الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مَزيّة الفكر النَقدي و رَزيّة الفكر العَقدي

زكريا كردي
باحث في الفلسفة

(Zakaria Kurdi)

2017 / 10 / 24
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


بحسب إعتقادي ..
تظهر مَزيّة "الفكر النقدي التحليلي" عادةً بأخذهِ لأحكام الناس في أرض الواقع وإخضاعه المعلومة للنقد والتمحيص ، و يبدو تميّزهُ كذلك ، في سقياه الجيد للفهم والرغبة في التقصّي قبل صدور أيّ حكم عقلي عنه ..
وحين يطرح هذا الفكر ثمار نقده للأفكار المعقولة لديه عن أرض واقع ما ، ترى الذهن معه متوثباً مُحيطاً ، و في حال يقظة نقدية شديدة و مستمرة ..
إذ تجدهُ يحفرُ في أرض الفكرة الجديدة بدأبٍ لا يفتر وعزيمة لا تلين ، وإرادة في البحث لا تكلّ ولا تمل ، إلى أن يصل بالذهن العطش أو الصادي لماء الحقيقة التي وجدها.. فيقف عندئذ ، ممتنعاً على أن يشربَ قطرة صواب منها أو يَرتشف فكرة واحدة عنها ، دون سكبها مرة تلو المرة في كأس الشك المنهجي ، مهما بدت له قطراتها حقاً أو زُلالاً ..
على النقيض تماماً من مزيّة ذاك الفكر النقدي تقع رزيّة " الفكر العقدي الايماني " (الدوغمائي) ، الذي يرى في لغو الأقدمين ، مروىً مقدساً وحيداً لظمأ كلّ من أراد أنْ يَحلّ مشاكل الحاضر ، أو يبتغي إرتياد مجاهل المستقبل ، فتجده يعكف على تقديم ذاك اللغو والطلاسم على هيئة مُقدّسات ، ونصوص مُرهبات ، ينثرها على الأذان الخاوية والبسيطة ، بأساليب فكرية غوغائية بالية ، عبر ترّهات ذات جاذبية آسرة لألباب السامعين ، لا تخلو من إفحامٍ أخرق لعقول بعض الجاهلين ، و تلاعبٍ حماسيٍ ساذجٍ بعواطف أنصاف المتعلمين ..
وفي الحقيقة هذا النوع من " الفكر العقدي الإيماني " هو الذي يُوقف عادةً حال الوجود عن مسار التطور ، لأنه يحاول دائماً أن يُثبّت الواقع المَعيش على افتراضات واهمة منقولة أو متهافتة منحولة ، لا مجال للتثبت منها أصلاً ، فترى صاحبه يُخاصمك مثلاً في أساليب شرب الماء وقواعد استعماله ، ويُحذّرك من عظيم عقاب المُخالف لذلك ، دون أن يُكلف خاطره السمج عناءَ حفر سنتمتراً واحداً في هذا الواقع المحيط ..للبحث عنه أو حتى تحليله ..
والدوغمائي – كما هو معروف للجميع - هو الإنسان الذي يعاني من الجمود الفكري ، ويتعصّب بشدة لأفكاره ، سواء أكانت سياسية أم دينية أم علمية ، إلى درجة تجعله يرفض حتى مجرّد الاطلاع على أية فكرة تخالف ما يؤمن به ، ثم حتى وإن ظهرت له الدلائل القاطعة التي تثبت بطلان أفكاره ، تجده يُكرّس كل فعالياته الذهنية للدفاع عن إيمانه الخاطئ وأفكاره المتهافته ، إلى درجة يمتلئ فيها بالكراهية الشديدة نحو كل من يحمل أفكاراً أو آراءً مخالفه لإيمانه أو عقيدته ..
لا.. بل وقد يقتلك عن طيب خاطر ، لو أنت تجرّأت فقط على النظر العقلي في أسس كتابه ، أو خالفت فحوى جوابه ، أو نقدت تهافت خطابه ، أو حتى سألت في حقيقة جهره و صوابه ..
وللحديث بقية ..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. سقوط قتلى وجرحى في غارة إسرائيلية على سيارتين في منطقة الشها


.. نائب المتحدث باسم الخارجية الأمريكية: الوضع بغزة صعب للغاية




.. وصول وفد أردني إلى غزة


.. قراءة عسكرية.. رشقات صاروخية من غزة باتجاه مستوطنات الغلاف




.. لصحتك.. أعط ظهرك وامش للخلف!