلى الأراضي السورية بجيشها وتحت علمها، وبموافقة بل بدعم من سفهاء المعارضة العروبية الإسلامية السورية، وصمت سلطة بشار الأسد وإيران وحزب الله، تقوم تركيا بعرض أسم الجيش الحر، علماً بأن جميع السوريين يتذكرون يوم سلمت أول رئيس عسكري للجيش الحر، إلى نظام بشار الأسد في بدايات الصراع السوري، وضمن أراضيها وفي مدينة غازي عنتاب، وبأمر من أردوغان، وبمؤامرة من الميت التركي، ومن حينها ظلت تحتفظ بثلة معارضة سياسية منافقة انتهازية، معظمها مخترقة من قبل النظام أو تعمل لصالحها، في استانبول، ولانتهازيتها وانحطاطها الخلقي تدعم تجاوزات أردوغان، بل وتلبي مطالبه، وبشكل مباشر، بالدعاية الإعلامية، رغم محاولته اقتطاع جزء من أراضي سوريا وكردستان، وبالمقابل نجدها الأكثر صراخا واتهاما للكرد إلى حد وصفهم بالإرهاب مثلما يدعيه أردوغان، وشخصيات هذه المعارضة السورية السياسية أكثر من معروفة، معظمهم خريجي مدارس البعث، أو الإسلاميين التكفيريين، فقهاء الإخوان المسلمين، أو مؤيدي داعش والنصرة.
تبين للشعوب السورية وللعالم الديمقراطي بأن مؤتمرات (جنيف وأستانه) لم تكن أكثر من ذر الغبار في أعين الشعوب السورية، والقادمة ستكون مشابهة، وجل غايتهم من التي يأملون بعقدها، فيما إذا عقدت، ستكون لإسكات الشارع الذي لا يزال يتحرك أو يحرك لبعض الغايات من قبل الدول الإقليمية، لمواجهة القوى الكردية والكردستانية، لأنهم يدركون بأنه كلما تصاعدت مكتسباتها سيتزايد خطرها على الأنظمة الشمولية الاستبدادية في المنطقة، فمثلما قضت على أسطورة داعش، ستقضي على الأقل على العديد من المؤامرات، أو ستفضح المخططات التي تمرر تحت غطاء جنيف وأستانه:
كعملية التركيز على مركزية السلطة في سوريا.
والسلطة الانتقالية القادمة عروبية بامتياز.
والدستور عروبي إسلامي.
ومشاركة تركيا لمناطق خفض التوتر.
وبالتالي وهي الأهم، بالنسبة للدول الإقليمية القائمة على سير المؤتمرات، تمرير مخططات التعتيم على حقوق الشعب الكردي تحت حجة:
تناولها في الوقت المناسب، أي بما معناه، بعد الاتفاق على السلطة المركزية العروبية العنصرية.
وتشكيل البرلمان بأغلبية عروبية إسلامية عنصرية.
وكتابة الدستور بالنهج العروبي الإسلامي.
وحينها سوف لن يجد الكرد منفذ، ليس فقط للمطالبة بحقوقهم، أو بفيدرالية شمال سوريا، بل ولن يسمح لهم بطلب أكثر مما سيقدم لهم حسب ما يريده العروبيون الإسلاميون العنصريون، وفي أفضل حالاتها سيعرضون حقوق المواطنة علينا، تحت صفة المهاجرين الكرد، وإن تمت الموافقة على الحقوق الثقافية لنا ستكون ثورة!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. برنامج الأغذية العالمي يحذر من خطر حدوث مجاعة شاملة في غزة


.. احتجاجات أمام مقر إقامة نتنياهو.. وبن غفير يهرب من سخط المطا




.. عائلة فلسطينية تقطن في حمام مدرسة تؤوي النازحين


.. الفايننشال تايمز: الأمم المتحدة رفضت أي تنسيق مع إسرائيل لإج




.. رئيس مجلس النواب الأمريكي: هناك تنام لمشاعر معاداة السامية ب