الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عاشوراء.. والجدل بين السعوديين الشيعة!

عادل محمد - البحرين

2017 / 10 / 20
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


حسن المصطفى

لم تعد مراسم عاشوراء مجرد احتفالية دينية لدى المسلمين الشيعة في العالم، بل تحولت إلى مساحة للنقاش والجدل واختبار الأفكار، بين التيارات والجماعات المختلفة.
في السعودية يحتفل المواطنون الشيعة بموسم عاشوراء، طيلة الأيام العشرة الأوائل من شهر محرم، وسط تحضيرات واسعة. تتضمن عدة نشاطات: محاضرات دينية، مراسم عزاء، معارض فنية، مسرحيات، حملات تبرع بالدم، موائد للطعام.. وسواها من الفعاليات، التي من خلالها لا يعبر أصحابها عن طقس ديني وحسب، وإنما عن رغبة في الظهور!
الشعائر الحسينية، وخصوصا في السنوات التي تلت حرب الخليج الثالثة العام 2003، ظهرت إلى السطح في العراق في حدها الأعلى، عبر مواكب التطبير (ضرب الرأس بالسيف)، أو مواكب الزنجيل (ضرب الظهر بالسلاسل)، كما مسيرات “طويريج”، أو الذهاب إلى زيارة الإمام الحسين في ذكرى “الأربعين” مشيا على الأقدام لمسافات طويلة تستغرق أياما! فضلا عن عادات غرائبية بدائية أتت من جهة باكستان وأفغانستان والهند، مثل الزحف بالجسد على الأرض، أو المشي على الجمر!
هذا الحضور الشعبي في الشعائر الحسينية، يمكن قراءته سيسيولوجيا وإنثروبولوجيا، فهو تعبير عن “الثقافة المقموعة”، والتي بقيت لسنوات طويلة في “الهامش”، رغم كونها تمتلك ما تعتبره الشرعية التاريخية والدينية. وهي بعد سقوط نظام صدام حسين، وجدت نفسها حرة من كل القيود التي كانت تمنعها عن الإفصاح عن ذاتها. ولذا، أتى الإفصاح عفويا، شعبويا، يختلط فيه الديني بالعشائري، وأظهر ثقافة “الهامش” بكل ما فيها من عاهات وأمراض، كانت نتيجة سياسة الإقصاء التي مارسها حزب البعث في العراق طيلة سنوات حكمه. وهي أيضا ردة فعل تجاه تفجيرات “القاعدة” وتاليا “داعش!”.
الشعائر هنا تحضر كتعبير عن حال السياسة والثقافة والعادات الاجتماعية، أكثر مما هي تعبير عن التزام بتعاليم أئمة آل بيت النبي محمد، وما روي عنهم من أحاديث وسرديات تاريخية.
حتى تلك المرويات التي يرددها “الطقوسيون” تجدها مختارة بعناية، بما يوافق رؤيتهم للشعائر الحسينية، لا وفق منهجية علمية بحثية رصينة. لأن كثيرا من هذه السرديات تنقض ممارساتهم، وتقف على الضد منها.
في السعودية، المواطنون الشيعة تأثروا بما وقع في العراق بعد العام 2003. فالحدث سياسيا وثقافيا أثر على المنطقة بأسرها. إلا أن الشعائرية الطاغية التي برزت بين شيعة العراق، كان لها صداها بين شيعة الخليج عامة.
من هنا، بتنا نجد دعوات بين رجال الدين إلى مواكب “التطبير”، أو “الزنجيل”. وشيئا فشيئا بات ينمو خطاب “غرائبي” يعتمد على الماورائيات والمنامات والخرافة، راسما صورة لأئمة آل البيت وفضائلهم، وكأنهم فوق البشر، أو أصحاب قوة خارقة. وهي ذات الصورة التي تجدها لدى الأولياء الكبار عند الصوفية، أو حتى صورة “يسوع” في اللاهوت المسيحي!.
الجدل حول الشعائر الحسينية بين الشيعة السعوديين، يمكن رصده من خلال ما يكتب من مقالات في المواقع الإلكترونية المحلية، أو ما ينشر في “فيسبوك” و”تويتر”، وآلاف رسائل “الواتس آب” المتداولة، فضلا عن محاضرات الخطباء والمثقفين. وهو جدل يعكس حقيقة المجتمع وتطوره، ومقدار ما به من وعي.
إن السعوديين الشيعة ليسوا لونا واحدا، ولا كما يتصور البعض أنهم مجتمع مغلق مصمت، يسير مثل القطيع خلف زعيم ديني محدد. وإنما هو كبقية الأوساط الاجتماعية في السعودية، مجتمع متعدد ثقافيا واجتماعيا، به تيارات دينية وليبرالية متنوعة، ويعيش حراكا حقيقيا، أفضى للعديد من التغيرات.
لو أردنا أن نضع خريطة مختصرة، تكون بمثابة دليل إرشادي، حول الأفكار التي يتم تداولها في عاشوراء، فيمكن الإشارة إلى التالي:
1. تيار رجال الدين التقليديين. وهو يمثل شريحة واسعة، تؤمن بأهمية إحياء ذكرى آل البيت، وإقامة المجالس الحسينية، بعيدا عن السياسة. يكون صلب الحديث حول فضائل الإمام الحسين، وتفاصيل واقعة كربلاء. وهذا التيار لا تجد لديه مبالغة في الطقوس، ولا يتبنى “التطبير” أو ضرب الجسد بالسلاسل. ومن أبرز الأسماء في هذا التيار الشيخ حسين العمران، وقاضي الأوقاف والمواريث بمحكمة القطيف الراحل الشيخ عبد الحميد الخطي.
2. الشعائريون. وهم مزيج من تيارين أساسيين. الأول تيار المدرسة “الشيرازية”، وريث مرجعية الراحل السيد محمد الشيرازي، والذي يتبع غالبية أفراده الآن فقهيا، آية الله السيد صادق الشيرازي. فيما الثاني، هو “التيار الولائي”، ومرجعيته الدينية تتمثل في الراحل الشيخ ميرزا جواد التبريزي، وآية الله الشيخ الوحيد الخراساني. يضاف لهذين التيارين المدرسة “الشيخية” التي تتواجد بشكل أساسي في الأحساء والدمام، وأفرادها يأخذون تعاليمهم الدينية من رجال الدين التابعين لمرجعية الراحل الميرزا حسن الحائري الإحقاقي.
هذه التيارات الثلاثة رغم ما بينها من تباين، إلا أنهم يشكلون منهجا متقاربا في رؤيتهم “المغالية” للشعائر الحسينية. حيث يؤيدون مواكب التطبير، ومواكب “الزنجيل”، وسواها من الممارسات التي تعتبر خارجة عن المألوف في المجتمع السعودي الشيعي.
الإشكالية الحقيقية في هذا التيار أنه يحتكر التشيع لذاته، ويرمي مخالفيه بـ”التسنن”، و”ضعف الولاء لآل البيت”!.
كما أن غلاة هذا التيار، يتبنون ذات الخطاب “الأصولي” و”الشتائمي” الذي ينتهجه ياسر الحبيب والسيد مجتبى الشيرازي!. فتراهم يعتبرون شخصيات مثل السيد محمد حسين فضل الله، والشيخ أحمد الوائلي، والشيخ عبد الهادي الفضلي.. شخصيات “غير ولائية”، ويمطرونها بنقد جارح، والسبب أن هذه الرموز الدينية ترفض التفسير الأصولي المذهبي والخرافي لسيرة الإمام الحسين.
3. التيار “الوسطي”. وهو تيار يسعى لتقديم واقعة كربلاء في صورة حديثة، دون خرافة. إلا أنه كما يصف البعض “يفتقد للشجاعة الكافية”، ولذا لا يدخل في نقاشات نقدية مع من يسمون بالتيار “الولائي”.
هذا التيار من أبرز رموزه آية الله السيد منير الخباز. وهو شخصية علمية تعمل على تقديم خطاب معتدل، ترجع جذوره إلى أفكار السيد محمد حسين فضل الله، والسيد محمد باقر الصدر. إلا أنه نتيجة للضغوطات الاجتماعية التي يمارسها التيار “الولائي”، نجد الخباز لا ينتقد ممارسات مثل “التطبير”، تلافيا لدخول معركة كلامية مع الأصوليين من جهة، وحرصا منه – كما يقول أتباعه – على وحدة الصف وعدم الفرقة. وربما أيضا، احتراما ومجاملة منه لأستاذيه الميرزا التبريزي والوحيد الخراساني.
4. التيار “الإصلاحي”. وهو تيار يرفض الصورة الماورائية التي يروجها التيار الشيرازي للشعائر الحسينية، ويعمل على نقدها بشكل صريح ومباشر دون مجاملة. معتبرا أن السكوت تجاه هذه الأفعال، يشكل خطرا على “التشيع”، و”تشويها لنهضة الإمام الحسين”، ويسهم في “تعميم ثقافة الجهل والتخلف”.
أسماء عدة شكلت العمود الفقري لهذا التيار “التنويري” داخل الوسط الديني، ومنهم الشيخ حسن الصفار، والشيخ حسين المصطفى، والسيد حسن النمر، والسيد محمد رضا السلمان.
5. الفريق الخامس، يقرأ الشعائر الحسينية، كإحدى نتائج الظاهرة الدينية، بوصفها سلوكا بشريا، اجتماعي، ثقافي، بالدرجة الأولى. أي أنه لا يمنحها القداسة الشرعية، التي تصيرها في مأمن من النقد والمساءلة. بل يتعامل معها كموضوع معرفي، يطبق عليه معايير الدراسات الاجتماعية والإنثروبولوجية. ولعل د.توفيق السيف، يعتبر الاسم الأبرز سعوديا في هذا الحقل، الذي ينزع عن “الطقس” هالته وقوته الرمزية التي يتموضع داخلها.
إن مراسم عاشوراء مثل أي طقس ديني أو شعيرة عبادية، لا يمكن تقديم تفسير منطقي دقيق ومحكم لها، فهي لا تخضع في مجملها للمعايير العقلية، وإنما للسمع والطاعة والامتثال القلبي. وهي في لبها نتاج العاطفة والانفعالات الروحية، واليقين الذاتي، قبل أي شيء آخر. أي أنها وفق هذا التفسير تشابه “الإيمان” و”الحب”، وكلاهما فعل شخصي قلبي، لا يمكنك أن تزنه بميزان العقل وحده.
ولذا، فإن هذا التيار يقرأ الظاهرة الدينية بحيادية، محاولا تقديم تفسير ثقافي، وتحليل مركباتها والعوامل المؤثرة فيها، دون أن يكون جزءا منها. مؤمنا في ذات الوقت بأنها جزء من حرية الفرد والمجتمع في ممارسة شعائره الدينية دون إكراهات. إلا أن هذا التيار ذا النزعة العلمانية، يقدم في ذات الوقت قراءة نقدية صارمة رافضة لما يعتبره ممارسات “بدائية” مثل التطبير، والمشي على الجمر.. وسواها، لما بها من تغييب للعقل، وانتهاك لإنسانية الفرد وكرامته.
هذا الحراك داخل المجتمع السعودي الشيعي مفيد وضروري، ومن المهم أن يستمر، دون تدخل من جهات رسمية أو دينية عليا، لأنه سينتج أفكارا أكثر حداثة، تواكب التقدم المعرفي والعلمي، وترسخ الإيمان بالتعددية، وتخفف من غلواء الأصولية والطائفية، وتجعل الناس أكثر قدرة على التفكير بحرية ودون خوف، دون وصاية من رجال الدين أو سواهم.

نقلاعن العربیه
----------
بمناسة محرّم الحرام: (عاشوريات) مكذوبة على التاريخ

غالب حسن الشابندر

شاع في الأدب الحسيني ما يعرف بخطبة زينب سلام الله عليها في الكوفة، بعد أن رحِّل الركب الشريف من كربلاء إلى الكوفة، وهي قصة معروفة لدى قراء وسمَّاع المنبر الحسيني، بل هي من أشهر ما عرف في تضاعيف الخطاب الحسيني، والخطبة قطعة أدبية ثرة على صعيد الاسلوب، ولكنها من ناحية أخرى قطعة من السباب والشتائم باهل الكوفة، جميعا، ولا استثني أحدا!
جاءـ في هذه الخطبة على سبيل المثال ما نصُّه: (يا اهل الكوفة،يا أهل الختل والغدر... تتخذون أيمانكم دخلاً بينكم الا وهل فيكم الاّ الصلف النطف،والصدر الشنف، وملق الإماء، وغمز الاعداء... يا أهل الكوفة، يا أهل المكر والغدر والخلاء... كذَّبتمونا وكفَّرتمونا، ورأيتم قتالنا حلالا، وأموالنا نهبا كأننا أولاد ترك، وكابل، كما قتلتم جدنا بالامس، وسيوفكم تقطرمن دمائنا أهل البيت، لحقد متقدم قرّت لذلك عيونكم، وفرحت قلوبكم... تبغون محاربتنا،والله قست قلوبكم،وغلظت أكبادكم، وطُبِع على أفئدتكم، وخُتِم على سمعكم، وبصركم، وسوّل لكم الشيطان، وأملى لكم،وجعل على بصركم غشاوة...).
هذه مقاطع سريعة من خطة المزعومة للسيدة الحرة زينب بنت أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليه السلام، والخطبة قطعة من السباب والشتائم، وقطعة من الافتراءات بحق أهل الكوفة المساكين، ولم نجد في تضاعيف هذه الخطبة المزعومة أي إشارة إلى اهل الشام، ولا يزيد بن معاوية، ولا اي إشارة إلى شهداء أهل الكوفة الذين تقدموا بين يدي الحسين عليه السلام بشجاعة منقطعة النظير، وإيمان عميق!
هل حقا هذا لسان الحرة السيدة زينب عليها السلام؟
هناك إصرار على تكريس هذه الخطبة في الادبيات الحسينية، وطالما تذرع بها بعض الناس من أجل الاساءة لاهل الكوفة عرضا، وللعراقيين جوهرا...
هذه الخطبة ليس لها وجود يذكر في المصادرالاصلية للرواية العاشورية، وفي مقدتها رواية أبي مخنف، ولا رواية عمار الدهني، يرويها ابن أعثم الكوفي المتوفي سنة 314، بسند مرتبك، علما إنه لايعتبر من المؤرخين الجياد، و يرويها الخوارزمي المتوفي سنة 568، في مقتله تبعا لابن أعثم بسند مرتبك، ويرويها الطبرسي في الاحتجاج، وكل مروياته في هذا الكتاب بحكم المراسيل ما عدا مروياته عن الحسن العسكري عليه السلام، وإذا ما رجعنا إلى مصدر الرواية لوجدنا العجب، فلم ترد له ترجمة واضحة في كتب الرجال سوى ما جاء في رجال الشيخ الطوسي، حيث عدّه من اصحاب علي بن الحسين عليه السلام وكفى، وهناك اختلاف مثير في رسم اسمه، فهو تارة حزيمة الأسدي كما في الفتوح،وتارة بشير بن حريم كما في الدر المنثور في طبقات ربات الخدور، وتارة حذيم بن شريك كما في الاحتجاج أحد المصادر المهمة للخطبة المزعومة، وفي اللهوف / الملهوف لابن طاووس اسمه بشير بن حزيم الاسدي، وفي كتاب بغداد لابن طيفور اسمه مرة حذام الاسدي واخرى حذيم! فاي مصدر هذا يمكن الاعتماد عليه في تقرير مثل هذه الخطبة التي ملؤها الشتم والسب... فإن مجهولية المصدر الاساسي تطيح بصحة هذه الخطبة المزعومة.
أن الحوراء عليها السلام بريئة من مثل هذا الخطاب لانه ينم عن شخصية غير متزنة، وبعيدة عن مقتضيات المنطق في تقييم وتقويم الناس.

يقول ابن طاووس (589 ــ 664) في كتابه الموسوم (الملهوف / اللهوف على قتلى الطفوف) ما نصُّه: (وروى زيد بن موسى، قال: حدَّثني أبي عن جدي عليه السلام، قال: خطبت فاطمة الصغرى بعد أن وردت كربلاء فقالت: الحمد لله عدد الرمل، والحصا...)، والرواية في الاحتجاج للطبرسي، الجزء الثاني ص 302، وهي خطبة طويلة نسبيا، بل هي أطول من خطبة زينب المزعومة، وقد القتها على مسامع الكوفيين عندما سيق الرحل الشريف إليها من كربلاء، أي متزامنة مع خطبة الحوراء زينب، التي مرّت، وجوهرها لا يختلف عن خطبة عمتها الكريمة، أي سباب وشتائم وقذف وتخوين (أما بعد، يا أهل الكوفة، يا أهل المكر والغدر والخيلاء... مكرتم والله خير الماكرين، فلا تدعون أنفسكم إلى الجذل بما أصبتم من دمائنا... تباً لكم فانتظروا اللعنة والعذاب، ويذيق بعضكم بأس بعض، ثم تُخلدون في العذاب الإليم يوم القيامة...)، هذه بعض مقاطع من تلك الخطبة (العصماء)، كلها هجوم مقذع على الناس، بلا تمييز وبلا تفصيل، ثم يختم الراوي نقله بما نصه: (... فارتفعت الأصوات بالبكاء، والنحيب، وقالوا حسبك يا ابنة الطيبين، فقد أحرقت قلوبنا، وأنضجت نحورنا، وأضرمت أجوافنا، فسكتت)، هذا ما يرويه ابن طاووس أو ينقله عن الطبرسي برواته مرسلا عن زيد بن موسى بن جعفر، وهو المسمى بـ (زيد النار) نظرا لما أحدثه من مكاره ومصائب في بعض دور العباسيين، حرقا وتدميرا وتخريبا، فاستحق تأنيب الامام الرضا عليه السلام في رواية معروفة لدى الشيعة، وقد رواها ابن نما قبل ابن طاووس في كتابه (مثير الاحزان) بذات السند الهش المرتبك...
الخطبة، أي خطبة فاطمة الصغرى مشكوك بها جملة وتفصيلا، ولا توجد في أي من المصادر المعتبرة، بل حتى بعض المصادر التي يعتبرها بعضهم منحازة لأهل البيت عليهم السلام.
هل يطمئن العقل والمنطق إلى مثل هذه النصوص ليبني عليها ويربِّي عليها؟ نصوص عدوانية، انفعالية، بعيدة عن منطق الموازنة والعدل، فضلا عن كونها هشة السند، وبدرجة مذهلة؟
أن المنبر الحسيني باعتماده مثل هذه النصوص المكذوبة على مخدرات الرسالة إنما ساهم في خراب الوجود الشيعي، وساهم في زجه في غياهب التربية غير المسؤولة، وخدر عقله وفكره، أساء إلى أمة بكاملها، وما زالت لعنة هذه النصوص المكذوبة تلاحق العراقيين المساكين، فيما هم أوفى خلق الله للتشيع عبر تاريخه الطويل.
2
وفي هذا السياق هناك ما يُسمِّى بخطبة أم كلثوم بنت علي بن أبي طالب عليه السلام، وهي كسابقتها مصفوفة من الفحش والاتهام الجمعي، والتسقيط الكلي، بلا استثناء (يا أهل الكوفة سؤاة لكم ما لكم خذلتم حسينا وقتلتموه وانتهبتم أمواله وورثتموه وسبيتم نساءه ونكبتموه، فتباً لكم وسحقا...) وتقول الرواية: (فضج الناس بالبكاء والنوح ونشرالنساء شعورهن ودعون بالويل والثبور، وبكى الرجال ونتفوا لحاهم، فلم يُر باكية وباك أكثر من ذلك اليوم).
هذه الرواية العدوانية ليس لها أثر في المصادر المعتبرة، بل لم نجد لها أثر احتى في مقتل الخوارزمي، ومصدرها مجهول تماما، يرويها ابن نما وابن طاووس، وفيما يبرز في الخطبة اسم ام كلثوم شخصية جديدة في ملحمة الطف، ويقترن اسمها بهذه الخطبة (العصماء)، يرى صاحب مقتل الحسين الفقيد عبد الرزاق المقرم بانها ذاتها زينب بنت علي بن أبي طالب، وفي خضم هذه الفوضى السندية يذكر الشيخ الصدوق في أماليه ص 139 بان للحسين بنتا اخرى هي ام كلثوم!
أي تاريخ هذا؟
في هذا السياق، اي أثناءحمل الركب الشريف إلى الكوفة من كربلاء حيث كان هناك محفل خطابي محتدم تنسب الرواية المذكورة للإمام السجاد خطبة تزدحم بمفرات السب والشتم باهل العراق، حيث يذكر أهل الكوفة قتلهم الحسين شر قتلة، بعد أن دعوه وخدعوه، وفيما هو سلام الله عليه يقول:(... رحم الله امريء قبل نصيحتي، وحفظ وصيتي في الله، وفي رسوله، وأهل بيته، فأن لنا في رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أسوة حسنة) حيث تضج أصوت الكوفيين من جهة أخرى قائلة: (نحن كلنا يا ابن رسول لله سامعون، مطيعون، حافظون لذمامك، غير زاهدين فيك، ولا راغبين عنك، فمرنا بامرك، يرحمك الله، فإنا حرب لحربك، وسلم لسلمك، لنأخذنّ يزيد لعنه الله، ونبرأ ممن ظلمك) فكان جوابه حسب الرواية المزعومة: (هيهات، هيهات، أيها الغدرة، المكرة، حيل بينكم وبين شهوات أنفسكم...)، ويستمر إمام الخلق الرفيع السيد علي بن الحسين بسب الناس، وتخوينهم، وتحقيرهم، واهانتهم...
هذه الرواية كما قلت ليس لها وجود حتى في مقتل الخوارزمي، فضلا عن المصادر الام للقضية الحسينية، وخطب زينب وفاطمة الصغرى وأم كلثوم وعلي بن الحسين المزعومة رغم حلاوة سبكها اللغوي الادبي، ولكنها تنتمي إلى أهل الشقاوات والمستهترين بالقيم والاخلاق من حيث المضمون والمحتوى.
الغريب أن هناك اصراراً منبرياً على نشرها والقائها والتثقيف عليها، والعراقيون يسمعون هذه الخطب مرات ومرات في كل سنة، فيخرج العراق من المجلس الحسيني، وهو يشعر بانه سليل الخيانة بالوراثة!
وهناك من يغذي ذلك...
إنها خطب مكذوبة على هؤلاء الابرار، فاهل الكوفة هم انصار الحسين، وهم الذين حيروا الدولة الاموية حتى اسقطوها، وهم جحافل زيد بن علي ويحي بن زيد وابناء الحسن والافطح وغيرهم من الثوار، ولا استبعد أنها خطب من صناعة الامويين واعداء شيعة أهل البيت من أجل دق اسفين العدواة بينهما، ولكن لماذا يؤكد عليها خطباء من ذوي اللسان غير العربي؟
هل هناك سرٌ؟
وكم يحب شيعة العراق جلد ذاتهم؟
بل طالما تُستخدم هذه الخطب المزعومة من قبل الاغيار لدفع شيعة العراق إلى شد حزام الموت من أجل ذلك اللسان المحرِّك من وراء خفاء ما بعده خفاء!
الامل أن يتصدى الواعون لمثل هذه الا كاذيب المفتراة على أهل البيت وعلى شيعتهم العراقيين.

نقلاً عن موقع إيلاف








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - لا مجال للبدع والاوهام في مجتمعات متحرره
ابو انور الكوفي ( 2017 / 10 / 20 - 23:13 )
كل الممارسات التي تجري في مناطق الشيعه في العراق ولبنان والبحرين وشرق العربيه السعوديه وافده ودخيله بعضها مورست قبل مئات السنين من قبل طوائف مسيحيه في بلاد القوقاز وفي ايطاليا كالظرب على الظهور بالسلاسل وقد غادرتها تلك الشعوب منذ زمن طويل وبعضها قدم الينا من بلاد السند والهند والافغان عبر ايران . كما ان اغلب البدع والضلالات التي أضيفت الى الاسلام جديده ومستحدثه جرى فرضها وترسيخها من قبل الدوله الصفويه اثناء ارغامها الشعوب في بلاد فارس على التشيع .. ومنها اقحام الشهاده الثالثه التي انتشرت في العراق تحديدا في العام 1870 عندما اجبر ناصر شاه مؤذن ضريح الامام علي بن ابي طالب في النجف على اضافتها الى الاذان وكذا اول حسينيه أقيمت في العراق أقيمت في بغداد عام 1872 وكذلك بقية البدع والاضافات انتشرت تباعا في المجتمع العراقي شأنه شأن اي مجتمع متخلف كان ولازال دون ان يتقدم خطوة واحده الى الامام بل يتراجع الى الخلف خطوات كبيره وسريعه


2 - الفريق الخامس من الشيعة السعوديين هو الاصوب
سمير آل طوق البحرأني ( 2017 / 10 / 21 - 07:53 )
اولا اشكرك جزيل الشكر على نقل هذين المقالين للاخوين الكريمين حسن المصطفى وغالب حسن الشابندر والشكر موصول لها ايضا على ما قدماه من حقائق عن شيعة السعودية والتاريخ المزيف الذي ورثنام من الآباء والاجداد وانا بدوري اوؤيد الفريق الخامس وآراؤه حول اقامة الشعارات الحسينية واعتقد اعتقادا راسخا ان ما يقوم به الشيعة من شعارات لا تمت الى ثورة الحسين باي صلة وهي دخلية ولا سند لها شرعا وعرفا وانما تقليد وافد كما تفضل الاخ ابو انور الكوفي. ان الاحاديث الواردة عن ائمة اهل البيت حول اقامة هذعه الشعارات كـ الحديث المنقول عن الامام الصادق وهو قوله ( احيوا امرنا رحم الله امرءا احيا امرنا او قول المهدي ـ الذي لا وجود له ـ لابكينك صباحا ومساءا بدل الدموع دما) لا تستقيم مع العقل والمنطق ولا اعتقد ان لها مصداقية وانما هي مختلقة لهدف تجاري ليس الا.ان الاحتفآء بالعظماء شي محبوب ولكن ليس مقابل اي مردود سوى تكريما لهم على ما بذلوه في سبيل الانسانية وليس الشفاعة يوم القيامة او زيارة الله في عرشه او مشي الزآئر على اجنحة الملائكة. ان الحقيقة الساطعة هي ان الامويون قتلوا الحسين ودهاقنة دين الشيعة تاجروا بدمه.

اخر الافلام

.. يهود أمريكا: نحن مرعوبون من إدارة بايدن في دعم إسرائيل


.. مجلس الشؤون الإسلامية في أمريكا: الرد القاسي على الاحتجاج ال




.. نحو 1400 مستوطن يقتحمون المسجد الأقصى ويقومون بجولات في أروق


.. تزامنًا مع اقتحامات باحات المسجد الأقصى.. آلاف اليهود يؤدون




.. الجزائر | الأقلية الشيعية.. تحديات كثيرة يفرضها المجتمع