الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الارهاب النفسي..Psychological Terrorism

ناهض موسى

2017 / 10 / 14
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


الارهاب النفسي..Psychological Terrorism د.ناهض موسى
في الوقت الذي تتطلع فيه شعوب الأرض للأمن والسلام.. وإرساء الحريات والديمقراطية والمساواة , حتى حل الإرهاب وهدد كيان الإنسان, وأصبح يستنشق رائحة الموتى والدخان.. في أجواءٍ ملئُها رهبة, يميزها رعب, يحكمها عنف, ترفل بالهستيريا والعدوان.. فلا أحد يعرف طعم الأمنِ والأمان ,ومتى يقتل أو يخطف أو يدان. فهو الإرهاب الموجه للكل بهذا الزمان... فتغيرت سلوكيات ,وتأثرت مواقف ,وعمت فوضى, وأزداد توتر, وقلق, وإحباط, وكبت, وحرمان , وأنقسم الناس بين مؤيدٍ ومعارض, وبين محايد ومناقض, وبين مسالم أو عدواني, فانفرط العقد وأصبحت عملية ضبط السلوك من أصعب ما يكون أو كان ،عملية معقدة في ظل تداخل معقد بين الإرهاب والجريمة ,والتفسيرات الغائية للإرهاب، نتابع توجهات تضعه في مفاهيم وتوصيفات لعل أقربها المقاومة , بينما توصفه توجهات اخرى بالارهاب.. ولا أحد يعرف تعريفاً واضحاً موحدا للإرهاب حتى تجاوزت التعاريف المئات. وعد تحديد ماهية الإرهاب.. مشكلة شائكة ذات صعوبة بالغة لصدورها عن سلوكيات تبررها ذات الفاعل طبقاً لمرجعية قد لا تتطابق مع مرجعية فاعل آخر، فلا نجد اتفاقاً بين الأفراد والجماعات على تحديد حقيقة المفهوم وهذا أمر يعود ربما للفروق الفردية أو لاختلاف الخلفيات الثقافية للناس وفي إدراكهم للأشياء او تبعا لتوجهاتهم الفكرية وعلى الرغم من مرور هذهِ العقود الطويلة من الزمن ما زال مفهوم الإرهاب حتى الآن غائب يبحث عن تعريفه المناسب وهذا لا يعني أن الجهود قد توقفت,ولكن بسبب كثرة الاجتهادات ضل المفهوم طريقه ، وحتى الأمم المتحدة وقبلها عصبة الأمم عجزت عن التوصل إلى تعريف يحظى بالقبول العام للارهاب. (تشومسكي، 2003، ص121)، ورغم عالمية ظاهرة الإرهاب، ومستوى خطورتها، وسمات القسوة والبشاعة التي رافقتها.. في زمن يلهج فيه كثيرون بمبادئ حقوق الإنسان ومبادئ التعايش السلمي بين الأمم والجماعات.. اعتبر البعض أن الإرهاب: منطقة مظلمة من مناطق السلوك البشري..
ولم يقتصر الاهتمام بمشكلة الإرهاب على علماء النفس والاجتماع والسياسة والقانون فقد كان محط اهتمام كل علماء الارض باختلاف توجهاتهم وتخصصاتهم.
وانشغل العالم بالإرهاب.. وقتل الناس بلا أسباب ،وعمت فوضى وزاد خراب , حتى فاق عدد الهجمات الارهابية الخيال , وكما قتل بالأمس الانبياء وقادة الامة العظام , قتل اليوم رسل الانسانية والعلم والسلام, وكما نحارب الضلالة والجهل والظلام نجد اليوم محاولات للصق تهمة الارهاب بالإسلام, ولم ينجو طفل ولا شيخ او مرأة من الرهبة والانتقام. في ظل تطرف وتعصب وتصلب وهوس وأوهام...
وأصبح الارهاب هدفاً لسياسات دول كبرى بعنوان ((الحرب ضد الإرهاب)).. وأصدر مجلس الامن الدولي وهيئات الأمم المتحدة وباقي المنظمات قرارات تدين وتجيز ضرب الإرهاب في أي مكان, فهو ظاهرة عالمية لا ترتبط بجنس أو دين أو وطن او عنوان، والارهاب من الناحية النفسية يحوي عنصرين مهمين لبلوغ التأثير في السلوك :- عنصر نفسي ... وما يرافقه من فزع وخوف وذعر,
وعنصر جسدي ... أي تغيرات الجسد الاخرى من جراء الخوف.
والارهاب(بكل اشكاله وانواعه) كما للحرب وجهان لكل منهما : احدهما مادي معروف ، واخر نفسي يساويه في القوه ولا يقل عنه خطرا ، فاصطلح على الجانب النفسي المرافق للحرب التقليدية (الحرب النفسية) وبذا فان الجانب النفسي المرافق للارهاب هو (الارهاب النفسي) ، فهو حرب افكار, وتغيير سلوك ، موجه ضد النفس البشرية وضوابطها وميدان شخصيته الانسان.
ومثلما لازم الارهاب البشرية منذ بدايتها فقد رافق ذلك تغير سلوك الافراد والجماعات فأن الخوف والذعر والفزع الذي ينذر به تارة و ينفذه تارة أخرى حتما تتبعه آثارا سلبية ان لم تكن ضارة, لا يمكن تجاهلها باي حال من الاحوال فأفرز بذلك اتجاهات متباينة من الوان السلوك.
وان تعرض الفرد للضغوط والتهديد بشكل مستمر قد يضعف مقاومته ومن ثم يؤدي به الى القيام بسلوك يتنافى مع ما يحمله الفرد من معايير ذاتية وضوابط معرفية.
ومهما تعددت الاسباب واختلفت المسميات فان علاقة الارهاب النفسي بتغير السلوك والضبط المعرفي مثله كمثل تقلبهم ذات اليمين وذات الشمال, فتارة ينشأ الارهاب بفعل تغير سلوك الفرد, وتارة بفعل ضعف ضبطه المعرفي , وتارة يتحد الاثنان , وتارة اخرى هو السبب في نشوئهما، ومهما يكن الحال فان عبارة الرهبة (Terror) من حيث عناصرها الاساسية التي يحدد مدلولها كونها حالة نفسية معاشة او انفعالاً يثير في النفس شراً او خطراً معينا استمر هذا المعنى النفسي للارهاب منذ ظهور هذه العبارة حتى اليوم دون اي تغيير ، كون معظم مقترفي الارهاب افراد او جماعات لايزالون يطبقون ويمارسون مضمونها النفسي والمادي في أفعالهم الارهابية, علاوة على ذلك فان عبارة إرهاب ( Terrorism ) تضمنت عناصر رئيسية ثلاثة هي :-
1:- المعنى النفسي الذي يتجلى بحالة الرعب التي يزرعها في النفوس ، وبدون هذا المعنى تفقد هذه العبارة اسسها ومقوماتها
2:- المعنى السياسي من حيث دلالاتها على نسق الحكم ، وبدون هذا المعنى تصبح مجرد ردة فعل عنيفة وتلقائية وفردية
3:- علاقتها باصحاب السلطة ، وبدون هذه العلاقة تصبح العبارة فعلاً اجرامياً يخضع لاحكام القانون الجنائي العام ( العكرة ، 1983 ، ص39).
فعرف دانتون الارهاب النفسي ... (1994Dantton )
" التهديد او استعمال العنف بغرض تحقيق رد فعل نفسي علي أية مجموعة مستهدفة , وهو في واقع الأمر اكبر من ضحاياه المشردين "(وزادانوف , 1994, ص22).
وعرفه جوليان فرويند ... 2002
" استعمال العنف دون تقدير او تمييز بهدف تحطيم كل مقاومة وذلك بإنزال الرعب في النفوس , والقضاء على الكائنات , وتدمير الممتلكات واستعمال العنف بشكل منسق لتخويف النفوس وإزهاقها , استعمال جثث الضحايا لزرع اليأس في قلوب الأحياء ".(الفتلاوي ,2002,ص42 ).
فبينت الراسات ان الاعمال التي هي من صنع الإنسان مثل الحروب والارهاب والقمع والحصار والعقاب الجماعي يفوق تأثيرها المدمر آثار الأزمات الأخرى التي تنشأ من كوارث طبيعية على الأفراد والجماعات، وتكون محصلة التعرض للضغوط النفسية هائلة نتيجة لأعمال الإرهاب والتهديد وتدمير البيئة ومشاهد القتل والدم (الشربيني،2002،ص2) ، فضلاً عن أن للإرهاب آثار نفسية تتمثل بآثار شدة الفعل العنيف المفاجئ للصدمة النفسية وما يلحقها من عواقب او ما يعرف اضطرابات الضغوط الصدمية Post traumatic stress Disorder)) إذ تدل الإحصائيات أن 9% من سكان العالم يعانون من اضطرابات ما بعد الضغوط الصدمية. (Wston, 2000, p. 11),كما أثبتت الأبحاث العلمية الحديثة ان (30%) ممن خبرو او شاهدو مآسي وأحداث الارهاب قد ظهرت عليهم اعراض نفسية تلازمهم طوال حياتهم تحول دون العودة الى حياتهم الطبيعية قد تأخذ هذه المشكلة نمطين بارزين :
1- شكل أعراض ضغوط نفسية حادة(Acutce stress Disorders)
2- او شكل أعراض ضغوط وصدمات نفسية متبقية آثارها من الماضي Post traumatic stress Disorder) )(هيلز,1999,ص75).
ولا يخفى ان الأجواء الإرهابية المفزعة وما يرافقها من قلق ورعب واضطراب التي يخلقها الارهاب لا تستثني احدا خصوصا الاطفال والمراهقين و من هم في بداية الشباب ففي دراسة قدمتها جامعة كنساس وغالوب للفترة من 2001 – 2004 على عينة شملت اكثر من الف طفل وشاب من 23 مدرسة بولايتين جنوب شرق الولايات المتحدة الامريكية عن الارهاب و الحروب والاختطاف كونها تمثل واحدة من مجموع عشرين نوع من مخاوف الاطفال والشباب اظهرت النتائج ان الارهاب والاختطاف على راس تلك المخاوف في القائمة تلتها المشاركة في حرب ,ثم التعرض لهجوم مسلح , فأعاصير وزوابع , اوالسباحة في مياه عميقة , وفي ذات الصدد فقد اشارت دوان كانتور بروفيسور بجامعة (ويسكنون – ماديسون) الامريكية ان حتى الاطفال دون سن الثامنة يمكنهم التمييز بين الحقيقة والخيال , مما يجعل لتغطية وسائل الاعلام المرئية تاثير بالغ على صحتهم النفسية , تحديدا تلك المتعلقة بانباء الاختطافات والقتل والارهاب.( شبكة النبا المعلوماتية , 2009 , ص3 ) . كما استنتجت دراسة Perez – Olmose, 2005 التي أجريت في كولومبيا ان الحرب تؤثر على الصحة العقلية بمعدل 19 مرة اكثر من أولئك الذين لم يتعرضوا ( Perez – Olmoset . el , 2005 . P268).
ويدرك الباحث ذلك التأثير الخطير على اطفال وشباب وشيوخ ونساء العراق باختلاف مستوياتهم العمرية نظرا للتغطية الاعلامية الكبرى للحرب الاممية الاخيرة ضد العراق , حيث عشنا بفضل قناة ( C.N.N ) الامريكية لاوة مرة في تاريخ الحروب حربا تبث مباشرة على الشاشة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. رئاسيات موريتانيا: ما هي حظوظ الرئيس في الفوز بولاية ثانية؟


.. ليبيا: خطوة إلى الوراء بعد اجتماع تونس الثلاثي المغاربي؟




.. تونس: ما دواعي قرار منع تغطية قضية أمن الدولة؟


.. بيرام الداه اعبيد: ترشّح الغزواني لرئاسيات موريتانيا -ترشّح




.. بعد هدوء استمر لأيام.. الحوثيون يعودون لاستهداف خطوط الملاحة