الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أعظم قضية ضمير في العصر الحديث

سعيد مضيه

2017 / 10 / 29
القضية الفلسطينية



أعظم قضية ضمير في العصر الحديث-1
ليست تبريزا ماي جاهلة بالتاريخ كما صرح احد المسئولين الفلسطينيين؛ فهي إن جهلت او نسيت تجد حولها مستشارين ومساعدين؛ لكنها دبلوماسية النعامة، تدرك الخطر فتدس الرأس بالرمال. المحنة الفلسطينية طيلة قرن من الزمن مزدوجة مع بلفور وتداعياته: ازمة في الأخلاق؛ حيث تصرفات الامبريالية مع الشعوب المقهورة تناى عن الأخلاق والمبادئ وعن الشرف والضمير؛ وأزمة في ترشيد وقيادة المقاومة الفلسطينية. في عشرينات القرن الماضي راهنت الزعامات الفلسطينية على الانتداب تستميله ضد الهجرة الصهيونية ، وهو منتدب لتحويل وعد إلى واقع وحقيقة تسلك دروب فلسطين. وبعد قرابة القرن ما زالت القيادة الفلسطينية تحاول استمالة أشرس إدارة أميركية ضد أعز حليف لديها !! منذ ان برزت القضية الفلسطينية طفق الزعماء يذكرون بريطانيا " الصديقة" بمصالحها بينما الامبريالية والصهيونية والأنظمة التابعة ينسقون السياسات ضمن وحدة عضوية. وعلى خطى الزعامات العشائرية يراوح النظام الأبوي لمنظمة التحرير الفلسطينية في دائرة انتظار الترياق من المعسكر ذاته ، يراهنون ويتوهمون في عصر تميز فيه الأسود من الأبيض. عبر قرن كامل تقدم لنا الخبرة دبلوماسية الامبريالية قسمت الكرة الأرضية بين استغلال وقهر وهدر من ناحية ومقهورين يغذون السير وسط الألغام المبثوثة نحو التحرر والديمقراطية والتنمية من الجهة المضادة. الصراع طبقي على الصعيد العالمي وبصدد كل قضية وطنية في عالمنا الموبوء والمتشابك والمترابط.
إذا انحازت تيريزا ماي لإسرائيل ونظامها العنصري فالقضية الفلسطينية التحقت عبر عقود بقوى العقل والشرف والضمير ، قوى المستقبل الواعد رغم كل العوائق المنصوبة، إن لم تحرق الامبريالية الكرة الأرضية في أتون حرب نووية . بجانب الفلسطينيين اصحاب الضمائر سدنة الثقافة الإنسانية والقانون الدولي والجماهير المتشوقة للتحرر الإنساني في جنبات المعمورة. والجماهير الفلسطينية معزولة بتدبير عن هذه القوى. فلسطين أعظم قضية ضمير في العصر الحديث، وتحرر جنوب إفريفيا يظل منقوصا ما لم تتحرر فلسطين. كذا حكم نيلسون مانديلا وهو حكم التاريخ تترابط في مسيرته وتتشابك قضايا التحرر الإنساني . موجات التضامن مع الحقوق الفلسطينية المهدورة تتلاطم ولا تصل الجماهير المقهورة.
قدر الفلسطينيين قرره البريطانيون بعقل لا يستلهم الشرف ولا الضمير. قال وايزمن ، ابلغني البريطانيون بوجود يضع مئات الآلاف من العرب في فلسطين، لكن ليس لهذا الأمر أهمية. وفي منتصف المحنة بعد حزيران 1967، خاطب دايان الفلسطينيين: عليكم العيش مثل الكلاب، ومن لا يرغب بمقدوره الهجرة.وقبل بضعة ايام وضع وزير الاستخبارات في حكومة الاستيطان امام الفلسطينيين ثلاثة خيارات : أن يبقوا بدون حقوق مدنية او يرحلوا؛ او السحق إن هم حملوا السلاح !
استولى الصندوق القومي اليهودي على تسعين بالمائة من أراضي دولة إسرائيل، وهو لا يقدم خدماته إلا لليهود. وبعد احتلال الضفة قصر الصندوق جهوده على بناء مستوطنات يهودية على أراض مغتصبة من أصحابها العرب.
سوف يردد هذا المقال والمقالات التالية أصداء صرخات الضمائر الحية:
نقل نوعام تشومسكي عن الصحفي اليهودي ، فينسينت شاهين، وصل فلسطين عام 1929، صهيونيا ملتزما وغادر البلاد بعد بضعة أشهر بتجربة مريرة راح على إثرها يوجه انتقادات لاذعة للمشروع الصهيوني، حيث اتخذ المستوطنون مواقف غير إنسانية تجاه السكان الأصليين، واطلقوا عليه صفات "العرق غير المتحضر، يعيشون في القرن الثالث عشر، او "المتوحشون"، و" الهنود الحمر".
وبعد حرب حزيران مباشرة اقترح بيلد احد جنرالات القيادة العسكرية الإسرائليين التنازل للفلسطينيين عن المحتل من وطنهم مقابل السلام؛لكن رفض اقتراحه. استقال وانضم لحركة السلام ودخل الكنيست نائبا عنها مع أفنيري وتوفي عام 1995.
التحقت ابنته وابنه بقضية السلام يصرخون بضمائر لم تلوثها عنصرية ولا ثقافة كراهية وقسوة . وضعت الابنة ، البروفيسورة نوريت بيلد- الحنان، كتابا عن التربية في إسرائيل عنوانه " فلسطين في الكتب المدرسية في إسرائيل : الإيديولوجيا والدعاية في التربية والتعليم" ، كشفت فيه كيف مهر الاسرائيليون في تدبير واقتراف الجرائم لكي يحمّلوا الفلسطينيين اوزارها . الكتاب يسلط الضوء على تزوير المواقف ويقدم الأجوبة على التساؤلات: لماذا تم تقويض مقومات الحل السياسي على الأرض؟ لماذا تهزل المعارضة بالتدريج لنهج الكراهية والقسوة تجاه الفلسطينيين؟ كيف تصالح حزب العمل مع المعسكر الذي دعم موضوعيا قتل اسحق رابين ونافسهم في العنصرية ودعوات التهجير ؟ الكتاب لا يقل أهمية عن كتب فضحت تزوير التاريخ القديم والحديث مثل كتاب "التطهير العرقي في فلسطين" وكتاب "اختراع الشعب اليهودي" وكتاب "لنتحرر من هتلر" . تسلط الباحثة الضوء على العنصرية والتمييز في التعامل مع شعب طبقا لنموذج تحريض منهجي مستدام .
تناولت الكاتبة بالتحليل عشرة من كتب التاريخ تدرس في المدارس الإسرائيلية وستة كتب مدرسية تدرس في ماد الجغرافيا وكتاب واحد في الدراسات المدنية، لطلبة الثانوية العليا.الدراسة التحليلية توضح كيف يسخر التعليم لتعزيز الإيديولوجيا ، وكيف ان التربية والتعليم قضية سياسية بامتياز، وليست مجرد اختصاص للتربويين. تمضي المناهج طبقا لسيكولوجيا الجماهير .. تردد الأكاذيب وتكررها بحيث تغدو مع التكرار حقائق في الأذهان المطبوعة على التلقي، وتحيل كل ما يعارضها محض اختلاق. نشرت الكتب في الفترة 1996-2009. يوجز عرض الكتب مراميها على النحو التالي: نزع الشرعية عن الشعب الفلسطيني، تبرير التطهير العرقي وخلق مشكلة اللاجئين ، وجغرافيا العداء والإقصاء وشرعنة المجازر الجماعية.
* تطلق نصوص الكتب على الفلسطينيين صفات ( إرهابي لاجئ ومزارع بدائي ، بدوي) وتغفل الأدب والعمارة والفن والتاريخ والزراعة . تورد على سبيل المثال: وقعت هذه الأرض في أيدي المسلمين في القرن السابع ، وهو ما ساهم في تشكيل ثقافتها وأسلوب حياتها على مدى 1300 عاما . تنكر أي دور للفلسطينيين في تطوير الحضارة فوق الأرض الفلسطينية. يتم النظر إلى الفلسطيني نظرة دونية من أجل تكريس التعامل معه كشيء ادنى وتحريم التفاعل مع شعب فلسطين كأصحاب بلاد أصليين ، ثم تؤكد : "الكتب تقدم الجنسية الفلسطينية على انها مزورة وخيالية ومصطنعة" .
*وبصدد البند الثاني – التطهير العرقي وخلق مشكلة اللاجئين – قدمت حروب إسرائيل على انها دفاعية اجبرت عليها ؛ وخلالها كان لا بد من هدم القرى وشرعنة المجازر . الرواية الإسرائيلية تستعمل مفردات تعزز وظيفتها الإيديولوجية- "تسلل القرويون" إلى بيوتهم، فقتلوا. ثم يتحول " المتسللون" إلى " إرهابيين".
* وتلقن كتب الجغرافيا الأجيال اليهودية رفض الاعتراف بالحدود الحالية والكيانات القائمة. تقدم الكتب خرائط تستند إلى النص التوراتي لا تمت للواقع بصلة. الخرائط لا تظهر حدود إسرائيل المعترف بها دوليا ، بل الأرض ما بين النيل والفرات. ولا تعترف بالقانون الدولي او المواثيق الدولية. تتعامل الخرائط مع إسرائيل الكبرى الموعودة ككيان واحد مستندة إلى الشرعية الإلهية. خريطة القدس تخلو من آثار ثقافية فلسطينية. ولا يبرز في القدس سوى "جبل الهيكل" و "حائط المبكى". والنتيجة
* والكتب تقدم العنصر العربي متخلفا حيال يهودي من طراز غربي، وتعرض الحداثة الإسرائيلية مقابل التخلف العربي: المستوطنة مقابل القرية ، بدائية الفلسطيني وانانيته وتختفي الناصرة وعكا وام الفحم داخل إسرائيل.
*من شأن هذه البرامج الدراسية أن تبرر المجازر الجماعية المقترفة. فهي مجرد معارك روتينية مشروعه بحكم النتائج التي أفضت إليها . ومنذ قيام إسرائيل والعمليات العسكرية في نظر الجمهور نموذج للجمال ، وشاعت العبارة "اجمل من عملية عسكرية". هذا عندما كان لديهم "جيش لا يقهر". أما ما عدا ذلك فيعزى إلى اخطاء تحدث بالحتم دونما اعتبار لإنسانية الضحايا. تتحاشى الكتب ذكر مكافئات القتلة وترفيعهم في مناصبهم وتنصيبهم للأجيال مثالا للبطولة. وآخر الأمثلة الجندي ازاريا، وجريمته تعد من ضمن جرائم الحرب المنصوص عليها في القوانين الدولية. .
في تحليل نقدي لسياسة إسرائيل الخارجية والأمنية بين زئيف ماعوز، أستاذ العلوم السياسية بجامعة تل أبيب، ان "جميع حكومات إسرائيل بدءا من حكومات بن غوريون استندت الى فرضية جابوتينسكي المسماة ‘الجدار الحديدي’، وبموجبها توجه الضربات العسكرية المتواترة ضد الفلسطينيين حتى ‘يقتنعوا بعقم مقاومتهم ولا منطقيتها . ومع الزمن سوف يقبل العرب دولة اليهود ويقيمون علاقات سلام معها’."
وفي مقال آخر نشرته صحيفة ييديعوت احرونوت(6/9/2006) ونقلته مجلة الدراسات الفلسطينية مترجما للعربية [ المجلد 17، العدد 68 –خريف 2006-ص87]، قال فيه " في كل واحدة من المواجهات الرئيسة كان ثمة فجوة كبيرة لصالحنا في جميع الأبعاد الرئيسة-النوعية والكمية – لموازين القوى. ومع ذلك لم ندفع الفلسطينيين إلى الخنوع ، واضطررنا للانسحاب من لبنان وذيلنا بين أرجلنا بعد اعوام من القتال غير المجدي وغير الحاسم، مع قيام تنظيم بفضل غزونا..."
كل الشواحن الإيديولوجية المتعمدة يجري غض النظر عنها وإغفالها في الميديا الغربية ذات الانتشار الواسع بفضل قدراتها التقنية وبحكم طبقيتها المنحازة . تغغل كوامن التعصب والكراهية العرقية في المصالح الاقتصادية الموجهة للهبش واللهف الجامحين، حسب الأسلوب الليبرالي الجديد.
صرخة الضمير تعري المصالح المتشابكة والسياسات المؤتلفة، اطلقها باتريك سيل، الكاتب والصحفي البريطاني في الأول من حزيران 2009:
لعل أكثر الجوانب لفتاً للنظر في الحرب الدائرة الآن على قطاع غزة هو ما يشبه الحصانة المطلقة التي تتمتع بها إسرائيل في قصفها وقتلها للبشر كيفما تشاء، دون أن تخاف حساباً أو عقاباً. وبسبب هذه الحصانة من المساءلة لم يتردد وزير الدفاع إيهود باراك، ولا وزيرة الخارجية تسيبي ليفني، وكلاهما من الأعضاء المهمين في الحكومة الحالية، في اللجوء لاستراتيجية الإبادة الجماعية للفلسطينيين، دون أن يهب أحد لإيقافهما عما يفعلان. وبكل المقاييس يبدو النظام الإسرائيلي الحاكم، نظاماً مارقاً وعدوانياً وخارجاً عن السيطرة.
والسؤال هنا: كيف أمكن لإسرائيل أن تنجو بسلوكها العدواني الوحشي هذا من المساءلة؟ الإجابة المختصرة والمباشرة على السؤال هي غياب أي ضغط دولي أو إقليمي على دولة الاحتلال الإسرائيلية الغاشمة. فليست هناك ضغوط عليها من العالم العربي الممزق المنقسم على نفسه داخلياً،
وإذا كان عالمنا اليوم قد تحول إلى غابة هوجاء بالمعنى الحرفي للكلمة، فما كان ذلك ممكناً لولا أن إدارة بوش الحالية منتهية الولاية أرادت له أن يؤول إلى هذا المصير المفجع. ذلك أن غزو بوش غير المشروع للعراق، وحربه الجامحة المعلنة على الإرهاب، واستراتيجية القصف الجوي العابرة للحدود التي تبناها في كل من أفغانستان وباكستان، وتقويضه لسيادة القانون ومعاهدات جنيف الخاصة بمعاملة أسرى الحرب، وانتهاكه للقانون الدولي الإنساني، بإجازته لممارسة التعذيب بحق سجناء الحرب، كلها تجاوزات منحت إسرائيل كامل الجرأة لممارسة انتهاكاتها كما تشاء، طالما أن الدولة العظمى الوحيدة في عالم اليوم، هي من يمثل القدوة السيئة لانتهاك القانون وازدرائه.
تلك هي نزاهة الرسالة الصحفية ، العملة النادرة والمحاصرة في ميديا الغرب.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - نظام بلفور العربي
شجاع وبيخاف ( 2017 / 10 / 30 - 08:49 )
اخ سعيد للاسف عندما يطلع المسؤولون الغربيون على على وثائق الاحداث التاريخية في المنطقة لا يستطيع احدهم احترام اي نظام سياسي موجود في المنطقة
بلفور كلب ابن كلب ولكن هناك امراء وملوك عرب كانوا على استعداد لهدم الكعبة للتخلص من تبعات متطلبات النظافة التي يامر بها الاسلام ورب الكعبة العظيم
من ايام بلفور هل تجد سوى الاستجداء في الاجندة السياسية لحكام العرب الذين اصلا هم جزء من وعد بلفور ولولاه لما شفنا وجوههم السمجة
بلفور لم يبدا بفلسطين بل تمت السيطرة على عقر الاسلام في جزيرة العرب ولما تم التمكن والتمكين هناك وهو الجزء الاهم من مهمة الاستعمار ونشروا هناك عشرات الالاف من المستعربين ليمسكوا بدفة الحكم انتقل الجنرال كلوب باشا ليقود الجيوش لتحرير فلسطين
الهبل هذا المسؤول عنه الناس وليس الاستعمار لانه لم يدعي يوما بانه رحيم ولكن العيب على اللي ينفعل ويتماشى مع خطط الاستعمار وحتى يومنا هذا لم يتغير شيء ترامب يامر وابو عرب ينفعل لكن كيف بجلد ظهور الناس وخنق اهل فلسطين ، كيف لا والانظمة راكبة في مقدمة قطار محاربة الارهاب بشكل انذال ولكن اللي بيقهر رافعين روسهم على شو ؟مش عارف


2 - رد على السيد شجاع وبيخاف
سعيد مضيه ( 2017 / 10 / 31 - 14:37 )
برزت مشكلة الاستيطان اليهودي أثناء عهد السلطنة التركية، ولفاية الزمن الرهن وفلسطين تخذل من جانب قياداتها وكذلك من دول المحيط .إذا اهمل صاحب البيت لا تغدو السرقة حلالا .

اخر الافلام

.. اتساع رقعة الاحتجاجات في الجامعات الأمريكية للمطالبة بوقف فو


.. فريق تطوعي يذكر بأسماء الأطفال الذين استشهدوا في حرب غزة




.. المرصد الأورومتوسطي يُحذّر من اتساع رقعة الأمراض المعدية في


.. رغم إغلاق بوابات جامعة كولومبيا بالأقفال.. لليوم السابع على




.. أخبار الصباح | مجلس الشيوخ الأميركي يقر إرسال مساعدات لإسرائ