الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أرزاق الله

حسين علوان حسين
أديب و أستاذ جامعي

(Hussain Alwan Hussain)

2017 / 10 / 25
الادب والفن


- السلام عليكم ، سيدي الجليل !
- و عليكم السلام و رحمة الله و بركاته . تفضلي ، يا أمة الله !
- سيدي الكريم : أنا زوجة العميد قائد فوج حمايتك .
- أهلاً و مرحباً بك .
- مولانا الجليل : لقد جئتك يا سيدي و كلي أمل بالله أولاً ، و بعطفك الكريم ثانياً .
- نستغفر الله العلي العظيم ! و ما هو الموضوع ؟
- أنا مديرة مصرف ، و لكنني مشمولة باجتثاث البعث !
- هممم . و هل أنتِ شيعية أم سنّية ؟
- أمي شيعية ، سيدي الكريم !
- عظيم ؛ و أبوك ؟
- سنيعي : سنَي مُركَّب على شيعي ، مولانا الجليل !
- و أنتِ ؟
- شيعية ، طبعاً ، مولانا الجليل .
- همم . و ما كانت درجتك الحزبية ؟
- عضو قيادة شعبة ، حاشا قدرك ، مولانا الجليل .
- أنت تعلمين أن قضيتك هذه مسألة قانونية ؛ فاجتثاث البعث قانون نافذ المفعول ؛ و القانون لا يقبل غير التطبيق . العراق هو دولة سيادة القانون ، مثلما تعرفين ..
- فدوة لعينيك الراقصتين هاتين ! أريد منك تزكية لوجه الله ، باعتبارك رئيس حزب الصندوق الرباني القريب من الله سبحانه و تعالى ، كي لا أخسر منصبي ، مولانا الكريم .
- هذا مرام مستحيل . قلنا لك بأن الموضوع يتعلق بتطبيق القانون ؛ الكل يخضع للقانون ، بلا استثناء .
- إستثنني من القانون ، مولانا الجليل ؛ و أنا مستعدة لإعطائك أثمن ما أملك ، و كل ما تريده يصير .
- ماذا تقصدين ؟ نحن سيد إبن رسول الله نصوم و نصلي و نخاف ربنا ، و قد كنا من أقطاب المعارضة الأبطال لحكم الصنم صدّام ! هل تريدين تشويه سمعتنا الممتازة و صفحتنا الناصعة البياض عند ربنا ، فتدخليننا في نار جهنم و بئس المصير ؟
تنتبه لضمير الجمع الأثير في خطاب السيد عن نفسه .
- أقطع الإصبع الذي يجرأ للنيل منكم بسوء . يا مولاي ، أنتم سيد شريف و منزه و رئيس أقوى حزب جليل ، وأنا حريصة على سمعتكم أكثر من حرصي على سمعتي . دعني أقبِّل يديكم و قدميكم ، يا تاج رأس العالمين !
تُسرع لتمسك بيده اليمنى لتقبيلها ، فيسحبها بسرعة .
- نستغفر الله العلي العظيم . ما هذا الذي تفعلين ؟
تُسرع بالقفز والتربع في حضنه و هو جالس على كرسيه ، و تقبل شفتيه قبلة فرنسية طويلة ، و هي تتأوه ممسكة فكه الأسفل بيد ، و قذاله بيد .
- أووووه . إن كيدكن لعظيم !
- لا فض فوكم ، سيدي الجليل ! ما ذا نعمل ؟ هذا هو أمر الله فينا ، و لا اعتراض على إرادة رب العالمين .
- أشهد أننا قد آمَنّا أخلص الإيمان بالله الواحد القهار !
تعود إلى لثم شفاهه ، ثم تعض شفته السفلى و هي تولج لسانها في فيه و تضغط بصدرها عليه ، و يد تمسد ظهره فيما تتنسم اليد الاخرى ما بين فخذيه .
- أمرُنا لله الواحد القهار . همم . رائحتك زكية ، و تجيدين المص و التقبيل و الملامسة ! عسل ! طيب ، سنتحمل المسؤولية لأجل عينيك ، فنحن كنا عضو شعبة في حزب البعث مثلك ، قبل الهجرة ، أيام زمان ! إذهبي و أقفلي الباب بالمفتاح و المزلاجين بسرعة .
- خادمة للسيد ، تاج رأسي و رأس الناس أجمعين !
راقب مشيتها الرياضية و كأنها لاعبة سلة تهرول مطبطبة بالكرة و هي تتلفت يمنة و يسرة و كل تضاريس جسدها تترجرج كأماليد الرمان و التفاح و الدرّاق وسط نفحات أنسام الخريف ؛ إنها بستان يانعة الثمار . ابتسم ، و هو متعجب من انتصاب عضوه كالحديد رغم الضعف الجنسي الشديد الذي ألم به قبل أكثر من عام و فشلت كل الأدوية في علاجه ، و حمد ربه الرزاق على نعمته لعباده المؤمنين الصالحين من غير إحتساب و لا حساب . و تمتم لنفسه : إن الله جميل ، يحب الجمال ؛ آه كم أعبد الدفع النقدي العاجل !
- لقد أقفلتُ الباب الخارجي حسب أوامركم السنية ، يا سيدي الجليل !
- هل أنت مستعدة لكل شيء ؟
- كل شيء ، يا سيدي . أؤمروني فأطيعكم !
- نحن نريد كل شيء لنا ، بلا تمنّعات ، مفهوم ؟
- مفهوم ، يا سيدي ! مفهوم : كل شيء لنيافتكم ، حسب الأصول ، سيدي الفاضل .
- و بلا شعرة مسؤولية علينا ، مفهوم ؟
- مفهوم ، حبيبي . أنا لا أريد منكم أي شيء سوى رضاكم الغالي عليّ ، فأنا خادمتكم المطيعة ، و أن أصبح مديراً عامّاَ فقط ، سيدي العزيز .
- مدير عام ؟ و كم هو عمرك ؟
- تسع وعشرون عاماً فقط ، يا تاج الراس !
- و ماهي شهادتك ؟
- دكتوراه دولة في : "حَفِّ شَعر الدِّبِر" ، مولانا الجليل !
- دكتوراه ! عظيم ! بارك الله بك ، و زاد في شرفك . مدير عام ، فقط ؟
- العافية درجات ، مولانا الكريم .
- صار : مدير عام اليوم ؛ و مستشارة أو نائبة أو وزيرة ، بكرة ! الخير الوفير أتٍ بمشيئة الله . و كل هذا مشروط بإثباتك لجدارتك في خدمتنا حسب الأصول ، إن شاء الله ! ما ذا تقولين ؟
ِ- و هل أبقى إعجازكم لخادمتكم بأبلغ الكلام قولاً للمزيد ، يا نيافة الرئيس ؟ زاد الله شرفكم و كرمكم ، و حشركم مع الصدّيقين و ملائكة الرحمن ، حبيبي الجميل .
- إسمعي جيداً : مُدّي يدك اليمنى ، و اقسمي بهذا القرآن الكريم بأنك ستواظبين على تسديد حقنا الشرعي عداً و نقداً بالتمام و الكمال كل شهر : نصف راتبك الشهري مع المخصصات ، بدون تأخير و لا معاذير ، من تاريخ استلامك للمنصب الجديد و حتى الموت .
- أقسم بالقرآن الكريم بأنني سأواظب على تسديد حقكم الشرعي عداً و نقداً بالتمام و الكمال كل شهر : نصف راتبي الشهري مع المخصصات ، بدون تأخير و لا معاذير ، من تاريخ استلامي للمنصب الجديد و حتى الموت .
- و إياك و اللعب بذيلك علينا ، فالعاقبة للأبرار المخلصين !
- مو يا زوغ ، تاج الراس ؟ أصير لكم ذهباً ، و أمنحكم كل ما تريدون ، و أكثر ، مولانا الجليل !
- فإن خنتِ أمانتنا و حنثتِ بالقَسَم ، فسننسفك نسفاً ، أنت و زوجك و أطفالك ! أنت تعلمين : حزبنا مليشياوي يشوي شوي !
- معاذ الله العلي العظيم أن أنكر أفضالكم الشريفة ، يا سيدي . اعتبروني من الآن فصاعداً عبدتكم المطيعة لمقامكم الطاهر العظيم .
- طيب . اسجدي أمامنا فوراً ، مسترخية مثل الكلبة على بركة الله ، كي نطهر نجاستك بمحضننا الشريف .
- صار ، مولانا الجليل . اوووه ! أنا كلبتكم الوفيّة ! خذني بعنف كما لو كنت تريد تقطيعي قطعة قطعة ، مولانا الحمش الجليل !
- لا بأس ، لا بأس ! انزعي لنا ملابسك كلها ، تماماً ؛ ربّي كما خلقتني ، مفهوم ؟
- تؤمرون يا تاج الرأس . أووه ! لقد جعلتموني أرتجف كالسعفة ! فحل أصيل ، و لا كل الفحول !
- بارك الله بك . ألحمد و الشكر لك على أرزاقكم لنا ، يا رب العالمين !
**
أستيقظ العميد قائد فوج الحماية من سباته العميق على سريره الكائن في غرفة الطوارئ لقائد الحماية الملحقة بغرفة رئيس الحزب . أحس بصداع رهيب غريب و بالغثيان .
سمع العميد رهز اللزِّ ، و تأوهات الكفز من خلف باب غرفته . غالب صداعه و غثيانه ، و سارع بالوقوف ، ثم خفَّ إلى الباب السري المؤدي لغرفة رئيس الحزب ناسياً التحزّم بمسدسه . فتح الباب ، دخل الغرفة ، فشاهد زوجته العارية تتقافز على محضن رئيس الحزب بذراعيها المستندين على كتفيه كما لو كانت تتسابق أولمبياً في لعبة القفز على الحبل ، و كلاهما يتأوهان مزقططين كسنورين جحيميين وسط جولتهما الثانية .
فار الدم برأسه الموجوع أصلاً . وقف مبهوتاً و قد جحظت عيناه و فغر فمه و ارتعدت فرائصه . مدَّ يده لا إرادياً لإشهار مسدسه الذي نساه . شدَّ على معصميه ، و كز على أسنانه لهول الفاجعة ، ثم هجم عليهما ينوي خنقهما بيديه المجردتين , و ليكن ما يكون . إلا أن هجمة ظلام الموت عليه كان أعجل ، فسدَّ عليه عينيه فجأةً ، و أدار رأسه ، فهوى أرضاً بلا حراك ، و قد عض على لسانه .
داوم المسافحان تلاحمهما الجنوني المتدافق في زمن الاحتلال الأمريكي الأغبر ، و كأن شيئاً لم يكن ، حتى تحولت تأوهاتهما إلى جئير ، ثم خوار ، فعواء و عض و دم .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الفنان أحمد سلامة: الفنان أشرف عبد الغفور لم يرحل ولكنه باقي


.. إيهاب فهمي: الفنان أشرف عبد الغفور رمز من رموز الفن المصري و




.. كل يوم - د. مدحت العدل يوجه رسالة لـ محمد رمضان.. أين أنت من


.. كل يوم - الناقد الرياضي عصام شلتوت لـ خالد أبو بكر: مجلس إدا




.. كل يوم - -الجول بمليون دولار- .. تفاصيل وقف القيد بالزمالك .