الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المفهوم الماركسي للاشتراكية

تاج السر عثمان

2017 / 10 / 15
ملف الذكرى المئوية لانطلاق ثورة أكتوبر الاشتراكية في روسيا


المفهوم الماركسي للاشتراكية
بقلم : تاج السر عثمان
أشرنا في المقال السابق عن الذكري المئوية لثورة اكتوبر إلي أن فشل التجربة الاشتراكية لايعني فشل الماركسية، بل من المهم استخلاص دروس التجربة السابقة من أجل بناء نظام اشتراكي اكثر ديمقراطية وعدالة.
نستعرض في هذا المقال المفهوم الماركسي للاشتراكية وتجربة تحرير المراة في الثورة الروسية.
1-المفهوم الماركسي للاشتراكية:
أشار انجلز الى أن الاشتراكية تحولت الى علم باكتشاف المفهوم المادي للتاريخ ونظرية فائض القيمة التى كشفت جوهر الاستغلال الرأسمالي يومئذ ، وهذا هو ما ميز الاشتراكية العلمية أو الشيوعية عن بقية المدارس الاشتراكية الاخرى ، وأصبح الواجب تطويرها في كل النواحي ، وأن الصراع الباطني أوالتناقضات الكامنة في الرأسمالية سوف تؤدي الى نفيها ديالكتيكيا ، وأن الاشتراكية سوف تخرج من رحم الرأسمالية ، وبالتالى سوف تظل حاملة لسماتها لفترة تاريخية طويلة، وأنها سوف تستند على منجزات الرأسمالية في التكنيك والإنتاج وفي الفكرالسياسي والاقتصادي والاجتماعي .
أشار ماركس في مؤلفه “نقد برنامج غوته “ إلي أنه طالما كانت الاشتراكية طور ادنى من الشيوعية ، وبالتالى سوف تكون حاملة لكل تناقضات الرأسمالية لفترة طويلة بحيث لايمكن القفز فوق هذه المرحلة التى سوف يكون فيها الحق برجوازيا ، وأن قانون القيمة الذي يعبر عن حركة إنتاج وتبادل السلع في الرأسمالية سوف يفعل فعله ، وبالتالى لابد من التحكم في مساره ومجراه ، بتلبية المتطلبات الأساسية للمواطنين وتوفير إحتياجاتهم الأساسية في : التعليم والصحة والضمان الاجتماعي والسكن وضمان حق الأمومة والطفولة والشيخوخة . الخ ، وأن مرحلة الانتقال للمجتمع الشيوعي سوف تستغرق فترة تاريخية طويلة ، كما تفادى ماركس السؤال حول شكل المجتمع الشيوعي القادم بقوله أن العلم هو الكفيل بالاجابة في المستقبل.
إذن الموضوع في نظر ماركس وانجلز كان مبنيا على العلم والمعرفة وأخذ واقع وخصائص كل بلد في الاعتبار وعدم القفز فوق المراحل .
وجاءت التجربة الاشتراكية في الاتحاد السوفيتي في ظروف كانت البلاد فيها متخلفة تقنيا ، فقد كان ماركس يفترض أن الاشتراكية سوف تنطلق في بلدان رأسمالية متطورة تقنيا مثل: انجلترا والمانيا ، ولكن ذلك لم يكن متوفرا في روسيا التى كان حوالى 70% من سكانها يعيشون في امية .
بالتالى ، فان ستالين انجز مهمة التصنيع واللحاق بركب الدول الرأسمالية الصناعية بتكلفة إنسانية باهظة وفي ظروف حصار اقتصادي وفي حروب أهلية إضافة للحرب العالمية الثانية التى فقد فيها الاتحاد السوفيتي 20 مليون شهيد ، فضلا عن سباق التسلح الذي أنهك الاقتصاد السوفيتي ،إضافة للتوجهات الايديولوجية الخاطئة التى كانت تشير الى ان البلاد دخلت مرحلة الاشتراكية المتطورة ، وأن البلاد اصبحت على قاب قوسين أو أدنى من المجتمع الشيوعي.
غابت الديمقراطية جراء فرض نظام شمولي في المجتمع تميز بنظام الحزب الواحد وربط النقابات والاتحادات والمؤسسات التشريعية بالدولة ، وإلغاء دور منظمات المجتمع المدني الأخرى ومصادرة نشاطها بعيدا عن الدولة.
إضافة للسياسة الخاطئة تجاه الأديان فقد جعل ستالين من الالحاد سياسة رسمية للدولة ، في حين كان ذلك يتعارض مع أفكار ماركس وانجلز التى كانت تركز على حرية الضمير والمعتقد ، وأن المسائل التي تتعلق بضمائر الناس ومعتقداتهم لايمكن حلها بقرارات ، وترك كل شئ للتطور الطبيعي. هذا إضافة الى أن الهدف ليس احلال دين محل دين، بجعل الالحاد سياسة رسمية للدولة ، فالدولة كما هو معلوم للجميع بغض النظر عن معتقداتهم الدينية أوالسياسية أوالفكرية أوالفلسفية.
ان فشل التجربة الاشتراكية لايعنى فشل الماركسية ، ولكننا نستخلص دروس تلك التجربة ونبني على إيجابياتها ونستفيد من أخطائها في بناء نماذج اشتراكية اكثر عدالة وديمقراطية وإنسانية.
صحيح أن الهدف الاستراتيجي في ظروف السودان هو إنجاز مهام الثورة الوطنية الديمقراطية ، وأن الهدف المباشر الاكثر إلحاحا من ذلك هو بناء أوسع تحالف من أجل إسقاط النظام الراهن وقيام البديل الديمقراطي بهدف إصلاح الخراب الذي أحدثه نظام الانقاذ في مختلف مناحى الحياة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والاخلاقية، والذي يفتح الطريق لإنجاز مهام الثورة الوطنية الديمقراطية بأفقها الاشتراكي، ولكن ذلك لا يعنى التخلى عن هدف المجتمع الشيوعي البعيد الذي تشكل الاشتراكية طورا أدنى منه.
2-التجربة الاشتراكية وقضية المرأة:-
كانت الثورة الروسية نقطة تحول مهمة في حقوق المرأة حيث إنتزعت المرأة الروسية نتيجة لنضالها ومشاركتها الفعالة في الثورة الحقوق التالية علي سبيل المثال لاالحصر:-
أ- الحق الكامل في الاقتراع.
ب- حق الطلاق وطوعية علاقة الزواج.
ج- المساواة في الأجور وحقوق النساء في العمل.
د- المساواة الكاملة في الحقوق بين الزوج والزوجة.
ه- الحق في إختيار إسم الزوج أو الزوجة.
ز- التعليم المختلط.
ح- منع الدعارة ..الخ
أى أن الثورة الروسية حققت بضربة واحدة كل الشعارات التي كانت تطالب بها الحركة النسوية في أوربا منذ الثورة الإنجليزية والثورة الفرنسية.
لكن القوانين شئ والواقع الروسي شئ آخر، فقد كان الواقع الروسي متخلفا، إضافة إلي حروب التدخل والفقر والبطالة، كل ذلك جعل حق الطلاق للمرأة مستحيلا.
- اللجوء إلي الصناعة الثقيلة كان علي حساب سلع الإستهلاك مثل الأدوات المنزلية التي تخفف أعباء النساء إضافة لعمل النساء في الصناعات الثقيلة الضارة بصحتهن.
قضية المرأة لها شقها الثقافي ، فالتحول في البنية التحتية لايعني التغير التلقائي للبنية الفوقية التي لها استقلالها النسبي، قد تظل بنية ثقافية متخلفة مستمرة رغم تغير أساسها المادي مما يتطلب صراعا متواصلا في الجبهة الثقافية، وبالتالي مساواة المرأة مع الرجل في الأجر وحق المرأة في العمل لم يغير العقلية التي تنظر للمرأة بدونية التى كرستها مجتمعات الرق والإقطاع والرأسمالية للمرأة والتي كانت تقوم بكل أعباء الواجبات المنزلية مع حضورها من العمل مع زوجها في وقت واحد، رغم التحولات الاشتراكية التي تمت.
إضافة إلي أنه كان للنظام الشمولي وتخلف الواقع الروسي نفسه الدور الرئيسي في إجهاض مكتسبات المرأة التي حققتها في بداية الثورة الروسية ، وكان هذا من أسباب انهيار التجربة الاشتراكية ( قمع نصف المجتمع). ولأن المرأة التي تتمتع بحقوقها كاملة هي الأقدر علي الدفاع عن النظام الجديد ، وأن قضية تحرير المجتمع من القمع والاضطهاد هي مهمة الرجال والنساء، وكما أشار لينين: أن المرأة الشيوعية لها الواجبات والحقوق نفسها للرجل الشيوعي.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - ما هي الاشتراكية ؟
عبد الحسين سلمان ( 2017 / 10 / 15 - 09:45 )
تحياتي الحارة الى الأستاذ تاج السر عثمان, وأتمنى من كل قلبي أن يكون في صحة طيبة.

عنوان المقال هو : المفهوم الماركسي للاشتراكية.

لكن يا أستاذي العزيز , ومع الأسف الشديد , لم تقدم لنا ما هي الاشتراكية بالمفهوم الماركسي لها, سوى بضعة سطور وصفية adjective .

مع التقدير و الاحترام


2 - كلام غريب كل الغرابة
طلال الربيعي ( 2017 / 10 / 15 - 12:35 )
الرفيق العزيز تاج السر عثمان
وقف شعر رأسي او ما تبقى منه لانك تعزي فشل التجربة الاشتراكية في الاتحاد السوفيتي والدول الاشتراكية السابقة الى
- إضافة إلي أنه كان للنظام الشمولي وتخلف الواقع الروسي نفسه الدور الرئيسي في إجهاض مكتسبات المرأة التي حققتها في بداية الثورة الروسية ، وكان هذا من أسباب انهيار التجربة الاشتراكية (قمع نصف المجتمع)-
وهذا كلام غريب كل الغرابة لم اسمعه حتى من اعتى الرجعيين في العالم الرأسمالي, ولذا لا ادري كيف ان رفيقا مثلك كان سكرتيرا سابقا للحزب الشيوعي السوداني يتفوه بمثل هذا الكلام الغريب. فالمرأة في الاتحاد السوفيتي والدول الاشتراكية السابقة حققت مساواتها الكاملة مع الرجل في كل المجلات وتفوقت في ذلك على نساء الدول الرأسمالية باضعاف مضاعفة, ويمكنك الرجوع الى الاحصائيات لتعديل وجهة نظرك الجائرة للاسف. فأمرأة مثل ميركيل رئيسة وزراء المانيا للمرة الرابعة هي اصلا من المانيا الديمقراطية وحصلت هناك على شهادة الدكتوراه في الكيمياء النووية, كما ان الكثير من النساء في منطقتنا تلقين تعليمهن العالي وحصلن اعلى الدرجات في الاتحاد السوفيتي والدول الاشتراكية السابقة.
تحياتي

اخر الافلام

.. الشرطة الفرنسية توقف رجلاً هدد بتفجير نفسه في القنصلية الإير


.. نتنياهو يرفع صوته ضد وزيرة الخارجية الألمانية




.. مراسلنا: دمار كبير في موقع عسكري تابع لفصائل مسلحة في منطقة


.. إيران تقلل من شأن الهجوم الذي تعرضت له وتتجاهل الإشارة لمسؤو




.. أصوات انفجارات في محافظة بابل العراقية وسط تقارير عن هجوم بط