الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الليل واناوعازف الساكسفون

ايمان الدرع

2017 / 10 / 19
الادب والفن


الليل..وأنا .. وعازف السكسفون:
حزن ليل الشتاء،يذكّرني بعينيه، يوم التقيته قرب الموقد، في المطعم السويسري، حين قرّرت، وأختي الصغرى التوجّه إليه بعد الغروب، قافلتَين من حضور معرض فنيّ مدهش، في يومٍ ماطرٍ، شديد البرودة، تؤرجحنا الرياح العاصفة، ونحن نتضاحك، نتظلّل بحقائبنا مهرولتين، نجتاز المدخل المزدان، بمهرجانات شتى من النباتات، والزهور، ،المضاءة بمصابيحَ أرضيّةٍ، تعكس ظلالها، مبلّلة، نديّة، تتقاطر سحراً فوق الحشائش المشذّبة، بعنايةٍ فائقةٍ، نقطع الجسر الخشبيّ، المتموضع فوق بحيرةٍ، تعشّقت بصخورٍ، تحيط بها، بتآلفٍ عجيبٍ، متناغم مع النوافير المذهلة في إيقاعها.وألوانها الضوئية..
دلفنا إلى داخل المطعم، وقد انشقّت بوابته الزجاجية العريضة عن دفءٍ، غمرنا براحةٍ، أنستنا بعض الصقيع.
رمينا بأنفسنا على مقعد جلدي وثير، ننفض عن معاطفنا المطر، قرب موقد ضخم، تأزّ جمراته اشتعالاً، نطلب على عجلٍ: فنجانَي (كابتشينو)، ريثما يتم تجهيز وجبة الطعام..
تزداد عتمة الليل، والأمطار تفصّل ثوباً مائيّاً خيوطه تمتد عبر النظر، أصوات روّاد المطعم رغم الهدوء الذي يطغى على المكان، تنفلت عنها بعض ضحكات تقطع السكون، متناغمة مع الأصوات التي تحدثها الأطباق، والأكواب، ونقرات الشوكات، والسكاكين...فتنقل رائحة الأطعمة المتبعثرة هنا، وهناك..
النادل المفرط في أناقته، وطريقة لفظ حروفه، يأتي بالوجبة الشهيّة، يوزعها على الطاولة، بطريقةٍ تستنفذ الحواس، فتلتهمها قبل أن تصل أيدينا إليها.
الأحاديث بيني، وبين أختي، وطفلة روحي، لا تنتهي، تغرقنا التفاصيل الجميلة للأشياء، نبحث عن صورنا الملوّنة، وسلال حصاد ساعات يومنا، ببساطتها، وعفويتها، نخترع المواقف الفكاهية..ونضحك منها، ومنا..
انسرب إلى مسمعي لحنٌ على غير موعدٍ، انسلّ رويداً..رويداً...حتى اقترب وصار على مسافةٍ كافية لأن أتوقّف عنده بكثير من الاهتمام..إنه عازف ( الساكسافون)، يجول بين الطاولات، يحاول أن يوجد حواراً موسيقيّاً، بين عازفٍ، ومتلقٍّ..
بعضهم يجامله ببسمة مقتضبة، وآخر يصفق له مجاملة: برااااااافو ..ويكمل طعامه، وآخر يحيّيه يإيماءة بسيطة من رأسه، ثم يكمل وشوشته لمن يرافقه...
توقفتُ عن الطعام، نسيت المائدة، وأطباقها المغرية، تبعته عيناي، أصغي إليه باهتمام شديد، ألتقط شوارد العزف الباكي..الهارب إلى مخابئ الروح القصيّة..أتأمله مليّاً، أرسمه لوحةً، أكتبه قصيدة، قصة..وربما مشروعا لرواية أبحث عن عناوينها..تنبّه إليّ، اقترب من طاولتي، ولم يغادر، بقي واقفاً حتى آخر فقرة له، ينوّع الألحان...عربية، فيروزية، غربية ..وأنا أستزيده، وأصفق له بحماس.. يشهد على إجادته، وإبداعه...
كان يذوب في العزف مندمجاً، ينفخ نبضه في آلته، كمعشوقةٍ يلثمها، ويضمها بين ذراعيه بشغفٍ،، يحرك رأسه، يمنة، ويسرة متناغماً مع اللحن، يغمض عينيه شجواً..ولما يفتحهما لبرهة كنت ألمح دمعة شفيفة تومض سريعاً، وتتخفّى..
أختي الشقراء، الحلوة كأيقونة على جدار القلب، تضحك خلسة، وهي تنفث دخانها، ناظرة إليّ بعيون ماكرة، أحبّ بريقها، إنها تعرف شرودي في رحلات الخيال، والتأمل.... فآثرت الصمت، لتتركني أجول بهدوء في عالمٍ يسكنني، ولايراه أحدٌ غيرها.
وعندما أراد الانصراف، وقبل أن يغادر، رفع قبعته، بانحناءة سريعة... وهو يمضي بعيداً، كنا غرباء... ولكني أحسست بأن ثمة أشياء تقاطعت بيننا، وبقيتْ معلّقةً بين ليلٍ، ومطرٍ، ولحنٍ باكٍ، وخيبات تختبئ، خلف دمعة تتخفّى..
كلّ منا راح في اتجاه، ..أنا أكمل مشواري الطويل، تبتلعني تفاصيل حياةٍ لاحدود لها، تخنق أحلامي حلماً، فحلماً...وهو يستعد ليوم جديد، بفقرة مخصّصة له، بين طاولات مطعم أنيق، رواده يبتسمون له ، يصفقون، يجاملون، ثم ينصرفون إلى طعامهم، ومحدثيهم..دون
أن تعني لهم ما تقوله العيون المسهدة، في ليل شتائي حزين...
حزن ليل الشتاء،يذكّرني بعينيه، يوم التقيته قرب الموقد، في المطعم السويسري، حين قرّرت، وأختي الصغرى، التوجّه إليه، بعد الغروب، قافلتَين من حضور معرض فنيّ مدهش، في يومٍ ماطرٍ، شديد البرودة، تؤرجحنا الرياح العاصفة، ونحن نتضاحك، نتظلّل بحقائبنا مهرولتين، نجتاز المدخل المزدان، بمهرجانات شتى من النباتات، والزهور، ،المضاءة بمصابيحَ أرضيّةٍ، تعكس ظلالها، مبلّلة، نديّة، تتقاطر سحراً فوق الحشائش المشذّبة، بعنايةٍ فائقةٍ، نقطع الجسر الخشبيّ، المتموضع فوق بحيرةٍ، تعشّقت بصخورٍ، تحيط بها، بتآلفٍ عجيبٍ، متناغم مع النوافير المذهلة في إيقاعها.وألوانها الضوئية..
دلفنا إلى داخل المطعم، وقد انشقّت بوابته الزجاجية العريضة عن دفءٍ، غمرنا براحةٍ، أنستنا بعض الصقيع.
رمينا بأنفسنا على مقعد جلدي وثير، ننفض عن معاطفنا المطر، قرب موقد ضخم، تأزّ جمراته اشتعالاً، نطلب على عجلٍ: فنجانَي (كابتشينو)، ريثما يتم تجهيز وجبة الطعام..
تزداد عتمة الليل، والأمطار تفصّل ثوباً مائيّاً خيوطه تمتد عبر النظر، أصوات روّاد المطعم رغم الهدوء الذي يطغى على المكان، تنفلت عنها بعض ضحكات تقطع السكون، متناغمة مع الأصوات التي تحدثها الأطباق، والأكواب، ونقرات الشوكات، والسكاكين...فتنقل رائحة الأطعمة المتبعثرة هنا، وهناك..
النادل المفرط في أناقته، وطريقة لفظ حروفه، يأتي بالوجبة الشهيّة، يوزعها على الطاولة، بطريقةٍ تستنفذ الحواس، فتلتهمها قبل أن تصل أيدينا إليها.
الأحاديث بيني، وبين أختي، وطفلة روحي، لا تنتهي، تغرقنا التفاصيل الجميلة للأشياء، نبحث عن صورنا الملوّنة، وسلال حصاد ساعات يومنا، ببساطتها، وعفويتها، نخترع المواقف الفكاهية..ونضحك منها، ومنا..
انسرب إلى مسمعي لحنٌ على غير موعدٍ، انسلّ رويداً..رويداً...حتى اقترب وصار على مسافةٍ كافية لأن أتوقّف عنده بكثير من الاهتمام..إنه عازف ( الساكسافون)، يجول بين الطاولات، يحاول أن يوجد حواراً موسيقيّاً، بين عازفٍ، ومتلقٍّ..
بعضهم يجامله ببسمة مقتضبة، وآخر يصفق له مجاملة: برااااااافو ..ويكمل طعامه، وآخر يحيّيه يإيماءة بسيطة من رأسه، ثم يكمل وشوشته لمن يرافقه...
توقفتُ عن الطعام، نسيت المائدة، وأطباقها المغرية، تبعته عيناي، أصغي إليه باهتمام شديد، ألتقط شوارد العزف الباكي..الهارب إلى مخابئ الروح القصيّة..أتأمله مليّاً، أرسمه لوحةً، أكتبه قصيدة، قصة..وربما مشروعا لرواية أبحث عن عناوينها..تنبّه إليّ، اقترب من طاولتي، ولم يغادر، بقي واقفاً حتى آخر فقرة له، ينوّع الألحان...عربية، فيروزية، غربية ..وأنا أستزيده، وأصفق له بحماس.. يشهد على إجادته، وإبداعه...
كان يذوب في العزف مندمجاً، ينفخ نبضه في آلته، كمعشوقةٍ يلثمها، ويضمها بين ذراعيه بشغفٍ،، يحرك رأسه، يمنة، ويسرة متناغماً مع اللحن، يغمض عينيه شجواً..ولما يفتحهما لبرهة كنت ألمح دمعة شفيفة تومض سريعاً، وتتخفّى..
أختي الشقراء، الحلوة كأيقونة على جدار القلب، تضحك خلسة، وهي تنفث دخانها، ناظرة إليّ بعيون ماكرة، أحبّ بريقها، إنها تعرف شرودي في رحلات الخيال، والتأمل.... فآثرت الصمت، لتتركني أجول بهدوء في عالمٍ يسكنني، ولايراه أحدٌ غيرها.
وعندما أراد الانصراف، وقبل أن يغادر، رفع قبعته، بانحناءة سريعة... وهو يمضي بعيداً، كنا غرباء... ولكني أحسست بأن ثمة أشياء تقاطعت بيننا، وبقيتْ معلّقةً بين ليلٍ، ومطرٍ، ولحنٍ باكٍ، وخيبات تختبئ، خلف دمعة تتخفّى..
كلّ منا راح في اتجاه، ..أنا أكمل مشواري الطويل، تبتلعني تفاصيل حياةٍ لاحدود لها، تخنق أحلامي حلماً، فحلماً...وهو يستعد ليوم جديد، بفقرة مخصّصة له، بين طاولات مطعم أنيق، رواده يبتسمون له ، يصفقون، يجاملون، ثم ينصرفون إلى طعامهم، ومحدثيهم..دون
أن تعني لهم ما تقوله العيون المسهدة، في ليل شتائي حزين








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كل يوم - لقاء في الفن والثقافة والمجتمع مع الكاتب والمنتج د/


.. الفنان أحمد سلامة: الفنان أشرف عبد الغفور لم يرحل ولكنه باقي




.. إيهاب فهمي: الفنان أشرف عبد الغفور رمز من رموز الفن المصري و


.. كل يوم - د. مدحت العدل يوجه رسالة لـ محمد رمضان.. أين أنت من




.. كل يوم - الناقد الرياضي عصام شلتوت لـ خالد أبو بكر: مجلس إدا