الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


جئناكم عرباً مُحررين لا فرساً فاتحين !!

مسار عبد المحسن راضي
(Massar Abdelmohsen Rady)

2017 / 10 / 31
مواضيع وابحاث سياسية


جئناكم عرباً مُحررين لا فرساً فاتحين !!
مسار عبد المحسن راضي
رفع خطاب وزير الخارجية الأمريكي- ريك تيلرسون،حول العراق والحشد االشعبي، ضغط بغداد الدبلوماسي، مُجبراً رئيس الحكومة الحالية، المُدجج بالتوافق الدولي والعربي على تأميم بئر تصريحات الوزير بالرفض القاطع.الوزير تيلرسون، ذكّرني بما فتن بهِ، مستشارٌ سابق لمجلس الأمن القومي الأمريكي- كينيث بولاك،لأحد الباحثين على استحياء، أن الخطاب الشهير لبوش الأبن(محور الشر)، كان ناقص الأضلاع حتى دقائق معدودة قبل إذاعتهِ من الأبن ذو الصوت الرخيم. إيران كانت إضافة سريعة الى طبخة الخطاب، وهكذا سقط فكُّ براغماتية طهران، وانتزعت جنّيةُ محور الشر، أسنان الانتصار على طالبان من فمّ الولي الفقيه!!
واشنطن تحاولُ ضخّ شُحنة كبيرة من النفط الدبلوماسي في الأنابيب السياسية بين بغداد والرياض. المشكلة أن تلك الأنابيب خرجت من المتحف الكولونيالي البريطاني، زمن معركة غاليبولي (1915) التي كادت أن تُشهر إفلاس بورصة الهيبة البريطانية. لندن استعانت وقتها بتسريع احتلال العراق كاملاً، كي تعوّض ما أُهرق من دِماء هيبتها.الوزير حاول تقمص شخصية (جو النظامي - أحد ألقاب الجنرال مود)، بل وحتّى أن ينتحل بعضاً من روحِ جملته الشهيرة "جئناكم مُحررين لا فاتحين"، عندما خاطب العراقيين : " أيها العراقيون أنتم عرب ولستم فرساً". حاملُ الحقيبة الدبلوماسية ، أخطأ من حيثُ أصاب، إذا أنهُ لم يجد غير إسطوانة التحفيز هذهِ، إسطوانةٌ عزفها إخوتنا في الخليج العربي لمُدّةِ خمسة عشر سنة تقريباً، بدونِ وضعها في الغرامافون المناسب!!
مشكلةُ دبلوماسية العم سام في المنطقة العربية، أنها تخلِطُ بين المزاج العام والرأي العام. طبعاً، السبب الأساس في استمرار ضرب أمريكا الأخماس بالأسداس في المعادلة العراقية، أحزابُ البلاد المتنفذة، حيثُ تعكِسُ مرآةُ مصالحِها صورةً مشوّهة، عبر ماكناتِها الإعلامية الفضائية. تلك الفضائيات تُحافِظُ على مزاجٍ عام يُعادي العم سام. عاملةً بكل دهاء كي لا ينشأ رأيٌ عام، مفادهُ لنتعاون مع واشنطن بما يفيدُ البلاد والعباد. هذا الفرق في بيان أهمية المزاج والرأي، نبّه إليه محمد حسنين هيكل، شارحاً تفاصيلهُ للرئيس المصري المخلوع- حسني مبارك.
جو النظامي، يحاولُ عبر الحديث عن البديهيات "العروبة"، تذكير بغداد ودمشق، أن الأنتصارات لاتعني شيئاً، بدون الموافقة الأمريكية على نتائجه. طبعاً وزير الخارجية السابق في عهد الرئيس نيكسون - هنري كيسنجر، هو من ثبّت معادلة "انتصار بلا نتيجة مرغوبة هزيمة" في نزاعات وحروب الشرق الأوسط، خاصّةً تلك التي أندلعت بين مصر وإسرائيل، وبموافقة الاتحاد السوفيتي السابق.
الهدف العروبي في الأجندة الأمريكية هو إضافةُ أوراقٍ الى صالحِها في تفاوضها مع طهران، بما لهُ صلةٌ بترتيب النفوذ في المنطقة. هي تتمنى (أغامرُ هنا تاريخياً) أن تنبت مبادرةٌ سويسرية جديدة في حديقة طهران الدبلوماسية كما حدث سنة 2003، بعد الاحتلال الأمريكي للعراق، عندما انتدبت السفير السويسري والقائم بالأعمال الأمريكية في إيران، ليقدّم قِطاف ما أستطيعُ أن أصفه بـ "الصفقة المعجزة". سلّةُ هذهِ الصفقة امتلئت بالعديد من الثِمار، منها المساعدة على تأسيس حكومة علمانية في العراق، قصّ الجناح المُسلّح لحماس وحزب الله، والتخلي عن مشروعُها النووي، مقابل اعترافِها بنفوذ طهران في المنطقة. النتيجة كانت زهدُ واشنطن في العرض، مُصرّةً على استخدام فرضية "الدومينو الديموقراطي" الذي سيُسقط كل الأنظمة المارقة بحسب الأدبيات الأمريكية، ومنها نظامُ ولي الفقيه.
عودة النبض بين بغداد والرياض، يحتاجُ بدوره الى تنظيم دورته السياسية. هناك خوفٌ مثلاً من أن تكون هذهِ العودةُ، دورةً سياسيةً صُغرى، هدفُها صنعُ كتلة مذهبية نقية مئة بالمئة، كما حاول السفير السعودي السابق- ثامر السبهان، مما أثار جدلاً، دفع الدبلوماسية العراقية الى اعتبارهِ شخصاً غير مرغوبٍ فيه. هذا لم يمنع هذهِ العقلية الأمنية من ترك توقيعهِ بعد مغادرة منصبه، بالتذكير بما مفاده : "سياسةُ المملكة العربية السعودية لن تتغير برحيلي". المفارقة بأن السيد أياد علاوي المعروف بعلاقاتهِ الطيبة مع المملكة، وافق الحكومة العراقية على ما حصل مع السفير، مما يُعد موقفاً نادراً له في سجل سياساته الداخلية.
العلاقة بين بغداد والرياض تحتاجُ دورةً سياسيّةً كُبرى. أهمُ ما على بغداد فيها، رسمُ سياسات واضحة لمكافحة الاستشراق المذهبي الإيراني، تحديد المصالح القومية المشتركة مع طهران- قلبُها التوقف عن استخدام العراق منصةً لإطلاق الصواريخ البالستية المذهبية ضد الخليج العربي، والأهم مما تقدم، إقناعُ الرياض، بمنع تداول مصطلح الشتم الشهير لأتباع المذهب الجعفري الإسلامي (الرافضة).السيد تيلرسون يجب أن يفهم أن العراق يحتاجُ الى الاستثمار فيه دبلوماسياً واقتصادياً على المدى الطويل، و الكفّ عن اللجوء الى تركة لندن الكولونيالية " سياسة فرّق تسُد"، كما يحصل في تعاطيها مع القضية الكردية، خوفاً من أن تنتج غاليبولي العراقية أتاتوركاً جديداً !!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين في معرض البندقية


.. الهجوم على رفح أم الرد على إيران.. ماذا ستفعل إسرائيل؟




.. قطر تعيد تقييم دورها كوسيط في المحادثات بين إسرائيل وحماس


.. إسرائيل تواصل قصف غزة -المدمرة- وتوقع المزيد من الضحايا




.. شريحة في دماغ مصاب بالشلل تمكّنه من التحكّم بهاتفه من خلال أ