الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نفاق اجتماعي

ماهر رزوق

2017 / 10 / 19
المجتمع المدني


في هذا المقال سأحاول أن أطرح مسألة تؤرقني منذ زمن ، و هي مسألة أن تقوم بأفعال معينة فقط بهدف إرضاء الوسط المحيط ، أو تفادياً لانتقاداته و أحكامه القاسية ...
و سأحاول أن أشرح الأثر السلبي الذي تفرزه هذه الظاهرة ، و نوع الشخصية الاجتماعية التي تتكون في ظل هكذا نوع من الظواهر ...

بداية لنتساءل عن كثير من الأفعال التي نقوم بها ... عن ضررها على المستوى الصحي أو النفعي ... و كذلك (كي لا نكون متشائمين) عن الايجابيات التي تنتج عن قيامنا بهذا النوع من الأفعال ...

و كمثال على هكذا تساؤلات ، أود أن أروي لكم ما رواه لي أحد الأصدقاء الذي يعمل في أحد المطاعم الفاخرة ... حيث قال لي أن أهم قوانين ذلك المطعم : هو عدم السماح للموظفين بالأكل في المطعم و عدم السماح لهم أيضاً بالاستفادة مما يزيد عن حاجة الزبائن ... مما يؤدي إلى إهدار كمية كبيرة جداً من الطعام ، حيث أن كثير من الأطباق يطلبها الزبائن كرفاهيات و زينة فقط لا غير ، و لا تلمس أبداً !!
في هكذا مثال ، نجد أن إدارة المطعم و كذلك الزبائن يساهم كل منهم بدوره في الهدر الغذائي ، فالإدارة تحرض على هكذا أمر لكي تظهر أكبر قدر ممكن من الأرستقراطية و الحرفية (الوهمية) في العمل ... كما أن الزبائن بطلبهم لعدد من الأطباق يفوق حاجتهم الغذائية ، يحاولون أن يظهروا للوسط المحيط أكبر قدر ممكن من الرفاهية و الغنى و الأرستقراطية أيضاً ...

كذلك إن الإدارة بهذا الفعل تحرض الموظفين على الكذب و النفاق بشأن مسألة عدم الأكل من الطعم و عدم الأخذ من بقايا الطعام إلى منازلهم ... فالإدارة لن تكون موجودة طوال الوقت لتراقب ما يحدث هذا أولاً ... و ثانياً : حسب رواية الصديق ، فإن كثير من الموظفين كان يخالف هذا القرار و يأكل أثناء العمل ، كما و يأخذ إلى منزله البقايا التي لم تلمس ... و لكن الأهم من كل ذلك أن هذا الأمر كان يتم في الخفاء و بدن معرفة الإدارة !!

ما أود قوله ، أن هكذا قوانين فاشلة لا هدف لها إلا التظاهر و النفاق ، تؤدي إلى ترسيخ الكذب كطريقة تعامل بين الادارة و الموظفين ، و هذا قد ينطبق أيضاً على القوانين الأخرى التي تكون لها أهمية كبيرة بالنسبة للعمل و تحسين جودته !!

هكذا يبدو من خلال المثال الذي طرحناه أن الكثير من الأفعال التي نقوم بها ، يكون هدفها الوحيد أحياناً هو التظاهر بأشياء لا قيمة لها إلا ارضاء المجتمع المنافق الذي نعيش فيه ... و انصياعنا الدائم لهذه الأفعال يعزز من قيمتها و أهميتها في التعامل حتى أنها قد تصبح أسلوباً يحتذى به و دليلاً على الخبرة الحياتية و الحنكة الاجتماعية !!

علينا أن نبدأ بالتساؤل بشكل دائم : لماذا نقوم بهكذا فعل ؟
ما هي النتيجة الايجابية المرجوة عند القيام به ؟
هل لذلك الفعل أي عواقب سلبية على الصحة و الحياة الاجتماعية أو حتى على شخصيتنا نفسها ؟

فالكثير من النفاق الاجتماعي يحتل جزءاً كبيراً من حياتنا اليوم ، و هذا قد يؤدي إلى عطب كبير في نفسية الأشخاص و يفقدهم المعنى و القيمة .. كما أنه يشجع على كثير من المشاعر الهدامة كالكذب و الكره المبطن الذي يطفو على السطح شيئاً فشيئاً و ربما ينفجر مرة واحدة ليسبب لنا قطيعة دائمة مع أشخاص بعينهم أو مع المجتمع ككل !!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. توقف الأونروا عن تقديم خدماتها يفاقم معاناة الفلسطينيين في ق


.. تضامناً مع الفلسطينيين في غزة.. عشرات الطلاب يتظاهرون بالموت




.. ممثل صندوق الأمم المتحدة للسكان في فلسطين: ما رأيته في غزة ي


.. آلاف اليمنيين يتظاهرون في صنعاء دعماً للفلسطينيين في غزة




.. إيرانيون يتظاهرون في طهران ضد إسرائيل