الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


على الكورد ان لايلوموا امريكا بل عليهم ان يلوموا انفسهم

سامي عبدالقادر ريكاني

2017 / 10 / 27
القضية الكردية


على الكورد ان لايلوموا امريكا بل عليهم ان يلوموا انفسهم فلو كان هناك قيادة كوردية موحدة تقود البشمركة في كركوك لماكان ليحصل ما حصل، ونحن نعلم لماذا لم يحظي الاقليم بجيش وقيادة موحدة منذ التسعينيات من القرن الماضي ولحد الان، ولانريد الخوض في هذه المسالة او التطرق الى مسائل اخرى متعلقة بازمة السياسة والاقتصاد وعدم النضج للوعي الاستراتيجي الكوردي التي تدخل ضمن العوامل الغير المباشرة التي ادت الى هذه النتائج، لان العلم بها اصبحت ضمن البديهة المعرفية لدى الجميع ، ولكن اريد هنا الحديث عن الحدود الاطاري للحدث الذي انقلب على اثرها الموازين بين بغداد والاقليم ، والذي سيكون لها ابعاد اخرى مستقبلية متجاوزة لحدود العراق، فالجيش العراقي بقيادة عبادي ماكان ينوي الهجوم على الكورد مع كثرة التحشدات على حدود كركوك لو لا الضغوطات الايرانية عليها وعبرالحشد الشعبي ،ولم يهاجم الجيش الا بعد دخول الحشد وسبقها له بالتحرك للسيطرة على المراكز الاستراتيجية في كركوك عبر ثغرة كوردية مهدت لذلك، وارادت الانقلاب على الاتفاق الضمني الذي حصل بين اربيل وبغداد في الاجتماع الذي دار قبل يوم من الحادثة بين الرئيس العراقي فؤاد معصوم والقيادات الكوردية او اربيل، وارادوا بتحركهم ذاك اخراج وسرقة نتائج هذا الاتفاق لصالحهم على حساب العبادي واربيل، فحتى القوات الامريكية فوجئت بهذه الهزيمة الكوردية، وماكان لامريكا الا التدخل لتدارك الامر قبل انفجارها وكان من ضمن تحركاتها بعدها طلبها من قوات اربيل الانسحاب من بقية المناطق المتنازع عليها تجنبا للمواجهة وتفويتا للفرصة على ايران من اشعال الحرب بين الجيش العراقي والبشمركة.
وحصل ذلك بعد رؤية امريكا للانشقاق في صف القوات الكوردية، فامريكا وكذلك الكورد قبل ذلك كانوا يعتقدون بانه حتى لو هاجمة القوات الكوردية من قبل الحشد ، فبمجرد ثبات البشمركة لبضعة ايام كانت لتكون كافية لتتذرع امريكا بالتدخل لحسم الامر بحجة تجنب تفجير الوضع،وماكان بذلك لتسقط كركوك في ايدي الحشد.
وماكانت لتفعل امريكا هذا حبا بالكورد كما نقولها دائما، ولكن لمقتضيات المصلحة التي هي بحاجة ماسة ومستمرة اليها حتى لعقود مقبلة، لذلك كانت امريكا لتضغط على الطرفين (بغداد واربيل) للجلوس على طاولة المفاوضات، وبذلك كان ليحافظ الكورد على مكتسباتهم ،وكانوا ليفاوضوا بعدها مع بغداد من موقف قوة لا موقف ضعف، وكان العبادي ايضا ليحظي بزيادة في الثقل والمكانة الشعبية لتضاف على رصيده السياسي في مواجهة غرمائه من الموالين للجبهة الايرانية، وبمجرد فتح الحوار بين بغداد واربيل كانت لتفوت امريكا الفرصة ايضا على ايران والحشد الموالي لها من استغلال ورقة الاستفتاء الذي كانوا يعملون عليها لانهاء الدور الامريكي في العراق عبر دفع العبادي للاشتباك مع البشمركة حلفائهم الرئسيين، وكانوا ياملون في النهاية اضعافه وافشاله في حربه ضد داعش ،ولكنهم مع الاسف الشديد استطاعوا في النهاية من استغلال ورقة الاستفتاء للدخول الى كركوك خلف الشرعية الدستورية وتحت غطاء الجيش العراقي لتغيير الموازين وتثبيت النفوذ الايراني فيها، حيث استطاع سليماني فتح ثغرة في الصف الكورد والتف عبرها وعلى غرة من الجيش ليدخل بالحشد الى داخل كركوك عبر صفقة توافقية على النفوذ بين الجانبين الكوردي (عائلة طالباني) والايراني وحضره قيادات من الحشد الشعبي ايضا.
وبات اليوم محور تحالف (سليماني، الحشد،الطالباني) من بغداد ومرورا بالمناطق المتنازع عليها عبر كركوك الى السليمانية ، يهدد خط امريكا عبادي، خاصة بعد اضعاف حليفهم الرئيسي في اربيل، وبعد فشل محاولات عدة امريكية وخليجية وكوردية لتكوين جبهة سنية كان من المزمع ايجادها، لتنضم الى هذا الحلف وذلك بغية اعادة التوازن الى العملية السياسية واضعاف النفوذ الايراني وتحجيم تدخلاتها في الشان العراقي بعد طرد داعش.
ولكن نقول ايضا للعراقيين الذين انخدعوا بالنصر الزائف الذي حصل في كركوك، بان المعادلة اليوم اصبحت مختلفة فلايغرنكم ماحصل بان تحسبوها نصرا عراقيا او عباديا وهزيمة كوردية ، بل كونوا على يقين بانها ليست سوى بداية لمرحلة جديدة من الصراع والمواجهة بين النفوذ الايراني والامريكي على حساب العراقيين بكورده وعربه وبقية مكوناته ،وهي اصعب بكثير من المراحل السابقة ، حيث انها ستجذب لتتدخل فيها تحت متطلبات المصالح اطراف اقليمية ودولية اخرى، وستحاول كل طرف خارجي العمل عبر القوى الداخلية المتصارعة على السلطة والنفوذ لتاخذ من ثغرات العداء والصراع الصفري بينهم منفذا لتتدخل في رسم السياسة العراقية القادمة ولتشارك في صنع قراراتها المستقبلية.
لذلك على الكورد وكما على العراقين الشرفاء ان يتجاوزوا مرحلة عمل الوكيل للغير على اوطانهم، وعليهم ان يتجاوزوا سلوك التباهي بالاستقواء بغيرهم على بعضهم، وعليهم الانصياع الى صوت العقل، بوالاخذ بالعبر من احداث سوريا وليبيا واليمن ولينظروا ماذا فعل ويفعل بهم ذلك الصراع الدولي والاقليمي وباوطانهم، فبعد ان دفعت بهم هذه القوى الغاشمة والمجرمة تحت مسميات عدة ليذبحوا بعضهم بعضا، يذهبون اليوم ليتفقوا على مستقبل اوطانهم ليقسموها حسب اهوائهم ومصالحهم بعيدا عن اصحاب الوطن ساخرين بعقولهم وغبائهم ودماء ابنائهم الذي سالوها على ترابها .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. آلاف اليمنيين يتظاهرون في صنعاء دعماً للفلسطينيين في غزة


.. إيرانيون يتظاهرون في طهران ضد إسرائيل




.. اعتقال موظفين بشركة غوغل في أمريكا بسبب احتجاجهم على التعاون


.. الأمم المتحدة تحذر من إبادة قطاع التعليم في غزة




.. كيف يعيش اللاجئون السودانيون في تونس؟