الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اللغّم

هدى يونس

2017 / 10 / 20
الادب والفن


اللغّم
هدى يونس



كنا نتجول في الصالة قبل بداية العرض .
نبهني قائلاً : انظري ...
: رأيتها من قبل .
: لا اقصد اللوحة .. واتجهت عيونه ناحيته ..
: عاد ثانية !!! ماذا يريد !!!
توترت .. حاول تبديد توتري ..
وواصلنا تجوالنا شارحًا أعمالاً معلقة على الحوائط وأنا منصته لكلامه .. وسط عبارات متخصصة في الفن يلقي دعابة رشيقة تنتزع إبتسامة من داخل القلق ..
شعرت بلمسة يده مشيرًا برأسه .. لمحته عائداً عكس إتجاهنا ..
وتأكدت من وجوده وتجاهلته ..
بعد العرض المسرحي وقرب عودتنا أكد لي أننا سنجده في بيتنا .
إستنكرت كلامه !! كيف يمكنه دخوله ؟ ..
بعد موافقته على التنازل عن نصيبه في البيت القديم وأخذ المقابل .. جاء وإستولى عليه بعد أن أنفقنا على إعداده ليصبح مسكناً ملائماً .. مستنداً على أوراق لم ننتبه لها .. ماذا يريد بعد هذه السنوات ؟ .
: يريد إبعادك عني ! .. يؤلمه وجودك معي ! .. يضيق بتلاحمنا في مواجهة إعتدائه وتحدي الصعاب .. رغم أن مجيئه دائماً يؤكد قوة إرتباطنا .
: ليست له حجه في إقتحام البيت الجديد وكل الأوراق تثبت ملكيتنا .
وصلنا إلى البيت ..
إنه بالداخل .. خبط الباب بحذائه خبطه مروعه ففتح .. تغيرت معالم الصالة .. أعداد كثيرة من الأسرَّة عليها اطفال نيام .. لم يهتموا بما يحدث ..
بحثنا عنه ولم نجده ..
: ليس هنا ! .
: أكد وجوده مختفياً .. مستغلاً قدراته في السحر كعادته.
: ماذا نفعل ؟ .
: الطرد أو حتى القتل .
إرتجفت ووقفت حائرة أحاول تهدئة بركان يعصف بكل شيء ..
تجلت أمامي صورة رجل الأمن الذي لازمنا في تجربة إعتدائه الأول .. وإصراره على عقابه حتى لا يفكر في العوده ثانية ..
الأن هو طوق نجاتي ..
قرر ألا يذهب إليه مستنجداً وأن العنف هو الطريق الوحيد ..
توسلت أن يهدأ ويتركني أتصرف .. غضب وثار ..
طال رجائي .. وأنا أرتجف خوفاً عليه .. ربما تعاطف مع رعبي ..
نظر صامتاً وهز رأسه موافقاً ..
*********
(2)

ذهبت اليه .. لم أجده .. سألت عنه لم يدلني أحدًا عليه ..
كثرت الأسئلة حول سبب سؤالي عنه .. رفضت الإفصاح عما أريد .
وأنا أنسحب من المكان بحيرتي رأيت زميلاً له يقترب مني وخرج معي خارج بوابة المكان ..
نظر إليّ لائماً ومتسائلاً : ماذا تريدين منه ؟
: الحماية ! ..
: اين انت منذ سنوات ؟
: هنا في المدينه ..
نظر بغيظ لم أفهمه وأاخرج كلامًا يحمل عتابًا "تعذب لغيابك" ! .. أنا ؟ .. نعم أنتِ ..
قالها بضيق وإشمئزاز ربما لغبائي أو لشيء أخر .. المهم إذهبي إليه وأعطاني عنوان بيته .
تركت المكان مثقلة بعبئ جديد ..
وفي المكان الذي حُدد لي وجدت الباب مفتوحاً دخلته بعد أن طال إستئذاني ..
رأيت مكانًا خانقًا .. قذارته مخيفة .. أنادي عليه .. طرقت أبواب الحجرات لم أجد أحدًا ..
سمعت صوتاً لم أتبينه .. وقفت حائرة ثم تحركت حتى وصلت إلى باب البلكون المفتوح ..
رأيته نائماً على كوڤرته قذرة .. نظرت متسائلة ولم أنطق ..
قام من نومته .. وفتح عينيه وإلتصقتا بي ولم تطرفا حتى إختل إتزاني ..
الصمت يغلف المكان إلا صوت أنفاسي المتلاحق والذي يزعجني ..
مددت يدي .. إحتواها ولم يتركها .. طال الزمن وإمتد ..
بصوت هادئ مختلط بنوم وحزن : ماذا حدث ؟ ..
أحاول السيطرة على ما بداخلي : لقد إستولى على المكان ثانية ! ..
: من ؟ .
: هل نسيته ؟ .
: أنسى ؟ كيف وهو سر عذابي ؟ .
: عذابك ؟ .
:هز رأسه مؤكداً .. إرتبكتُ ..
: أحتاج إليك لحمايتي منه ..
تنهد ولم ينطق ..
هربت قواي وجلست جواره .. إبتعد ..
: هل ستساعدني ..
إبتسم بمرارة : طبعاً سأساعدك ..
حدثته عن خوفي من إرتكاب زوجي جريمة لو لم يبتعد عن بيتنا الجديد ..
: تخافين عليه ؟ ..
: ليس خوفاً بل رعباً ..
جلست في إنتظاره .. حتى يرتدي ملابسه .. غفوت في جلستي نبهني ..
طلبت ان يمسك يدي لأنهض .. إتهمني بأنني أفعل هذا مع أخريين .
: أفعل ماذا ؟ ..
: تعطين الإحساس وتتوغلين داخل الجسد وهذا ما حدث لي ..
كلامه كالصاعقه .. أقسمت أنني لا أعرف أحدًا .. ولا أحب الخونه .. وأخاف الله ..
إنتزعني من الأرض .
سبقني بخطوات قائلاً : قادرة أنتِ على إحتلالي بهدوء .. حتى تحولت إلى خرابة كالتي أعيش فيها الآن .. وخرج مسرعاً وأنا وراءه .
سبقني .. وصعدنا السلم .. وجدنا باب بيتنا مفتوحاً وإختفت من الصالة الأسَّرة ..
دخلت حجرة نومي .. صرخت لرؤية علبة مصوغاتي فارغة ومعها مصوغات أمي ..
أمرني زوجي بالهدوء مبرراً ما حدث "هو لا يزال يعتبر أحقيته قائمة في مصوغات أمي "..
وأضاف غاضباً .. لو رأيته لإنتهى كل شيء ؟! .
تدخل رجل الأمن بصوته الهادئ والواثق موضحاً أن العنف ليس حلاً ..
واقسم أنه سينهي مشكلتنا بسرعة وإلى الأبد بعيداً عن العنف .
كنت عاجزه عن الكلام ..
ما أسمعه يؤكد أن القدره على حمايتنا قائمه رغم كل شيء .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الفنان الجزائري محمد بورويسة يعرض أعماله في قصر طوكيو بباريس


.. الاخوة الغيلان في ضيافة برنامج كافيه شو بمناسبة جولتهم الفني




.. مهندس معماري واستاذ مادة الفيزياء يحترف الغناء


.. صباح العربية | منها اللغة العربية.. تعرف على أصعب اللغات في




.. كل يوم - لقاء في الفن والثقافة والمجتمع مع الكاتب والمنتج د/