الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
مغزى ثلاثة مواقف عربية مناوئة لإسرائيل
رضي السماك
2017 / 10 / 20مواضيع وابحاث سياسية
مغزى ثلاثة مواقف عربية مناوئة لأسرائيل / رضي السمّاك
خلال إسبوع واحد جددت شعوبناالعربية معاداتها لاسرائيل ورفضها الحازم التطبيع معها وذلك في ثلاث مناسبات جسدتها بلدان جاءت مواقفها مصادفةً وكأنها عينات نموذجية جغرافية ممتازة لقياس نبض هذه الشعوب مجتمعةً من هذه القضية على امتداد رقعة العالم العربي : المناسبة الأولى وقد وقعت في الثامن من شهر اكتوبر الجاري في أقصى غرب هذا العالم ، وتحديداً في المغرب ، عندما جرت احتجاجات شعبية وحزبية ونقابية وبرلمانية على إثر استضافة مجلس المستشارين وزير الحرب الاسرائيلي عمير بيريز ضمن المدعوين للندوة الدولية لمجلس المستشارين والجمعية البرلمانية للبحر المتوسط ، والثانية جرت في 14 من الشهر نفسه بمبادرة من وفود شبابية (معظمها تمثل بلداناً من المشرق العربي ) شاركت في مهرجان الشباب والطلبة العالمي التاسع عشر بمدينة سوتشي الروسية والتي احتجت على مشاركة وفد اسرائيلي صهيوني في مثل هذه الاحتفالية اليسارية العالمية ورفع العلم الاسرائيلي فيها وأعلنت انسحابها من حفل الافتتاح ، أما المناسبة الثالثة فقد جرت مؤخراً في روسيا أيضاً وتحديداً في مدينة بطرسبورغ يوم 17 اكتوبر الجاري على يد شخصية تمثل برلمان بلد يقع في أقصى الشرق العربي ( الخليج العربي ) ألا هي الكويت حينما طلب مرزوق الغانم رئيس وفدها البرلماني المشارك في مؤتمر الاتحاد البرلماني من رئيس الوفد البرلماني الاسرائيلي بمغادرة قاعة المؤتمر موجهاً له أقذع التنديدات .
وبقليل من التمعن فإن المواقف الثلاثة تنطوي على مغزى ودلالات هامة بعيدة المدى لا تخطئها العين ، فضلاً عن أنها تشكل في ذات الوقت دروساً لاسرائيل وحلفائها الغربيين والانظمة العربية المُطبعة مع العدو إن أرادت حقاً منها دون مكابرة . ففي الموقف الاول الذي جسّده المغرب فلعل المغزى هنا ان بُعد هذا البلد العربي جغرافياً عن بؤرة الصراع والمواجهة مع اسرائيل لم يحُل في أي فترة تاريخية من مسيرة القضية الفلسطينية دون حيوية وديمومة نبض شعبه بالتضامن مع هذه القضية ورفض التطبيع مع العدو الاسرائيلي . أما في الموقف الثاني فقد كان الوفد الشبابي اللبناني وهو أحد وفدين عربيين ( الثاني هو الوفد الفلسطيني ) بادرا إلى دفع الوفود الشبابية العربية باتخاذ موقف مشترك للاحتجاج على مشاركة إسرائيل في مهرجان الشباب العالمي . وبطبيعة الحال فإن المغزى يكمن هنا في ان لبنان لم تفت في عضد شعبه كل المؤامرات والحروب العدوانية الاسرائيلية الثأرية الإبادية لشعبه والتدميرية لعمرانه والتي شنتها إسرائيل على مدى نصف قرن منذ هزيمة يونيو 1967 ، سواء لاستضافته المخيمات والمقاومة الفلسطينية التي انطلقت منها على أراضيه ، أو لقيامه بممارسة حقه المشروع في المقاومة الوطنية لتحرير أراضيه الجنوبية من الاحتلال الاسرائيلي والتي تكللت بالنصر المؤزر عام 2000 ، بل وحتى الاخطاء الكبيرة التي وقعت فيها فصائل المقاومة الفلسطينية المسلحة بحق المناطق والقرى الجنوبية لم تؤدِ إلى زعزعة ايمان أهاليها والشعب اللبناني عامةً بما يملي عليه ضميره من واجب لنصرة ودعم قضية شقيقه الشعب الفلسطيني . وأخيراً فإن الموقف الثالث الذي جسده رئيس البرلمان الكويتي المرزوق فيتمثل المغزى المستخلص منه أنه رغم عمق الجرح الذي ما فتئ يشعره الشعب الكويتي من موقف القيادة الرسمية الفلسطينية المتخاذل من الغزو العراقي للكويت في عهد الرئيس الراحل صدام حسين عام 1990 إلا ان مراهنة اسرائيل والغرب على ان يفضي ذلك إلى نفض الشعب الكويتي يديه من القضية الفلسطينية كٰلياً وللأبد تحت تأثير تلك الملابسات التاريخية القريبة باءت بالفشل الذريع حيث اثبت هذا الشعب بانه لا يقل عن أي شعب عربي آخر في حيوية ضميره الوطني والقومي ازاء مظلومية شقيقه الشعب الفلسطيني وعدالة قضيته وما يمليه عليه من وجوب نصرتها بكُل السُبل الممكنة .
وإذا كان الشي بالشي يُذكر فلعل من المفيد هنا أيضاً التذكير بموقف مشابه جرى في ديسمبر الماضي على بقعة اخرى من الخليج ألا هي البحرين بغية فرض التطبيع على شعبها أو جس نبضه في مدى تقبله عملياً عبر ترتيب استضافة وفد من رجال الاعمال اليهود الامريكيين المعروفين بميولهم الصهيونية المتعاطفة مع اسرائيل ، فلقد راهن عرابو الاستضافة على ما يمر به شعب البحريني من ظروف سياسية قسرية داخلية وتمزقات طارئة في وحدته على خلفية أحداث ربيع 2011 واعتقدوا ان تلك الظروف مؤاتية لهم تماماً لتدشين التطبيع مع العدو الاسرئيلي ، فإذا يتفاجأون بعاصفة احتجاجية شعبية وسياسية عارمة توحدت من خلالها كل اطياف وفئات الشعب البحريني وقواه السياسية ضد زيارة الوفد اليهودي الامريكي المذكور وما جرى خلالها من برامج فجور سياسي استفز هذا الشعب ، وكانت العاصفة بمثابة صفعة قوية على الوفد اليهودي الصهيوني الامريكي وعرّابي استضافته في الدوائر السياسية العليا ، ولعل ما جرى من ردود فعل شديدة مستنكرة للزيارة خير درس لأي جهة بحرينية قد تسوّل لها نفسها مستقبلاً تكرار مثل هذه البالونات.
والحال ثمة حقيقة راسخة ساطعة لا تتزعزع لكن من المؤسف والعجب أن إسرائيل الأنظمة وحُلفاءها الغربيين وعلى رأسهم الولايات المتحدة فضلاً عن الانظمة العربية المتحالفة معها تتعامى عنها ولا تريد فهمها وهي أن كراهية شعوبنا العربية لإسرائيل لم تكن أبداً بمثابة نزوة تاريخية طارئة يمكن أن تزول بمرور الزمن ، من جراء " حاجز نفسي " نسجته شعوبنا العربية من حولها كما عبّر الرئيس المصري الراحل أنور السادات عشية تمهيده لزيارة إسرائيل في مثل هذا الوقت قبل أربعين عاماً ( نوفمبر 1977 ) ، بل هي ولجملة من الأسباب الموضوعية والذاتية ليس هنا موضع بسطها باتت متجذرة ومترسخة في وجدان شعوبنا العربية منذ تأسيس اسرائيل بالقوة والبطش العسكري الغاصب قبل نحو سبعة عقود ، ذلك بأن القضية الفلسطينية باتت مسألة شديدة التشابك والترابط بقضايا شعوبنا العربية الداخلية المتعلقة بالحرية والتقدم والتنمية المستقلة واللحاق بركب الامم الحضاري ، ذلك بان إسرائيل ككيان واستعمار استيطاني مفروض على المنطقة العربية وفاقد لأي من أشكال الشرعية وبما بات يشكله من ركيزة عدوانية للدول الكبرى الاستعمارية لمحاربة حركات التحرر والتغيير في المنطقة العربية ووأد تطلعاتها المشروعة بما يؤدي لخلخلة استقرار وسلام المنطقة يشكل - الكيان الصهيوني - العنصر الكابح لأماني الشعوب العربية جمعاء وليس الشعب الفلسطيني وحده صاحب القضية الاصلية . ولم يغيّر من هذه الحقيقة كل الكوارث والمصائب والتعقيدات الموضوعية والذاتية التي لحقت بالقضية الفلسطينية ونضال الشعب الفلسطيني وكذلك ما لحق بقضايا بالشعوب العربية الخاصة ونضالاتها الصعبة الآنية من أجل حقوقها السياسية الديمقراطية والاجتماعية من تراجعات وانكسارات . إذ على الرغم من كل ضغوط وعسف تلك الأنظمة وحلفائها الغربيين بمختلف الاشكال السياسية والاعلامية والثقافية وحتى الأمنية ، لم يتشوش وعي وإيمان الشعوب العربية بعدالة قضية شقيقها الشعب الفلسطيني ولم يتزعزع ضميره الحي الذي يملي عليه واجب نصرة هذا الشعب ودعم نضاله بمختلف السُبل المشروعة حتى ينال حقوقه المشروعة كاملة ، وهذا ما لا تريد اسرائيل وحلفاؤها الغربيون والانظمة العربية المطبعة فهمه - كما ذكرنا - لا بل تتناسى هذه الاخيرة انها بإمعانها في خطواتها التطبيعية مع العدو الاسرائيلي في سكرة سعيها المحموم لخطب ود الولايات المتحدة الحليفة الاولى لاسرائيل وتشكيل جبهة عالمية ضد " العدو الايراني " المشترك لهذه الاطراف مُجتمعةً إنما تفاقم من سخط ونقمة شعوبها عليها هي التي أصلاً مقموعة ومضطهدة داخلياً على مستوى قضايا وطنية متعددة .
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. شهداء وجرحى في قصف إسرائيلي استهداف مناطق عدة في قطاع غزة
.. ما الاستراتيجية التي استخدمتها القسام في استهداف سلاح الهندس
.. استشهاد الصحفي في إذاعة القدس محمد أبو سخيل برصاص قوات الاحت
.. كباشي: الجيش في طريقه لحسم الحرب وبعدها يبدأ المسار السياسي
.. بوليتيكو تكشف: واشنطن تدرس تمويل قوة متعددة الجنسيات لإدارة