الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


من وعد بلفور إلى حل الدولتين فالدولة الواحدة -2 -

ابراهيم ابوعتيله
كاتب

(Ibrahim Abu Atileh)

2017 / 10 / 29
مواضيع وابحاث سياسية


من وعد بلفور إلى حل الدولتين فالدولة الواحدة – 2 –
بعد أن تم في الجزء الأول كيف وأين بدأت فكرة خلق وطن لليهود ، الفكرة التي التقت حولها مصالح التوراتيين المتعصبين تحت ستار الكنيسة الإنغليكانية ومنذ بدء مارتن لوثر في دعوته تلك المصالح التي التقت ومصالح اللاساميين والصهاينة على قاعدة مصالح الاستعمار وقواه وصولاً للوعد المشؤوم ووخلق الكيان الصهيوني والحروب التي تلت ذلك ومواقف الأمم المتحدة حتى حرب تشرين أول / أكتوبر 1973.. نستكمل في هذا الجزء الأحداث والحلول المطروحة ما بعد حرب أكتوبر ....
وخلال الفترة من 30 أكتوبر/تشرين الأول وحتى 1 نوفمبر/تشرين الثاني عام 1991 تم عقد مؤتمر مدريد للسلام في العاصمة الإسبانية تحت رعاية الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي السابق سعيا لإقامة سلام دائم بين الدول العربية وإسرائيل وشارك في المؤتمر وفود من سوريا ومصر ولبنان ، وشكل الأردن والفلسطينيون وفدا مشتركا اقتصر على فلسطينيي الأراضي المحتلة ، واستُبعدت منه منظمة التحرير الفلسطينية تلبية لرغبة إسرائيل ، ولقد اشترطت الدول العربية قبل عقد المؤتمر أن تكون المفاوضات متعددة الأطراف، وألا تتفرد إسرائيل بأي طرف عربي دون الآخر كما حدث مع مصر في معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية عام 1979، في حين كانت إسرائيل تُصر على أن تشمل المفاوضات جلسات ثنائية إلى جانب الجلسات المتعددة الأطراف، ولقد قدّمت الولايات المتحدة لكل طرف ضمانات بحماية مصالحه ومراعاة اشتراطاته .
أصرت إسرائيل على ألا تبدأ المفاوضات الثنائية في مدريد خوفا من تشكل جبهة بين الفلسطينيين والوفود العربية، واقترحت إجراء المفاوضات بالتناوب ، وفي مقابل ذلك، أصرت سوريا على بدء المفاوضات فورا ، اقترحت الإدارة الأميركية "حلا وسطا" يقضي بعقد جولة جديدة في واشنطن خلال ديسمبر/كانون الأول 1991، وبين ذلك التاريخ وأغسطس/آب 1993 انعقدت 11 جولة من المفاوضات الثنائية في واشنطن دون نتيجة ، وفي ضوء ذلك، قاطعت سوريا ولبنان أول جولة متعددة الأطراف عقدت في موسكو مطلع 1992، كما غاب الوفد الفلسطيني لإشكالات تتعلق بتركيبته والجدل القائم حول مشاركة فلسطينيي الشتات.
وفي خريف عام 1992 خسر جورج بوش الانتخابات الرئاسة الأميركية التي فاز فيها منافسه مرشح الحزب الديمقراطي بيل كلينتون، وانتهى مسار مدريد فعليا كما خسر شامير الانتخابات لصالح إسحق رابين.
* وفي أثناء ذلك؛ أقام الإسرائيليون اتصالات سرية بالزعيم الفلسطيني ياسر عرفات، وبدأ مسار سري أفضى إلى توقيع اتفاقية ( أوسلو (نسبة إلى العاصمة النرويجية أوسلو التي رعت المحادثات السرية ، حيث تُوج هذا المسار التفاوضي باتفاقية أو معاهدة أوسلو : وهي اتفاقية وقعتها "إسرائيل" ومنظمة التحرير الفلسطينية في مدينة واشنطن الأمريكية في 13 سبتمبر / ايلول 1993 وسميت باتفاقية اوسلو نسبة إلى مدينة أوسلو النرويجية التي تمت فيها المحادثات السرية بين ممثلي منظمة التحرير الفلسطينية والصهاينة وتعتبر هذه الاتفاقية أول اتفاقية رسمية مباشرة بين الكيان الصهيوني ومنظمة التحرير الفلسطينية حيث التزم الطرفان بموجبها بما يلي :
1.اعترفت منظمة التحرير الفلسطينية على لسان رئيسها ياسر عرفات بحق دولة " إسرائيل " في العيش بسلام وأمن على ما نسبته 78 % من أراضي فلسطين التاريخية والوصول إلى حل لكل القضايا الأساسية المتعلقة بالأوضاع الدائمة من خلال المفاوضات ، لتبدأ حقبة خالية من العنف ، وطبقا لذلك فإن منظمة التحرير تدين استخدام الإرهاب وأعمال العنف الأخرى، كما ستقوم المنظمة الإرهاب والعنف (تمنع المقاومة المسلحة ضد إسرائيل) كما ستقوم بتعديل بنود الميثاق الوطني لتتماشى وهذا التغيير، كما وسوف تأخذ المنظمة على عاتقها إلزام كل عناصر وأفراد المنظمة بمنع إنتهاك هذه القاعدة وضبط المنتهكين.
2. قررت حكومة إسرائيل على لسان رئيس وزرائها اسحق رابين أنه وعلى ضوء إلتزامات المنظمة بالإعتراف باسرائيل وإدانة الإرهاب وأعمال العنف الأخرى فإن اسرائيل تعترف بمنظمة التحرير الفلسطينية باعتبارها الممثل للشعب الفلسطيني، وبدء المفاوضات معها .
وعلى ان تقوم اسرائيل خلال خمس سنين بالانسحاب من أراض في الضفة الغربية وقطاع غزة على مراحل أولها أريحا وغزة اللتين تشكلان 1.5% من أرض فلسطين وتقر بحق الفلسطينين في إقامة حكم ذاتي ( وليس دولة وأصبح يعرف فيما بعد بالسلطة الوطنية الفلسطينية) على الأراضي التي تنسحب منها في الضفة الغربية وغزة.
* وبعد اتفاقية أوسلو واستناداً عليها تم في واشنطن توقيع اتفاقية اوسلو 2 بتاريخ 28 سبتمبر/أيلول 1995 والتي بموجبها تم تقسيم أراضي الضفة الغربية المحتلة إلى ثلاثة مناطق وهي:
- المنطقة أ: وتشكل 18% من الضفة وتخضع غالبية شؤون هذه المنطقة لسيطرة السلطة الفلسطينية
- المنطقة ب: وتشكل 21% من أراضي الضفة الغربية، وتتحمل السلطة الفلسطينية مسؤولية قطاعات التعليم والصحة والاقتصاد في هذه المنطقة.
مع مراعاة أن السيطرة الكاملة على الأمن الخارجي للمنطقتين أ و ب تتبع لإسرائيل، بمعنى أن لها الحق الكامل لدخول هاتين المنطقتين في أي وقت، بهدف اعتقال أو اغتيال أي مواطن فلسطيني.
- المنطقة ج: وتشكل 60% من أراضي الضفة الغربية المحتلة حيث تسيطر إسرائيل على جميع جوانب الحياة فيها، بما في ذلك الأمن والتخطيط العمراني والبناء.
** جاءت إستراتيجية تقسيم أراضي الضفة كوسيلة لإيهام الفلسطينيين بأنها بادرة حسن نية من قبل الإسرائيليين للتقدم في عملية السلام، لكن الحقيقة غير ذلك فقد استخدمت إسرائيل هذه الإستراتيجية لتحكم السيطرة على أراضي المواطنين الفلسطينيين في الضفة الغربية وتتحكم بحياتهم ، فإسرائيل لا تفرق بين تلك المناطق الثلاث عندما تجتاح أراضي الفلسطينيين وتداهم منازلهم، بل تكرس الاحتلال وتتوسع بالاستيطان في كل بقعة من بقاع الضفة الغربية المحتلة .
وفي عام 2002 تبنى مؤتمر القمة المنعقد في بيروت ما سُمي بمبادرة السلام العربية وهي مبادرة تستهدف إنشاء دولة فلسطينية معترف بها دوليًا على حدود 1967 وعودة اللاجئين وانسحاب إسرائيل من هضبة الجولان المحتلة ، مقابل اعتراف وتطبيع العلاقات مع إسرائيل ، ولقد حصلت هذه المبادرة على تأييد العرب على اعتبار أن السلام العادل والشامل خيار استراتيجي للدول العربية يتحقق في ظل الشرعية الدولية ويستوجب التزاما بالمقابل من اسرائيل فالحل العسكري لم يحقق السلام أو الأمن لأي من الأطراف ، وطالبت القمة من إسرائيل إعادة النظر في سياساتها وأن تعلن بأن السلام العادل هو خيارها الاستراتيجي أيضاً ، حيث طالب مجلس الجامعة من اسرائيل ما يلي:
• الانسحاب الكامل من الأراضي العربية المحتلة بما في ذلك الجولان السوري وحتى خط الرابع من يونيو/ حزيران1967 والأراضي التي ما ما زالت محتلة في جنوب لبنان.
• التوصل إلى حل عادل لمشكلة اللاجئين الفلسطينيين يتفق عليه وفقا لقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 194.
• قبول قيام دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة على الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ الرابع من يونيو (حزيران) 1967 في الضفة الغربية وقطاع غزة وتكون عاصمتها القدس الشرقية.
- عندئذ تقوم الدول العربية بما يلي:
• اعتبار النزاع العربي الإسرائيلي منتهياً، والدخول في اتفاقية سلام بينها وبين إسرائيل مع تحقيق الأمن لجميع دول المنطقة.
• إنشاء علاقات طبيعية مع إسرائيل في إطار هذا السلام الشامل.
• كما ويعمل مجلس الجامعة على :
1. ضمان رفض كل أشكال التوطين الفلسطيني في البلدان العربية المضيفة.
2. يدعو حكومة إسرائيل والإسرائيليين جميعا إلى قبول هذه المبادرة المبينة أعلاه حماية لفرص السلام وحقنا للدماء، بما يمكن الدول العربية وإسرائيل من العيش في سلام جنبا إلى جنب، ويوفر للأجيال القادمة مستقبلا آمنا يسوده الرخاء والاستقرار.
3. يدعو المجلس المجتمع الدولي بكل دوله ومنظماته إلى دعم هذه المبادرة.

*** ورغم موافقة الدول العربية على هذه المبادرة وحصولها على تأييد دولي إلا أن الصهاينة ما زالوا يرفضونها .
**** في إطار عملية السلام في الشرق الأوسط تم توقيع معاهدة كامب ديفيد للسلام بين مصر وإسرائيل في 17 سبتمبر / أيلول 1978 كما تم توقيع معاهدة وادي عربة للسلام بين الأردن وإسرائيل في 26 أكتوبر / تشرين أول 1994.
ونتيجة لشعارات حل القضية الفلسطينية التي يرفعها البعض ، ومن خلال التسلسل أعلاه فقد استقرت محاولات الكثيرين نحو ما يسمى ب " حل الدولتين " على أرض فلسطين التاريخية إحداهما " إسرائيل " التي حظيت باعتراف منظمة التحرير الفلسطينية في الوقت الذي لا تعترف به اسرائيل بدولة فلسطينية بحدود معترف بها ، وعلى الرغم من أن هذا الحل تجابهه مشاكل موضوعية على الأرض ، أهمها حق العودة وحل مشكلة اللاجئين وحق تقرير المصير للفلسطينيين وفقاً للقانون الدولي فإن الصهاينة مستمرين برفضهم لهذا الحل ويؤيدهم في ذلك العراب الأكبر للاستعمار وداعمة الإرهاب والصهيونية وعدوة الشعوب " أمريكا " ، وعلى الرغم من توقيع اتفاقية أوسلو وإعتراف " منظمة التحرير الفلسطينية " بدولة " إسرائيل " على ما نسبته 78 % من أرض فلسطين التاريخية وعلى أن تخضع النسبة المتبقية للمفاوضات والمساومات ضمن ما يسمى الحل النهائي فإن الكيان الصهيوني أخذ بوضع المزيد من الشروط في مواجهة حل الدولتين وما يسمى بالحل النهائي وأهم هذه الشروط :
1. الإعتراف بيهودية " دولة إسرائيل " كشرط أساسي لاستكمال المفاوضات مع سلطة أوسلو ، ومما يعني على أقل تقدير تهجير بقية الفلسطينيين من أرض فلسطين التاريخية إلى مناطق سلطة أوسلو ، علاوة على الاعتراف بالرواية الصهيونية وحق اسرائيل بأرض فلسطين.
2. لا عودة للاجئين الفلسطينيين الذين هجروا من فلسطين سنة 1948 والعمل على توطينهم في البلدان التي يقطنون فيها ، وبالتالي عدم تحمل إسرائيل أي مسؤولية سياسية أوقانونية عن هذه المسألة وبما يتناقض مع قرارات الشرعية الدولية في هذا الشأن ، مما يعني عدم القبول بمبدأ حق العودة وفقاً لقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 194 ، وحيث أن قضية اللاجئين هي المحور الرئيسي لقضية الحق الفلسطيني ، وعدم الإعتراف لهم بحق العودة يعني بالضرورة عدم حل القضية الفلسطينية وبقائها مفتوحة لكل الاحتمالات .
3. ضرورة إبقاء القدس الموحدة عاصمة أبدية لإسرائيل وفقاً لما تصر عليه كافة الأطياف والأحزاب السياسية الإسرائيلية ، مما يعني نكران الحق الفلسطيني والعربي والإسلامي في المدينة المقدسة .
4. أن تكون الدولة الفلسطينية الناشئة دولة منزوعة السلاح وعلى أن تسيطر إسرائيل بصورة مطلقة على الحدود والمنافذ مع الأردن من الشرق.
5. مبادلة الأراضي من خلال منح الفلسطينيين أراض في صحراء النقب بمحاذاة قطاع غزة مقابل الحصول على أراض من الضفة الغربية وبمحاذاة القدس وبنفس المساحة .
6. التأكيد على شرعية النشاط الاستيطاني في الضفة الغربية والقدس وعدم تفكيك المستعمرات حيث ترفض الأحزاب والقوى الإسرائيلية تفكيك تلك المستعمرات باعتبار أنها تحفظ أمن إسرائيل وعلى أن يراعى إستمرار السيطرة الإسرائيلية عليها في الدولة الفلسطينية الناشئة .
7. إبقاء السيطرة الإسرائيلية على المصادر المائية الفلسطينية .
وعلى الرغم من مضي ربع قرن على اتفاقيات أوسلو منذ سبتمبر/ أيلول من عام 1993 ، وعلى الرغم من المفاوضات الماراثونية المستمرة منذ ذلك الحين بين السلطة الفلسطينية وكيان العدو فلم يتم التوصل إلى أي توافق بشأن حل الدولتين ، أو بشأن أي من قضايا الحل النهائي، لأن كل ذلك اصطدم بالشروط الإسرائيلية التعجيزية المشار إليها أعلاه ، كما ولا يمكن الحديث عن سلام دون عودة اللاجئين إلى ديارهم وأرضهم المحتلة عام 1948 ودون الإعتراف بالقدس عاصمة للدولة الفلسطينية ودون الاعتراف بسيادة وحدود هذه الدولة الفلسطينية المقترحة .
وخلاصة القول فإن إسرائيل لن تمنح الفلسطينيين أكثر من حكم ذاتي لإدارة شؤونهم دون أي سيطرة على الأرض ، كماأن الفلسطينين بشكل عام واللاجئين منهم بشكل خاص ، يرفضون هذا الحل الذي لن يحقق لهم وطناً ، ولا يعترف بحقهم بالعودة ويرفضون التوطين على غير أرضهم مسقطين تماماً ما يروج له البعض أو من يتهمهم به البعض بسعيهم للوطن البديل ف - لا شيء يعدل الوطن – فالوطن البديل هي نظرية صهيونية مكتملة الشروط هدفها إنهاء الصراع على حساب حق الفلسطينيين مرتكزين على تجربتهم المتمثلة باغتصاب أرض ليس لهم بها حق والعمل على أن يقوم الفلسطينيون باغتصاب أرض غيرهم بذات الطريقة .
لقد عودنا الكيان الصهيوني أن يرفض كل مبادرات السلام ، فلن يرضى الكيان الغاصب إلا بتحقيق حلم إسرائيل الكبرى والتخلص من الفلسطينيين بشكل كامل ولو برميهم في البحر فالإنسحاب لحدود الرابع من جزيران 1967 غير وارد وحق العودة مرفوض ولا مجال لحل الدولتين .
ومن هنا ومع كل أساليب الرفض والمراوغة ، ومع الفشل القاطع للمفاوضات وفشل نظرية حل الدولتين ، ومع حالة الضعف الفلسطيني والتراجع العربي ، ومع الأخذ بعين الاعتبار تعداد الفلسطينيين وقدرتهم على التكاثر، فلا بد من بديل لحل الدولتين ألا وهو العودة إلى صيغة " حل الدولة الواحدة " الدولة الديمقراطية العلمانية التي لن تتحقق إلا بالكفاح المسلح ، والعودة بذلك لما اعتمده المجلس الوطني الفلسطيني سنة 1971 بتحقيق الدولة الديمقراطية الواحدة التي يتساوى فيها الجميع بالحقوق والواجبات ، دولة تلغي التنافس القومي والفصل الاجتماعي وتنبذ المحاصصة وهو حل ستحقق من خلاله تلك الدولة حق العودة والمواطنة الكاملة للفلسطينيين في دولة تملك من الموارد بما يمكنها من الديمومة والاستمرار .

ابراهيم ابوعتيله
عمان - الأردن
29 / 10 / 2017








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. احمد النشيط يصرح عن ا?ول راتب حصل عليه ????


.. تطور لافت.. الجيش الأوكراني يعلن إسقاط قاذفة استراتيجية روسي




.. أهم ردود الفعل الدولية حول -الرد الإسرائيلي- على الهجوم الإي


.. -حسبنا الله في كل من خذلنا-.. نازح فلسطين يقول إن الاحتلال ت




.. بالخريطة التفاعلية.. كل ما تريد معرفته عن قصف أصفهان وما حدث