الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الواقع المغربي من منظور التحليل النفسي لفرويد

طريق لمقدمي

2017 / 10 / 22
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


الواقع المغربي من منظور التحليل النفسي لفرويد

لاحظنا أن الحالة الاجتماعية لفرويد لا تختلف عن حالات رواد الفكر الذين ناقشنا بعضهم في المحاور السالفة، إذ أنهم عانوا وقاسوا الأمرين، خاصة من داخل مجتمعهم أو من قبل أنظمة حكمهم، سواء من خلال التضييق السياسي المتمثل في المحاولات المتكررة لخنق ولجم فكرهم التنويري ونموذجنا على ذلك، المفكر المغربي المهدي المنجرة. وهذا الخناق الفكري إن جاز لنا القول، يؤدي حتما إلى عدم ذيوعه في وسط المجتمع وبالتالي جهل هذا الأخير به. ولاحظنا كذلك أن السواد الأعظم من الذين بصموا بفكرهم في تاريخ الإنسانية عاشوا في غياهب الفقر المدقع. ويبدو لي أنهم لو لم تفعل الصدفة فعلها لما أهدوا الغالي والنفيس للبشرية من نظريات علمية وخبرات معرفية عظيمة... ونموذجنا على ذلك هو كارل ماركس فلولا الصدفة التي جعلته يلتقي بالرجل البرجوازي شكلا والتقدمي الثوري فكرا،فريدريك إنجلز (1820ـ 1895م) الذي قدم له مساعدات بالدرجة الأولى مالية أنقذته من مستنقع البؤس و المرض...
ولن ننسى هنا، إخوان الصفاء الذين يعتبرون عند البعض حتى في القرن 21م من خبر "كان"، فما بالكم في عصرهم العباسي خلال القرن الرابع هجري، الذي كان لهم بالمرصاد من خلال اتهام النظام السياسي العباسي لهم، ونعتهم بالملاحدة والجهلاء والكفار وما إلى ذلك، لا لشيء سوى أنهم طالبوا بل عملوا بأنفسهم على غربلة الموروث الإسلامي من الخرافات والخزعبلات.. وكانوا (أي الإخوان) موسوعيوا الفكر، يناقشون ويكتبون في كل العلوم من فلسفة وهندسة وعلم الفلك وعلم الاجتماع (في بواكيره) والطب ..وهلم جرا.
وسأقف هنا لأن القائمة طويلة بالأمثلة، وسأناقش بشكل مقتضب الاكتشاف العظيم الذي قدمه سيغموند فرويد لبني الإنسان، وهو اللاشعور او اللاوعي، حيث قسم فرويد النفس البشرية نظريا إلى ثلاث جهات أو مناطق: الأنا والأنا الأعلى ثم الهذا، وهذا الأخير اعتبره فرويد بمثابة خزان لكل المكبوتات التي تكدست منذ ولادتنا إلى .. ونحن ماضون إلى -المجهول- والمكبوتات هنا أنواع فعلى سبيل المثال عندما لا يستطيع الإنسان التعبير عن رأيه بكل حرية حول حاكم او رئيس أو انتقاد سياسة معينة(...)، إذ ذاك يتراجع الرأي الغير معبر عنه في الشعور والواقع إلى أن يرقد ويتخمر في منطقة الهذا أو اللاشعور، وهذا المثال يعتبر كبت سياسي، ونفس الشيء ينطبق على ما هو اقتصادي مكبوت أو ثقافي مكبوت (...)، إلا أن فرويد ركز على ما هو جنسي (اللبيدو)  أي الكبت الجنسي، فعندما يكون عدم التوازن في هذا الأخير يتداعى ذلك على منطقة الأنا أي شخصية الإنسان المكبوت. وعدم وجود الطاقة الكافية للإفصاح عن مواقفنا المكبوتة في الشعور أي عمليا، فمرد ذلك إلى جهة الأنا الأعلى أو ضمير الإنسان، وهذا الأخير بدوره هو نتاج تراكمات تمت منذ نعومة أظافرنا إلى مرحلة البلوغ،وتتمثل في كل الأوامر والنصائح سواء تمت بأسلوب الترهيب أو الترغيب، والتي كان يضطلع بها الوالدين (الأم والأب) أو المربي، فعند بلوغ الطفل واستقلاله برأيه وفكره على الأقل عن "مملكة الوالدين"، تبقى تلك الممارسات القديمة موشومة في نفسه وذاكرته وهي التي تشكل في نهاية الأمر الضمير الذي يتقمص دور الوالدين أو المربي في السابق.
وحسب سيغموند فرويد كل خلل أو عدم التوازن بين الجهات الثلاث ( الأنا، الأنا الأعلى، الهذا) يؤدي حتما إلى أمراض عصابية ونفسية، وعلاجهما كما حدده فرويد في نظريته العظيمة حول اللاشعور أو نظرية الغرائز، لا مناص بالرجوع مع المريض إلى الوراء أي إعادة ربطه بذكرياته المشتتة والمفقودة في غياهب لاشعوره أي المكبوتة... ومحاولة تنظيمها وربطه عبرها بواقعه لكي يعود إلى حالته الطبيعية..
إن استحضار فكر فرويد في القرن 21م من خلال هذه الصفحات القليلة، يحيلنا إلى البحث عن جواب للسؤال التالي: هل راهننا المغربي بشكل خاص (ناهيك عن العالمين العربي والإسلامي على امتداد خط طنجة- جاكرتا) يتوفر على مصحات كافية لعلاج مثل تلك الاضطرابات النفسية والأمراض العصابية التي حدثنا عنها سيغموند فرويد خلال القرن 19م بشكل نظري وعملي دقيقين. علما أن كتبه حول التحليل النفسي مترجمة إلى اللغة العربية حتى لا يعترض معارض بقوله أن كتاباته بالألمانية وبالتالي غير مفهومة..
وهناك من سيجيب بالتالي : أن الأمراض النفسية والعصابية التي عالجها فرويد مرتبطة بعصره القرن 19م وما شهده العصر من حروب وأوبئة وما إلى ذلك، لا يهمنا في العصر الحالي (بداية القرن 21 م) خاصة في دولتنا - و لله الحمد-
وسيكون الجواب على - المعترض- وبدون تردد كالتالي: أن الدولة المغربية أرض خصبة لمثل تلك الأمراض التي عالجها فرويد في عصره، لأن الشخص المغربي وأنا أقصد الفئات المسحوقة والفقيرة والمدكدكة إلى أقصى درجة.. تخزن في "هذاها" أو لا شعورها طاقة هائلة تعادل "القنبلة الذرية" من المكبوتات سواء الكبت الجنسي أو الكبت السياسي أو الكبت الاقتصادي أو الكبت الثقافي (...) وبالتالي فالخلل النفسي موجود والمرض العصابي عشش حتى النخاع في الإنسان المغربي.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين في معرض البندقية


.. الهجوم على رفح أم الرد على إيران.. ماذا ستفعل إسرائيل؟




.. قطر تعيد تقييم دورها كوسيط في المحادثات بين إسرائيل وحماس


.. إسرائيل تواصل قصف غزة -المدمرة- وتوقع المزيد من الضحايا




.. شريحة في دماغ مصاب بالشلل تمكّنه من التحكّم بهاتفه من خلال أ