الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تاريخ تجارة (الخِرق) الأقمشة البالية بين مصر والولايات المتحدة

يسرا محمد سلامة

2017 / 10 / 30
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات


كثيرٌ منّا لا يعلم أنّ في القرن التاسع عشر، كان للـ "خِرق" أي الأقمشة البالية - التي انتشر وجودها في الريف المصري لسنواتٍ عديدة، لكننا اليوم لا نُعير لها بالاً - أهمية تجارية لا مثيل لها بين مصر والولايات المتحدة، نعم فقد كانت "الخرقة" سلعة رائجة جدًا في صادرات مصر إلى الولايات المتحدة "تحديدًا"، أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين حتى بداية الحرب العالمية الأولى.
بدأت الولايات المتحدة استيراد الأقمشة البالية من مصر منتصف العقد السابع من القرن التاسع عشر، ففي 1875م، كانت قيمة ما استوردته من أقمشةٍ بالية 126.740.05 دولارًا، ومنذ ذلك الوقت استمرت في استيراد هذه السلعة؛ رُغم المشاكل الصحية التي صاحبتها بعد ذلك، والتي تمثّلت في وجود آفة تُصيب الأشخاص بمشاكل صحية، جعلت معها الحكومة الأمريكية تتوقف عن استيرادها بضعة أشهرٍ (لم تزد عن ثلاثة أشهر)، لتعود بعد ذلك وتستوردها، لكنها ولكي تأخذ حِذرها قامت بتعيين مفتشين تطهير، كانت مسئوليتهم الأولى والرئيسة تطهير هذه الأقمشة من أي بكتيريا تُصيبها قبل أنْ يتم شحنها إلى الولايات المتحدة.
كما تحدثت إحدى الوثائق عن الشروط الواجب توافرها في من يتم التحاقه بتلك الوظيفة: 1- يتمتع بالجنسية الأمريكية
2- أنْ لا يكون ذو صلة بأي شخص أو شركة، لها مصلحة من عملية التطهير أو شراء الأقمشة، أو شحنها.
أمّا عن الإجراءات الأخرى التي اتخذها الجانب الأمريكي مُمثلاً في وزارتى الخارجية والخزانة الأمريكيتين في ذلك الوقت، فقد شملت عمل شهادات صحية عن كل بالة أقمشة، مع توفير نظام تطهير مُعين من شأنه أنْ يبقي على هذه الأقمشة في عملية التطهير مدة لا تقل عن أربعة ساعات مُتصلة, كما جعلت وكلائها القنصليين في مصر تحت تصرف هؤلاء المفتشين، وألزمتهم بالتعاون معهم، وتذليل كل العقبات القانونية التي قد تحدث أثناء عملية التصدير، مع صرف تعويضات مناسبة – لهؤلاء الوكلاء – 5 سنتات عن كل بالة يتم تطهيرها.
وأخيرًا، تجدر الإشارة إلى عدم تعامل الولايات المتحدة في عملية استيراد هذه السلعة – التي من الجائز أنْ نُقلل من أهميتها اليوم، بل لا نجد لها أي أهمية على الإطلاق – إلا مع دولتين فقط في تلك الفترة، بينهما مسافة شاسعة فواحدة في جنوب القارة الأسيوية وهي اليابان، والأخرى تقع في الشمال الشرقي للقارة الأفريقية وهي مصر، وبرغم المشاكل التي واجهتها في تجارتها مع مصر تحديدًا، إلا أنها لم تُفكر في قِصر استيراد الخِرق على اليابان فقط، أو التفكير في أي دولة أخرى غير مصر؛ ربما يرجع ذلك إلى اطمئنانها لفكرة التعامل مع المسئولين المصريين، وحرصها على عدم خوض تجربة جديدة مع دولةٍ لا تعلم مدى إمكانية وضع ثقتها الكاملة فيها، فيما يختص بتعاملها التجاري معها وما يتعلق بهذه السلعة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ماكرون يستعرض رؤية فرنسا لأوروبا -القوة- قبيل الانتخابات الأ


.. تصعيد غير مسبوق على الحدود اللبنانية ـ الإسرائيلية مع تزايد




.. ذا غارديان.. حشد القوات الإسرائيلية ونصب خيام الإيواء يشير إ


.. الأردن.. حقوقيون يطالبون بالإفراج عن موقوفين شاركوا في احتجا




.. القناة 12 الإسرائيلية: الاتفاق على صفقة جديدة مع حماس قد يؤد