الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إن هِيَ إِلَّا أَسْمَاءٌ سَمَّيْتُمُوهَا...

محمد جابر الجنابي

2017 / 10 / 22
مواضيع وابحاث سياسية


تسويق العناوين والألقاب والمواقع، واغتصابها ومنحها لكل من هب ودب، ظاهرةٌ خطيرة ومرض فتاك، رافقت مسيرة البشرية منذ نشأتها والى... إشعار آخر، فكم من عنوان أو لقب أو موقع أو درجة مُنِحت لأشخاص بدون استحقاق ولا جدارة ولا كفاءة؟!!، الأمر الذي انعكس سلبا على حياة الشعوب، وتزدهر هذه الظاهرة عندما يغيب المنهج العلمي في التشخيص والفرز والاختيار، ويسود الجهل في المجتمعات، وتنقاد انقيادا دون تفكر أو تدبر...
ومن مصاديق هذه الظاهرة السيئة والمرض الفتاك هو ما صرح عنه القرآن الكريم مُقرِّعا مشركي الجاهلية في عبادتهم الأصنام والأوثان بقوله: (إِنْ هِيَ إِلَّا أَسْمَاءٌ سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ ۚ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الْأَنْفُسُ ۖ وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مِنْ رَبِّهِمُ الْهُدَىٰ)،
فاللَّات وَالْعُزَّى وَمَنَاة الثَّالِثَة الْأُخْرَى، أسماء ودرجات ومواقع أطلقها المشركون على أوثان وأصنام مصنوعة من الخشب أو الحجارة، واتخذوا منها آلهة تُعبد من دون الله، وهي في حقيقة الأمر، لا تضر ولا تنفع، بل لا تُغني عن نفسها شيئا، فضلا عن من يعبدها، ومع ذلك عبدوها ومنحوها منصب الآلهة وتلك الأسماء والعناوين، وهذا أمر طبيعي عندما يُلغى العقل، ويحكم أئمة وواجهات الشرك والضلال الذين يُعمِّقون تلك العقيدة، ويغذوها ويحرصون على إبقاء المجتمع، في مستنقع الجهل والإتباع الأعمى، حفاظا على عروشهم ومصالحهم،
وبالبرعم من النهي والتقريع الذي صدر من الشارع المقدس عن تلك الظاهرة المهلكة، إلا أنها بقيت حاضرة في سلوكيات المجتمعات خصوصا الإسلامية، بعد أن انحرفت عن خط الإسلام الإلهي، حتى صار تسويق الألقاب والعناوين والمواقع والمناصب أمر طبيعي، بل ويُمرَّر باسم الدين وهنا تشتد الخطورة لأنها تكتسب الشرعية(المزيفة) وتصبح خطا أحمرا لا يمكن تجاوزه، ومنها الخليفة والأمير وولي الأمر والناصر والفاتح والمعز والمقيم.... وغيرها، فعلى سبيل المثال، هو ما حظي به يزيد بن معاوية، من منصب وألقاب وأسماء رنانة، كما هي عقيدة الدواعش التيمية المارقة،
فكيف أصبح يزيد خليفة الله ورسوله؟!!!،وهو الذي أنكر نزول الوحي، مما يدل على كفره الصريح حيث يقول:
لعبت هاشم بالملك فلا خبر جاء ولا وحي نزل
وبماذا أقام يزيدُ الدين وأعزه، هل بفسقه ومجونه وانحرافه وجرائمه التي اجمع عليها المسلمون؟!!!، وفي هذا الصدد يقول احد المحققين المعاصرين:((أيها الدواعش انتم تقولون: إن يزيد الخليفة السادس من الخلفاء الإثني عشر الذين تنبأ بهم رسول الله، وذُكر في التوراة، ومن الخلفاء الذين يُقام بهم الدين، والإسلام عزيز في زمنهم!!، فبأي شيء أقام يزيد الدين؟!!!فهل اعزه وأقامه ونصره بقتل الحسين وآله وصحبه، وانتهاك المدينة، وقتل الصحابة، وانتهاك الأعراض، وبحصار الكعبة، ورميها بالمنجنيق، باعتراف ابن تيمية نفسه؟!!!))،
وأما في هذا الزمان فسياسة تسويق العناوين والألقاب والمواقع واغتصابها، ومنحها لكل من هب ودب، بعد أن سُحقت المعايير العلمية والمهنية في التمييز والاختيار، تجارة رائجة في أسواق الفارغين والفاشلين ، الذين تسلَّطوا على البلاد والرقاب، تُطبل لها وتزوقها الماكنة الإعلاميةُ التي باعت مهنيتها وشرفها، في ظل غياب العقل والوعي والتفكير، وتغليب وتمكين سياسة التجهيل والتضليل والخداع والتخدير، فصار الواقع انعكاسا لقوله تعالى: إِنْ هِيَ إِلَّا أَسْمَاءٌ سَمَّيْتُمُوهَا....، فلم يُقدِّم مَنْ تقمص المواقع والألقاب والعناوين أي خدمة لأوطانهم ومجتمعاتهم، بل نجد انهم صاروا سببا في مأساتهم، لأن من لا يمتلك الأثر ومقومات واستحقاقات المنصب واللقب والعنوان، لا يمكنه أن يُقدم أو يُنتج أو يُخدم، فضلا عن أن يُبدع، لأن فاقد الشيء لا يعطيهُ، فكانت النتيجة الظلام والضياع والهلاك والتكفير والقمع والدمار والبؤس والحرمان في كل مجالات الحياة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تفكيك حماس واستعادة المحتجزين ومنع التهديد.. 3 أهداف لإسرائي


.. صور أقمار صناعية تظهر مجمعا جديدا من الخيام يتم إنشاؤه بالقر




.. إعلام إسرائيلي: نتنياهو يرغب في تأخير اجتياح رفح لأسباب حزبي


.. بعد إلقاء القبض على 4 جواسيس.. السفارة الصينية في برلين تدخل




.. الاستخبارات البريطانية: روسيا فقدت قدرتها على التجسس في أورو