الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المشكلة العراقية ليست في الاعلام

كوهر يوحنان عوديش

2017 / 10 / 25
مواضيع وابحاث سياسية


مواقف واراء متباينة ومختلفة تناقلتها وسائل الاعلام بكافة انواعها بعد دخول الجيش العراقي وميليشيات الحشد الشعبي مدينة كركوك، فبعضهم رقص فرحا والبعض الاخر بكى حزنا وبين هذا وذاك اصبح جدار الكراهية اكثر ارتفاعا وازداد الحقد حجما.
مع كل المناشدات والدعوات المحلية والدولية لحل الازمة العراقية بالطرق والوسائل السلمية الا ان الاقتتال واستخدام القوة لفرض القرارات والاوامر كان النهج الغالب والرابح، ولو مؤقتا، لحل الخلاف القائم بين الحكومة المركزية في بغداد وحكومة اقليم كوردستان، وسبب هذا الاقتتال ليس الاستفتاء الذي اجراه اقليم كوردستان بغية الاستقلال كما يروج له، بل لفرض واقع جديد على العراق عموما واقليم كوردستان، الذي ينعم بنوع من الاستقلالية منذ تسعينات القرن الماضي، بصورة خاصة، لان الاستفتاء جرى بصورة سلمية وكان هناك دعوات كوردستانية سلمية لحل الخلافات عن طريق الحوار والتفاوض لكنها رفضت جميعها من قبل حكومة بغداد التي اشترطت الغاء الاستفتاء قبل البدء باي حوار.
ربما استطاعت حكومة بغداد فرض هيبتها على كركوك ومناطق اخرى بالقوة، واستطاعت ايضا تبديل العلم الكوردستاني المرفوع فوق الابنية والدوائر الحكومية بالعلم العراقي، واستطاعت ايضا اخراج البيشمركة من هذه المناطق بطريقة او باخرى... وامور اخرى كثيرة، لكن هذا لا يعني ان المشكلة حلت والازمة انتهت بل بالعكس من ذلك تماما فان المشكلة كبرت وضخمت والازمة الفعلية الان قد بدأت، لان القوة مهما كانت كبيرة وضاغطة فانها لن تستطيع حل مثل هذه الازمات وادامة امن وسلام هش فرض بالقوة كرها، والتاريخ يشهد على الكثير من الحالات التي انهارت فيها اعتى الجيوش واقوى الدول امام ارادة وعزيمة شعوب صغيرة وضعيفة عسكريا مثل امريكا في الفيتنام والاتحاد السوفياتي في افغانستان.
مشكلة العراقيين ليست في العلم ولونه الذي يرفع هنا وهناك، فلا يهم المواطن العادي البسيط فيما اذا كان هذا العلم احمر او اصفر او ابيض بقدر ما تهمه حياته ونمط عيشه ومستقبل اولاده، مشكلة العراقيين تكمن في الحقد والتعصب الذي بدأ ينمو في دواخلهم بسبب السياسة العوجاء التي اتبعها حكام العراق الجديد وبسبب الخطب الدينية التي يلقاها رجال الدين هنا وهناك لاستغفال الشعب واستغلاله والتي بسببها اصبح الانتماء الطائفي اكبر واقوى من كل الانتماءات الاخرى، واصبح صعبا ان لم يكن مستحيلا قبول الاخر والعيش معه بسلام وامان خصوصا وان العراق اصبح يدار ويحكم من قبل الميليشيات الطائفية المسلحة.
سياسة الاقصاء والتهميش والاحتكام الى القوة لحل المشاكل والمسائل العالقة اثبتت فشلها قديما وستفشل مستقبلا بالتأكيد، كان على الحكومة العراقية التعامل مع الاستفتاء الكوردستاني بعقلانية بعيدا عن لغة التهديد والسلاح، فبدلا من اغلاق المطارات والحدود لمعاقبة سكان كوردستان واستخدام الجيش والحشد الشعبي ضد بيشمركة كوردستان، كان يمكن حل الازمة بالحوار والتفاهم بدون شروط مسبقة، لان اي اقتتال داخلي لا يصب في مصلحة العراق بل يحقق مصالح دول الجوار التي لا تريد للعراق الاستقرار، لكن الذي حدث كان العكس وبذلك ضيع العراقيين جميعا فرصة اخرى لتحقيق سلام داخلي يرضي جميع اطياف الشعب العراقي بغض النظر عن انتماءاتهم.
اذا كانت حكومة بغداد مصرة وعازمة على تطبيق الدستور والقانون فعليها القيام بذلك دون تجزئة او تمييز، اي تطبيق بنود الدستور كليا! وتطبيق القانون على الجميع دون استثناء! خصوصا الذين نهبوا من اموال العراق مئات المليارات ولا زالوا في اعلى المناصب يديرون الدولة حسب اهوائهم ومصالحهم، عندئذ لم يكن احد يتجرأ على معارضة ما تقوم به حكومة بغداد من خطوات غير مسلحة لتطبيق الدستور وفرض القانون في جميع انحاء العراق دون استثناء.
لو اردنا للعراق الاستقرار ووقف جريان الدم العراقي، المسترخص من قبل اوليائه العائشين في النعيم، باقتتال داخلي يكون كارثة على العراقيين، فعلى المسؤولين والحكام وكل المعنيين البدء بحوار ومفاوضات جدية تخلو من شروط مسبقة وتقديم تنازلات حسب الممكن لابعاد العراق عن حرب اهلية محتملة لن تجلب للشعب سوى المزيد من الالم والويلات وللوطن المزيد من الدمار.

همسة:- مأساة العراق ليست في العلم بل في ضمور وموت الشعور بالانتماء اليه من قبل المسؤولين الجدد.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كيف تتطور الأعضاء الجنسية؟ | صحتك بين يديك


.. وزارة الدفاع الأميركية تنفي مسؤوليتها عن تفجير- قاعدة كالسو-




.. تقارير: احتمال انهيار محادثات وقف إطلاق النار في غزة بشكل كا


.. تركيا ومصر تدعوان لوقف إطلاق النار وتؤكدان على رفض تهجير الف




.. اشتباكات بين مقاومين وقوات الاحتلال في مخيم نور شمس بالضفة ا