الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية

محيي الدين محروس

2017 / 10 / 11
مواضيع وابحاث سياسية


بدايةً لا بدمن الإشارة بأن هذا الموضوع يحتاج إلى عدة مقالات، لذا سأحاول الاختصار والإشارة إلى بعض النقاط الهامة.
هذا العنوان: „ الحرية و الكرامة و العدالة الاجتماعية" هو شعار تم رفعه في من قبل الجماهير في كل ثورات بلدان الربيع العربي. فما هي علاقة الحرية بالعدالة الاجتماعية؟ وما هو المقصود بالعدالة الاجتماعية، وكيف وأين يمكن تحقيقها؟

العدالة الاجتماعية تحمل العديد من المضامين والعناصر، بحيث يتم عادةً تعريفها حسب هذا الحامل.

التعريف العام: العدالة الاجتماعية هي نظام اقتصادي – سياسي – اجتماعي – قانوني يهدف إلى القيم العُليا في العدل والمساواة بين المواطنين في العلاقات الاجتماعية – الاقتصادية لإزالة الفوارق الكبيرة بينهم، بحيث يكونون متساوين في الحقوق والواجبات، وذلك من خلال التوزيع العادل للدخل الوطني، وتكافؤ الفرص للمواطنين في التطور الاجتماعي والشخصي. وهي كذلك المحافظة على حقوق الإنسان وحريته وكرامته من خلال سن الدساتير والقوانين من قبل القضاء المستقل.
للأسف! العدالة الاجتماعية ليست من الثقافة الراسخة في مجتمعنا! رغم تردادها من قبل مختلف الأشخاص والقوى السياسية. وكل يفهمها على طريقته الخاصة! والشائع هو فهمها العدل قانونياً، وفي أحسن الأحوال: دولة القانون، رغم أن هذه القوانين في معظم الأحيان لا تحقق العدالة الاجتماعية! لا بل هذه القوانين صُنعت في مصلحة الحاكم الديكتاتور وطغمته في السلطة السياسية والاقتصادية.
العدالة الاجتماعية في معناه الأوسع هي التي تضمن لأفراد المجتمع حرية أكبر، وخيارات أكثر، وتضع الموارد العامة مُتاحة للجميع على قدم المساواة، مع تمكين الأكثرية الساحقة من استثمار تلك الفرص والموارد، دون الولاء السياسي أو حكراً على طبقة محددة.
المجتمع هو الذي يخلق دخله الوطني، و هو المعني في توزيعه بشكل عادل، مما يسمح بتحقيق العدالة الاجتماعية في جانبها الاقتصادي. أما توزيع الصدقات من كبار الرأسماليين على الطبقات الفقيرة ( من خلال الجمعيات الخيرية على سبيل المثال)، فهي لا تحل مشكلة الفرق الشاسع بين فئات المجتمع ( هي حبوب مسكنة لا أكثر)، ولا تحقق العدالة الاجتماعية.

في أية دولة يمكن أن تتحقق العدالة الاجتماعية؟
- في دولة المواطنة التي تراعي في دستورها وفي تطبيقه عدم التمييز بين المواطنين على أساس الدين أو القومية أو الجنس أو الفكر. فلا يوجد فيها مواطن من الدرجة الأولى ومواطن من الدرجة الثانية. وهذا يمكن تحقيقه:
- في الدولة الديمقراطية التعددية.
- في الدولة العَلمانية – الديمقراطية التي تضمن حرية وحق الاعتقاد، وتضمن حق ممارسة العبادات، و تكون حيادية تجاه كل الأديان، وحيادية تجاه المواطن بغض النظر عن دينه ومذهبه و طائفته.
- في الدولة التي يضمن دستورها وقوانينها حرية التعبير وحرية عمل المنظمات المدنية والأحزاب السياسية.
- في الدولة التي يضمن دستورها وقوانينها المساواة بين المرأة والرجل في جميع الحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، والتي تلتزم فيها الدولة بحماية المرأة ضد كل أشكال العنف، وتوفر الرعاية والحماية للأمومة والطفولة.
- في الدولة التي تضمن تكافؤ الفرص في العمل – بعد توفير فرصه - و توفر الخدمات الأساسية مثل: التعليم والرعاية الصحية والمسكن والتأمينات الاجتماعية.
في الدولة التي تضمن حقوق الإنسان حسب الإعلان العالمي لحقوق الإنسان وغيره من الاتفاقات الدولية، والتي تضمن حقوقه الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والثقافية والمدنية.
لا يمكن أن نتصور في دولةٍ تحكمها الأجهزة الأمنية القمعية، وتجري فيهاالاعتقالات التعسفية، والقوانين الجائرة، وخنق الحريات الفردية والعامة، وهدر لكرامة المواطن، بأنه توجد عدالة اجتماعية! ومع فقدان الحرية يفقد الإنسان كرامته.
من هنا، جاء الربط الموضوعي بين الحرية و الكرامة والعدالة الاجتماعية.

تلعب المنظمات المدنية دوراً هاماً في تنفيذ وتحقيق العدالة الاجتماعية، في المشاركة في صنع القرار، وفي مراقبة التنفيذ من قبل مؤسسات الدولة والقطاع الخاص والأسواق ...إلخ. وفي مساندتها خطط تنمية المجتمع، وفي التوعية الاجتماعية والثقافية، وخاصةً في قطاعي الشباب والنساء.
من هنا، نجد بأن شعار العدالة الاجتماعية، ينتشر بقوة الشعلة في مجتمعاتنا، رغم التفسيرات المختلفة له، والتباينات في وجهات النظر لتطبيقه.
إن عدم تحقيق العدالة الاجتماعية في الأنظمة السياسية العربية، وبالتالي القمع للحريات الشخصية والعامة، والاستهانة بكرامة وحقوق المواطنين، وممارسة سياسة التمييز والإقصاء والتهميش، والفروق الشاسعة في توزيع الدخل الوطني، وانتشار الفساد أدى إلى تفجير الثورات ضدها، بهدف إقامة دولة المواطنة، التي تتحقق فيها الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية.
بالمقابل، ليس من السهل أن تتخلى هذه الأنظمة عن امتيازاتها. لذا تقوم بالتصدي لها بثورات مضادة، تأخذ العديد من الأشكال: بدءاً من تبني شعاراتها للانقضاض عليها بالشكل المدني أو العسكري، أو من خلال تحويل مسارها السياسي إلى حروب طائفية- دينية،بالإضافة إلى استخدام السلاح ضدها كما في سوريا، تحت شعارات التصدي " للمؤامرة" ومحاربة " الإرهاب" !
الانتصار في هذه المعركة الطويلة سيكون لصالح الشعوب المناضلة، من أجل حقوقها المشروعة في العيش بحرية وكرامة وعدالة اجتماعية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بمشاركة بلينكن..محادثات عربية -غربية حول غزة في الرياض


.. لبنان - إسرائيل: تصعيد بلا حدود؟ • فرانس 24 / FRANCE 24




.. أوروبا: لماذا ينزل ماكرون إلى الحلبة من جديد؟ • فرانس 24 / F


.. شاهد ما حدث على الهواء لحظة تفريق مظاهرة مؤيدة للفلسطينيين ف




.. البحر الأحمر يشتعل مجدداً.. فهل يضرب الحوثيون قاعدة أميركا ف