الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مسرحيةٌ في مُنتهى البذاءة

امين يونس

2017 / 10 / 20
مواضيع وابحاث سياسية


هنالك مسرحيات كوميدية ، تمتعك حينما تُتابِعها ... وهنالك أيضا مسرحيات تراجيدية ، فيها من الحبكة والدراما الراقية ، تجبرك على المشاهدة والتفاعُل . أما ما يجري من أحداث منذ فجر السادس عشر من هذا الشهر ، فأنهُ قائمٌ على سيناريو خبيث وإخراجٍ متهور ... يدعو إلى الغثيان . ومادامتْ هي مسرحية ، دعونا نُسّلِط الضوء على بعض الفصول :
* لم يستمع السيد مسعود البارزاني ، لكلام ومقالات أمثالي ، الذين كُنا واثقين ، بأن إدارة الأقليم لم تبنِ أساساً جيداً ، للإستفتاء والإنفصال عن العراق ودعواتنا إلى تأجيله . بل لم يلتفت أيضاً إلى تحذيرات عراقية وأقليمية ودولية أيضاً . كُل العواصم من بغداد وطهران وأنقرة وبروكسل .. الخ ، في جهة . وواشنطن في جهةٍ أخرى .. لأن حتى المبتدأ في السياسة ، يدرك ، بأن أمريكا هي اللاعب الأساسي في المنطقة . وعندما رفض الإستماع إلى " نصيحة " الإدارة الأمريكية بتأجيل الإستفتاء . فأنهُ بهذا أغضب واشنطن كما يبدو .
أعتقد أن أمريكا ، قرَرَتْ حينها [ مُعاقبة ] سُلطة الأقليم .
والولايات المتحدة ، لم تعُد تُنجِز خططها مُباشرة ... فهنالك دَوماً مَنْ يقوم بذلك نيابة عنها . ودفعتْ العبادي إلى تنفيذ الأمر بكُل سهولة ، تحت غطاء " تنفيذ الفقرات الدستورية " والتقدُم نحو المواقع التي كانت تحت سيطرة الحكومة الإتحادية قبل 9/6/2014 . وتغاضَتْ عن إشراك الحشد الشعبي وحتى تحركات قاسم سليماني هنا وهناك .
* سّرَبتْ الأوساط الأمريكية ، أن واشنطن بصدد إلغاء الإتفاق النووي مع إيران ، وأنها تسعى إلى إدخال الحرس الثوري الإيراني وفيلق القدس ، في قائمة المنظمات الإرهابية . فهّلَلَتْ الإدارة الكردستانية وبلعتْ الطُعم ، وأشاعتْ بين مُؤيديها ، ان الطائرات الأمريكية ستقصف أي قوة من الحشد الشعبي تتعرض للبيشمركة ... حيث أنهم يعتبرونها قوات إرهابية ! .
* يبدو ان أجهزة الإستخبارات والمخابرات العائدة ، لطَرَفَي السلطة أي الديمقراطي والإتحاد .. لا تهتم كثيراً بجمع وتوثيق وتحليل المعلومات ، التي من المُفترَض أن تُجمَع عن تحركات الجيش العراقي والحشد الشعبي وجيوش ومخابرات تركيا وإيران .. ولا نوع وكمية التسليح عند تلك الاطراف التي يمكن أن تصطدم معها . بل ان إهتمامها يبرز في قمع كُل صوتٍ مُعارِض في الداخل .
* فصلٌ " بايخ " فعلاً : هل تعتبر الإدارة في الأقليم ، أن الحكومة العراقية ( عدُوة ) للأقليم ؟ إذا كان الأمر كذلك ، فماذا يفعل قائد القوة الجوية ومدير الإستخبارات العراقية ورئيس الجمهورية في بغداد ؟ وهُم ممثلون للحزب الديمقراطي والإتحاد الوطني حصراً ؟ ماذا يفعل السفراء وكبار الموظفين وأفواج الحماية في بغداد ، إذا كانت بغداد عدوة ؟
* لم تفشل الإستخبارات الكردستانية ، في القيام بعملها المُفترض بحماية الأقليم من المخاطِر ، فقط .. بل أن الحزب الديمقراطي ، فشلَ فشلاً ذريعاً في إبقاء حليفه الإستراتيجي " الإتحاد الوطني " قوياً مُتماسِكاً .. بل بالعكس من ذلك ، سعى بطُرِقٍ غير مُباشِرة إلى إضعافه أكثر وتفتيته ، على أمل بسط نفوذه تدريجياً في معاقل الإتحاد التقليدية .. وكانَ ذلك خطاً قاتلاً .
* قوات البيشمركة مشهودٌ لها بالشجاعة والإقدام .. لكن بل لكن كبيرة وتحتها خطين : تعاملتْ إدارة أقليم كردستان ، مع البيشمركة ، بعقلية تقليدية متخلفة رغم كُل التحذيرات والصيحات . فلا تسليحها يُعتَد بهِ ولا تدريبها مقبول ولا هي مُوّحَدة أساساً ... حيث لا يمكن لقوات البيشمركة بهذه الحالة ، مُجابهة " جيش " لدولة ، حتى لو كانت هذه الدولة تُعاني من فوضى وفساد مثل العراق . كانتْ الإدارة في الأقليم مُقتنعة كما يبدو ، بأن الطائرات الأمريكية سوف تحميها في أي مواجهة مع الجيش العراقي أو الحشد الشعبي ، وأن مطار أربيل سيكتظ بطائرات نقل أوروبية تجهز البيشمركة بقاذفات ميلانو وغيرها ..
لكن تبينَ ان كل ذلك أضغاث أحلام .
في إعتقادي أن زَج البيشمركة في أي معركة ضد الجيش العراقي او الحشد الشعبي ، خطأٌ فادِح ... لا سيما ان أمريكا وبالتالي العالم كله وراءها ، أعلنتْ بأن مايجري في كركوك والمناطق الأخرى " شأن داخلي " وهم لا يؤيدون أي طرف ! .
.....................
الولايات المتحدة أظهرتْ قسوتها في " معاقبة " إدارة الأقليم ، في الأيام الماضية ... أما إلى أي مدى سوف تستمر بالعقاب ، فذلك غير واضح في هذه اللحظة : إلى درجة الإضعاف الكُلي للإدارة بحيث ترضى بأية حلول حتى لو كانت مهينة ؟ إلى درجة التخلي الكُلي عن هذه الطبقة وإبعادها عن المشهد عموماً ؟ أم سوف تكتفي بما قامتْ بهِ لحد الآن ، وتترك بعض الفُتات لسُلطةٍ منهكة ؟
..................
بغداد غارقة في مستنقع الفساد ... والحشد الشعبي ملئٌ بعناصر طائفية متهورة تستلم أوامرها من قاسم سليماني ... والوضع في الأقليم أو ما تبقى من الأقليم ، مُهلهَل ومضطرِب ... والذي يدفع الثمن هُم : القتلى والجرحى من كُل الأطراف ... فهناك المئات من القتلى والجرحى وليست العملية بيضاء كما يتوهم البعض .
الذي يدفع الثمن ... هُم النازحين من توزخورماتو وكركوك وغيرها الذين فقدوا كل شئ ... الذي يدفع الثمن حتى هذه اللحظة ، هُم المواطنين العاديين في كُل مكان ، من قلقٍ وهَمٍ وخوف على مستقبلهم ومستقبل أطفالهم ... نعم هؤلاء جميعا مَنْ يدفعون الثمن ... وليس الذين تسببوا في هذا الوضع المأساوي من كُل الأطراف .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الطمع فساد الدين
بارباروسا آكيم ( 2017 / 10 / 21 - 19:03 )
أَخي صاحب المقال ..
أَنَا سبق أَن قلت : إِنَّ العالم لم يعد بإمكانه إِستقبال ملايين اللاجئين الجدد القادمين من كردستان و سنستان و شيعستان .. لذلك ليس في مصلحة أَحَد الوقوف مع أَحَد ، حتى امريكا صار لها مشكلة مع اللاجئين

وسبق أَن قلت بأَن الداخل السياسي الكردي نفسه غير مهيء .. ويومها خرج أَحدهم لينصحني بأن أَحتفظ بنصائحك لنفسك .. فالقادة الكورد عندهم جان جاك روسو وأرسطو و أَفلاطون وهم يعرفون كيف يديرون الداخل ،

وها أَنتُم ترون النزاع العائلي بين عائلة المرحوم وعائلة السروك

بل إِنَّهُم تنازعوا حتى قبل قيام الدولة والحمد لله أَنَّهُم فعلوا .. لأنهم لو تأخروا الى مابعد قيام الدولة كانت الدماء ستصل الى الرُّكَب كما حَصَّل في الـ 96 ويومها إِستعان القائد السروك بالقائد المفدى حامي البوابة الشرقية

واليوم تستعين عائلة المرحوم بالبوابة الشرقية نفسها لكي يضعوا حد لأَطماع السروك

وسبق أَن حَذَرت بأَن الوضع الإقليمي هو بالضد تماماً من أَحلام العائلة المالكة التي تريد توسيع مصالحها يعني وكأنه ثلاث آبار نفط وشركة كورك وعشرات شركات السياحة الأُخرى لاتكفي

صدق من قال : إِن الطمع فساد الدين


2 - أخطاء أخطاء ؟؟؟
حسن الكوردي ( 2017 / 10 / 23 - 09:34 )
اهديك تحياتي . حقاً إنها مسرحية لإلهاء الشعب المسكين . خير الكلآم هذين العائلتين البارزاني والطالباني ورم سرطان في خاصرة الشعب الكوردي ويجب إزالتها وإلآ نترحم على سايكس بيكو . ما الذي قدمه هؤلآء للشعب سوا الويلآت والقتل والدمار من أجل مصالحهم العائلية فقط . هم في وادي والشعب في واد آخر . شكرا لك

اخر الافلام

.. كاميرات مراقبة ترصد فيل سيرك هارب يتجول في الشوارع.. شاهد ما


.. عبر روسيا.. إيران تبلغ إسرائيل أنها لا تريد التصعيد




.. إيران..عمليات في عقر الدار | #غرفة_الأخبار


.. بعد تأكيد التزامِها بدعم التهدئة في المنطقة.. واشنطن تتنصل م




.. الدوحة تضيق بحماس .. هل يغادر قادة الحركة؟ | #غرفة_الأخبار