الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المصالحات الوطنية (العربية)!!

خلف الناصر
(Khalaf Anasser)

2017 / 10 / 21
مواضيع وابحاث سياسية


مهما حاولنا أن نبتعد عن العروبة ومتاعبها وهمومها، تثبت لنا الأحداث والوقائع الموضوعية بأننا عرب ومتشابهون في كل شيء، سواء في التاريخ البعيد أو الوسيط أو القريب أو الحديث جداً، ومتشابهون في حاضرنا البائس ومستقبلنا المجهول، ومتشابهون حتى في "ربيعنا العربي" الذي حولته القوى الإمبريالية والصهيونية والبدوية الجاهلية والاسلاموية الظلامية المتحجرة..حولته إلى شتاء جليدي دموي وردة رجعية جاهلية سوداء، توافقت صنعها في بيئتنا قوى داخلية وإقليمية ودولية كثيرة!!

في عصر الاستقلال الوطني:
وتأسيس الكيانات السياسية الوطنية العربية الحديثة، كنا متشابهون أكثر من الآن .. فقد برز في حينها [الليبراليون العرب] ـ البدائيون والمبتدؤن ـ في كل الأوطان العربية، وقادوا سفنها باتجاهات مختلفة، لكنها جميعها تقريباً كانت تخلوا من المغامرات الجنونية والمسالخ البشرية، التي تفنن بها من جاء بعدهم (من الثورجية)!.
ورغم هذا فإن أغلب تلك السفن قد اصطدمت في النهاية أو تصادمت مع إرادة شعوبها المعبأة ضد الاستعمار الخارجي والاستعباد الداخلي.. فاستغل العسكريون الفرصة وقفزوا كـ (القراصنة) إلى تلك السفن واستولوا عليها، بحجة تنفيذ إرادة شعوبهم!.ه
لكن معظم أولئك العسكريين قد تحولوا إلى جزارين لشعوبهم، انتهت أغلب تجاربهم ومغامراتهم إلى كوارث كبرى لأوطانهم، تدفع شعوبهم اليوم أثمانها الباهظة والمكلفة جداً، وعلى جميع المستويات!.
واللافت جداً أن ثورات "الربيع العربي!!" قد حدثت ونجحت ودمرت أوطان تلك الانقلابات العسكرية العربية بالتحديد، وكأنها فصلت على مقاساتهم وحدها!.
اللافت أكثر :
أن الانقلاب العسكري الوحيد الذي افترق عن جميع الانقلابات العربية، و تحول إلى (ثورة حقيقية) فعلاً قدمت انجازات تاريخية حقيقة لمصر ولأمتها العربية، هو انقلاب 23 يوليو/تموز في مصر والذي أصبح يعرف بـ "ثورة 23 يوليو " والتي مرت ذكراها الــ65 قبل ما يقارب الثلاثة أشهرين!.
وهذه الثورة هي التي :
أطلقت حركة القومية العربية من عقالها، بعد أن كانت حكراً على (النخب العربية) الصغيرة المتناثرة في كل أرجاء الوطن العربي!.
وقد أشعرت تلك الثورة العرب لأول مرة ـ وبعد ألف عام من الضياع التام ـ بوجودهم القومي المستقل وبكيانهم الإنساني المميز، وبحقيقتهم القومية التائهة بين تَشَعُبات الدين والمذهب والقبيلة والطائفة، وبين الأعراق الإثنيات والملل والنحل والفرق الصوفية ........الخ.. فأدخلتهم هذه الثورة ـ بحركة القومية العربية ـ إلى عصر القوميات، الذي هو العصر الحديث بعينه، وخلقت عندهم عصراً قومياً ـ وعصراً عربياً حديثاً ـ كان يمكن أن يصل بالعرب، إلى نفس المكانة التي أوصلت القوميات الأوربية شعوبها إليها!.
لكن ذلك العصر القومي العربي :
قد ذبح من الوريد إلى الوريد ـ لأسباب مختلفة ـ وبعد أن شوهه الأقزام والعملاء والمنحرفون، والمزيفون المدعون الانتساب إليه، هم والمعادون له على حد سواء!.
ومهما قيل وما يقال الآن، و حتى ما قد يقال مستقبلاً عن ذلك العصر القومي العربي، فإننا ـ على الأقل ـ كنا أمة شبه موحدة على أهداف واحدة، ولنا عدو واحد معروف بالاسم والعنوان والجغرافيا ـ تحول الآن إلى صديق حميم لبعض الأعراب والمتأسلمين ـ وكذلك كنا مجتمعات آمنة في طور الدخول إلى العصر الحديث.. وكذلك كنا أمة لا فرق كبير فيها: بين مسلم ومسيحي ولا بين سني وشيعي ولا بين درزي وعلوي، ولا بين أي دين أو مذهب أقلية دينية أو إثنية أخرى.. فكلهم ـ تقريباً ـ كانوا أخوان في الوطن:
فمن لا تجمعه العروبة معك يجمعه الدين وإياك، ومن لا يجمعه الدين وإياك تجمعه العروبة معك.. فالجميع إخوان وشركاء في وطن واحد، رغم بعض صعوبات ومنغصات التخلف، التي قد ترشح أحياناً إلى الحاضر بسمومها!!
لكن ذلك العصر القومي قد ذهب :
بفعل فاعل أو بتصرف جاهل أو بجنون قاتل، وجاء على جثته عصر آخر يناقضه في العموميات والتفاصيل .. وليت هذا (العصر الآخر) كان أفضل من ذلك العصر القومي، لَكُنْا استخلفنا الله فيما ذهب!.

فهذا العصر الجديد قد أخرج ديدان الأرض وجرذانها ونكراتها من جحورها الأزلية.. فجاء بعضها على ظهور الدبابات، وبعضها جاء على ظهور الديانات والمذهبيات، وبعضها الآخر جاء على ظهور الإثنيات والعرقيات و "الاستفتاءات".. فخلق هئولاء مجتمعين ومتضامنين هذا العصر العربي الهجين والعجيب والغريب:
فقد جاء الأعراب (بجاهليتهم)!.
وجاء المتأسلمون بتحجرهم!.
وجاء الإقليميون بضغائنهم !.
وجاء الجواسيس والعملاء بخياناتهم!.
ثم جاءت ـ بهم ومن خلفهم ـ القوى الدولية والإقليمية بأجنداتها السرية وخناجرها الفضية، لتمزق كل ما قد تبقى من لحمة اجتماعية وأخوة وطنية، في كل قطر عربي على حدة..وفي عموم الأقطار العربية!!
فتمزقت الأوطان!.
وتمزقت الأديان!.
وتمزقت المجتمعات!.
وتمزقت الدول والكيانات!.
فافتقد الأمن والأمان، في الوطن الواحد والمدينة الواحدة والحي الواحد والشارع الواحد، وحتى في البيت الواحد!.
وبكل هذا خُلقَ هذا عصرٌ الجديد، وأصبح يقتل فيه الأخ أخاه: السني الشيعي والشيعي يقتل السني، والسلفي المتشدد يقتل الطرفين ويكفر الطرفين، والإرهاب فيه سيف مسلط على رقاب الجميع!.
****
لقد تمزقنا طرائق قددا :
فلجأنا أو بالأصح لجأ " أولو الأمر " منا إلى حيل عديدة لتدارك هذا الوضع المزري.. فصنعوا أو بالأصح صنّع ولاة الأمر هئولاء بدعة أو حيلة جديدة أسموها " المصالحة الوطنية ":
فــي العراق: "مصالحة وطنية" تجاوز عمرها السنوات العشر لكنها لم تثمر، ويبدو أنها لن تثمر أبداً!!
في سورية: "مصالحة وطنية" لا تأتي ولن تأتي أبداً.. لأنها مصالحة غير معروفة بين من ومن؟؟ .. فقد اختلط الحابل بالنابل، والإرهاب بالمعارضة، والطائفية بالوطنية، والمصالح الإقليمية بالمصالح الدولية!!
في مصر: مصالحة مرفوضة اخوانياً و (سيسوياً)!!.
في اليمن: "مصالحة وطنية" أشبه بالخدعة بين أتباع وأتباع الأتباع لدولتين خارجيتين!!
في لبنان: مصالحة بين الطوائف!.
في تونس: مصالحة وطنية:
في السودان: مصالحة وطنية أيضاً!.
في موريتانيا: هناك "مصالحة وطنية" بين العرب والزنوج!!
وحتى في فلسطين المحتلة (ووطنها الضائع) : "مصالحة وطنية" بين فتح وحماس، أثمرت فجأة ودون سابق إنذار، بعد تعسر دام لعشر سنوات متواصلة!!
لقد تحول الوطن العربي برمته إلى وطن للـ "المصالحات الوطنية" الفاشلة والخائبة!!
لأن جميع هذه الأنظمة والكيانات والدويلات العربية "دول فاشلة" وخائبة ولا رجاء منها!!
والله المستعان على ما يصفون ويفعلون بهذه الأمة المستباحة .
[email protected]








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. القناة 12 الإسرائيلية: اجتماع أمني تشهده وزارة الدفاع حاليا


.. القسام تعلن تفجير فتحتي نفقين في قوات الهندسة الإسرائيلية




.. وكالة إيرانية: الدفاع الجوي أسقط ثلاث مسيرات صغيرة في أجواء


.. لقطات درون تظهر أدخنة متصادة من غابات موريلوس بعد اشتعال الن




.. موقع Flightradar24 يظهر تحويل الطائرات لمسارها بعيداً عن إير