الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مرّة أخرى ..حول التنظيمات الإرهابية العاملة فى مصر

رياض حسن محرم

2017 / 10 / 25
مواضيع وابحاث سياسية


قبل أن نتناول حصر وتصنيف المنظمات التكفيرية الجهادية فى مصر دعونا نلقى نظرة سريعة على جذور الفكر التكفيرى فى مصر والعالم.
لقد نشأت الفكرة التكفيرية من إمتزاج تيارين فكريين أساسيين بالمنطقة هما التيار الوهابى من السعودية والإخوان المسلمين فى مصر، ولقد تأسست المدرسة الوهابية على أفكار الشيخ "محمد بن عبد الوهاب" فى الجزيرة العربية الذى ارتكزت دعوته على الطبيعة الشاملة والأبدية للإسلام، وشكّلت بذلك تفسيرًا حديثًا للسلفية الاسلامية (تطهير المجتمع من البدع والعادات التقاليد المخالفة للشريعة، والدعوة إلى الاقتداء بالسلف الصالح أي أهل القرون الثلاثة الأولى من عمر الأمة الإسلامية). وأبرز ما جاءت به هذه المدرسة، عقيدة «الولاء والبراء» التي تؤدي إلى المفاصلة مع مجتمع الجاهلية، أما المدرسة القطبية فتعود أفكارها الى "سيد قطب" الذى أعدم عام 1966 بعد محاولته إحياء تنظيم الإخوان المسلمين وبناؤه من جديد إعتمادا على مجموعة من الشباب المتحمس الذى خطط لعمليات عنف مسّلح، وصاغ قطب أفكار التنظيم مستمدا إياها من المفكر الإسلامى الهندى " أبو الأعلى المودودى" حول العودة الى الأصول ونبذ الجاهلية والعودة الى الحاكمية الإلهية وتعبيد الناس لرب الناس ونبذ جميع أوجه الجاهلية من علمانية وديموقراطية وعلمانية وإشتراكية وغيرها، والنأى عن المجتمع الجاهلى بالعزلة الشعورية أو بالهجرة كما حددها تلميذه "شكرى مصطفى" مؤسس جماعة التكفير والهجرة.
لقد سجلت الأفكار الجهادية صعودا مضطردا بعد نكسة 1967 وإعلان هزيمة النظريات القومية التى قادت شعوبها بعد الحرب العالمية الثانية وأسس الإسلاميون لما عرف بالصحوة الإسلامية وبداية التنظيمات ذات التوجه التكفيرى إبتداءا من مجموعة الفنية العسكرية ثم جماعة التكفير والهجرة وجماعة جهيمان العتيبى قى السعودية، فالجماعة الإسلامية وتنظيم الجهاد والتوقف والتبين والشوقيون والناجون من النار وغيرها، وكان لهجرة الآلاف من المصريين الى الخليج وتشرب الفكر الوهابى والإتجاهات الاسلامية المحافظة سلوكا وأيدلوجية، بدأ ذلك بحدوث نوع من التوافق والتكيّف بين المدرستين وظهر بداية ما يُعرف بـالسلفية السرورية نسبة إلى محمد سرور، الذي مزج السلفية الوهابية بالقطبية الأصولية، معتبرًا أن ما ينقص السلفية هو أن تكون مسيّسة وثورية أي «جهادية»، ووجد أن فكر سيد قطب هو من يتكفّل بهذه المهمة، وجاءت الثورة الإسلامية فى إيران لتذكى تلك الظاهرة وكانت البوتقة التى صهرت الجميع هو الجهاد الإسلامى ضد السوفييت "الكفار" فى أفغانستان والتى مهدت لنشأة منظمة القاعدة كجبهة إسلامية لمحاربة اليهود والنصارى والصليبيين، وتمثّل هذا التيار الجديد بالسلفي الوهابي السعودي أسامة بن لادن، والسلفي القطبي المصري أيمن الظواهري، وقبله عبد الله عزّام الإخواني الفلسطيني الذي تاثّر به بن لادن كثيرًا، وإعلانها الصريح أن العنف المسلّح سبيل أوحد للتغيير.
وقد اعقب أحداث ثورة 25 يناير عام 2011 في مصر حالة غياب أمني تام في سيناء، كما أسهمت تداعيات ثورة 17 فبراير من نفس العام في ليبيا، وسقوط مخازن الأسلحة التي كان يقتنيها نظام القذافي في أيدي الثوار، في توفير كميات منوعة لا حصر لها من الأسلحة المتطورة مختلفة الأشكال والأنواع، تم تهريبها إلى سيناء عبر الطرق والدروب الصحراوية والطرق الموازية للبحر المتوسط من أقصى الحدود الغربية المصرية، مرورا بالطرق المتاخمة لسواحل المدن الشمالية المصرية، وأشارت تقارير أمنية إلى أن كميات كبيرة من هذه الأسلحة تم إدخالها إلي قطاع غزة عبر الأنفاق التي تشرف عليها حركة حماس، كما تم تخزين كميات أخري من هذه الأسلحة داخل مخازن ضخمة أقيمت في محيط مدينة رفح المصرية، من جانب آخر أوجد الصراع الدموي الذى أعقب أحداث الثورة السورية، قناة ثنائية، أتاحت حرية التنقل للكثير من العناصر الجهادية من جنسيات مختلفة بين سيناء والأراضي السورية للمشاركة في الصراعات الدائرة هناك وبالعكس، ما أتاح خبرات قتالية إضافية للعناصر المتواجدة على أرض سيناء، وأثناء ثورة يناير وفى أعقابها ظهرت جماعة الإخوان المسلمين كتنظيم كبير متماسك لديه قدرة كبيرة على الحشد الجماهيرى وتنسيقا مع الجماعات الإسلامية الأخرى وسيطرتهم على المجلس التشريعى، ما مكمنهم من إحداث ضغوط هائلة على المجلس العسكرى للإفراج عن مئات من العناصر المتطرفة من السجون وأكملوا ذلك فى فترة حكمهم بواسطة محمد مرسى من أصدار عشرات من قرارات العفو عن متشددين مسجونين والسماح لهم بالتوجه الى سيناء، وكان لافتا، خلال هذه الفترة، جنوح جماعة الإخوان المسلمين إلي إجراء مصالحات وإقامة تحالفات واسعة مع كافة الكيانات السلفية الموجودة على أرض سيناء، بعد عقود طويلة من الاختلافات والتباينات الفكرية والمنهجية، ولا ننسى حديث مرسى عن الحفاظ على حياة الخاطفين والمخطوفين.
تعد اخطر التنظيمات الإرهابية فى مصرهى انصار بيت المقدس، وداعش"ولاية سيناء"، واجناد مصر، وحركة "حسم" او ما يعرف بالحراك المسلح لجماعة الإخوان، والتى تتولى تنفيذ عمليات إرهابية "الذئاب المنفردة"، والتى تستهدف قوات الأمن، بالاضافة إلى العديد من الخلايا الإرهابية التى تنفذ عمليات إرهابية على ارض الوطن.
1- ولاية سيناء:
نبدأ بجماعة أنصار بيت المقدس التى بايعت منظمة "الدولة الإسلامية" وخليفتها المدعو "أبو بكر البغدادى" ليتغير إسمها الى "ولاية سيناء" فرع الدولة الإسلامية، وقد بدأت نشاطها بعد إزاحة الإخوان ومحمد مرسى عن الحكم فى 30 يونيو 2013، وتعتبر تلك المنظمة أكبر واقوى التنظيمات المسلحة تسليحا وعددا، وهى المسؤولة عن معظم العمليات الكبرى من بينها تفجيرات مديريات أمن القاهرة والدقهلية، ومحاولة اغتيال اللواء محمد إبراهيم وزير الداخلية، واغتيال الرائد محمد مبروك المسئول عن ملف جماعة الإخوان والجماعات المتطرفة، والهجوم على كمين الفرافرة، ويعد كل من توفيق فريج مؤسس التنظيم المقتول، ومحمد عفيفى ومحمد بكرى هارون، وهانى حربى، وأحمد السجينى (الذين تم تنفيذ حكم الاعدام بحقهم فى القضية المعروفة اعلاميا بعرب شركس)، وأشرف الغرابلى المتوفى فى تبادل لإطلاق النار من قوات الأمن اثناء حملة أمنية للقبض عليه هم أخطر العناصر، الإرهابية فى محافظات القاهرة، بينما يعد شادى المنيعى، وسلمى المحاسنة، اخطر عناصر التنظيم فى سيناء الشمالية، بينما كان ضابط الصاعقة المفصول هشام العشماوى أحد قياداتهم والمسئول عن التدريب الى أن إنشق عن التنظيم بعد وفاة أميرالتنظيم توفيق فريج، ومبايعة عناصر التنظيم، "سلمى سلامة المحاسنة" والذى يحمل اسم حركى "أبو همام الانصارى" زعيما للتنظيم، والذى بايع أبو بكر البغدادى زعيم تنظيم "داعش" على الولاء والطاعة بينما رفض عشماوى مبايعة البغدادى ليذهب الى ليبيا لتكوين تنظيم المرابطون الذى يتبع القاعدة والمسئول عن عملية الواحات البحرية الأخيرة، ومن بين العمليات التى نفذها تنظيم ولاية سيناء واقعة اغتيال 3 قضاة بالعريش فى سيارة ميكروباص، واستهداف مقر إقامة القضاة المشرفين على الانتخابات البرلمانية بمحافظة شمال سيناء بأحد الفنادق، وتفجير أتوبيس يقل سياح كوريين بمدينة طابا بجنوب سيناء، واستهداف الكتيبة 101 قوات مسلحة بشمال سيناء بقذائف الهاون عدة مرات، وزرع عبوات ناسفة بطريق مطار العريش استهدفت مدرعات القوات المسلحة والشرطة أثناء مرورها بالطريق، واستهداف قسم ثالث العريش باستخدام سيارة مفخخة قادها انتحارى، واستهداف إدارة قوات أمن العريش بسيارة مفخخة.
2- داعش:
إحتفظ تنظيم الدولة بهذا الإسم لمنظمته التى تقوم بعمليات إرهابية خارج سيناء، مركزّة على محافظات الدلتا والصعيد، والذى تبنى عدد من العمليات الإرهابية وإعلان مسئوليته عن تفجيرات كنائس البطرسية بالعباسية، ومارجرجس بطنطا، والمرقسية بالإسكندرية، ويعد عمرو سعد هو القائد الحقيقى للتنظيم يشاركه عزت ومهاب السيد وعزت محمد حسن حسين وهم من اخطر عناصر التنظيم الهاربين، والمؤسسين للخلايا فى محافظات الصعيد.
3- تنظيم أجناد مصر:
وقد قام هذا التنظيم بعدد من أخطر العمليات الإرهابية قبل أن تستطيع قوى الأمن القضاء عليه، وتم تأسيس التنظيم على يد همام عطية، قائد التنظيم والذى قتل فى تبادل لإطلاق النار مع قوات الأمن أثناء محاولة القبض عليه، بينما أعلن هذا التنظيم عن مسؤوليته عن تفجيرات جامعة القاهرة، والتى أسفرت عن استشهاد العميد طارق المرجاوى، بالإضافة لاستهداف كمائن المرور ومحطات مترو الأنفاق ومحيط جامعة القاهرة، واغتيال العميد أحمد زكى، بقطاع الأمن المركزى، باستهداف السيارة التى يستقلها أمام منزله، والرائد محمد جمال، أثناء استهداف نقطة مرور ميدان لبنان.
4- حركة سواعد مصر "حسم":
وهو التنظيم الذى قام شباب الإخوان بتأسيسه ليكون الذراع العسكرى المباشر لهم بدلا من إستخدام تنظيمات مسلحة خارجة عنهم والخضوع لإبتزازهم ومزايدتهم، و تم تشكيله من عناصر وشباب تنظيم جماعة الإخوان بتعليمات من قيادات التنظيم الهاربين ومن خلال تكليفها قيادى التنظيم الهالك الدكتورمحمد كمال بتأسيسه وقيادته، (قيل أن الذى وشى بمكان إختفاء محمد كمال وقيادة الحركة هم الجناح القديم "جناح محمود عزت" إثر خلافات نشبت بينهم)، وقد وكشفت التحقيقات عن أن حركة حسم قد تأسست عقب ضبط الكثير من قيادات وعناصر الإخوان، حيث فكروا فى إحياء العمل المسلح للتنظيم من خلال تشكيل تنظيم مسلح جديد، وانتقوا عناصر للحركة مما تتوافر فيهم المقومات النفسية والبدنية، وتم إخضاعهم لدورات تدريبية متقدمة عسكرية واستخباراتية، ويعد أهم قياداتهم هم الجيل الثانى من أبناء المعتقلين بالسجون أمثال محمد جمال حشمت وأحمد عمر دراج ومحمد على اسماعيل بشر، ومن بينهم عدد كبير هاربين خارج البلاد فى قطر وتركيا مع ذويهم.
5- تنظيم المرابطون:
وكما أشرنا فإنه التنظيم الذى أسسه الضابط المفصول "هشام عشماوى" ومجموعة من الضباط المفصولين من الجيش لأفكارهم المتطرفة، والذى حدد تركيزه فى ليبيا بعد إنشقاقه عن تنظيم أنصار بيت المقدس لرفضه مبايعة أبو بكر البغدادى وإحتفاظه بمبايعة الظواهرى، وذلك لإعتباره أن الخلافة التي أعلن عنها البغدادي غير شرعية، بسبب افتقادها لشرط الشورى، وعدم موافقة كل منظري التيار الجهادي ورموزه عليها، وقد ظهر العشماوي للعلن أول مرة في 20 يوليو 2015، في رسالة صوتية دعا فيها إلى قتال الجيش والشرطة، ومهاجماً السيسي وداعياً إلى الجهاد ضده، باعتباره فرض عين على كل مسلم، مطلقا على نفسه اسم "أبو عمر المهاجر، أمير جماعة المرابطين"، مدشناً بذلك بداية لجماعة جديدة حملت السلاح ضد السلطات المصرية، وتتهم السلطات المصرية عشماوي، بالمشاركة في اغتيال النائب العام السابق هشام بركات، ومحاولة اغتيال وزير الداخلية الأسبق محمد إبراهيم، والمشاركة في مذبحة كمين الفرافرة، في يوليو 2015، والتي لقي فيها 22 شرطياً مصرعهم، والمشاركة في ما أطلق عليه اعلامياً "مذبحة العريش الثالثة"، في فبراير 2015، التي استهدفت "الكتيبة 101"؛ المقر الرئيسي لقوات الجيش في العريش، وخلفت 30 قتيلاً من عناصر الجيش المصري وذلك قبل إنشقاقه، وتنظيم المرابطون يرتبط بعلاقات وثيقة مع تنظيم المرابطون فى الصحراء الكبرى والذى تتركز عملياته فى مالى والنيجرويقوده مختار بلمختار، ولكن التنظيم الذى يقوده هشام عشماوى مستقل ويركز عملياته على مصر فقط.
هناك عديد من التنظيمات الإرهابية الصغيرة والتى ما لبث معظمها على الإندثار بينما تتوالد غيرها تنظيمات أخرى تتحدد بمواقع جغرافية معينة ككتائب حلوان أو عفاريت دمنهور، هذه المنظمات الصغيرة أهميتها محدودة ولا يتسع هذا المقال للحديث عنها.
السلام عليكم.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أصفهان... موطن المنشآت النووية الإيرانية | الأخبار


.. الرئيس الإيراني يعتبر عملية الوعد الصادق ضد إسرائيل مصدر فخر




.. بعد سقوط آخر الخطوط الحمراءالأميركية .. ما حدود ومستقبل المو


.. هل انتهت الجولة الأولى من الضربات المباشرة بين إسرائيل وإيرا




.. قراءة عسكرية.. ما الاستراتيجية التي يحاول جيش الاحتلال أن يت