الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


دور النساء في الثورة الروسية 1917 - ماري ديفيز

قحطان المعموري

2017 / 10 / 12
ملف الذكرى المئوية لانطلاق ثورة أكتوبر الاشتراكية في روسيا



بقلم : ماري ديفيز
ترجمة : قحطان المعموري
نالت الذكرى المئوية لثورة إكتوبر الأشتراكية العظمى قدراً كبيراً من الاهتمام،و شمل هذا الإهتمام جوانب كثيرة فيها، إلا أنه يمكن القول بأن هناك جانباً مهماً من جوانب ثورتي عام 1917 قد تم تجاهله بشكل كبير ، ألا وهو دور المرأة فيهما .
إن الرأي الشائع و المقبول لدى المهتمين هو أن النساء الروسيات كن قد ظهرن مرتين فقط وبشكل فعّال في عام 1917. المرة الأولى كانت في بتروغراد وتحديداً في 23 شباط كطلائع للثورة التي أقامت الحكومة المؤقتة. أما المرة الثانية فقد كان من خلال الدورالرجعي الذي لعبته النساء البرجوازيات اللواتي كن ضمن الكتيبة العسكرية المدافعة عن القصرالشتوي ضد هجوم البلاشفة يوم 25 أكتوبر.
وعلى الرغم من حقيقة الدور الفعال الذي لعبته المرأة في هاتين الحادثتين ، إلا أنه من غير الإنصاف إختزال كل دور المرأة الهام وخلال جميع مراحل العملية الثورية بهما. لقد كانت النساء بمثابة (قابلات الثورة) على حد تعبيرعنوان كتاب كل من جين ماكدرمد و آنا هيلر. لقد كن حاضرات عند ولادة الثورة وفي مراحل الحسم النهائية فيها . إضافة الى أنهن لعبن دوراً حاسماً في الدفاع عن الثورة خلال الحرب الأهلية في الفترة 1919 ـ 1920. ولغرض تقدير دور النساء فأنه من الضروري العودة الى ثورة 1905 في روسيا عندما إنطلقت الحركة النسوية لأول مرة مع تشكيل عصبة مساواة النساء.
وعلى غرار العديد من المنظمات المماثلة في أوروبا في ذلك الوقت والتي تقودها النساء البرجوازيات ، ركزت العصبة على حق المرأة في الاقتراع. ومع ذلك، فقد أدركت كلارا زتكين في ألمانيا أن النساء منقسمات طبقياً ولكنهن معترفات جميعاً بالحاجة الماسة إلى الطبقة العاملة النسوية للنضال من أجلهن. كما قالت في عام 1907 في المؤتمر النسائي الاشتراكي الدولي في شتوتغارت من أن : "التناقضات الطبقية تستبعد إمكانية أن تصبح الطبقة العاملة النسوية حليفة للحركة النسوية البرجوازية. لكن هذا لا يعني بأنها ترفض الحركة النسوية البرجوازية فيما لو أرادت الأخيرة الوقوف معها في النضال من أجل حق المراة بالإقتراع والوقوف معها جنباً الى جنب في محاربة العدو المشترك وعلى مختلف الجبهات "
لقد تم تناول رسالة كلارا هذه في روسيا من قبل كونكورديا سامويلافا وألكسندرا كولونتاى والعديد من النساء البلشفيات اللواتي شكلن في عام 1907، مركز المساعدة المتبادلة للمرأة العاملة من أجل نشر الأفكار الاشتراكية بين النساء العاملات، وتشجيعهن على الانضمام إلى النقابات العمالية القائمة آنذاك ولضمان عدم استمرار الحركة الاشتراكية في تجاهل قضايا المرأة. وعلى الرغم من الأحتفال بيوم المراة العالمي عام 1910 على المستوى العالمي لكنه لم يحُتفل به في روسيا إلا في عام 1913.
لقد دعم لينين بقوة الحملات الانتخابية بين النساء العاملات وكان من بين أولئك الذين دعوا إلى نشرجريدة جديدة إسمها رابوتنيتسا (العاملة)، والتي ظهرت لأول مرة عام 1914.
كان اندلاع الحرب العالمية الأولى في ذلك العام بمثابة الكابح الرئيسي لأنشطة الحركة العمالية، و كما هو الحال في أماكن أخرى في أوروبا، فقد ازدادت حدة الانقسامات بين الاشتراكيين يميناً ويساراً. لقد بدا ذلك واضحاُ جداً في روسيا حيث إنشق حزب العمل الاشتراكي الديمقراطي الروسي عام 1903 الى فصيلي البلشفيك والمنشفيك وكان إنقساماً حاداً لا يمكن رأبه بسبب دعم الاخير للحرب وعلى النقيض من سياسة البلشفيك الشعبية المناهضة للحرب.
إن قضية دعم الحرب مقابل مناهضة الحرب زادت من حدة الإنقسامات الطبقية في الحركة النسوية الممزقة أصلاً. كما إن الحركة النسوية البرجوازية ـ كما في بريطانيا تحت قيادة إيميلين بانخورست ـ قد دعمت الحرب، في حين أن النساء العاملات المتأثرات باخواتهن البلشفيات عارضن الحرب بشدة . وبحلول عام 1917 إزدادت أعداد النساء العاملات في المعامل سواء كان ذلك في مصانع الذخائر الحربية أو كبديلات عن العمال الذين تم تجنيدهم للحرب . وفي الثامن من آذار 1917 إتسم عيد المرأة العالمي بالإضرابات وتظاهرات النساء الضخمة ، حتى أن صحيفة البرافدا البلشفية قد كتبت بان ذلك يؤدي الى الثورة ، وبأن:
" اليوم الأول للثورة هو يوم النساء .. النساء اللواتي يقررن مصير القوات .. لقد ذهبن الى الثكنات ، تكلّمن مع الجنود الذين إنضموا اخيراً للثورة... ايتها النساء نحن نحيكنّ ".
ومع ذلك، وخلافاً للرأي التقليدي، فقد كانت هذه فقط بداية لمشاركة المرأة في العملية الثورية ، لكنها في ذات الوقت كانت النهاية بالنسبة للحركة النسوية البرجوازية . لقد دعمت الأخيرة وبقوة الحكومة المؤقتة الجديدة برئاسة غيورغي لفوف أولاً ثم الكسندر كيرنسكي فيما بعد ، وعلى الرغم من إستمرارها بحملات من أجل حق التصويت إلا أن مطلبها الرئيسي كان " الحرب من أجل النصر "، حتى أنهن شكّلن كتيبة عسكرية نسائية لمحاربة الألمان والبلشفيك على حدٍ سواء. وقد قامت بانخورست زعيمة الحركة النسوية البرجوازية في بريطانيا بلقائهن عند زيارتها الى روسيا لإقناع كيرنسكي رئيس الحكومة الروسية للبقاء في الحرب.
أن النساء العاملات يعارضن بشكل كامل الحرب والحكومة وهن ضد الافتراض بأن بإمكان النساء البرجوازيات التحدّث بأسمهن. وهكذا استمرت الإضرابات ، حتى أصبح من الصعب على الحكومة تسيير الخدمات العامة في المدن وتنظيم أعمالها وعمالها. وعلى سبيل المثال، فقد أضرب عمال الغسيل ، في مارس 1917، بقيادة البلاشفة في صوفيا غونشارسكيا، لمدة أربعة أسابيع مما أصاب هذا القطاع بالشلل. وفي نيسان 1917 نظم مايقرب من 000 100 من زوجات الجنود مظاهرة حاشدة للمطالبة بتحسين حصص الأعاشة ووضع حدٍ للحرب كما ألقت الزعيمة النسوية كولنتاي خطبة في هذا التجمع. لقد شارك البلاشفة بشكل كبير في العمل التحريضي في أوساط النساء ولعبت جريدة روبتنستا ( العاملة ) التي ظهرت عدة مرات في الشهربـأربعين الى خمسين ألف نسخة وكان من بين اعضاء هيئة تحريرها كل من ناديجدا كروبسكايا و إنيسا ارماند، دوراً كبيراً في هذا التحريض. كما شاركت النساء العاملات وبنشاط في محاولة الإنقلاب التي قام بها القائد العسكري كورنيلوف في آب 1917 حيث قمن بالمساعدة في عمل الحواجز والإسعافات الطبية من خلال منظمة الأخوات الحمراوات . وفي أيلول 1017 نظمت سامويلافا أول مؤتمر رسمي للنساء العاملات في روسيا والذي عقد مرة أخرى بعد قيام ثورة إكتوبر الإشتراكية . وخلال الثورة وبعدها تم تسجيل الكثير من النساء كمتطوعات في الحرس الأحمر و بمختلف الأدوار بما فيها القتال . وكدليل على أهمية المرأة في الفترة الثورية، لابد من الإشارة الى إن إحدى المراسيم الأولى للحكومة الاشتراكية هو ما سميّ بقانون الزواج والأسرة الذي صدر في أكتوبر 1918، و هو يقدم رؤية ثورية للعلاقات الاجتماعية القائمة على مساواة المرأة مع الرجل. إن أفضل تلخيص لدور المرأة في الثورة الروسية هو ما قاله لينين في حديثه مع اليسارية الألمانية كلارا زتكين في عام 1920: " لقد تصرفت النساء العاملات بشكل رائع خلال الثورة. وبدونهن ما كنا منتصرين ". اليوم وبعد مرور مائة عام ، فانه ينبغي أن تكون هذه الكلمات تذكير بارز بالدور الثوري الذي لعبته المرأة.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ماري ديفيز ، أستاذ زائر في تاريخ العمل في رويال هولواي، جامعة لندن








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -بيتزا المنسف-.. صيحة أردنية جديدة


.. تفاصيل حزمة المساعدات العسكرية الأميركية لإسرائيل وأوكرانيا




.. سيلين ديون عن مرضها -لم أنتصر عليه بعد


.. معلومات عن الأسلحة التي ستقدمها واشنطن لكييف




.. غزة- إسرائيل: هل بات اجتياح رفح قريباً؟ • فرانس 24 / FRANCE