الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أزمة الاستقلال في الجنوب

مروان هائل عبدالمولى
doctor in law Legal counsel, writer and news editor. Work / R. of Moldova

(Marwan Hayel Abdulmoula)

2017 / 10 / 16
مواضيع وابحاث سياسية


استقطبت اليمن الأضواء واللعنات بعد 22 مايو 1990 , بسبب انتشار المنظمات الإرهابية والتطرف وغياب الاستقرار السياسي والاقتصادي وكثرة الحروب , التي حدثت على أرضها , فجميعها أسباب مهددة للسلم والأمن في منطقة حساسة وذات اهتمام إستراتيجي للعالم اجمع , واليوم هاهو اليمن يستقطب الضوء من جديد بنفس الأسباب القديمة الجديدة, إضافة إلى أسباب أخرى أهمها , طول أمد الحرب الدائرة في البلاد , وخاصة في الشمال وتجنيد الأطفال والجوع والكوليرا والتعليم والألغام والإرهاب و تحول البلاد إلى أرض للصيد والفيد والنهب والبسط لعصابات الفساد الفوضوي والمنظم المحلي والخارجي.

مع أن غالبية الأرضي الجنوبية قد تحررت من برابرة عفاش والحوثي , إلا أن هذا التحرر لم يمنع من ظهور عصابات أنشئت أعشاش حقيقية يسكنها لصوص وقطاع الطرق ورجال الفساد من الشباب والعجزة , فئة مزعزعة للاستقرار في المناطق المحررة تستغل انشغال القوى الإقليمية , التي تشرف وتدير الملف اليمني باستراتيجيات كبرى كالنصر في الحرب الدائرة وترتيب أوضاع البلاد في المناطق المحررة وتقريب وجهات النظر بين الممثلين المحليين والإقليمين والدوليين للازمة , هذه العصابات بعضها على ارتباط بشخصيات في مناصب عليا في الداخل والخارج , تطور و بشكل يومي من أساليب النهب والفساد وتدمير للبنى التحتية, والغالبية تتخبط وتبحث عن المذنب وهو تحت أنفها , فمن يسرق المساعدات وينهب المال العام ويبيع ممتلكات الدولة ويصرف إيرادات الدولة بشكل شخصي ويبسط على الأراضي بقوة السلاح ليسوا مخلوقات فضائية , وإنما أناس منا وفينا تعودنا على نهبهم وتعودوا على صمتنا .
الكل ينتظر حلول من التحالف ومن المجلس الانتقالي ومن الحكومة ومن الشيوخ بحكم , إنها جهات الإدارة والإشراف وقوة امر واقع , ولكن لا احد يتكلم عن المسؤولية الأخلاقية والسلوكية للمواطن تجاه الوطن والدولة, والسؤال الذي يطرح نفسه بقوة وهو لماذا نحن كجنوبيين لا نستفيد من تجارب وأخلاق الشعوب , التي سبقتنا , مثل دروس دريسدن الألمانية وسكانها المدينة , التي لم تنل مدينة في العالم من تدمير في الحرب العالمية الثانية ما نالته دريسدن, حيث قُتل جراء الهجمات الجوية الشديدة في فبراير 1945 خمسة وثلاثون ألفاً وفق بعض التقديرات , وضاعت ملامح المدينة في الركام والرماد بكل معالمها واليوم دريسدن مدينة الجمال والعلوم والتطور بفضل إرادة سكانها , أو أين نحن من أخلاق سكان مدينة فوكاشيما اليابانية المنكوبة فيما بينهم بعد الكارثة قبل تعاملهم مع الدولة .
مسار التاريخ السياسي الجنوبي دائماً متعثر , والمواطن تعب وهرم من لصوص المراحل الانتقالية الجنوبية , و لابد من خطوات تمنع العبث والفساد في المرحلة ألراهنه , فقد مَر , حتى الآن أكثر من نصف قرن على ثورة 14 أكتوبر وسط محيط إقليمي شديد الغرابة والمصلحة, و وسط تقلبات داخلية ما انفكت تشد النخبة الجنوبية إلى الخلف , وخلال هذه الحقبة لم تدرك تيارات سياسية جنوبية عديدة كانت تفتتها الصراعات وتفكك أواصرها , أن الاستقلال والتناحر الداخلي لم يكن أرحم من الاستعمار البريطاني , واليوم لازالت النخب الجنوبية لا تدرك معوقات قيام الدولة الحديثة , حتى تتجاوزها , فللأسف لازال مفهومها للاستقلال آنذاك لا يختلف عن الانفصال اليوم , ولا تعرف ماذا سيكون ولا ماذا سيجري , فقرار الانفصال جاهز ومدعوم إقليمياً , ولكن ألنخبه لازالت لا تعرف المزاوجة بين الهياكل القديمة ذات الأساس المناطقي وبين مؤسسات الدولة الحديثة , وهو التنافر والميزة الوحيدة , التي عانت منه الدولة الجنوبية القديمة, دولة ما قبل الوحدة وعلى ما يبدو هناك من يحاول جاهداً أعادتها بنفس الشكل و بصورة, مجتمع يحتكم إلى مبادئ دستور ومجالس منتخبة , ولكن بغلاف مناطقي , متناسياً أن القوى الإقليمية لن تسمح بإعادة النسخة الجنوبية القديمة بثوب جديد لان هذا لا يتوافق مع مصالحها الإستراتيجية , ولا مع أسباب و أهداف دخولها الحرب.

كان ولازال الجنوب بلد غني تفسده السياسة الهشة , التي تنشر الفقر المزمن والصراعات فيه , بسبب التوزيع الغير العادل للثروة والفرص السياسية والموارد العامة بين مكونات سكان البلاد , واليوم الجنوب لم ينال من دمار البنى التحتية ما نالته المدن , التي ذكرتها سابقا , ولكن للأسف الدمار , الذي لحق بالجنوب نال أكثر من الجانب الأخلاقي والإنساني والوطني لبعض مكوناته, التي لا تدرك أن التحالف يشرف ويدير العملية الاقتصادية والسياسية والاجتماعية بكاملها وخاصة في الجنوب , ولا تقدر أي جهة عن ممارسة هذه القطاعات دون تنسيق مسبق مع دول التحالف وعلى رأسها مع السعودية والإمارات , ولكن لا يمكن التنسيق معها فيما يخص تربيتنا وأخلاقنا واستقامتنا ونزاهتنا , فالعاصمة الجنوبية عدن كانت دوماً نقطة جذب للفنانين و المثقفين والمبدعين والرومانسيين ورجال الساسة والاقتصاد , وعدن اليوم أصبحت نقطة جذب للمناطقيين واللصوص والمجرمين والفاسدين والإرهابيين ومروجي المخدرات وبايعي السلاح حتى وصل بسكان الجنوب وفي عدن بالذات بتمني شخصيات قيادية مؤقتة لإدارة ملف المرحلة تشبه شخصية الأمير فلاد تسيبيش المعروف باسم دراكولا الروماني , فالوضع في عدن لا يحتمل المزيد من السقوط الأخلاقي والإنساني في ظل خلافات و تجاذبات تعصف بالمكونات السياسية المحلية , بسبب نقص الخبرة السياسية وغياب الكاريزما والحس الوطني .
مؤشرات الانفصال عن الشمال تدق الأبواب , فالضوء الأخضر المرسل من التحالف لخطوات المجلس الانتقالي الذكية والمدروسة بحنكة وخبرة سياسية واضحة تبشر بفك الارتباط واستقلال جديد للجنوب , الذي نتمنى جميعاً أن تكون خطوات نحو مستقبل أفضل خالي من أمراض الجنوب السياسية السابقة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. انفجارات أصفهان.. قلق وغموض وتساؤلات | المسائية


.. تركيا تحذر من خطر نشوب -نزاع دائم- وأردوغان يرفض تحميل المسؤ




.. ctإسرائيل لطهران .. لدينا القدرة على ضرب العمق الإيراني |#غر


.. المفاوضات بين حماس وإسرائيل بشأن تبادل المحتجزين أمام طريق م




.. خيبة أمل فلسطينية من الفيتو الأميركي على مشروع عضويتها | #مر