الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المشاكل الاقتصادية للمتاهة الرأسمالية

أيمن عبد الخالق

2017 / 10 / 31
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


المشاكل الاقتصادية للمتاهة الرأسمالية
" نحن لا نستطيع أن نقاتل من أجل حقوقنا ومستقبلنا ما لم نكن مسلحين بأسلحة النقد المنطقى والوعى الشامل " ....إدوارد سعيد
o موعدنا اليوم مع الحديث عن المشاكل الاقتصادية للنظام الرأسمالي.
• نعم لقد سعى الرأسماليون الكبار منذ بداية عصر النهضة في الغرب ، وانقضاء عصر الاقطاع الزراعي ، إلى وضع أيديهم على معظم رؤوس الأموال الوطنية، وتحويل عجلة الانتاج القومي من الزراعة إلى الصناعة، والسعي لميكنة كل شيء، وجذب واستخدام معظم الناس للعمل في مصانعهم وشركاتهم الاستثمارية، وبدأ تحول نمط الحياة بالكلية من الحياة الطبيعية المستقرة، والهادئة، إلى الحياة الآلية الصناعية الصاخبة، والمتوترة.
o ولكن في الواقع كان هناك أيضا انجازات تقنية كبيرة في ظل هذا النظام، أحدثت نوعا عظيما من الرفاهية
• أنا لاأنكر ذلك...ولكن علينا في تقييمنا، ونقدنا للأمور أن ننظر نظرة كلية إلى مجموع الإيجابيات والسلبيات لهذا النظام المادي، لنرى هل المجموع كان في صالح الإنسانية والمجتمعات البشرية أم لا، وهل هذه الرفاهية كانت من نصيب الشريحة الأعظم من الناس ، أم من نصيب فئة قليلة جدا منهم، على حساب الأكثرية الساحقة.
o أفهم من ذلك أنكم ترون السلبيات أكثر من الإيجابيات؟
• بالطبع ...لاتنس السلبيات السياسية، والفكرية، والثقافية ،والعلمية، التي ذكرناها سابقا، وها نحن نتحدث معا هذه الليلة عن السلبيات الاقتصادية.
o نعم أذكر ذلك جيدا..تفضل .
• لقد أحدث هذا النظام الرأسمالي الشره مشاكل اقتصادية عديدة وعميقة، أحدثت شرخا عظيما في صلب الحياة الفردية والاجتماعية للإنسان المعاصر، يمكن أن نشير إلى بعضها في الجملة :
أولا ـ تفشي الفقر بين أغلب طبقات المجتمع، مع انحسار الطبقة الوسطة وتلاشيها في معظم البلدان، ويكمن السر بكل بساطة في انحصار معظم رؤوس الأموال الكبرى في أيدى ثلة قليلة جدا من الناس لاتتعدى النصف في الميليون، بل ربما فقط في أيدي عشرات العوائل الكبرى لاغير.
o نعم هذا أمر واضح، نتيجة تكدس رؤوس الأموال في أيدي فئات محدودة جداً، كما ذكرتم، حيث يموت البعض من الجوع، والبعض من التخمة!
• ثانيا ـ إشغال الناس ليل نهار بتحصيل الحد الأدنى من الرزق، بحيث لم يعد لديهم أي وقت للتفكير في فلسفة الحياة، أو أي خيارلأن يكونوا أحرارا في حياتهم الشخصية والاجتماعية، بعد أن أصبح معظم وقتهم ملكا لغيرهم من أصحاب رؤوس الأموال، ومن هنا يتبين زيف شعار الحرية المرفوع في الغرب، حيث لاحرية مع الفقر والحاجة إلى الاخرين.
o هذا أمر غريب...مع أنّ الكثير من الناس في الغرب يشعر بنحو كبير من الحرية .
• لاشك أنّ هناك نحو من الحرية، كبعض الحريات الشخصية والاجتماعية والسياسية، فالنظام الرأسمالي لايريد أن يكرر التجارب الاستبدادية المريرة، والعنيفة للقرون الوسطى، والتي أدت إلى اندلاع العديد من الثورات الكبيرة في الغرب ...كما لاتنس أننا قد قلنا أنّ هذه متاهة أخرى غير المتاهة الدينية القديمة، والتي سنتكلم عنها لاحقا.
o نعم أفهم...تقصدون أنهم يمارسون نوعا من الاستبداد الناعم المبطن
• نعم بالضبط هكذا..فلامعنى للحرية الحقيقية، مع الفقر، والهيمنة على أكثر رؤوس الأموال، والشركات الكبرى، والمراكز العلمية والإعلامية العالمية، والأحزاب السياسية المؤثرة والفاعلة.
o صحيح ماتقولونه...وما هي المشاكل الأخرى؟
• ثالثا ـ تفشي البطالة في أغلب أنحاء العالم، نتيجة النزعة الشديدة تجاه ميكنة كل شيء، واستبدال القوى البشرية العاملة، بالأجهزة والمعدات الكهربائية والالكترونية، والروبوت؛ لتوفير حقوق العاملين والموظفين.
• رابعا ـ تقديم المصالح الاقتصادية للمؤسسات الرأسمالية على المصالح العليا الضرورية للإنسان والمجتمع البشري، فهم لايفكرون إلا في مصالحهم الشخصية والفئوية، وما يضمن لهم البقاء والمزيد من الثراء، ولو على حساب حياة الناس وصحتهم البدنية والنفسية، فلامانع عندهم من دعم وترويج الأدوية الضارة بصحة الإنسان مادامت تحقق لهم أرباح كبيرة، بل لايتورعوا عن نشر الأمراض والأوبئة، كفيروس أبيولا، وحمى الطيور، ثم اختراع أدوية لها يبيعونها بأغلى الأثمان، أو إشعال الحروب المدمرة من أجل بيع الأسلحة الفتاكة مادامت تدر عليهم الأموال الطائلة.
o إلى هذه الدرجة وصل بهم الجشع والطمع؟!
• نعم بل أكثر من ذلك..هم يعملون على محاربة أي مشاريع يمكن أن تساعد الناس، وتيسر حياتهم اليومية، إذا كانت تضر بمشاريعهم الاستهلاكية، كما في محاربتهم لمشروع " نيكولا تيسلا" للكهرباء اللاسلكية المجانية المعتمدة على الطاقة الشمسية، والذي كان من الممكن أن يضئ العالم بالطاقة الكهربائية المجانية.
وأخيرا فقد أدى التطور الصناعي الهائل والسريع، وغير المنضبط بأي معايير عقلية أو أخلاقية، إلى فساد الطبيعة واختلالها، كتلوث البيئة، وانخراق طبقة الأوزون، وارتفاع حرارة الأرض، والجفاف في أكثر من نصف الكرة الأرضية، واستحداث الأمراض الفتاكة، وتشوه الأجنة، وتفشي الأمراض النفسية، وحالات القلق والاكتئاب...وغيرها من المآسي والكوارث الطبيعية والإنسانية.
o هذه مآساة حقيقية، وجرائم إنسانية، ولكن مغلفة بورق السيلوفان
• بالتأكيد ...وإلا ماثار عليها الكثير من المفكرين الغربيين مع منتصف القرن العشرين، من أمثال بول سارتر،وجاك دريدا، وميشيل فوكو، وتشومسكى، وغيرهم فيما سموه بثورة مابعد الحداثة (post-modernism) .
o والسر يكمن مرة أخرى في تغييب العقل الإنساني التجريدي
• من الواضح أنه لولا فصل الحس والتجربة الحسية المادية، عن العقل الإنساني التجريدي، ماكان ليحدث كل هذا الاستغلال البشع للناس، وللعلم والعلماء، وبالتالي فلايمكن الوقوف في وجه هذا الاستغلال السيء للانجازات العلمية، إلا بعد إيقاظ عقول وضمائرالناس، والعلماء، وإرجاع العلم والتجارب العلمية إلى مكانها الطبيعي تحت إشراف العقل البرهاني الإنساني في المنظومة المعرفية، لتتحقق المصالح الإنسانية العليا.
هذا بعض مما أردنا بيانه من مشاكل ومآسي المتاهة المادية الرأسمالية، والتي نعيش فيها في الوقت الحاضر، وسوف نتكلم بعدها عن المتاهة الثانية، والمسماة بالمتاهة الدينية، والتي غر ق فيها الكثيرون، ومازلنا نكتوي بنارها في بلادنا العربية والإسلامية...فإلى لقاء اخر قريب.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هل باتت الحرب المفتوحة بين إسرائيل وحزب الله أقرب من أي وقت


.. حزمة المساعدات الأميركية لأوكرانيا وإسرائيل وتايوان..إشعال ل




.. طلاب جامعة كولومبيا الأمريكية المؤيدون لغزة يواصلون الاعتصام


.. حكومة طالبان تعدم أطنانا من المخدرات والكحول في إطار حملة أم




.. الرئيس التنفيذي لـ -تيك توك-: لن نذهب إلى أي مكان وسنواصل ال