الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رواء الجصاني : أحدثكمْ عن -واحدٍ- من ابناءِ العراق //

رواء الجصاني

2017 / 10 / 19
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


أحدثكــمْ عن "واحــدٍ" من ابناءِ العراق
- رواء الجصاني
------------------------------
.. والحال التي نكتب عنها، برغم ما تبدو انها شخصية، الّا انها تعبر في ذات الآن عن صورة / لوحة اجتماعية، عراقية انموذجية بحسب ما نزعم، خاصة وانها تتشارك في المضامين بين الالاف من ابناء العراق، وفي الكثير الكثير من التفاصيل والوقائع ..
وذلكم الواحد من ابناء العراق الذي نتحدث عنه، هو صفاء الجصاني، الراحل الى العالم الاخر، قبل اربعين يوماً.. وكان في عمر الحكمة، والحصاد، تاركاً خلاصات تجربة مديدة في الحياة والمجتمع والعمل، وطوال نحو خمسة عقود، واثمرت في العديد من المجالات ..
والرجل – مثله - مثل الاف العراقيين، راح وطنياً وسياسياً بالفطرة!. لاسيما وهو من عائلة عُـرفت بالوطنية والديمقراطية، والده: التربوي المعروف، جواد الجصاني، الذي شارك في ارساء اسس التعليم في العراق الحديث، وتبوأ مراكز مهمة في ذلك المجال، ومن بينها مدير المعارف ( التربية) في الوية (محافظات) بعقوبة (ديالى) والبصرة والكوت (واسط) وغيرها، في الثلاثينات والاربعينات والخمسينات الماضية..
اما والدة ذلكم "الواحد" من ابناء العراق، فهي السيدة نبيهة، سليلة الاسرة الجواهرية العريقة، شقيقة شاعر العراقيين والعرب الخالد، محمد مهدي الجواهري ... وكلا عائلتي الفقيد: نجفيتان شهيرتان بالعلم والفقه والادب. ونكتفي بذلك فلسنا في معرض تباهٍ خاص، بل لالقاء بعض ضوء عن حال نريدها عامة ..
وبعد الفاصل اعلاه، نعود الى ما قد بدأنا به، وهو ان ذلكم الذي نكتب عنه، ونؤرخ له، كان وطنياً وسياسيا، بالفطرة، ومنذ فتوته. فقد اعتقل وهو آبن ستة عشر عاماً، من اجهزة النظام الجمهوري الاول، عام 1962 لمشاركته في التظاهرات السلمية الهاتفة بأطفاء النيران في البلاد، والمطالبة بـ (السلم في كردستان) ... وبعد ذلك باشهر ليس الا، وفور انقلاب شباط 1963 الدموي في البلاد، اعتقل الفتى – الرجل، وعذب بقسوة بالغة، مع الاف اقرانه الوطنيين والديقراطيين، ولعدة اسابيع ..
وهكذا تستمر "ضريبة" الوطنية في العراق، مفروضة على الجميع، او تكاد.. فيعتقل الرجل من جديد في اوائل السبعينات، وهذه المرة بتهمة عدم احترام النائب صدام حسين، ولم يطلق سراحه الا بعد تدخل خاله – الجواهري- وكفالته !!!. اما في الثمانينات والتسعينات، فلم يسلم – شأنه شأن الالاف من مواطني البلاد - من المتابعة والاستدعاءات والتحقيقات، وكل ذلك لانه لم يقبل ان يكون مصفقاً– دعوا عنكم موالياً - للنظام الارهابي، وسلطة الحرب ...
ولأن الشئ بالشئ يذكر كما تقول العرب، فقد رفض صاحبنا الاغتراب عن البلاد، مفضلا الخدمة العسكرية الالزامية، وتدريبات الجيش الشعبي، واجواء الحرب والحصار والارهاب، وغيرها من شجون، على زمالة دراسية توفرت له في احدى البلدان الاشتراكية (السابقة) او هجرة الى الولايات المتحدة – لو أراد – وكذلك فرصة عمل لائقة في دولة الامارات ... وبقي"صامداً" في بلاد لم تشهد سوى العنف على مدى عقود وعقود، وحتى رحيله ببغداد في 2017.9.10 ... ولقد كان يردد، حين كانت البدائل متوفرة: ان سَقي حديقة البيت المتواضعة في داوودي المنصور ببغداد، ومع زوجته نضال محمد علي صدقي، وتوأمهما (علي ونغم) والاصدقاء والاقارب، اجمل الف مرة من ربوع براغ، وشواهق واشنطن ولندن، ومردود الوظيفة في ابو ظبي ..
وضمن تلك الظروف، وبرغمها، استطاع ذلكم "الواحد" من ابناء العراق ان يجهد، فيعمل كالآخرين، بعد تخرجه في كلية التجارة بجامعة بغداد عام 1969 ثم ليؤسس بعد ذلك – عصامياً- وكالة للسفر والسياحة، توسعت وتوالدت، لتصبح احدى المؤسسات الابرز في مجالها .. كما حافظ الرجل، وبأصرار على "ديدنه" العراقي : اجتماعيا وأسرياً، وصداقات وعلاقات، وجميعها بحماسة وحرص وأصرار، ربما كان مبالغ فيها، كما هي النزعات العراقية !!. وعبر ذلك راح مميزا ايضا: شعبياً في الحياة، مثابرا في العمل، متابعا للاحداث..كما وطنيا في زمن باتت فيه الوطنية سبةً في الكثير من الاحيان !... وليودع الحياة، مُخلَداً بالف ذكر، وذكر طيب ... ووداعاً: صفاء الجصاني .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين في معرض البندقية


.. الهجوم على رفح أم الرد على إيران.. ماذا ستفعل إسرائيل؟




.. قطر تعيد تقييم دورها كوسيط في المحادثات بين إسرائيل وحماس


.. إسرائيل تواصل قصف غزة -المدمرة- وتوقع المزيد من الضحايا




.. شريحة في دماغ مصاب بالشلل تمكّنه من التحكّم بهاتفه من خلال أ