الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


فدّان أبو مالك - الأكحل

كمال عبود

2017 / 10 / 31
الادب والفن


متعة هي ..
مُتعةٌ مُنعشه .. مؤثرَه .. آخاذةٌ وسحرها يأخذك إليها .. يحتضنُكَ .. تغوص فيها .. تختفي في هدوئها وتُبحر في بهائها
مُتعةُ أن تستلقي ،كما أبو مالك ، في ليالي الصيف فوق الفراش نظرك يمتدُّ إلى هذا لفضاء الواسع وسع الأحلام .. وسع الجمال .. وسع الأمل ... ووسع الأسئله إلى السماء حيث النجوم تتلألأُ .. ينوسُ ضوؤها ،ويتسع ... تلك القناديلُ الزاهيه التي تبتسم لأخواتها دائماً .. التي من عليائها تنادي السهارى والحالمين اليها
تلك زينب .. وهذه خديجه وأختها علياء .. وتلك القصيّة الشقيّة( عبله ).. هذه بعض اسماء النجمات التي اعتاد أبو مالك أن يُسمي نجماته
اسرةُ أبي مالكٍ تترك القرية في بداية كل صيف - كما كل الأُسر - تتفرّقُ في كروم التين والزيتون ، كل اسرةٍ في كرمٍ تملكهُ أو تستأجره ، تغادر القرية الضنينةَ بالماء ، حول القرية في كروم الزيتون هناك الماء متوفراً من أبارٍ قليلة العمق ... حفروها فنضحت بالماء الذي يكفي حاجات الأسرة ودوابها ..
من بداية حزيرا ن يكون أبو مالك قد استقرّفي كرمهِ ، هنا المكان واسعاً ، مريحاً للنوم وواسعاً يزرعون به بعض خضار الصيف ، وهنا المجال واسعاً للعب الأطفال ذوي الحركة والنشاط الدائمين
أو مالك يقضي خمسة أشهرٍ في كرم التين والزيتون ... وفي نفس المكان .. يسهر الليالي مع نجماته ومع القمر أحياناً ، يبثّها شوقه وأحلامه والأمنياتْ .. يسهر متعةَ التحليق في هذا الفضاء الرحب ....يسهر أحياناً حتى يتحوّل الفضاء إلى لون الفجر الفضيّ ويأتي بعده لون الشفق الجميل .. لون الشروق ..
-------
أبو مالك تلك الليلة كان مُتعباً من العمل في نهار قائظٍ وجاف، ، التحف سماءهُ وغازل نجماته و.. غفى ..
قبل أن يطلَّ القمر ،أفاق على شيءٍ طبٍ يجري على قدمه ،نظر فإذ هو العجل الذي يُدلِّلُه - الأكحل - الذي يربيه وقد أفلتَ من مكانه ،فأخذه وربطه حيث الشجره ،ورجع يسلتقي على فراشهِ
،وبعد ساعة أو أكثر استغرق ابو مالك في النوم ،ومرّةً ثانيةً أفاق على سائلٍ رطبٍ يبللُ وجههُ وإذ بالعجل يمسح بلسانه وجه أبي مالك الذي فتح عينيهُ :
أنتَ ثانيةً ...!! اللعنةُ عليك ،
ربط العجل مرّةً ثانيه وعاد للنوم ، وإذ به يصحى على وقع خطى قادمةٍ من حيثُ مربط العجل وقد تشخَّصَ له رأس العجل كرأس انسان اقترب من فراش ابي مالك :
ستذبحني بعد غد في العيد الكبير ، أرجو أن لا تفعل ذلك وأنا سأكون خادماً وفياً وأعدك أن أحرث لك الأرض وسأكون لك مصدر رزقٍ حيث سأحرث اراضي القريه وتأخذ أنت اجراً وفيرا ، اذهب الى مبقرة جارك - عليشي- حيثُ كنتُ أنا وهناك أخي العجل الذي سيبيعه عليشي بنصف الثمن .
لم يأبه الرجل لكلام الثور حيث اعتبر أنّهُ في حلم ،لكنّهُ في اليوم التالي مرَّ من أمام كرم -عليشي-الذي ناداه :
يا أبا مالك ، يا أبا مالك تعال.. أنا محتاجٌ اليك.
ردَّ عليه : خيراً إن شاء يا عليشي ..؟
قال الرجل : يا أبا مالك بعد غدٍ العيد وأنا أحتاج نقوداً ،وعندي عجلٌ هو أخٌ للعجل الذي عندك ،ثمنه أكثر من مئة ليره سأعطيك ايّاه فقط بسبعين ليره اعطني الآن نصف الثمن والباقي على مهلك عندما يتوفر معك تكمل الثمن .
تذكّرَ أبو مالك مشهد الليلة الفائته وقبل بالعرض واشترى العجل وذبحه في العيد وترك العجل الأكحلَ وحوّله إلى الحراثه ، ومضى شهر من الخريف والعجل يحرث اراضي القريه مع عجلٍ آخرَ اشتراه أبو مالك ديناً فالحراثة تحتاج عجلين ..أمّا في الشهر الثاني فبدأ العجل بالتباطؤ ثمّ التمرّد على تنبيهات صاحبه وصار يرمي ثقل الحراثة على العجل الآخر ولكي يرتاح من مشقة الحراثه وفي غفلة من أبي مالك ،هجم على رفيقه العجل وهو نائم وبقر بطنه بقرنيه الحادَّتين فمات العجل بعد اسبوع وخسر ابو مالك عجلاً لم يدفع ثمنه واجرة اراضٍ لم يحرثها ومصدر رزقكان سيأتي
اسقط في يدي أبي مالك ،لكنَّ - الأكحل - لم يكتفِ ،بل غادر زريبته ذات نهار،وهجم على أطفال يلعبون ولولا حماية الله لقتل الصغير ابن الشندخ البريء الذي كان يلعب ،وهجم ينطح من يمشي أمامه ، وكان يثور وخواره يملأُ المكان بلا اي سبب حتى أنّه هدم حائط الزريبة فهربت منهاعنزة أم مالك .. فقّررَ الرجل أن يرسل الأكحل الى الجزّار
في تلك الليله جاءه الأكحل مُتشخّصاً متمسحاًبثوب أبي مالك كما حدثَ صيفاً :
أرجوك لا ترسلني للذبح ، سأعرض عليك عملاً
قال ابو مالك : ما هو
قال الأكحل : أناكبرتُ أصبحتُ فدّاناً، تتركني لتلقيح البقرات ،وتأخذ أنت أجرة عن كل بقرةٍ ألقحها أنا فتصبح غنياً،
بهدوء سحب ابا مالك بندقيةً وجهها إلى رأس الفدّان الأكحل :
لن أتركك إلى الصباح ، ثمّ دوّى في الفضاء صوت رصاُص بندقيّة وصوتُ خوار غليظٍ ..... غليظ.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بحضور عمرو دياب وعدد من النجوم.. حفل أسطوري لنجل الفنان محمد


.. فنانو مصر يودعون صلاح السعدنى .. وانهيار ابنه




.. تعددت الروايات وتضاربت المعلومات وبقيت أصفهان في الواجهة فما


.. فنان بولندي يعيد تصميم إعلانات لشركات تدعم إسرائيل لنصرة غزة




.. أكشن ولا كوميدي والست النكدية ولا اللي دمها تقيل؟.. ردود غير