الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


البلاشفة وعبادة القديس لينين المحنّط

سيلوس العراقي

2017 / 10 / 26
في نقد الشيوعية واليسار واحزابها


ما يُعرف عن الشيوعيين والماركسيين إن كان في الاتحاد السوفيتي المنقرض وفي الكتلة الشيوعية من منظومته في اوربا الشرقية المقرضة، أو كان لدى الاحزاب الشيوعية في دول العالم الأخرى خارجها ، أقول إنه قد عُرف عنهم (ولازالوا لغاية اليوم) ينتقدون الكنيسة المسيحية في تبجيلها لقديسيها وللحفاظ على أجساد بعض رجالاتها وقديسيها التي تم بناء أضرحة ومقامات ومنشآت لها تمتليء منها دول اوربا بشكل خاص، باعتبارها ممارسات ممقوتة.
وينسى الشيوعيون أنفسهم وماذا فعلوه بجثة لينين وكيف استنسخوا من الكنيسة افعالها ليتعاملوا مع جثة لينين كجثة قديس تتم زيارته لتمجيده وتمجيد أعماله والتبرك بزيارته ورؤية وجهه المحنط في ضريحه في الساحة الحمراء في موسكو.

كما هو معروف جيدًا، كان يوسيف ستالين أكبر داعية إلى تحنيط جثة لينين
ففي تشرين الثاني / نوفمبر 1923، في الحين الذي كان فيه (القديس !) لينين يُعاني من مرض مستعصي، لكنه كان لا يزال على قيد الحياة، أعلن ستالين أنه قد يكون من المناسب "الحفاظ على جثة لينين حين يتوفى بواسطة تحنيطها، للسماح لأولئك الذين يرغبون في السلام عليه والتبرك به والقاء التحية له دائما

لكن مسؤولون آخرون من بين الزعامات الكبرى البلشفية كان قد أزعجها هذا الاقتراح الستاليني. فليف تروتسكي، الذي يُعتقد بأنه ثاني أهم زعيم للحزب البلشفي بعد لينين، قارن بين الحفاظ على جثة لينين وتحنيطها وبين ما تفعله المسيحية وبالتحديد الكنيسة الكاثوليكية مع قديسيها للقيام بالاحتفاظ بأجساد موتاها من كبار القديسين لكي يتعبدها المسيحيون، لكن تحنيط جثة لينين يعتبر أمرًا غريبًا جدًا على الماركسية وفي الايمان بالنظرية الشيوعية ولم يسمع به تروتسكي قط.

كما عبرت أرملة لينين أبو البلشفية عن انزعاجها وامتعاضها من تحنيط زوجها
.
لماذا كان تحنيط لينين ضروريًا ؟
من المعروف أن لينين كان قد لعب دورًا هامًا في النظام السياسي للاتحاد السوفييتي. وتبع عقيدته السياسية والبلشفية جميع القادة السوفيات. لقد أصبحت شخصية لينين شخصية مقدسة، وتم اعتباره هكذا
" القديس الشيوعي"

تقول نينا توماركين، أستاذة في جامعة هارفارد، في كتابها لينين: "صور لينين المنمقة وتماثيله كانت مثل الرموز المقدسة ، وسيرة حياته المثالية مثل الإنجيل، واللينينية مثل الكتب المقدسة". عبادة لينين في روسيا السوفياتية أصبحت توازي عبادة الله لدى الأديان السماوية. وكان يتم تكريس القصائد والأغاني للقادة العظماء، لينين أولا وبشكل كبير (س. ع. ومن بعده ستالين الذي أصرّ على تحنيط جثة لينين لأنه من المرجح أنه لم يكن يطلب تحنيط لينين حبًا به بل بالأحرى كان يعبر عن حبه وتمجيده لنفسه ، فكان يفكر تمامًا بمستقبل جثته بعد موته ورغبته في أن لا يحرمه الموت من استمرار تمجيده). وزينوا بتماثيل لينين وبصوره معالم كلّ المدن والقرى في الاتحاد السوفيتي، وأصبح الضريح رمزًا للتفاني والنضال للمثل العليا للينينية. وزيارة هذا القديس المحنط في موسكو أصبح مكانا لحجّ الشعوب السوفيتية وكان يتم أخذ المواطنين السوفيت اليه مثلما أيضًا الوفود الاجنبية من الأصدقاء. كان يقوم بزيارة نصب الضريح أكثر من 2 ونصف مليون شخص سنويًا

توفي لينين قبل ما يقرب من 100 سنة. لكن ليس فقط الانشغال به وبأعماله وبثورته هو الذي استمرّولم يتوقف، لكن الانشغال بجثته أيضًا، أصبح هذا الأمر للبعض من الروس عبئا أو لا معنى له، مثلما للبعض الآخر له أهميته الكبيرة

بعد تشريح جثة لينين الميت، تمت إزالة الأعضاء الداخلية وسوائل الجسم وتم حقن السوائل الخاصة للتحنيط، الأمر الذي أوقف عملية التحلل.ويواصل العلماء الحفاظ على الجسم ليكون بحالة جيدة، فيتم رش (كل عام ونصف) بالمواد الحافظة وباغماره في حمام مع المواد الحافظة

وما بقى من الجسم اليوم هو 23٪ فقط، ولكن مع هذا فان الجسد لا يزال يحافظ على شكله، وعلى مظهره، وعلى مرونة الجلد، ومرونة الأطراف. لكن الملابس التي يرتديها لينين ينبغي استبدالها دوريا.

اذا كان الاتحاد السوفياتي لم يعد موجودًا، وفي روسيا لم يعد للشيوعيين من مكانة مثلما في الماضي. فلماذا يبقى لينين المحنط في الضريح؟

هذا الموضوع لا يزال قيد المناقشة في روسيا. فهناك جزء من الروس، وخاصة أولئك الذين ينتقدون الماضي السوفياتي، فأنهم يشعرون بالاستفزاز والاشمئزاز من الحفاظ على "المومياء" ـ مثلما يسميها بعضهم ـ في وسط الساحة الحمراء ويطالبون بأن يتم دفن الجثة. ويدعم هذه الفكرة ، من بين الأفكار والأمور الأخرى، تحركات نشطاء حقوق الإنسان وممثلي الكنيسة في روسيا.
ولكن أيضًا هناك بعض الذين ليسوا على استعداد لدفن الزعيم البلشفي

أولا الشيوعيون. من وجهة نظرهم، لا بد من النظر الى لينين بالفعل إنه قد دُفن (لأن التابوت مع رفاته بالفعل على عمق ثلاثة أمتار) والضريح نصب تاريخي فريد من نوعه، كما أنه كنتيجة لفكرة دفن الجثة أن تُفقد الساحة أهميتها التاريخية لو تم إزالة الجثة
أما الحكومة الروسية فاتخذت موقفا محايدًا.
وقال فلاديمير بوتين تعليقا على إمكانية دفن الجثة بأنها قضية حساسة لا بد من معالجتها بحذر "لكي لا نقع في تقسيم المجتمع". ووفقا لأحدث الاستطلاعات للرأي أجراه مركز الرأي العام الروسي الذي يقوم فريق منه بدرس
الماضي: قال غالبية الروس (60٪) انه من الأفضل دفن الجثة.

المرجع : مجموعة من الصحف الايطالية








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الطراز المعماري الأَرثوذكسي
بارباروسا آكيم ( 2017 / 10 / 26 - 10:50 )
حتى الضريح قام المهندس الروسي شتوشوسيف بتشييده على غرار النمط المعماري الأَرثوذكسي ( قُبَّة في المنتصف + برجين على الجانبين )
وبالنسبة لستالين فهناك من يقول بأَنَّه صنع هذا لمجده الشخصي ، ولكني أَعتقد بأَنه فعل هذا بتأثير الماضي الديني عنده
فكما تعلم ستالين كان قد درس في معهد لاهوتي أَرثوذكسي
وهو قد شاهد التأثير الذي تصنعه جُثث رجال الدين على المؤمنين
فربما أَحَب تكرار الفكرة بشكل جديد
وربما كان إِسقاط اللاوعي عنده

إِلتفاتة جميلة أَخ سيلوس

تحياتي و تقديري


2 - لينين الجثة المحنطة
سيلوس العراقي ( 2017 / 11 / 10 - 19:26 )
الاخ باربا روسا
اعذرني لا ادري كيف حصل معي ولم ارى تعليقك الا الان بالصدفة
شكرا لتعليقك الذي اغنى المقال تماما باضافتك
للخلفية الدينية وتاثيرها في ستالين لعكسها على لينين
بتحنيط جثته ليكون معبودا دائما
وبالتاكيد كان ستالين الجيورجي قد تمكن من أن يصبح معبودا من قبل الشيوعيين السوفيت والعالم
ومن المرجح انه كان يعتقد بان معبوديه ومؤلهيه سوف يحنطونه هو الاخر ليستمروا في عبادتهم له الى جانب لينين في ضريح اشبه ما يكون باضرحة القديسين
لكن لم يحصل على من يحقق حلمه عدا بعض الشيوعيين العرب الذين يكتبون في هذا الموقع وقد منحوه منزلة الالهة
تقبل احترامي وتقديري

اخر الافلام

.. بايدن يوقع حزم المساعدات الخارجية.. فهل ستمثل دفعة سياسية له


.. شهيد برصاص الاحتلال الإسرائيلي بعد اقتحامها مدينة رام الله ف




.. بايدن يسخر من ترمب ومن -صبغ شعره- خلال حفل انتخابي


.. أب يبكي بحرقة في وداع طفلته التي قتلها القصف الإسرائيلي




.. -الأسوأ في العالم-.. مرض مهاجم أتليتيكو مدريد ألفارو موراتا