الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تكنلوجيا السلوك حل لمعضلة المجتمع وبناء الدولة العصرية 2

حيدر لازم الكناني

2017 / 10 / 13
المجتمع المدني


القسم الثاني من المقال :
يشير سكنر إلى أن تطورات هائلة حدثت في العلوم المختلفة مثل علم الحياة وعلم الفيزياء، الأمر الذي سمح بتطوير تكنولوجيا بالغة التعقيد فيما يتعلق بأساليب منع الحمل، الأسلحة، الزراعة، الطب، وغير ذلك. ولكن تكنولوجيا السلوك لم تشهد سوى تطورا محدودا نسبياً. فقد كان انبثاق علم السلوك الإنساني الذي يمكن أن تُستمد منه التكنولوجيا السلوكية بطيئاً للغاية، ولهذا تبقى المؤسسات الحكومية والتربوية والاقتصادية والاجتماعية الأُخرى حيث كانت، دون أي تحسن ملموس عبر السنين. وفي الوقت الحاضر تطور هذا العلم باستخدام تكنيكات تعديل السلوك المستندة إلى مبادئ سكنر وزملائه، وهذا يشكل دفعة قوية لتكنولوجيا السلوك.
ففي المجتمع السكنري المستخدم لتكنولوجيا السلوك فإن الناس سيشعرون بالحرية أيضاً وبالكرامة وبالمسؤولية، على الرغم من أن سلوكهم ليس حراً فعلاً وهناك نقطة هامة: يعتقد سكنر أن سلوكنا تتحكم فيه بيئتنا اليوم و ستتحكم فيه غداً، ولذا فإن الهدف يجب أن يتمثل في تصميم الظروف البيئية البناءة غير العقابية التي ستؤدي إلى تحسن الفرد و المجتمع و المشاعر أيضاً .
ويرى سكنر أن الحكومة المتساهلة هي تلك الحكومة التي تترك التحكم لمصادر أخرى فإذا كان الناس يسلكون سلوكا جيدا في ظلها وذلك لأنهم كانوا قد اخضعوا لتحكم أخلاقي فعال أو التحكم الأشياء أو لأنهم كانوا قد تأقلموا بواسطة المؤسسات التربوية وغيرها بالسلوك بأساليب تنطوي على الإخلاص والوطنية والالتزام بالقوانين ، وحين يسيطر على المجتمع الصراعات ويدب الاضطراب وتتفشى الجريمة فتكون هنا الحكومة في موقف حاسم في استخدام أساليب أكثر صرامة وسيطرة على مواطنيها من خلال تقوية وسائل التحكم واستعمال معززات أقوى تأثيراً ، وإذا كان الأفراد لا يلتزمون بالقوانين فليس ذلك أنهم يسخرون من القوانين أو لأنهم مجرمون وإنما لان تنفيذ القانون قد أصبح ليناً ومسترخياً .
ففي هذا المفهوم لا يعول كثيراً على السلوكيات الداخلية للأفراد وأثرها في الفرد والمجتمع وليس من الصعب تفهم الأسباب التي تدعونا إلى الاعتقاد بأن المشاعر تسبب السلوك. فهي تحدث فوراً داخلنا ، وكثيراً ما تكون عنيفة و تصاحب أفعالنا. لذا فإنه لأمر مثير للدهشة إذا لم نعتقد بأنها تسبب سلوكنا. ولكنها في رأي سكنر، مجرد نواتج لذات الظروف البيئية التي تشكل سلوكنا و سنقدم مثالا بسيطاً في هذا الصدد:
إنك إذا عززت بالثناء و الموافقة على قيامك بشيء ما، فأنت لا تصبح أكثر قابلية لعمل ذلك الشيء فحسب، ولكنك ستشعر بالارتياح أيضاً. ومن ناحية ثانية، فإذا ما عوقبت على قيامك بشيء ما، فعلى الأغلب أنك ستشعر بالذنب، أو الاستياء، أو الغضب، أو أي انفعالات أُخرى اعتماداً على خصوصية الظرف. إن النقطة الهامة التي يوضحها سكنر أن ” الشعور بالارتياح” و ” الشعور بالذنب” لا يسببان السلوك ، فهذه المشاعر نتاج للعوامل البيئية كالتعزيز والعقاب، مثلها في ذلك مثل السلوك الظاهر تماماً.
وعلى الرغم من المفارقة الكبيرة بين مقاربة فرويد Frued وسكنر في تفسيرهما للسلوك الإنساني ألا أنهما تقريبا يتوافقان إلى حد كبير في تفسيرهما للنوازع الأنانية الداخلية التي يملكها البشر والتي تسبب الدمار والاقتتال والدمار والكراهية ، فيرى فرويد أن سبب المشكلات الإنسانية هي قوى الهو وغريزة الموت وهي وجهة نظر بايلوجية ، فان سكنر يعتقد بان معظم مشكلاتنا بما فيها الحروب والجريمة هي أنماط سلوكية بشرية متعلمة تشكلت عن طريق التعلم ، فإذا استطاع المجتمع تعزيز أنماط سلوك أفضل فانه سيعطل أنماط سلوكية سيئة التكيف التي تم تعلمها من خلال التربية الخاطئة ، ومن خلال المعززات الايجابية يمكن بناء شخصية منتجة وبالتالي بناء مجتمع سليم . وأنه علينا دراسة الظروف البيئية و تنظيمها على نحو يقلل من الاكتظاظ السكاني و تفشي الأمراض و التلوث البيئي و العلل الاجتماعية الأُخرى، و يزيد من السلام و الصحة و المحافظة على المصادر الطبيعية و الأهداف الاجتماعية النافعة الأُخرى.
أن فهم العلاقة بين السلوك والبيئة سيكشف لنا طرقا جديدة لتفسير السلوك لقد أضحى ألان الخطوط العريضة للتكنولوجيا وتوصف المهمة بأنها سلوك يراد أنتاجه أو تعديله ، ومن ثم ترتيب الظروف والأحداث الملائمة ، وقد تدعوا الحاجة إلى تتابع مجموعة للظروف لقد نجحت التكنولوجيا نجاحا كبيرا حيث أمكن تحديد السلوك بسهوله نسبيه وحيث أمكن بناء الظروف والإحداث المناسبة ، مثلاً رعاية الطفولة وفي المدارس وإدارة المعوقين وغيرها ، لكن المبادئ نفسها تطبق الآن في أعداد المواد التعليمية على كل المستويات التعليمية وفي العلاج النفسي الذي يتجاوز أمور الإدارة وفي أعادة التأهيل وفي الإدارة الصناعية وفي تخطيط المدن وفي ميادين أخرى كثيرة من السلوك البشري ، وهناك الكثير من أنواع تعديل السلوك المختلفة والكثير من الصيغ المختلفة ولكنها كلها تتفق على النقطة الأساسية التالية وهي : أن السلوك يمكن تغيره بتغير الظروف التي أوجدتها .
وبهذه المقاربة يحق لنا تصميم مجتمع سليم وفق مبادئ تكنولوجيا السلوك التي نادى بها سكنر والتي تكون سياقها وفق الإجراءات السلوكية ومبادئ سكنر في تشكل السلوك الإنساني وهندسته وليس بناء أنظمة تتوكأ على عكازات ، حيث يمكن ومن خلال هذه الإجراءات والمبادئ صنع مجتمع يتحدد سلوكياته وفق مسارات محددة ومنظمة تعتمد على السلوك الإجرائي بعيدا عن الكيفية والمزاجية وتحطيم ما يسمى الحرية الفردية التي صنعناها من الوهم ، وقد ثبت فعاليه تكنولوجيا السلوك كما بينا وهي تتناسب مع مشكلاتنا .وهي ما نحتاجه فعلاً في إنقاذنا وإيجاد الحلول السريعة . وتعتمد جميعها على كيفية توفير الثقافة للمعززات الإيجابية والسلبية، مع التركيز على التعزيز الايجابي للذات هو جوهر الحل من خلال تنظيم بيئة المجتمع وخلق نتاجا رائعا .
...........................................................................
د حيدر لازم الكناني








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. احتجاجات أمام مقر إقامة نتنياهو.. وبن غفير يهرب من سخط المطا


.. عائلة فلسطينية تقطن في حمام مدرسة تؤوي النازحين




.. الفايننشال تايمز: الأمم المتحدة رفضت أي تنسيق مع إسرائيل لإج


.. رئيس مجلس النواب الأمريكي: هناك تنام لمشاعر معاداة السامية ب




.. الوضع الإنساني في غزة.. تحذيرات من قرب الكارثة وسط استمرار ا