الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


-الحياة جميلة يا صاحبي-

مهند طلال الاخرس

2017 / 10 / 26
سيرة ذاتية


"" الحياة جميلة يا صاحبي""
ما ان وقعت على مسامعي هذه الجملة حتى إستفاقت بي ذكريات تنتمي الى سنوات مضت. بداية توقعتها جملة اعتراضية مقحمة في حوار صاخب حول الامل والحياة في مواجهة اليأس والقنوط والاحباط المستشري في أنفسنا كأنه صديق قديم لا نقوى على فراقه وكأنه من متلازمات الحياة.
وفي خضم مراجعتي لما إختزنته الذاكرة من أيام وأمكنة وأزمنة وحارات وحوارات حول مناسبة هذا القول "الحياة جميلة يا صاحبي"، حتى أضناني الرجوع الى زمان ولى وإنقضى ولم يبق منه إلا هذه المقولة التي ترسخت وإلتصقت بنا أكثر كلما ضاقت علينا الارض بما رحبت، وكلما إرتحل الامل الى غد يذهب ولا يعرف كيف يعود. لكنه ديدن الحر أن يبقى يحاكي طيف الامل إلى أن يقبض عليه، لكنه حتما لن يودعه.
بقيت هذه الجملة العنوان والتي كنت دائما أعتقد أنها تصلح عنوان قصيدة تسهم في خياراتي وحواراتي مع الآخرين، حتى اني لم أكف عن الاستشهاد بها منذ عقود، الى أن دخلت مرحلة من العمر بلغ فيها النضج مبلغه، فلم يعد لدي مسلمات، وأصبح سؤال السبب والمناسبة والكيفية والقدر والمقدار والمقام والمقال والجو العام السائد والمحيط والظروف والملابسات...،أصبحت كله أسئلة تداهمني مع أي معلومة أقرأ أو اسمع أو أرى، ولم يعد من اليسير أن تدخل وعائي الفكري والمعرفي أي معلومة ما لم تخضع لذلك التمحيص والتشييك.
ومع دخولنا عصر المعرفة الرقمية أصبح المجال أكثر يسرا للتمحيص بسبب كثافة المعلومات ويسرها على الشبكة العنكبوتية، وهو ما قادني الى الشفاء من كثير من الاسئلة وعلامات الاستفهام والتعجب والشك الذي يعتريني أمام كثير من المعلومات ولا سيما الدارج منها والمألوف.
وعودة على إحدى هذا الاستفسارات المطروحة في ذهني منذ سنين عدة :"الحياة جميلة يا صاحبي" هذه المقولة التي مسكت أول طرف خيطها في أزقة وحواري مخيم البقعة، حيث الطين الاحمر "اللاصة" تقبض على قدميك بإحكام يحاول غرسك فيه في صباحات يوم ممطر وأنت تجاهد في خطواتك بغية إزالتها من وحلها ومكمنها لإكمال خط سيرك تحت حبات المطر في طريقك للمدرسة، وما أن تصل باب المدرسة في صباحات ذلك اليوم الماطر والمليء بالوحل تبحث عن حفرة صغيرة تجمعت فيها مياه الامطار لتفرك فيها حذائك ذهابا وايابا عدة مرات بغية التخلص من الطين والوحل الذي التصق بها، طبعا لا يمكن اتمام هذه العملية دون أضرار جانبية كانت تتركز دائما في وصول الوحل الى أعلى الحذاء وحتى حدود أسفل البنطلون، فتتدخل الايدي لمسح الطين الذي لحق بالحدود عند أسفل البنطلون، فينتقل الوحل لليدين ، فتضطر لفركهما موضع فرك الرجلين حيث حفرة المياه والتي نسميها بركة، ثم ترفع رأسك متجها بيديك نحو سور المدرسة بالقرب من بابها لتستند الى الجدار في رواية ولتمسح ما علق على يديك من طين أحمر كالحناء.
عند تلك البقعة من الحائط الابيض والمعروف بآثار بصماتنا الطينية، ذلك الحائط حائط المدرسة هو نفسه حائط الذكريات، وهو نفس الحائط الذي كان يحتضن كل الشعارات الثورية التي شكلت بواكير وعينا النضالي، ذلك الحائط حيث نتمسح فيه ونتلمس منه الدفيء و الامل والمعرفة ونتنظف فيه مما علق بأصابعنا من طين ونسير في ظله في شمس يوم لاهب ونتكىء عليه إذا حاورنا صديقا ونستند الى جداره إن هجم الآخرون علينا، ذلك الحائط الذي عرفنا فضله مذ كنا صغارا وحافظنا على دوره بعد أن أصبحنا كبارا، على نفس ذلك الحائط تجد جملة خطت بعناية داخل باقة ورود مزروعة في خارطة فلسطين أو تخرج منها مكتوب عليها "الحياة جميلة يا صاحبي".








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. قوات الاحتلال تقتحم بلدة شرقي نابلس وتحاصر أحياء في مدينة را


.. قيادي في حماس: الوساطة القطرية نجحت بالإفراج عن 115 أسير من




.. هل باتت الحرب المفتوحة بين إسرائيل وحزب الله أقرب من أي وقت


.. حزمة المساعدات الأميركية لأوكرانيا وإسرائيل وتايوان..إشعال ل




.. طلاب جامعة كولومبيا الأمريكية المؤيدون لغزة يواصلون الاعتصام