الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


استفتاء ايطاليا بعد كردستان وأسبانيا،علامَ يشير!؟

سليم نصر الرقعي
مدون ليبي من اقليم برقة

(Salim Ragi)

2017 / 10 / 23
مواضيع وابحاث سياسية


(خبر وتعليق)(إعمال الفكر لاستخلاص العبر كي نفهم ونتعلم ونتقدم!)
*******************************************
الخبر :
------
اجرتْ الأحد الماضي منطقتان ثريتان في شمال إيطاليا استفتاءين للسكان بشأن الحصول على قدر أكبر من الحكم الذاتي أي ليس كما كان الحال في استفتاء سكوتلندا وكردستان وكتالونيا والذي كانه هدفه الاستقلال بالانفصال عن الدولة الوطنية، فاستفتاء شمال إيطاليا هو استفتاء سياسي استشاري ليس مُلّزماً للدولة، وكان قد شارك فيه ما يزيد عن 5 مليون مواطن وكانت النتيجة لصالح مطلب منح المزيد من صلاحيات الحكم الذاتي لهاتين المنطقتين، ومن المعروف أن منطقتا الشمال الايطالي (لومباردي وفينيتو) تضمان نحو ربع سكان ايطاليا وتشملان مدينتي، (ميلانو) و(فينيسيا) الشهيرتين اللتين تبلغ حصتاهما أكثر من 30 % من إجمالي الاقتصاد الوطني، ويسعى السكان في هاتين المنطقتين للحصول على المزيد من صلاحيات الحكم الذاتي - لا صلاحيات الإدارة الذاتية فقط - وذلك بهدف الوصول للمزيد من السيطرة على مواردهما الطبيعية والمالية.
التعليق:
------
حول هذا الاستفتاء وكذلك سائر الاستفتاءات الأخرى يجب ملاحظة ما يلي:
(1) أن ايطاليا وإن كانت لا تتبنى نظام الحكم الفيدرالي الا أنها مع ذلك توجد بها مناطق تتمتع بالحكم الذاتي!، هذا يؤكد ما ذكرناه مرارًا وتكرارًا أن (اللامركزية) لها تطبيقات واسعة ومتنوعة وتختلف من بلد لبلد وأن بعض هذه التطبيقات قد يزيد او يقل عن الحكم الفيدرالي!.
(2) أن هذا الاستفتاء هو (استفتاء سياسي استشاري) المقصود به استقصاء واستعراض موقف اغلبية السكان من منح المزيد من الحكم الذاتي لمنطقتهم، ومع انه ليس ملزمًا للحكومة المركزية الا أنه في ظل الديموقراطية ينبغي على الدولة أخذ رغبة هؤلاء السكان وهذه المناطق بعين الجدية والاعتبار والعمل على ايجاد حلول تلبي تطلعاتهم وتحل مشكلاتهم بشكل جدي وحقيقي فعال!.
(3) أن هذا الاستفتاء يؤكد كما في كتالونيا وكردستان، وقبله في اسكوتلندا، أن العالم لا يسير نحو التكتلات السياسية والادارية الضخمة العملاقة والكبرى كما يدعي البعض بل يسير نحو المزيد من (المناطقية) و(اللامركزية) و(الحكم المحلي) بل و(الحكم المناطقي الذاتي) بحيث يشعر كل سكان منطقة في الدولة بل وسكان كل مدينة أنهم هم من يحكمون أنفسهم بأنفسهم بالفعل وأنهم هم من يُدير منطقتهم ومدينتهم ومواردهم المالية بأنفسهم وأنهم أكبر وأول المستفيدين من ثروتهم المحلية في ظل الدولة الوطنية الواحدة، بحيث تنحصر مهام الدولة الوطنية وحكومتها المركزية في العلاقات الخارجية والدفاع والمشروعات القومية العامة المتعلقة بربط اقاليم ومناطق البلد بعضها ببعض وتقوية الوحدة الوطنية في ظل هذه الديموقراطية وهذه اللامركزية الواسعة!، هذا ما يسير اليه العالم اليوم تدريجيًا وليس المزيد من (التكتل) و(التعملق) و(التضخم) و(التمركز) و(الشمولية) كما يدعي البعض!، فاللامركزية وأنظمة الحكم المحلي والمناطقي للسكان هي نتيجة حتمية للديموقراطية الليبرالية (*) أي لتوسيع المشاركة الشعبية في الحكم والادارة!.
(4) يجب ملاحظة أن مسألة المطالبة بالفيدرالية او الحكم الذاتي أو حتى الانفصال عن الدولة الأم في الغالب تكون مرتبطة بمسألة توزيع وادارة الثروة الوطنية حيث تشعر المناطق الغنية بالثروات الطبيعية في الدولة أنها لا تنال حقها العادل والمُجزي والكافي من الثروة العامة وهو ما يُولِّد لدى سكان هذه المناطق شعورا بالغبن وبالتالي الحنق على مركز الدولة!، هذه مسألة مهمة فالمال، في كثير من القضايا السياسية بل والاجتماعية حاضر دائمًا وبالتالي فإن تحقيق العدالة في توزيع الثروة أمر أساسي في نجاح المجتمعات والدول!، وقد لا يكون المال هو الدافع الأساسي في التذمر والتململ المناطقي، فلا شك أن للعوامل الطائفية كالنواحي العرقية أو الدينية أو اللغوية دورًا في خلق بؤر التوتر والتذمر لكن يظل المال والجانب الاقتصادي هو العامل الأقوى تأثيرًا في خلق التململ المناطقي!.
(5) وأخيرًا ... يجب علينا في ليبيا وفي العالم العربي الاستفادة مما يجري حولنا في العالم وقراءة ما يجري بشكل موضوعي وعقلاني منفتح لإستخلاص العبر وللبدء في تأسيس (أنظمة حكم ديموقراطية لا مركزية) جادة وحقيقية وفعالة يشعر من خلالها (المواطنون) و(سكان المناطق) بأنهم بالفعل احرار في بلادهم وأنهم بالفعل يحكمون انفسهم ويقررون مصيرهم!، فعدم التعامل بجدية وحكمة مع مثل هذه القضايا العميقة والخطيرة والحساسة هو ما يتسبب في التحلل والفوضى والتمزق للدول والمجتمعات!.
*******************
سليم الرقعي
شفيلد/بريطانيا/ أكتوبر 2017
(*) الديموقراطية الليبرالية (الغربية) في حقيقتها كما فهمتها بشكل دقيق وعميق من خلال التنظير الفكري والتطبيق العملي في واقع المجتمعات الغربية الديموقراطية العريقة هي عبارة عن خلطة ومعادلة ذكية ومرنة و( صعبة) يتحقق من خلالها مبدأي الكفاء والفاعلية للنظام السياسي والقانوني والاقتصادي العام للمجتمع وهو نظام عقلاني رشيد يقوم على الموازنة بين عدة أمور قد تبدو للوهلة الأولى أنها متناقضة بينما هي متضادة ومتعارضة يمكن الجمع بينها في خلال ما يتوفر من مرونة في هذا النظام، وهكذا فإن الديموقراطية الليبرالية المطبق في الغرب هي نظام لتحقيق المعادلة الصعبة من خلال الموازنات كالتالي:
أ - للموازنة بين حقوق الأفراد وحقوق الشعب (الجماعة الوطنية) .
ب - للموازنة بين مصالح (الأمة/الدولة/ الوطن) ومصالح المناطق والأقاليم.
ج - للموزانة بين مصالح وحقوق الأغلبية ومصالح وحقوق الأقليات!.
د - للموازنة بين تطلعات النخب السياسية (الخاصة) المتطلعة للقيادة والحكم وعموم الشعب (العامة) المتطلعين للعيش الكريم الآمن والمستقر.
هـ - للموازنة بين فاعلية النظام الرأسمالي في نمو الاقتصاد الوطني ونظام العدالة الإجتماعية والكفالة القومية للأفراد والمواطنين الفقراء ومحدودي الدخل والعاجزين عن الانتاج!.
و - للموازنة بين قداسة الحريات الفردية وضرورات الأمن الوطني والقومي العام ( وهي تدخل في الموازنة (أ) ولكن لأهميتها وضعناها كخانة مستقلة هنا)








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. WSJ: لاتوجد مفاوضات بين حماس وإسرائيل في قطر حاليا بسبب غياب


.. إسرائيل تطلب أسلحة مخصصة للحروب البرية وسط حديث عن اقتراب عم




.. مصادر أميركية: هدف الهجوم الإسرائيلي على إيران كان قاعدة عسك


.. الاعتماد على تقنية الذكاء الاصطناعي لبث المنافسات الرياضية




.. قصف إسرائيلي يستهدف منزلا في مخيم البريج وسط قطاع غزة