الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لماذا عقيدة الحياة المعاصرة ؟ الجزء الرابع

رياض العصري
كاتب

(Riad Ala Sri Baghdadi)

2017 / 10 / 15
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


في مشروعنا الفكري نطرح البديل العقائدي لانقاذ مجتمعاتنا من معتقدات قديمة فاقدة للصلاحية أفسدها الدهر ، معتقدات تقيد العقول وتقيم الحواجز على التفكير ، هذه المعتقدات التي طالما تربينا على تقديسها على اعتبار انها منزلة من السماء من الرب العظيم ، وعندما كنا في المدارس كان يتم تلقيننا على انها الحل الامثل لجميع مشاكلنا ، وانها المنقذ لنا من المهالك ، فمن تمسك بها نجا ، ومن تخلى عنها هلك ، وعندما كبرنا وازداد وعينا واتسعت مداركنا واخذنا نفكر بشكل حر وسليم اكتشفنا اننا كنا مخدوعين بهذه الاقوال الفارغة والادعاءات الكاذبة ، وان اكبر خدعة مورست بحقنا هي في الادعاء بان العقائد الدينية منزلة من السماء وليست نتاجا بشريا ، والمؤسف ان الكثيرين في عصرنا الحالي مازالوا مخدوعين بهذا الادعاء ، والمؤسف ايضا انه ما تزال مستمرة عملية تلقين أبنائنا في المدارس بهذه العقيدة من خلال فرضها عليهم كمادة دراسية منهجية لكي يستمر وضع الحواجز على حرية التفكير ، ويستمر تعطيل العقول عن الاشتغال بشكل سليم ، وسيبقى العرب والمسلمون على حالهم هذه من التخلف والضعف والتشتت والتمزق .. ولن تنهض لهم ناهضة طالما بقيت هذه العقيدة سائدة ، وانا هنا لا ادعوهم الى تبني عقيدة الغرب ولا الى عقيدة الشرق ، لان جميع العقائد الدينية السائدة في العالم حاليا قد انتهى دورها واصبحت بلا جدوى ، هذه العقائد حاليا أشبه بأعشاب طبية كانت تنفع فيما مضى ثم أفسدها الدهر ، فمن يتناولها للشفاء لا تتحسن صحته بل تسوء اكثر فيضر نفسه ويقلق الذين من حوله ، انا ادعوهم الى البحث عن مخرج للمأزق الذي هم فيه ، ادعوهم هم قبل غيرهم لان مأزقهم جدا خطير ، لان الظروف تغيرت والانسان كائن قابل للتغير حسب الظروف ، الفكر الديني كان استجابة لحاجات مرحلة من مراحل تطور الفكر البشري وبالتالي فقد كان لوجوده ضرورة في حينه ، ولكن هذه الضرورة قد انتهت في عصرنا الحالي ، ولم نعد بحاجة لوصاية رجال دين يقدمون لنا الفتاوى باسم الدين وانما هناك دستور وقوانين تحكم حياتنا الاجتماعية ، وهناك العلم الذي ينير لنا مسالكنا فنسترشد به في مسيرتنا ، الفكر الديني الاسلامي في الوقت الحاضر أصبح يدور في حلقة مغلقة لا مخرج لها ، فهو أشبه بعربة تسير على سكة حديد بشكل حلقة مغلقة ، الراكبون في هذه العربة المتحركة لا يرون سوى أشياء مكررة لا تتغير .. فيظلوا يدورون ويدورون في هذه الحلقة المغلقة وكأنهم وصلوا الى نهاية العالم ولا شيء بعده ، ومن يحاول منهم الخروج من هذه العربة او يحاول تغيير او تعديل مسار السكة يتهم بالردة او بالبدعة والضلالة والخروج عن الامة وتصدر الفتاوى باهدار دمه ، فهل هذا الفكر يصلح لتقدم المجتمعات وبناء الاوطان ؟
اننا نعتقد ان الحاجة اصبحت ملحّة جدا لتأسيس عقيدة اجتماعية جديدة بديلة عن العقائد الدينية السائدة حاليا والتي فشلت في تحقيق اهدافها وانجاز رسالتها ، واننا نعرض مقترحنا عن مشروع عقيدة اجتماعية ذات مرتكزات فكرية واخلاقية وتحمل مفاهيم وقيم معاصرة تنسجم مع روح العصر ، عقيدة قائمة على اسس علمية وواقعية وذات ثوابت فكرية راسخة مستبعدين الافكار الغيبية او الميتافيزيقية عن العقيدة ، واننا لا نهدف من وراء ذلك العمل المجهد والمضني سوى اصلاح احوالنا واوضاعنا الاجتماعية والاقتصادية والسياسية المتدهورة منذ عقود بل منذ قرون نتيجة فشل العقيدة الدينية المتحكمة بالمجتمع في تحقيق اهدافها التي وعدت اتباعها بها ، مشروعنا هو بناء عقيدة جديدة تكون مقنعة لعقولنا قبل ان تكون مرضية لعواطفنا ، وتلبي حاجاتنا نحن لا حاجات اجدادنا ، ونؤكد ان ما بذلناه من جهد وعناء ووقت في اعداد مشروعنا هذا انما هو خالص لأجل الانسانية تلبية لنداء الضمير في اصلاح البشر قبل استزراع الشجر واستصلاح الحجر ، مشروعنا يعكس احترامنا للقيمة الانسانية لجميع البشر دون تمييز ، اذ ان هدفنا يمتد الى الانسان في كل مكان عابرين للانتماءات الجغرافية والعرقية والقومية والدينية والمذهبية والطائفية ، ونؤكد هنا اننا في مشروعنا هذا نتعامل مع قوانين الطبيعة المادية بالدرجة الاساس مع مراعاة القيم الاخلاقية التي يتميز بها البشر بأعتبارهم أرقى الكائنات الحية الموجودة على سطح هذا الكوكب ، مشروعنا يمثل خارطة طريق نحو اعادة بناء الانسان المعاصر والمجتمع المعاصر وفقا للمعايير الاخلاقية التي تنسجم مع سمات عصرنا الحالي ، فنحن البشر بحاجة الى هذه القيم لنشعر بانسانيتنا وبقيمة وجودنا وبطبيعتنا البشرية كما اننا في الوقت نفسه لا نستطيع ان نتجاهل سلطة قوانين الطبيعة المادية علينا ، ان سعي الانسان لمستقبل افضل مع توفير الضمانات لهذا المستقبل هو الدافع الاول للتجديد والتغيير بدلا من الدوران العبثي في حلقة المعتقدات الدينية التي لا طائل من ورائها ، نسعى لتوفير ضمانات كافية لعيش الانسان بسلام وحرية وكرامة في مستقبل مشرق ، واننا نرى بان صنع المستقبل الافضل يستوجب الارتكاز على نظام اقتصادي يحقق الرخاء ونظام سياسي يحترم حقوق وكرامة الانسان ، هذا مع العلم بان قوة النظامين الاقتصادي والسياسي تتوقف على قوة وسلامة ومتانة النظام الاجتماعي ، وان الاساس في اي عملية اصلاح هو اصلاح النظام الاجتماعي قبل اي اجراء اخر لانه بغير اصلاح النظام الاجتماعي لن تصلح الاوضاع الاقتصادية والسياسية مهما كانت كفاءة النظريات الاقتصادية والسياسية العاملة ، مشروعنا يحمل اسم ( عقيدة الحياة المعاصرة ) والتي هي عقيدة اجتماعية بالدرجة الاساس ذات ثوابت فكرية واخلاقية هدفها اعادة تنظيم العلاقات الاجتماعية وتنظيم الاسرة على اسس عصرية ، والعمل على ترسيخ مباديء حقوق الانسان ومفاهيم الديمقراطية ، اما منطلقاتها الفكرية في المجال السياسي او الاقتصادي فانما هي بقدر تعلق هذين المجالين بالحياة الاجتماعية للمواطن وبتطلعاته في العيش في ظل نظام سياسي يؤمّن للمواطن حياة آمنة ويحترم حقوقه وكرامته وفي ظل نظام اقتصادي يؤمّن للمواطن حياة كريمة وفقا لامكانات البلد الاقتصادية ، ويؤمّن حماية الكيان الاجتماعي وحماية الانسان من الظلم والاستغلال ، اننا نعتقد بان عقيدة الحياة المعاصرة ستكون الطريق الذي يؤدي نحو تحرر الانسان من عبودية المعتقدات الدينية وعبودية الاوهام والخرافات الدينية لانها تمثل البديل المناسب والصحيح بعد قرون من سيطرة الدين على النظام الاجتماعي ، فالمجتمعات العربية في عصرنا الحالي بحاجة الى صحوة من غفوة طويلة بقيت خلالها منظومة القيم بالية ومتخلفة والحياة رتيبة ومملة ، هي دعوة الى الانسان العربي لكي يصحو من حالة الخدر التي اصابته بعد 1400 سنة من تناوله الفكر الاوحد الفاشل ، لن ينهض العرب ولن يكون هناك مستقبل مشرق للاجيال القادمة اذا بقوا متمسكين بالفكر الديني والذي تحول الى عبء كبير حيث لا غذاء فيه ولا دواء .
يتبع الجزء الخامس








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إيهود باراك: إرسال نتنياهو فريق تفاوض لمجرد الاستماع سيفشل ص


.. التهديد بالنووي.. إيران تلوح بمراجعة فتوى خامنئي وإسرائيل تح




.. مباشر من المسجد النبوى.. اللهم حقق امانينا في هذه الساعة


.. عادل نعمان:الأسئلة الدينية بالعصر الحالي محرجة وثاقبة ويجب ا




.. كل يوم - الكاتب عادل نعمان: مش عاوزين إجابة تليفزيونية على س